والمغرب ينخرط في ورش تعميم الحماية الاجتماعية، تبرز فئة هشة من العمالة الوطنية تتمثل في العمال والعاملات الزراعيات، والذي يناهز عددهم حوالي مليون و200ألف مواطن. ووفق معطيات غير رسمية، يبرز القطاع الفلاحي على رأس القطاعات، التي " تعرف انخفاضا مهولا في التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والأقل استفادة من التغطية الصحية الإجبارية" تؤكد النقابة الوطنية للعمال الزراعيين المنضوية تحت لواء الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي. ويزيد التنظيم النقابي أن فئة العمال والعاملات الزراعيين عانت "التمييز" ب" شكل سافر في ظل الجائحة حيث استفاد عدد قليل جدا من العمال من التعويض الهزيل، الذي تم تحديده في 2000 درهم" وفق ما توضحه التقابة. وذكرت النقابة، في بلاغ أصدرته بمناسبة ما أعلنت أنها أيام نضالية وتضامنية وطنية تخوضها مابين 16و23 فبراير 2021، أن جائحة كوفيد 19عمقت معاناة هذه الفئة، إذ أبرزت أن قرار وزارة الفلاحة الصادر في أبريل 2020، قد عمل على حرمان جميع العاملات والعمال، المصرح بهم إلى حدود فبراير من ذات السنة، من التعويض عن فقدان الشغل، وهو ما اعتبرته " تكريسا للتمييز وللنظرة الحكومية الدونية للعاملات والعمال الزراعيين". كما أشارت ذات الهيئة النقابية إلى "ضعف استفادة العمال الزراعيين من التعويض عن فقدان الشغل بسبب الشروط التعجيزية، خصوصا في القطاع الخاص الفلاحي المعروف بالتهرب من التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"وفق ما تضمنه بلاغ النقابة. ورسمت النقابة صورة قاتمة على واقع هذه الفئة العمالية، حيث رصدت مجموعة من الإشكالات، التي تتخبط فيها وتحتاج للوقوف عندها للنهوض بأوضاعها الاجتماعية والاقتصادية. وتتنوع مشاكل هذه الفئة العمالية بين ما هو حمائي وقانوني واجتماعي . وسردت النقابة واقع العاملات والعمال الزراعيين، مشيرة إلى وجود هذه الفئة سواء " العاملين منهم والمتقاعدين وأفراد أسرهم، تحت عتبة الفقر بسبب تدني الأجور والغياب شبه التام للتغطية الصحية والاجتماعية وهزالة المعاشات وانهيار الخدمات الاجتماعية في البادية المغربية". ومن أبرز ما أشارت إليه ذات النقابة، في تقريرها كذلك، "انتشار استعمال المواد الكيماوية في معالجة المزروعات في ظل ضعف المراقبة الطبية والإدارية لمنع استعمال المبيدات المحظورة أو المبالغة في استعمالها وزجر استعمال المبيدات المنتهية الصلاحية، مما يدعو للقلق على صحة وسلامة العاملات والعمال الزراعيين والمستهلكين على حد سواء". وبخصوص المفاوضة الجماعية و مراقبة تطبيق قانون الشغل والحريات النقابية، أكدت النقابة "تنامي الاعتداء على الحريات النقابية في ظل سياق التراجع العام، الذي تشهده كافة حقوق المواطنين في ظل حالة الطوارئ الصحية"، و"تلفيق التهم للعمال المضربين كعرقلة حرية العمل والضرب و الجرح وحتى بإضرام النار عمدا، لردع النضالات العمالية، التي غالبا ما تكون بدافع المطالبة بتطبيق قانون الشغل على علاته أو حماية مكتسبات بسيطة". وذلك، في ظل ما وصفته النقابة ب"التحرش الحكومي بالحق في الإضراب والحق في التنظيم النقابي والفصول النادرة التي تدعم حقوق الأجراء عبر السعي لتمرير مشرع القانون التكبيلي للإضراب ومشروع قانون التحكم في نقابات العمال والتعديل التراجعي لمدونة الشغل". وأفادت النقابة ب "تملص أغلب مفتشيات الشغل والضمان الاجتماعي وعمالات الأقاليم من واجبها في القيام بمحاولات التصالح وعقد اجتماعات لجان البحث والمصالحة وضبط المخالفات، بذريعة الجائحة، مما نتج عنه تراكم الشكايات الفردية والنزاعات الجماعية وهو ما تؤدي ثمنه العاملات والعمال من حقوقهم الأساسية." كما أشارت النقابة إلى "ضعف أداء جهاز التفتيش الذي أصبحت أغلب تدخلاته صورية بسبب غياب الإطار القانوني الملائم والتحفيزات الكافية ووسائل العمل الضرورية وبعده عن المراكز العمالية، وبسبب فساد عدد من عناصر هذا الجهاز وقلة عدد المفتشين وأطباء الشغل و مهندسي الصحة والسلامة حيث لا يتعدى عددهم الإجمالي في القطاع الفلاحي 37 في مقابل عشرات الآلاف من الضيعات الفلاحية ومحطات التلفيف". ونبهت النقابة إلى "تراكم آلاف من شكايات العمال وتأخر البث فيها من طرف القضاء حتى تلك المتعلقة بالأجور، التي يفترض أن تتم معالجتها بصفة استعجالية؛ وسقوط عدد من الأحكام التي تكون لفائدة العمال في مستنقع "صعوبات التنفيذ" التي تمكن الباطرونا من الإفلات من أداء مستحقات العمال حتى بعد صدور أحكام نهائية لفائدتهم." وتطرقت النقابة إلى نماذج مما وصفته ب "الاعتداء على الحقوق الأساسية للعاملات والعمال الزراعيين في عدد من مناطق البلاد"، منها في سوس ماسة وبالضبط في إقليم اشتوكة أيت باها، وفي جهة الغرب وفي جهة بني ملالخنيفرة وأيضا في تيداس ولمعازيز بإقليمالخميسات. كما عرضت النقابة واقع العمال الزراعيين في عدد من الضيعات الفلاحية، التي تم تفويتها تحت مسؤولية وزارة الفلاحة، للقطاع الخاص في إطار مشاريع الشراكة على أراضي صوديا و سوجيطا والمؤسسات الفلاحية المماثلة. ولفتت ذات النقابة إلى أن العاملات والعمال الزراعيين، جازفوا "بسلامتهم وصحتهم لتمكين الشعب المغربي من غذائه اليومي وتحمل عناء المساهمة الحاسمة في استمرار القطاع الفلاحي مصدرا للعملة الصعبة عندما جفت منابعها الأخرى باعتراف من وزارتي المالية والفلاحة على حد سواء، في شروط استغلال بشع نتيجة لانخفاض الأجور في ظل غلاء كلفة المعيشة وسوء أحوال العالم القروي تحت وطأة التهميش وتوالي سنوات الجفاف.."