انفجارات في الدوحة وأنباء عن عملية اغتيال لقادة في حماس    المملكة المغربية تعرب عن إدانتها القوية للاعتداء الإسرائيلي السافر واستنكارها الشديد لانتهاك سيادة دولة قطر الشقيقة    نقابات تعليمية ترفض "حركة لا أحد"    الكاتب الأول يترأس المؤتمرات الإقليمية لكل من المضيق وطنجة وشفشاون والعرائش    الإمارات تدين هجوم إسرائيل على قطر    أكادير: افتتاح مصنع لإنتاج 130 مليون ذبابة معقمة أسبوعيا لمواجهة الآفات الزراعية    جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية تفتتح فرعا جديدا بنيويورك    فرنسا.. بايرو يقدم استقالته وماكرون يسعى لإيجاد رئيس وزراء جديد    حجب مواقع التواصل يؤدي إلى استقالة رئيس الوزراء وحرق البرلمان في النيبال    المغرب: زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بتساقط للبرد اليوم الثلاثاء بعدد من المناطق    المهدي بنسعيد يوضح تحديثات المجلس الوطني للصحافة وحماية حرية الصحفيين    وزارة النقل واللوجستيك تنفي تحرير مخالفات تخص صفائح تسجيل السيارات المخصصة للسير الدولي    مديرية الأرصاد تحذر: زخات رعدية قوية بعدة مناطق اليوم الثلاثاء    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    طنجة.. توقيف ثلاثة أشخاص وحجز أزيد من ألف قرص مهلوس    بمشاركة مغاربة .. أسطول المساعدات إلى غزة يقرر الإبحار صباح الأربعاء    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"    لقاء الداخلية والاستقلال.. مقترح ميثاق أخلاقي ولجنة تشرف على الانتخابات        الياميق ينتقد أرضية ملعب "ليفي مواناواسا": "لم تكن صالحة للعب ولعرض إمكانياتنا كاملة"        إحداث لجنة لبلورة نموذج اقتصادي جديد للصيدليات.. أبرز ما تم الاتفاق عليه في اجتماع وزير الصحة بالنقابات    في ظل الأزمة المالية .. المختار العروسي يترشح لرئاسة نادي الشباب الأصيلي لكرة القدم    المنتخب المغربي يحافظ على مركزه 12 عالميا ويشدد الخناق على ألمانيا    بسبب 20 وشاية.. القضاء البلجيكي يدين عائلة مغربية بالحبس بسبب احتيال على نظام المعاشات    القمة الإفريقية الثانية حول المناخ تسلط الضوء على البعد القاري للرؤية المغربية بشأن التحديات المناخية    السفارة الصينية بالرباط تهنئ الطالبة المغربية ياسمين مزواري على تتويجها الدولي في الصين                        السيتي ينهي النزاع القانوني مع رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز    أمين زحزوح يتوج بأفضل لاعب في الشهر بالدوري القطري    تسريع التعاون في مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة محور مباحثات الوزيرة بنعلي مع نظيرها الموريتاني    المغرب يواجه خيارات حسم نزاع الصحراء بين انتظار مجلس الأمن او التدخل الفوري    بنعلي ووزير الطاقة الموريتاني يبحثان تسريع الشراكات الطاقية بنواكشوط    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    تونس.. السلطات تنفي تعرض أسطول مساعدات متجه لغزة لضربة بطائرة مسيّرة    بطولة اسبانيا: برشلونة يؤكد إصابة دي يونغ    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة        أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي        انتشار السمنة بين المغاربة يطلق دعوات إلى إرساء "خطة وطنية متكاملة"        نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية    "كناش الحشمة".. أسطورة الرحل فوق خشبة المسرح الكبير بنمسيك    ربيع القاطي يطرق باب العالمية مجددًا عبر سلسلة "Atomic"    اللغة والهوية في المغرب: خمسون عاماً بين الأيديولوجيا والواقع    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دموع الرجال السلاح الأخير
نشر في أخبارنا يوم 27 - 02 - 2011

حين سلم عبد الله الصغير اخر قلاع غرناطة إلى الملك الاسباني فرديناند الخامس في ساعة متأخرة من يوم 2 يناير1492، انزوى في مكان قصي، وطفح يبكي بكاء مريرا، قبل أن ترمقه والدته، وتعاقبه بما يشبه القسوة "ابك مثل النساء ملكا مضاعا، لم تحافظ عليه مثل الرجال". قد لا يكون الملك عبد الله أول رجل يبكي، وليس الأخير على الإطلاق، لكن لماذا يترسخ الاعتقاد، منذ الأزل وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، أن البكاء حكر على النساء دون الرجال؟ ولماذا نضع الرجل الذي تسيل مشاعره دموعا، في مواقف معينة، في خانة الضعفاء والجبناء الذين لا يقوون على مجابهة الواقع؟ أليس الرجل، في نهاية المطاف، كأن من لحم ودم وإنسان في اخر المطاف ينبض بين جوانحه قلب حي، ويحتاج، بين الحين والاخر، إلى التعبير عن نفسه ومشاعره بطريقة مغايرة؟
"يتزوج الثري صابر من عشيقته ثريا، فيثور عليه ابنه شريف فيغادر منزل العائلة إلى وجهة مجهولة.
