وفاة الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري    الفارسة جينا الحاجي تتوج بجائزة ولي العهد الأمير مولاي الحسن في فئة القفز على الحواجز تحت 13 سنة    منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    لمواصلة التنافس مع طنجة المتوسط.. ميناء الجزيرة الخضراء يطلق مشروعًا لتوسيع طاقته الاستيعابية    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتفاعل مع فاجعة 'خزان أولاد يوسف'    انقلاب سيارة يودي بحياة ستيني بضواحي الحسيمة    عودة العيطة إلى مسرح محمد الخامس.. حجيب نجم النسخة الثالثة    لطيفة تطرح الدفعة الأولى من ألبوم "قلبي ارتاح".. أول ألبوم عربي بتقنية "Dolby Atmos"    نشرة إنذارية: موجة حر من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    تيزنيت: للسنة الثانية على التوالي..نسبة النجاح بالبكالوريا تُلامس 80%    إصابة أربعة أشخاص في سقوط أرجوحة بمرتيل    إسبانيا على صفيح ساخن.. مواجهات عنيفة بسبب اعتداء نُسب لمهاجرين واليمين المتطرف يؤجج الشارع (فيديوهات)    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مونتينيغرو بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    الكوكب يراهن على خبرة الطاوسي في رحلة التحدي الكبير    "فيفا" يُنصف حكيمي: أفضل مدافع في مونديال الأندية بأرقام دفاعية وهجومية مذهلة    متحدية الحصار الإسرائيلي.. سفينة "حنظلة" تنطلق من إيطاليا باتجاه غزة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يأسف لتطورات اعتصام قصبة تادلة ويحذر من نشر مشاهد صادمة دون ضوابط    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    بملتقى فكري مفتوح حول «السؤال الثقافي: التحديات والرهانات»، بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. الاتحاد الاشتراكي يفتح نقاشاً ثقافياً استعداداً لمؤتمره الثاني عشر    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    مسيرة بالناظور تستنكر تدهور الأوضاع والتضييق على العمال وتطالب بالتنمية وسراح معتقلي حراك الريف    بينهم 10 يجلبون المياه.. إسرائيل تقتل 45 فلسطينيا بغزة الأحد    إنفانتينو: نسخة مونديال الأندية حققت نجاحا استثنائيا وغير مسبوق    تخليدا للذكرى ال26 لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين            "عدالة" تنبه إلى التدهور المقلق للوضع الحقوقي بالمغرب وتدعو لإصلاح يضمن الحقوق والحريات    الاتحاد الأوروبي يؤجل "رسوم أمريكا"    تحرير شاطئ الصفيحة من الاحتلال العشوائي للمظلات والكراسي    انتهاك صارخ لقدسية الأقصى.. مستوطنون يقتحمون قبة الصخرة ويؤدون طقوسًا تلمودية في ذكرى خراب الهيكل    مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة    مونديال الأندية.. تشيلسي يطارد المجد الثاني وسان جيرمان يبحث عن أول تتويج عالمي    مدرب المغرب يشيد بأداء الدفاع بعد الفوز على السنغال في كأس أمم إفريقيا للسيدات    جسم غامض خارجي يقترب من الشمس بسرعة خارقة يثير حيرة العلماء    الرابطة المغربية للشباب والطلبة تختتم مخيم "الحق في الماء" بمركب ليكسوس بالعرائش    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    صدور كتاب عن قبيلة "إبقوين" الريفية يفكك الأساطير المؤسسة لقضية "القرصنة" عند الريفيين    يديعوت أحرونوت: موجة هجرة إسرائيلية غير رسمية نحو المغرب في خضم الحرب    تقرير: المغرب ضمن 3 دول أطلقت سياسات جديدة لدعم الزراعة