وهبي: رفضنا تعديلات على المسطرة الجنائية لمخالفتها مرجعيات الإصلاح أو لمتطلباتها المادية الضخمة    الحكومة تدرس مراسيم تطبيق العقوبات البديلة وحقوق ذوي الإعاقة    قرار مفاجئ من الكاف بخصوص مباراة سيمبا وبركان    تلك الرائحة    البيجيدي يتهم الاتحاد بالتهرب السياسي    الملك يهنئ رئيس جمهورية الكاميرون    بوريطة: لا سلام دائم بدون دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس    انقطاع واسع في خدمات الهاتف والإنترنت يضرب إسبانيا    مجلس النواب يقر قانون المفوضين القضائيين الجديد في قراءة ثانية    كيف تعمل الألعاب الإلكترونية على تمكين الشباب المغربي؟    الناظور.. المقر الجديد للمديرية الإقليمية للضرائب يقترب من الاكتمال    عصابة المخدرات تفشل في الفرار رغم الرصاص.. والأمن يحجز كمية ضخمة من السموم    جديد محاكمة المتهم بقتل زوج فكري    بوريطة: دعم المغرب لفلسطين يومي ويمزج بين الدبلوماسية والميدان    توقف مفاجئ لحركة الطرامواي بين الرباط وسلا يربك تنقلات المواطنين    الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: رواق مكافحة الجريمة السيبرانية تجسيد للانخراط المتواصل للأمن في حماية الفضاء الرقمي    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    هذا المساء في برنامج "مدارات" : لمحات عن علماء وأدباء وصلحاء منطقة دكالة    "حماة المال العام" يؤكدون غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد ويحتجون بالرباط على منعهم من التبليغ    40.1% نسبة ملء السدود في المغرب    مسؤولون دوليون يشيدون بريادة المغرب في مجال تعزيز السلامة الطرقية    استئنافية الرباط تؤجل محاكمة الصحافي حميد المهدوي إلى 26 ماي الجاري    رئيس حزب عبري: إسرائيل تقتل الأطفال كهواية.. وفي طريقها لأن تصبح "دولة منبوذة" مثل نظام الفصل العنصري    الوداد الرياضي يُحدد موعد سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية    دو فيلبان منتقدا أوروبا: لا تكفي بيانات الشجب.. أوقفوا التجارة والأسلحة مع إسرائيل وحاكموا قادتها    مشاركة أعرق تشكيلات المشاة في الجيش الإسرائيلي في مناورات "الأسد الإفريقي" بالمغرب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    توقيع مذكرة تفاهم بين شركة موانئ دبي العالمية والهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية    المغرب والإمارات يعلنان شراكات ب14 مليار دولار في مشاريع طاقة ومياه    الاهتمام الثقافي في الصين يتجلى: أكثر من مليار و400 مليون زيارة للمتاحف خلال عام 2024    صلاح رابع لاعب أفريقي يصل إلى 300 مباراة في الدوري الإنجليزي    يوسف العربي يتوج بجائزة هداف الدوري القبرصي لموسم 2024-2025    لهذه الأسباب قلق كبير داخل الوداد … !    العدالة والتنمية يحذر من فساد الدعم وغياب العدالة في تدبير الفلاحة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ماكرون وستارمر وكارني يهددون إسرائيل بإجراءات "عقابية" بسبب أفعالها "المشينة" في غزة    طقس حار نسبيا في توقعات اليوم الثلاثاء    مكالمة الساعتين: هل يمهّد حوار بوتين وترامب لتحول دراماتيكي في الحرب الأوكرانية؟    الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة أساسية لتنمية شاملة ومستدافة" شعار النسخة 6 للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بوجدة    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    شاطئ رأس الرمل... وجهة سياحية برؤية ضبابية ووسائل نقل "خردة"!    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    عامل إقليم العرائش يوافق مبدئيًا على استعمال الجيتسكي صيف 2025 بشروط صارمة    "win by inwi" تُتَوَّج بلقب "انتخب منتج العام 2025" للسنة الثالثة على التوالي!    مستشفى صيني ينجح في زرع قلب اصطناعي مغناطيسي لطفل في السابعة من عمره    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    المهرجان الدولي لفن القفطان يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني"    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رد على ذ. إسماعيل علالي حول المازيغية واللاتيني والإسلام والمسيحية
نشر في أخبارنا يوم 10 - 06 - 2018

نشر الأستاذ إسماعيل علالي مقالا عنوانه "الاختيار الثالث: ردا على أنصار التيفناغ والحرف اللاتيني" يدعو فيه إلى كتابة اللغة الأمازيغية بالحرف العربي بدل الحرف اللاتيني أو حرف ثيفيناغ.