تتورط أخت شريف في علاقتها مع سالم وتلقى مصرعها بعد ان تكتشف علاقته بثريا.
تبتز ثريا ثروة صابر وتطلقه لأن العصمة في يدها.
يقرر شريف الانتقام من ثريا، يتعرف عليها وتعجب له، ما يثير غضب خطيبته ليلى.
يعثر صابر على مكان شريف ويعمل في معرض سيارات والد ليلى، دون ان يعلم شريف بوجوده.
تتوطد علاقة صابر بليلى دون أن يخبرها بحقيقته فتخبره بعلاقة شريف بثريا".
بهذه الجمل الستينوغرافية، يمكن تلخيص الفيلم المصري "حين يبكي الرجال "(1984/إحراج حسام الدين مصطفى) بكثير من التعسف، ومن ثنايا هذه المتاهة بكثير من التعسف، من ثنايا هذه المتاهة المعقدة من الواقع، التي تؤثثها كل بهارات الإثارة والتشويق الممكنين ( المال، الجمال، الجنس، الحب، الخيانة، الانتقام..) سالت غزيرة دموع فريد شوقي ونور الشريف وفاروق الفيشاوي وصلاح رشوان، أبطال الفيلم، إلى جانب النجمات الجميلات، وقتذاك، مديحة كامل وسمية الألفى ونهى العمروسي.
البكا في وفيه
لكن هل يبكي الرجال، فقط، حين تفتك بهم سهام الحب، أو يسقطون صرعى الانتقام، أو يفقدونم عقولهم بسبب الخيانة، أو حين يصبحون، يوما، "الله كريم"، بعد أن كانوا يملكون الدنيا ومفاتنها؟. هل يمكن تصنيف بكاء الرجل دائما في خانة الضعف وقلة الحيلة والندم ونقيض الكبرياء؟. ألا يعتبر البكاء، في هذه الحالة، طريقا للراحلة النفسية والتنفيس عن العقد الداخلية؟ ألم يقل أبي فراس الهمداني، يوما، مناجيا جارته التي هجرته ولم تدع له غير دموع حرى.
أيضحك مأسور وتبكي طليقة/ ويسكت محزون ويندب سالي.
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة/ ولكن دمعي في الحوادث غالي.
الرجل العربي لا يبكي
يعتقد عدد من علماء الاجتماع أن البيئة الشرقية وطبيعية التفكير ونمط التربية الأسرية في المجتمعات العربية تعتبر محددا أساسيا في الحكم على دموع الرجل، وغالبا ما يصنف بكاء الذكور في خانة الاستسلام وضعف الشخصية، لأن الرجل تربى، منذ صغره، على أن البكاء هو العيب عينه.
ولازال المغارب، إلى حدود اليوم، يسمعون الأمهات يقلن لأطفالهن "ما تبكيش أنت راجل، والرجالا ما كيبكوش " بطريقة عفوية، دون أن ينتبهن إلى أن هذه العبارة ستجعل منه إنسانا غير سوي وفاشل في تدبير مشاعره وأحاسيسه الطبيعية وتوجيهها، وتلقائيا، حسب المواقف والأحداث والطوارئ.
تقول (س.م) "إن أغلب الرجال يحاولون وضع حد فاصل بينهم وبين الدموع على اعتبار أنها تتعارض مع قيمتهم الذكورية، وفي حال ذرفها تجعلهم في وضع متساو مع المرأة التي يكونون في بحث مستمر عن القيام بكل ما يميزهم عنها، أو بمعنى اخر ما يجعلهم محافظين على مكانتهم في "برجهم العاجي، فلا يسمحون أن يهز أو يمس أو تطوله نعوت من قبيل يبكي مثل المرأة".
وفي سعي الرجل إلى تأكيد رجولته وقوته وصرامته وقدرته على الصبر والتحمل وكتم أنفاس مشاعره وأحاسيسه خاصة أمام المرأة حتى لا تحسبها ضعف منه، فإنه بذلك يعتبر الدموع أسوأ مظاهر ضعفه على الإطلاق ليعلن حربا خفية عليها.