الشمسية خلال 2024    طنجة.. إغلاق مقهى شيشة بمحيط مالاباطا بعد شكايات من نزلاء فندق فاخر    من ضحية إلى مشتبه به .. قضية طعن والد لامين جمال تتخذ منحى جديدًا    أسعار الذهب تتجاوز 3350 دولارا للأوقية في ظل التوترات التجارية العالمية    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة    الطبخ المغربي يتألق في واشنطن.. المغرب يحصد جائزة لجنة التحكيم في "تحدي سفراء الطهاة 2025"        بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    علماء ينجحون في تطوير دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لعدة سنوات    من السامية إلى العُربانية .. جدل التصنيفات اللغوية ومخاطر التبسيط الإعلامي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرنكفونية إيديولوجية اليمين المتطرف في ما وراء البحار
نشر في أخبارنا يوم 13 - 12 - 2015

- الإهانة الحضارية.. من الاستعمار العسكري إلى الاستعمار الثقافي
عندما اندلعت أحداث الربيع العربي، كان الشعار الذي يتردد، من مشرق العالم العربي إلى مغربه، هو "الكرامة" كرامة الأفراد و الجماعات، مما يعني أن الداء العضال الذي كانت تعاني منه الشعوب العربية يتعلق بداء "الإهانة " هذا الداء الذي كان يؤذن، منذ عقود، بخراب قادم لا محالة، و قد كان عالم المستقبليات( المهدي المنجرة) واعيا بهذا الخطر حينما ألف كتابه التحذيري (الإهانة في عهد الميغا إمبريالية) معتبرا أن المقصود بهذه الإهانة هو الامتداد الحضاري العربي الإسلامي الذي يجد نفسه، اليوم، في مواجهة حرب صليبية جديدة تسعى إلى استئصال كل ما يمت بصلة إلى العروبة و الإسلام.
و لعل أكبر إهانة، واجهتها الأمة العربية في تاريخها الحديث، تتعلق بالسيطرة الاستعمارية التي وظفت كل أدوات الاستئصال الحضاري لترسيخ مشروعها الاستعماري، من استئصال اللغة العربية من بيئتها الحاضنة، إلى استئصال القيم الثقافية و الدينية و تعويضها بقيم استعمارية دخيلة، و كل هذا كان يدخل ضمن تصور استراتيجي، بعيد المدى، يسعى إلى الإجهاز على المشروع الحضاري العربي الإسلامي الذي تمكن، لقرون، من قيادة العالم، من آسيا إلى إفريقيا و أوربا، باعتباره مشروعا إنسانيا خالصا استطاع أن يقود حركة تحريرعابرة للحدود الجغرافية و الإثنية .
لكن القوة الكامنة في جوهر الحضارة العربية الإسلامية، كانت بالمرصاد لهذا المشروع الاستئصالي، و تم توظيف مقومات الدين و الثقافة واللغة لاستعادة روح حركة التحرير، مما ساعد على تشكيل حركات تحرر وطني و قومي عابرة للحدود، تمكنت من طرد الاستعمار و إفشال مشروعه في الاستتباع الحضاري، و جميع هذه الحركات، في مشرق العالم العربي و مغربه، وظفت مقومات الهوية العربية الإسلامية لبعث روح جديدة في كيان الأمة لتحقيق مشروع التحرر.
بعد إفشال المشروع الاستعماري، عسكريا، و طرد آخر جندي من الامتداد الترابي العربي، كان التحالف الاستعماري يخطط لتدشين عودته التي كان يتصورها، هذه المرة، عودة حضارية توظف أسلحة رمزية فتاكة تخترق جسم الأمة و تبث فيه فيروسات قاتلة تفكك الجسم من الداخل من خلال التغلغل في خلاياه .
و لعل هذا، هو ما فطن له مفكر من حجم الأستاذ محمد عابد الجابري في كتابه ( أضواء على مشكل التعليم في المغرب) حين اعتبر أن المشروع الاستعماري حقق استمراريته في المغرب من خلال النخبة التي تشكلت في مختبراته التعليمية، لقد كانت النخبة التي تولت زمام الأمور عقب الاستقلال هي نفسها النخبة التي تمخض عنها تعليم الحماية الفرنسية في المغرب .