والخلاصة التي يخرج بها من يقرأ مقاله هي أن الأستاذ إسماعيل علالي جاء ليدافع عن الإسلام ولم يأت ليدافع عن الأمازيغية. وهذا هو ديدن كل التعريبيين والإسلاميين الداعين إلى كتابة الأمازيغية بالحرف العربي. فأجندتهم هي خدمة مصالح العروبة والإسلام وليست خدمة مصالح اللغة الأمازيغية ولا الدفاع عن هوية المغرب الأمازيغية. ولا يرون في الأمازيغية إلا مطية لخدمة العروبة والإسلام.

أما الذين يعرفون مصلحة الأمازيغية ويضعون الأمازيغية فوق كل الأديان والأيديولوجيات وفوق كل الحسابات السياسية والريعية والمناصبية فإنهم يعلمون ويتفقون على أن الحرف اللاتيني هو الأنفع والأصلح لكتابة اللغة الأمازيغية وتدريسها وترسيمها في المغرب بأكبر فعالية وأقل تكلفة مالية وأقصر مدة زمنية.

فالحرف اللاتيني يكتب الأمازيغية بالدقة الأعلى (راجع مثلا مقالي السابق: "يجب على اللغة الأمازيغية أن تغزو الحرف اللاتيني"). وكل الدراسات الأكاديمية عن اللغة الأمازيغية تستعمل الحرف اللاتيني. كما أن الحرف اللاتيني يسهل على الشباب المغاربة من تلاميذ وطلبة ومثقفين اكتساب الأمازيغية بسرعة ويسهل ترسيم الأمازيغية في الإدارات في وقت قصير.

كما أن تدريس وترسيم اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني سيكسر احتكار الفرنسية للحرف اللاتيني بالمغرب وسينهي هيمنة الفرنسية على المغرب، وبذلك سيتحول المغرب إلى دولة عادية مثل تركيا أو إندونيسيا أو ماليزيا تكتب لغتها الأصلية الوطنية الشعبية بالحرف اللاتيني العالمي.

1) لعبة "الإجماع الشعبي" والاستفتاءات: لا يوجد إجماع شعبي

حين يثير الأستاذ إسماعيل علالي قضية "إجماع المغاربة حول حرف تدريس الأمازيغية" فيجب عليه أن يعترف بأن المغاربة كشعب تعداده 35 مليونا لا يُجمِعون على أي حرف، لا اللاتيني ولا ثيفيناغ ولا العربي. لا يوجد إجماع شعبي بالمغرب على أي حرف. ومن يزعم بوجود إجماع شعبي حول حرف معين بالمغرب فهو يكذب كذبا صراحا أو هو جاهل. إذن لا داعي للعب ورقة الإجماع الشعبي في مسألة حرف الأمازيغية لأن الإجماع الشعبي معدوم، والشعب منقسم على نفسه في قضية الأمازيغية والعربية والدارجة وحتى في مسألة الفرنسية والإنجليزية. هذا فضلا عن كون نصف المغاربة أميين أصلا لا يقرأون ولا يكتبون ولا يفهمون من شؤون الحروف واللغات قشرة بصلة.

أما الإجماع على مستوى جزء صغير من المغاربة المعنيين بالأمازيغية وهم الأكاديميون ونشطاء الأمازيغية فهو موجود (على الأقل في لحظات تاريخية محددة وموثقة ومعلومة للجميع)، وقد عبرت عن ذلك الإجماع الجمعيات الأمازيغية في يوم السبت 5 أكتوبر 2002 في "بيان مكناس" الشهير الذي دعا إلى كتابة وتدريس اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني في مدارس المغرب.

وكذلك أجمع أعضاء اللجنة التقنية الأكاديمية التي شكلتها وزارة التربية الوطنية المغربية في يوليوز 2002 في عهد الوزير عبد الله ساعف على استخدام الحرف اللاتيني في تدريس اللغة الأمازيغية، وكان من بين أعضاء تلك اللجنة التقنية الوزارية الدكتور أحمد بوكوس العميد الحالي للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (الإيركام).

ما هو الإجماع؟! الإجماع هو أن يتفق 100% من المصوتين على اختيار واحد.

