الأسرة التعليمية والإدارية بالمؤسسة جمعت مساهمات لتغطية نفقات الدفن والتشييع وغياب تام للمصالح الخارجية للوزارة لحظات حزينة عاشتها الأسرة التعليمية وتلامذة ثانوية للا عودة السعدية التأهيلية بمراكش، حين داهم الموت بدون استئذان ملعب المؤسسة وباغت إحدى التلميذات في عز حصتها الرياضية، ليوجه سهام منيته صوب قلبها الصغير ويسقطها صريعة دون أن تنفع كل مجهودات الإسعاف التي بذلت في إنقاذها وانتزاعها من مخالب قدرها المحتوم. التلميذة «خولة سكيبة» ذات 16 ربيعا والتي كانت تتابع دراستها بمستوى الثالثة إعدادي، دخلت صباح أول أمس ميدان التباري وكلها حيوية ونشاط، ووقفت في خط الانطلاق إلى جانب زميلاتها وزملائها وكلها إصرار وعزم على تسجيل توقيت مشرف في سباق 60 مترا مستوية يمكنها من حصد نقطة محترمة في اختبارها الرياضي. كانت عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة والنصف، حين وقفت التلميذة بخط الانطلاق تحيطها أجواء من المرح المترعة بعبق التحدي والإصرار، انطلقت «خولة» في السباق وعيونها مركزة على خط النهاية تحيطها تشجيعات الزميلات والزملاء، دون أن يدور في خلد أحد أن تصاريف الأقدار بصدد رسم سيناريو كله آلام وأحزان، وأن التلميذة بجريها وعدوها إنما تتجه لمصيرها المحتوم، وكأنها تفر من الحياة لتلحق بالموت الذي ينتظرها بنهاية السباق، وأن خط النهاية سيكون بمثابة خط نهاية حياتها القصيرة، بحيث ما كادت تبلغ الهدف حتى سقطت على الأرض لا تبدي حراكا وقد ألمت بها وعكة صحية طارئة تنهل من معين الأزمات القلبية الحادة. سارعت أستاذة مادة الرياضة نحو التلميذة الممدة بدون حراك وشرعت في مدها بأكسير الإسعاف، في محاولة لانتشالها من مخالب الموت المحقق، وفي الوقت ذاته بادرت إدارة المؤسسة بربط الاتصال بمصالح الوقاية المدنية وطلب إيفاد سيارة الإسعاف لنقل التلميذة صوب المستشفى، فيما علامات الذهول والحيرة تجلل تقاسيم باقي زميلاتها وزملائها الذين فاجأهم الحدث، وبدؤوا يتابعون المشهد من موقع العاجز الملتاع. توالت لحظات الانتظار الثقيلة والعيون شاخصة تجاه بوابة الثانوية والآذان متوتبة، أملا في التقاط صوت زعيق سيارة الإسعاف يحمله صدى الفضاء الممتد إيذانا بوصول النجدة المرتقبة، كانت حينها أنفاس خولة تزداد ذبولا بين يدي أستاذها، وهي ممددة لا تبدي حراكا تصارع الموت والموت يصارعها. حين هلت سيارة الإسعاف المنتظرة كانت التلميذة قد أسلمت الروح لباريها، ما أدخل الأسرة التربوية والإدارية دوامة الحرج والارتباك، فآثروا عدم إعلان الخبر وسط التلاميذ تفاديا لأي توترات غير محتملة، وبالتالي تعميم الانطباع بكونها لازالت قيد العلاج وإفساح المجال أمام سيارة الإسعاف للمغادرة محملة بجثمان الراحلة. وإذا كانت المأساة قد خيمت بظلالها على أجواء ثانوية للا عودة السعدية وخلفت الكثير من ألوان الحزن والأسى، فإنها بالمقابل قد عرت عن كثير من التفاصيل المثيرة واستدعت جملة من الأسئلة المقلقة، إذ في الوقت التي تجند الطاقم التربوي والإداري بالمؤسسة للتطوع بمساهمات مادية لمؤازرة أسرة التلميذة في مصابها وتغطية تكاليف الدفن والتجهيز مع المشاركة في مراسيم التشييع، لوحظ الغياب التام للمسؤولين بالمصالح الخارجية لوزارة التربية الوطنية محليا وجهويا، ولم يكلف أي مسؤول نفسه عناء الانتقال للمؤسسة أو لمنزل أسرة التلميذة الراحلة للتعبير عن المؤازرة والمواساة. الواقعة كذلك أعادت فتح السؤال من جديد عن قضية التأمين المدرسي بمؤسسات التعليم العمومية الوطنية، باعتبارها من القضايا التي ما انفكت تثير الكثير من الجدل وتستدعي ركام من علامات الاستفهام التي بقيت عالقة دون جواب. فالمعلومات المتوفرة تؤكد بأن مداخيل هذه المؤسسات تتجاوز سقف ال60 مليار سنتيم يتم جنيها سنويا، في شكل واجبات ورسوم مفروضة الأداء بداية كل موسم دراسي جديد، يتم استخلاصها تحت يافطة واجبات التسجيل والتأمين المدرسي، وكذا واجبات الجمعية الرياضية المدرسية، غير أن مصير كل هذه المبالغ الفلكية تبقى في غياهب المجهول، وبعيدا عن تغطية كل الأحداث والحوادث الطارئة، بما يلزم من تعويضات لمساعدة الضحايا والأسر، ما يدخل العملية برمتها دائرة « نهار حتاجتك أوجهي، قمشوك المشاش». إسماعيل احريملة