و بما أن وظيفة التعليم تتلخص في إعادة الإنتاج القيمي و المعرفي، فإن منظومة التعليم الاستعمارية وظفت التعليم لخلق جيل جديد من المواطنين المغاربة يكون قادرا على تحقيق استمرارية المشروع الاستعماري، و ذلك لأن مصير هذا الجيل من المتعلمين سيكون حتما العمل مع سلطات الحماية إما في الإدارة، و إما في المؤسسات الرسمية و شبه الرسمية، الشيء الذي كان يؤهلهم لأن يصبحوا متعاونين، بشكل أو بآخر، مع الحماية الفرنسية لا ثائرين ضدها.
- بين الثقافة الفرنسية و الثقافة الفرنكفونية.. بين ثقافة عصر الأنوار و ثقافة اليمين المتطرف
حينما نثير الحديث، هنا، عن الاستعمار الثقافي كحلقة ثانية ضمن المشروع الاستعماري، فإن الأمر لا يتعلق بالدعوة إلى الانغلاق على الذات أو نشر مشاعر الكراهية ضد الآخر الثقافي، بل إن الأمر يتجاوز ذلك، بكثير، إنه يدخل ضمن تشكيل الوعي الفكري لدى الأجيال، التي تلت المرحلة الاستعمارية العسكرية، بخطورة المشروع الاستعماري، في بعده الثقافي، الأمر الذي يدخل ضمن التمييز بين الانفتاح الثقافي و اللغوي الواعي المرغوب، و بين الاستلاب الثقافي و اللغوي المرفوض. و لعل هذا، هو ما يدفعنا إلى التمييز، في الثقافة الفرنسية، بين بعدين مختلفين:
* هناك البعد الثقافي و اللغوي الخالص،الذي يعتبر وليد الحركية الثقافية التي قادها كبار الفلاسفة و الأدباء الفرنسيين، وشكل نتيجة ذلك نظام ثقافي أنواري، يجد سنده في مبادئ الثورة الفرنسية، و قد أنتج هذا النظام رؤية فرنسية للعالم تقوم على أساس التعددية و الاختلاف و الانفتاح، و هذا ما تجسد من خلال المتن الفلسفي و الأدبي الفرنسي الذي اخترق العالم كله ( ميشيل فوكو، جاك دريدا، جيل دولوز، جون بول سارتر، شارل بودلير، بالزاك، فلوبير...) .
* و هناك بعد ثقافي و لغوي يعتبر امتدادا للسياسة الخارجية الفرنسية، و هذا البعد تمثله منظمة الفرنكفونية التي تعتبر وريثة وزارة المستعمرات في العهد الاستعماري العسكري، و لذلك فإنها ورثت عنها رؤيتها و أدواتها في اختراق المجال الرمزي للامتداد الإفريقي، و الهدف المنشود ليس ثقافيا البتة بل استعماري في الجوهر، مع فارق بسيط هو الانتقال من الإخضاع العسكري المباشر إلى الإخضاع الرمزي غير المباشر من خلال توظيف وسائل القوة الناعمة soft power.
و ضمن هذا السياق، لابد أن نذكر بأن منظمة الفرنكفونية تمثل الطموح الاستعماري التوسعي الفرنسي في ما وراء البحار ( و خصوصا في إفريقيا) حيث تجلت البوادر الأولى لتشكيل قارة ثقافية جديدة تابعة للمتربول الاستعماري، اسمها الفرنكفونية، و هي بضاعة ثقافية غير تابعة لقطاعي الثقافة و التعليم الفرنسيين، بل تابعة لوزارة الخارجية الفرنسية، باعتبارها تمثل المصالح الاقتصادية و السياسية الفرنسية في المستعمرات، و هذه المصالح تمر بالضرورة، حسب التصور الفرنسي، عبر صناعة ثقافية و لغوية لل(كائن) الإفريقي، بشكل يجعله كائنا ثقافيا و لغويا هجينا. فهو يسكن إفريقيا، جسديا، حيث ينتج و يستهلك، و يرتبط بفرنسا، خيالا و روحا، حيث يسعى إلى الاستهلاك و الإنتاج على الطريقة الفرنسية.
