نشرة انذارية : موجة حر مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    إسبانيا تُلغي قرار بلدية خوميا بحظر الاحتفالات الإسلامية في الأماكن العامة    السودان تكتسح نيجيريا في "الشان"    حريق غابوي مهول بمركز الدردارة باقليم شفشاون            "فيفا" تطلق أكبر برنامج تطوعي في تاريخ كأس العالم استعدادًا لنسخة 2026    مصرع سائق دراجة نارية في حادث مروع    تصديًا للهجرة غير الشرعية.. الدرك الملكي يعزز ترسانته بزورق حربي برأس الماء        بطولة إنجلترا لكرة القدم.. الجناج الدولي غريليش ينتقل من سيتي إلى إيفرتون على سبيل الإعارة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بارتفاع طفيف    افتتاح متجر يرفر 350 منصب شغل بمرتيل    اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    الناشط أسيدون في وضع صحي حرج    الحجابة الملكية تسلم هبة للأمغاريين    سجن عراقي يقلق عائلات في المغرب    ذروة "شهب البرشاويات" تزين سماء المغرب في منتصف غشت الجاري    نهائيات "الشان" .. خروقات في مباراة المغرب وكينيا تغضب "الكاف"    السياحة الجبلية تنعش الاقتصاد المحلي بإمليل    الجماهير تصوت على حكيمي وبونو        إنقاذ مهاجرين غير نظاميين في البرتغال وسط إجراءات ترحيل صارمة        صحفي هولندي يرجح انتقال زياش إلى أياكس أو تفينتي    المغرب ضيف شرف الدورة ال 21 لمعرض بنما الدولي للكتاب    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    رحيل الفنانة التشكيلية المغربية نجوى الهيتمي عن عمر يناهز 46 سنة    احتجاجات متواصلة في المدن المغربية تنديدا باستهداف الصحافيين في غزة وتجويع القطاع    ما ‬هكذا ‬تورد ‬الإبل ‬يا ‬حكام ‬قصر ‬المرادية ...‬    رئيس كوريا الجنوبية والرئيس الأمريكي يعقدان قمة في 25 غشت    توقيف عدائين سابقين بعد تعنيف قائد خلال وقفة احتجاجية أمام مقر جامعة ألعاب القوى بالرباط    كرة القدم.. المدافع زابارني ينتقل إلى باريس سان جيرمان    "شين أنتر" تختتم احتفالية بالجالية        مجلة "فوربس" تتوج رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رائدا للاستثمار الفندقي في المغرب        ارتفاع أسعار النفط بعد تمديد الولايات المتحدة والصين هدنة الرسوم الجمركية    الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    وفاة السيناتور الكولومبي أوريبي.. الأمم المتحدة تجدد دعوتها لإجراء تحقيق "معمق"    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلياس العماري يكتب: "الديموقراطية مشروع غير مكتمل"

و أنا أقرأ الحوار الأخير للأستاذ أحمد جبرون على أحد المواقع الإلكترونية المغربية، استوقفتني فكرة مهمة أجدني أتقاسم معه مضامينها المجددة. و أعني، بالضبط، تأكيده على أن المغرب، و من خلال استحقاق السابع من أكتوبر، لا يعيش حالة ديموقراطية عادية و سليمة، و أننا بصدد انتقال ديموقراطي، و لسنا في حالة ديموقراطية تامة. و بناء عليه، يتعين على الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات التطابق مع استراتيجية الدولة المغربية في بناء الديموقراطية..
في البداية، أود أن أعبر عن اتفاقي مع الكاتب في جزء كبير من تحليليه للوضع السياسي ببلادنا . و أقر بمصداقية التحليل الذي يقوم على قراءة " طبيعة الأشياء" في مشهدنا السياسي الوطني، و ليس على مجاراة النوايا و الرغبات التي تتحكم في تصورات هذا التيار الحزبي أو ذاك. و ما استرعى انتباهي في تحليل الأستاذ جبرون هو النظر إلى الأمور من زاوية "طبيعة الأشياء"؛ و أعتقد أن هذه الزاوية المتشبعة بالروح الماكيافيلية هي التي أسعفته لوضع ما اصطلح عليه في القاموس السياسي المغربي ب"التحكم" في سياقه التاريخي منذ الاستقلال إلى اليوم. و بطبيعة الحال، ف"قصة" الديموقراطية في بلادنا لا يمكن الإحاطة بها دون الرجوع إلى التناقضات الداخلية التي تتعايش داخل فصولها. و لسنا بحاجة إلى سرد المآسي و المذابح الشنيعة التي ارتكبت باسم الديموقراطية في حق الديموقراطية ذاتها، حتى في القارة الأوروبية التي شهدت ولادة هذه الفكرة في تدبير الشؤون السياسية للمجتمعات البشرية.