وفي تأكيد الرجل لذكوريته فإنه يضرب عرض الحائط كل نتائج الدراسات التي تقول بأهمية ذرف الدموع بالنسبة إلى الجنسين في تحسين الحالة النفسية والتخلص من موجات الغضب والتخفيف من حدة الآلام النفسية الناتجة عن صدمات معينة، فلا يرضى الاعتراف بها مهما بلغت درجة آلامه وتعددت مواقف يحتاج فيها إلى ذرف دموع تنسيه قساوتها.
ويزداد الأمر تعقيدا حين يبكي الرحل أمام امرأة، أو في حضنها، أو بالقرب منها، لأن من شأن ذلك أ يصنفه سريعا في خانة المهزوزين والفاشلين والفاقدين للثقة في أنفسهم، وغالبا ما يسمع الرجال المقبلون على الزواج مثل هذه النصائح من أمهاتهم، أو شقيقاتهم "خاص الرجل مايبكيش قدام مراتوا، باش ما طيحش منو، خاص الراجل يبقى ديما راجل".
لكن يبدو أن نوعا متميزا من النساء من يعتبرن دموع الرجل، في لحظات معينة، شعورا لا يوصف بالنسبة إلى المرأة، ليس لتشعر بضعفه، بل بقوته، ولتتأكد أن هذا الرجل ليس مجرد شخص يتحمل المسؤولية، أو الشخص الجدي دائما، بل هو مشاهر متدفقة لا يستطيع أعتى السدود منع دموعه.
دعوة للبكاء
عكس هذا الاعتقاد، توجد عدد من الدراسات النفسية المنجزة في دول غربية، تدعو الرجل "أن يصرخ ويبكي ويحرر دمعته الحزينة ويذرفها بكل سخاء دون خجل.. فتلك الدمعة التي تنزل من عينيه ليست بالهينة، بل إنها دمعة شجاعة يحطم بها كل معاني الكبرياء".
قد تكون المرأة أكثر بكاء من الرجل، إلا أن هناك مواقف لا تفرق بين المرأة والرجل مثل وفاة الأولاد والأقارب وأحد الأصدقاء وأحيانا البعد عن الأهل فترة طويلة ومع ذلك يبقى لبكاء الرجل خصوصية مختلفة تماما عن بكاء المرأة، لأن الرجل لا تتحسر دمعة في عينيه إلا إذا فقد شيئا ثمينا من حياته، وبالتالي فإن الدموع التي تنزل من عينيه لا تعبر إلا عن مشاعر صادقة في كثير من الأحيان.
ومن أهم خلاصات هذه الدراسات "أنم البكاء دواء ناجع يشعر بعده الإنسان، براحة غريبة، بمعنى اخر، إن البكاء بمثابة انفجار يحدث داخل جسم الإنسان نتيجة بعض الضغوط، أو المشاكل التي قد تواجهه، وإما أن يظهر هذا لانفجار فيتجلى على شكل دموع، أو أن يكتبه الشخص داخله، فيتحول إلى حسرات وأهات قد تؤدي في النهاية إلى دمار الصحة وهلاكها".
الدموع في مختبر العلم
علميا، تخلص الدموع الجسم من المواد الكيماوية المتعلقة بالضغط النفسي، وعند دراسة التركيب الكيمائي للدمع العاطفي والدمع التحسسي الذي يثيره الغبار مثلا.
وجد باحثون أن الدمع العاطفي يحتوي على كمية كبيرة من هرموني " البرولاكين" و "أي سي تي اتش" اللذين يوجودان في الدم، في حال التعرض للضغط، وعليه فإن البكاء يخلص الجسم من تلك المواد.
وأوضحت هذه الدراسة سبب بكاء النساء بنسبة تفوق بكاء الرجال بخمسة أضعاف، فالبرولاكين يوجد لدى النساء بكميات أكبر مقارنة بالكمي لدى الرجال، ببساطة علمية لأنه الهرمون المسؤول عن إفراز الحليب.
ويقول الدكتور فري، صاحب البحث، إن الحزن مسؤول عن أكثر من نصف كمية الدمع التي يذرفها البشر، في حين أن الفرح مسؤول عن 20 في المائة من الدمع، أما الغضب فيأتي في المرتبة الثالثة، وأثناء البكاء تزداد كمية الدمع المنهمر بمقدار يفوق المعدل الطبيعي بخمسين إلى مائة ضعف في الدقيقة، وتكسب العين،/ في المعدل، 5 ميللترات من الدمع يوميا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.