ليست التعددية كما يظن البعض فقط هي كثرة الأحزاب و النقابات و الهيئات والمنظمات ، بل إن التعددية هي مشروع مجتمعي قائم على ترسيخ مبدأ الحق في الاختلاف و الذي ينبغي أن تعمل كافة مؤسسات الدولة على ضمانه في المجتمع ، و المحافظة عليه لأنه حق و مطلب أساسي من بين مطالب الرأي العام ، و بدونه لا يمكن الحديث على مجتمع حداثي و ديمقراطي . فالمواطن ينبغي أن تكون له حرية الإرادة ويكون غير مقيد بضوابط أو قواعد تشل حركته ، و تقضي على تميزه و كينونته و إبداعه الغير المحدود ، و السياسة هي التي تخدم مصلحته و ترقى بالوطن بغض النظر على الاختلافات الفكرية والمذهبية و الإيديولوجية التي قد يعبر عنها المواطنين ، فالواجب بالتالي هو تدبير هده الاختلافات في إطار مفعم بالديمقراطية و بروح من المسؤولية والاحترام المتبادل من طرف الجميع . لكن و لسوء حظنا فمعظم سياسيينا اليوم يشتغلون على شيطنة بعضهم البعض ، و التفنن في إلقاء الخطب و ادعاء محاربة الفساد و الاستبداد ، و ممارسة الوصاية على المواطنين كما لو أنهم قاصرين . نريد مغربا مزدهرا يشارك الجميع في تنميته و في تحقيق الرقي و التقدم له , كفانا من الاتهامات و من الخطابات المضادة التي كشفها الزمن و بين بطلانها عند الجميع. لقد يئسنا من هدا الحال و من تبادل اللعب بالأدوار ، خصوصا في ظل الظرفية الحرجة التي يعاني أبناء الشعب المغربي منها من جراء ارتفاع معدل البطالة ، و انخفاض النمو الاقتصادي و ازدياد نسبة الهشاشة في البلاد وانخفاض معدل الاستثمار نحتاج الى المزيد من التضحية و العطاء المقرون بالجدية التي يبرز اثرها في الواقع و في المجتمع ، لقد هرمنا من خطاب التحذير من الذي يريد ان يفترس الوطن و يبيع لأبنائه الوهم و الوعود الكاذبة ، كفانا من فعل الشيطنة و من تبادل الاتهامات و الشقاق و النزاعات . إننا بهدا الوضع لا نعكس حقيقة أي مستوى للرقي و التقدم خصوصا ، حينما يصير الخطاب كله تجريح و سب و قذف في الآخرين . لقد آن الأوان أن يتوجه الجميع نحو إنشاء خطاب واقعي يتمركز نحو سبل تحقيق المشاريع التنموية و الاستثمارات الكبرى التي قد تمكن من انقاد المغرب و إخراجه من السكتة القلبية التي يعانيها، و من الفساد المستشري في القطاعات الحيوية ، و الزبونية و المحسوبية التي تضرب مبدأ تكافؤ الفرص و تعطل مسيرة التنمية .