لا شك أن الجميع يتذكر النقاش العميق و الواسع الذي واكب ولادة دستور سنة 2011 ببلادنا؛ و الذي دفع بالبعض، رغم عدم اتفاقي معهم، إلى القول بأن هذه الوثيقة سابقة لأوانها، بالنظر إلى الشروط الموضوعية الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية للمغرب. و كأن الولادة القيصرية للدستور التي استدعتها التحولات السياسية المتسارعة بالمحيط الإقليمي و الدولي للمغرب فيما سمي تجاوزا ب"الربيع العربي"(مع التحفظ عل كلمتي "ربيع" و "عربي")، لم تراع "طبيعة" تطور ما يسميه الأستاذ جبرون ب"البنية التحتية للديموقراطية"؛ إذ أن إكراهات هذا "الربيع" دفعت، و من الخلف، الديموقراطية دفعاُ، وسط حقول من التناقضات الاقتصادية و الألغام الاجتماعية و البنيات الثقافية و الفكرية المتناقضة، و في إطار مناخ عام تتقاذفه إيقاعات تنموية متفاوتة السرعة و فوارق اجتماعية صارخة.
من الطبيعي أن تفرز ما يسميه الكاتب "البنية التحتية للديموقراطية" في المغرب، في سياق الشروط الموضوعية الراهنة، ديموقراطية تشبه هذه البنية. و الوثيقة الدستورية، في صيغتها المتقدمة عن الواقع الذي أفرزها كما أسلفنا، ترسم، في نظري، أفقا أوسع و متقدم عن طبيعة الواقع المعطى حاليا؛ علما بأن أفق الديموقراطية في هذه الوثيقة أضيق من أفق الديموقراطية في التجارب العريقة عبر العالم. فالمسافة التي تفصلنا عما يسميه الأستاذ جبرون ب"الديموقراطية التامة" أو المكتملة، تترجم طبيعة النظام السياسي ببلادنا الذي يعتمد على التدرج و الانتقال بين المراحل التي تفضي، عبر السيرورة التاريخية، إلى رسم نموذج يلائم شروط وخصوصيات الواقع. و لذلك تجدنا أحيانا مضطرين، و حمايةً للأفق الديموقراطي المنشود، للتنازل عن جرعات من الديموقراطية من أجل التعايش المشترك بين تناقضات الواقع السياسي. و بذلك تظل الديموقراطية، و باستعارة توصيف هابرماس للحداثة، مشروعا غير مكتمل، و يحتاج، على الدوام، لمجهودات، تقوم على الإبداع و الإبتكار، لتقليص المسافة بين الأفق الرحب و الواقع المقيد.
وهكذا، يبدو لي أن الحزب المتصدر عدديا لنتائج استحقاقات سابع أكتوبر، في ادعائه مواجهة "التحكم" في شخص حزب الأصالة و المعاصرة، فهو يواجه "طبيعة" الأشياء التي تميز الحياة السياسية ببلادنا. و عدم إقراره بالمسافة الحقيقية الفاصلة بين "الديموقراطية التامة" و الديموقراطية الانتقالية و المتدرجة، هو إقرار بعجزه عن إدراك منطق الأشياء الذي يتطلب الحفاظ على السير الطبيعي للمسار الديموقراطي في المغرب. و مواجهة التحكم، باعتباره بنية راسخة للدولة كما يقول الاستاذ جبرون، من أجل حماية الديموقراطية، كما يدعي الحزب الأغلبي، هي مغامرة تعاكس رغبة الشعب المغربي في نموذج ديموقراطي يلائم خصوصيات دولته، و يراعي إيقاع الخطوات الثابتة التي تناسب مسارات تطوره و تقدمه.
إن النقاش الهادئ و الجاد الذي فتحه بعض المثقفين، و من بينهم أحمد جبرون، حول الديموقراطية و التحولات السياسية التي يعرفها مجتمعنا، و الذي أغراني، بصفتي الشخصية، بإبداء الرأي بشأنه، ينبغي أن يأخذ حيزا من النقاش العمومي بين نخبنا، عسى أن يفتح فضاء رحبا للحوار الفكري و السياسي الذي يليق بالآفاق التي يتوق إليها الشعب المغربي، في زمن يطغى عليه الضجيج و الابتذال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.