أما في تصويت الإيركام في يناير 2003 الذي أدى إلى تبني حرف ثيفيناغ واستبعاد الحرف اللاتيني لأسباب أيديولوجية في جولتين للتصويت فلم يكن هناك إجماع أبدا لأنه قد صوت لصالح الحرف اللاتيني 13 عضوا إيركاميا في الجولة الأولى و8 أعضاء إيركاميين في الجولة الثانية. فالحرف اللاتيني يحتفظ بمؤيدين له من داخل الإيركام رغم إقرار حرف ثيفيناغ. أما الحرف العربي فقد حصد 5 أصوات في الجولة الأولى و0 في الجولة الثانية. والمصيبة الكبرى في كل ذلك هي أن جزءا من أعضاء الإيركام غيروا قناعاتهم الحرفية بشكل فجائي ما بين الجولة الأولى والجولة الثانية وهذا دليل على أن اللعبة كانت سياسية وأيديولوجية تدور حول حرمان الأمازيغية من الحرف اللاتيني العالمي لاسترضاء الإسلاميين واتقاء غضبهم أو لاسترضاء المخزن بعيدا عن أي معيار علمي أكاديمي نزيه متعلق باللغة الأمازيغية نفسها ومصلحتها.

أما من يريد استفتاء الشعب (الذي نصفه أمي لا يقرأ) حول حرف كتابة الأمازيغية فعليه أن يقبل أيضا باستفتاء شعبي حول حرف كتابة اللغة الدارجة. وعليه أن يقبل أيضا باستفتاء شعبي حول "هل سنجعل الدارجة لغة رسمية في المغرب بجانب الأمازيغية والعربية الفصحى؟". وعليه أن يقبل أيضا باستفتاء شعبي حول "هل يجب التخلص من الفرنسية وتعميم الإنجليزية بالمغرب؟".

2) المازيغية بدل الأمازيغية وكلمة "المازْغي" في التاريخ المغربي:

وإحدى طرائف مقال الأستاذ إسماعيل علالي هي أنه يقترح مصطلح "المازيغية" بدل مصطلح "الأمازيغية" الشائع. وقد تم استخدام مصطلح "المازيغية" منذ سنوات من طرف بعض الكتاب المغاربة والجزائريين مثل الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري.

وبصرف النظر عن نوايا مستخدميها، فالحقيقة هي أن كلمة "المازيغية" في حد ذاتها كلمة موفقة تماما بل إنها أكثر منطقية (لسانيا ولغويا) من كلمة "الأمازيغية" فضلا عن كون "المازيغية" أقصر وأخف على اللسان.

فالمعروف هو أن كلمة Tamaziɣt تتكون من أداة التعريف المؤنثة المفردة ta والكلمة المؤنثة نفسها maziɣt. وكلمة Amaziɣ تتكون من أداة التعريف المذكرة المفردة a والكلمة المذكرة maziɣ. وهذا كله يعني أن مادة الكلمة أو جوهرها هو maziɣ. لذلك فصياغة الاسم العربي لهذه اللغة يقتضي أخذ مادة الكلمة أو جوهرها الذي هو maziɣ دون أداة التعريف وبقية الإضافات النحوية الأمازيغية. ثم في سياق العربية نضيف أدوات التعريف العربية وأدوات النسبة والتأنيث والتذكير والتصريف والإعراب وغيرها فتكون النتيجة المنطقية هي: المازيغية. فنقول مثلا:

المازيغي = Amaziɣ

المازيغيون = Imaziɣen

المازيغية = Tamaziɣt

المازيغيات = Timaziɣin

اللغة المازيغية = Tutlayt Tamaziɣt

الشعب المازيغي = Aɣref Amaziɣ

العالَم المازيغي = Amaḍal Amaziɣ

الحضارة المازيغية = Taɣaṛma Tamaziɣt

التاريخ المازيغي = Amezruy Amaziɣ

بل إنه حتى في السياقات اللغوية الأوروبية يمكن فعل نفس الشيء فيصبح لدينا في الإنجليزية Mazighian أو Mazighish ويصبح لدينا في الفرنسية Le Mazighien وLa Mazighienne ويصبح لدينا في الألمانية والهولندية Mazighisch ويصبح لدينا في الإيطالية والإسبانية Mazigho وMazigha.

ويمكن أن نترجم كلمة Tamazɣa إلى العربية ب "مازيغيا" وإلى الإنجليزية ب Mazighia أو Mazighy أو Mazighland وإلى الفرنسية ب La Mazighie. ومن المعلوم أنه توجد في اللغات الأوروبية كلمات قديمة لبلاد الأمازيغ وهي Berbery أو Barbary بالإنجليزية، La Berbérie بالفرنسية، Berbería بالإسبانية، Barberia بالإيطالية، Berberei بالألمانية، Barbarije بالهولندية، Berbéria بالبرتغالية.

أما الذي لا يعرفه كثير من المغاربة فهو أن المغاربة القدامى منذ عدة قرون قد استخدموا فعلا كلمة "لمازْغي" Elmazɣi للإشارة إلى المخطوطات الأمازيغية أو الأمازيغية عموما. وقد وردت كلمة "المازغي" (بتسكين الزاي) في عدة مخطوطات أمازيغية مغربية قديمة.

