بعد أن عادت طائرات الخطوط الملكية المغربية للتحليق في الأجواء، بعد سلسلة إضرابات أنهكت الوضعية المالية للشركة التي سيكون عليها لا محالة مواجهة سنة متأزمة بكل المقاييس: فشل صفقة شركة الخطوط السنغالية، وتبعات شراء الكيروزين سعر مرتفع نتيجة تعاقدات قبلية بعد أن انخفض سعره في السوق العالمية، ينضاف إلى كل هذا الوضع، احتدام المنافسة التي جعلت حصة الخطوط الملكية المغربية تنخفض إلى قرابة 42 في المائة حاليا بعد أن كانت تتجاوز في السنتين الأخيرتين أكثر من 52 في المائة. كذلك، سيكون على الخطوط الملكية المغربية مواجهة تبعات الاتفاق الإطار الذي يؤطر علاقات الحكومة المغربية بالشركة والذي يغطي الفترة المتراوحة ما بين 2001 و2010 المتعلق بتحرير النقل الجوي إذ أن الأمر يتعلق بمسعى الحكومة لتحرير النقل الجوي بهدف المساهمة في الدفع بالقطاع السياحي وتشجيع إحداث شركات جديدة وتسهيل استفادة ولوج الشركات الأجنبية للسماء والمطارات المغربية بأسعار تنافسية، مما يعني انخراط المغرب في برنامج تحرير النقل الجوي بين الدول العربية تحت إشراف اللجنة العربية للطيران المدني لسنة 2006، والاتفاقية الموقعة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في سنة 2001 وكذلك الاتفاق الموقعة مع الاتحاد الأوربي في شهر دجنبر 2006 بخصوص السماء المفتوحة وهو الاتفاق الذي ساعد على تطوير سريع لعرض الطيران وانخفاض التعريفة والرفع من العروض المقدمة للمستهلكين، غير أنه يتضمن العديد من الاختلالات الحقيقية على مستوى الأسواق وكذلك على مستوى تحرير النقل الجوي على محور الدارالبيضاء أوربا. لذلك تتجه الحكومة حسب مصادر في وزارة النقل لإعداد إستراتيجية جديدة لإعادة تأهيل قطاع النقل الجوي تزامنا مع دخول الاتفاق الإطار لسنة 2001 مراحله النهائية. فيما كشفت ذات المصادر، أن الحكومة أطلقت طلب عروض دولي من أجل إنجاز دراسة لتقديم مقترحات من شأنها أن تساعد على تطوير قطاع النقل الجوي بالمغرب باتجاه إعداد إستراتيجية جديدة مواكبة للتحولات الجديدة التي كانت لها تداعيات على ديناميكية الخطوط الملكية المغربية في تعاطيها مع سياسة "الأجواء المفتوحة" في السنوات الأخيرة الأساسي من هذه الإستراتيجية هو تحيين الاتفاق الإطار الموقع بين الحكومة والخطوط الملكية التي لم تبق الشركة الوحيدة للنقل الجوي التي تخضع للقانون المقرب، إذ أصبح الأمر يتعلق بوجود أربع شركات جديدة من بينها فرعي الخطوط الملكية المغربية للنقل المخفض السعر وإعطاء الأولوية للرحلات والأسواق التي تعد مصدرا رئيسيا للسياح مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة ملاءمة التشريعات المغربية مع المعايير الدولية وتحديد علاقات الشركة مع الفاعلين الرئيسيين في قطاع النقل الجوي من قبيل المكتب الوطني للمطارات وأصحاب وكالات الأسفار وكذلك مهنيي قطاع السياحة. كذلك تدرس وزارة النقل إمكانية إحداث مرصد وطني للنقل الجوي، يكون بمثابة أداة للتنسيق والتقنين واليقظة تتابع تحولات القطاع وتقلباته. من البديهي أن إعداد إستراتيجية جديدة للنقل الجوي في المغرب يتزامن مع تسجيل الخطوط الملكية المغربية، لأول مرة منذ عشر سنوات لعجز مالي يمكن أن يتجاوز 500 مليون درهم في غياب معطيات رسمية من إدارة الشركة التي رفضت الحديث عن هذا الموضوع، والظاهر أن هذه الحصيلة يمكن أن ترتفع إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الشركة أصبحت تواجه منافسة قاسية على محور الدارالبيضاء أوروبا مما أدى لضغوط قوية على سعر الرحلات ولتراجع المداخيل، لاسيما وأن محور الدارالبيضاء أوروبا كان مصدر المداخيل الرئيسية للخطوط الملكية المغربية، مما جعل هذه الأخيرة يعتمد على عدة إجراءات تقشفية استثنائية في انتظار قرارات ينتظر أن يتخذها المجلس الإداري للشركة في اجتماعه المقبل والذي سيكون عليه وضع خارطة طريق جديدة لمستقبل الخطوط الملكية المغربية، ومعالم إستراتيجية جديدة لأن إستراتيجية 2000 التي يتضمنها الاتفاق الإطار لسنة 2001 أصبحت لا تتلاءم مع 2010 والتي لا محالة ستشتد فيها المنافسة وستتراجع فيها المداخيل.