إن التمييز، في الثقافة الفرنسية، بين هاتين القارتين المعرفيتين، هو ما يمكنه أن يساعدنا على الفرز بين ما هو معرفي خالص يمكن الانفتاح عليه و الاستفادة منه، من منظور أن الثقافة الفرنسية الحديثة قدمت مساهمة فكرية و علمية و فنية ثرية لا يمكن الاستغناء عنها في بنائنا الثقافي الحديث، لكن يجب الوعي بخطورة المتن الثقافي الفرنكفوني في أبعاده الإيديولوجية.
و يجد هذا التمييز مسوغه، اليوم، من داخل المشهد الثقافي و السياسي الفرنسي نفسه. فإذا كان هذا المتن الثقافي الفرنسي الأنواري يقاوم من أجل تحقيق التوازن السياسي و الثقافي، داخليا، و تحقيق الإشعاع الثقافي الفرنسي، خارجيا، فإن المتن الثقافي اليميني المتطرف يشكل حاجزا صلبا في وجه هذه المقاومة الأنوارية، فهو يعيش على الحنين الجارف للقيم الاستعمارية القديمة، بما تحمله من تمجيد للذات يصل درجة الدفاع عن أسطورة النقاء العرقي الفرنسي.
و لعل هذا الصراع، الذي يجد مسوغه من داخل المشهد السياسي و الثقافي الفرنسي قبل الخارج، هو الذي يدفع ما تبقى من المثقفين الأنواريين إلى دق جرس الإنذار حول خطورة الرؤية القيمية اليمينية المتطرفة الي أصبحت تغزو المنظومة الثقافية الفرنسية، منذرة بخلق صراعات ثقافية و عرقية داخلية، و توترات سياسية سواء مع الجوار الأوربي، أو مع بعض الدول – الإفريقية خاصة- التي ينظر إليها اليمين المتطرف كمقاطعات تابعة للمتربول الاستعماري تنفذ سياسته الثقافية و تستجيب لطموحاته الاقتصادية.
و من أبرز الأصوات الثقافية، التي ارتفعت خلال الآونة الأخيرة، نجد المفكر الفرنسي (باسكال بونيفاس) في إصدارين ثقافيين، حاول من خلالهما التمييز، من داخل المشهد الفرنسي، بين تيارين ثقافيين يجدان تجسيدهما في الحضور السياسي الفرنسي، و هذان التياران يمثلان تجسيدا للصراع القائم، داخل فرنسا، بين مثقفي الالتزام و هم في غالبيتهم يمثلون الإرث الثقافي الأنواري، و بين مثقفي الإثارة الإيديولوجية و هم في غالبيتهم يمثلون الخطاب/الممارسة اليميني/ة الاستئصالي/ة .
* بخصوص الصنف الأول، أدخله (بونيفاس) ضمن خانة مثقفي التزييف les intellectuels faussaires الذين يوجهون المشهد الثقافي الفرنسي لخدمة أجندة سياسوية رخيصة لا علاقة لها بالثقافة حتى في أبخس تجسيدها ! إنهم؛ بتعبير بونيفاس؛ يصنعون عملة ثقافية مزورة . و هؤلاء يشكلون امتدادا مباشرا لليمين الشعبوي المتطرف الذي يستثمر في نظرية المؤامرة، و يروج لأسطورة النقاء العرقي الفرنسي.
* و بخصوص الصنف الثاني، أدخله (بونيفاس) ضمن خانة مثقفي النزاهة/المثقفون النزهاء les intellectuels intègres و هم، حسب بونيفاس، أصبحوا عملة نادرة في المشهد الثقافي الفرنسي، لكنهم يقاومون من أجل إثبات قيم التعددية و الاختلاف و الحوار، و غالبية هؤلاء يشكلون امتدادا للقيم الفلسفية التي كرستها مبادئ الثورة الفرنسية.
ما بين مثقفي التزييف و مثقفي النزاهة، يمكن للباحث الموضوعي أن يميز، في المتن الثقافي الفرنسي، بين المنحى الثقافي النزيه المستند إلى المرجعية المعرفية، و بين المنحى الإيديولوجي في منحاه السياسي القائم على أساس الهيمنة الرمزية المفضية إلى الهيمنة الاقتصادية و السياسية. لذلك يجب التمييز في خطاب الانفتاح الرائج في المغرب، إعلاميا و ثقافيا، بين اتجاهينمختلفين :
· من جهة، يجب دعم البعد المعرفي كمدخل لإثراء التعددية و الاختلاف الثقافي، و في هذا الصدد لا يجب احتكار المجال الثقافي من طرف الأحادية الثقافية الأجنبية مجسدة في الثقافة و اللغة الفرنسية، بل يجب فتح المجال أمام مختلف الأبعاد الثقافية و اللغوية العالمية التي بإمكانها إثراء التجربة المغربية.فبالإضافة إلى الثقافة الأنجلوساكسونية، لابد أن نعي أهمية المنجز الثقافي و اللغوي الآسيوي – و خصوصا المنجزين الصيني و الياباني- الذي يعتبر مكونا أساسيا ضمن المجال الثقافي و اللغوي العالمي، سواء من منظور رمزي خالص، أو من منظور السوق اللغوية .
· من جهة أخرى، يجب الحذر من النزوع الإيديولوجي الذي تمثله الفرنكفونية، كإيديولوجية استعمارية، و هنا لابد من الفصل بين مجالين ثقافيين و لغويين ضمن الفضاء الثقافي المغربي، المجال الأول ذو بعد وطني تمثله الثقافة و اللغة العربية المنصوص عليها دستوريا، و الذي تتحمل الدولة مسؤولية حمايتها و تنميتها و تطويرها، أما المجال الثاني فهو ذو بعد أجنبي، وظيفته المساهمة في تحقيق الانفتاح الثقافي و اللغوي على الخارج. و إذا كان المجال الأول مكونا أساسيا لتشكيل المشترك الهوياتي المغربي، فإن المجال الثاني لا يتجاوز كونه وسيلة لتحقيق الانفتاح، حيث تقاس هذه الوسيلة بجدواها في تحقيق الإشعاع الثقافي الوطني، خارجيا، و المساهمة في نقل التجارب العلمية و الفكرية من أجل تخصيب المجال الثقافي الوطني.
هذا التوجيه المنهجي، هو وحده الكفيل بإخراجنا من الفوضى الثقافية و اللغوية التي تسود الفضاء الثقافي المغربي، حيث يتم إيهام المغاربة بأن الثقافة و اللغة الفرنسية مكون أساسي من مكونات الثقافة الوطنية، و هذا أكبر وهم صنعته و روجته منظمة الفرنكفونية في المغرب و في كافة المستعمرات الإفريقية.
و إذا كان هذا الوهم قد انطلى على مجموعة من الدول الإفريقية التي لا تمتلك عمقا ثقافيا، بل تقتصر على ثقافات محلية بسيطة، فإن الأمر صعب التحقق في المغرب، لأن المغاربة ورثة تراث حضاري عظيم تشكل في الغرب الإسلامي، على امتداد قرون، ساهموا في إنجازه إلى جانب إخوانهم من العرب المسلمين في المشرق. و هذا أكبر حاجز في وجه الطموح الثقافي الاستعماري، سواء خلال المرحلة الاستعمارية حيث تم إجهاض المشروع الفرنكفوني على يد رجالات المقاومة الوطنية، أو خلال المرحلة الراهنة حيث انغرست بذور الثقافة العربية الإسلامية في نفوس المغاربة، و لا يمكن استئصالها عبر صناعة و ترويج الأوهام من طرف اللوبي الفرنكفوني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.