كما أنه يوجد حاليا مغاربة يحملون اسم "المازغي" كاسم عائلي ويكتب هكذا Elmazghi أو هكذا El Mazghi. وهناك مغاربة يحملون الاسم العائلي "مازغي" ويكتبونه Mazghi.

وهذا يعني أن الكلمة الدارجية المغربية الأصح للإشارة إلى اللغة الأمازيغية هي "المازْغية" أو "لمازغيا" لأن لها أصلا تاريخيا مدونا في المخطوطات وموجودا إلى حد الآن في أسماء الأشخاص.

قراء اللغة العربية تعودوا على مصطلح "الأمازيغية". ولكن لا بأس من ترويج مصطلح "المازيغية" أو "المازْغية".

3) المازيغية ليست تابعة للإسلام يا أستاذ إسماعيل علالي:

قال الأستاذ إسماعيل علالي في مقاله كلاما غريبا عجيبا وهو: "الثقافة المازيغية هي بالفعل -المنطقي- ثقافة إسلامية، بدليل أن العقل المازيغي إنما هو عقل مسلم يستقي مفاهيمه وتصوراته عن الكون والوجود و..و.. من منظومة قيم الدين الإسلامي."

ولا يمكن أن أصف هذا الكلام إلا بالتخريف التام. ولا أعرف صراحة ما إذا كان الأستاذ إسماعيل علالي يؤمن فعلا بهذا الكلام الخرافي أم أنه مجرد مبالغة إنشائية وكلامية من طرفه. فالأستاذ إسماعيل يزعم ويتوهم (حسب ذلك الكلام) أن الإنسان الأمازيغي لا يمكن إلا أن يكون مسلما وكأن الإسلام جين gene بيولوجي يشكل جزءا من الحمض النووي DNA للإنسان الأمازيغي المغربي!!!

أو كأن كل من تعلم اللغة الأمازيغية لا بد له أن يعتنق الإسلام!!!

أو كأن الإنسان الأمازيغي لا يملك القدرة أو الحق في اختيار دين آخر أو عقيدة أخرى غير الإسلام!!!

بل إن كلام الأستاذ يلمح إلى أن الأمازيغ لم تكن لهم حضارة ولا وجود قبل الإسلام وأنهم لم يعرفوا مفاهيم الآلهة والكون والوجود إلا بالإسلام.

ما هذا الكلام التخريفي الغريب العجيب يا أستاذ إسماعيل علالي؟!

ألم تعلم أن الأمازيغ كبقية شعوب الأرض متعددو الأديان والمذاهب والعقائد قديما وحديثا وحاليا؟!

ألم يكن الأمازيغ قديما يعتنقون أديانا أحادية الإله وأديانا أخرى متعددة الآلهة؟!

ألم تعلم أن الديانة الأمازيغية البورغواطية كانت ديانة أمازيغية توحيدية بإله واحد اسمه Yakuc [ياكوش] (مثل God في الإنجليزية مثلا) وأن الديانة البورغواطية مشتقة من الإسلام والمسيحية واليهودية ومخلوطة ببعض العقائد الأمازيغية وأن هذه الديانة الأمازيغية البورغواطية التوحيدية السماوية استمرت لأزيد من 300 عام في منطقة Tamesna ودكالة Adukal وأنفا Anfa وأسفي Asfi؟!

ألم يكن الأمازيغ يهوديين ومسيحيين قديما قبل ظهور الإسلام وقبل ظهور الديانة البورغواطية التوحيدية السماوية؟!

ألا تعلم يا أستاذ إسماعيل علالي أن هناك اليوم في المغرب عشرات الآلاف أو مئات الآلاف أو ربما الملايين من المغاربة المسيحيين والشيعيين والبهائيين والملحدين واللادينيين ومن عقائد ومذاهب أخرى ومنهم مغاربة ناطقون بالأمازيغية ومغاربة ناطقون بالدارجة؟!

ما محل الأمازيغ/المغاربة المسيحيين والشيعة والملحدين واللادينيين من الإعراب؟ هل هم أمازيغ/مغاربة أم أنك أخرجتهم من ملة (=جماعة) الأمازيغ/المغاربة؟!

هل عقلهم الأمازيغي/المغربي "عقل مسلم" أم أنه "عقل مسيحي" أم أنه "عقل شيعي" أم أنه "عقل ملحد"؟!

4) نزوع التعريبيين والإسلاميين إلى الحِجر على الأمازيغ وصندقتهم في صندوق العروبة والإسلام:

التعريبيون والإسلاميون يسعون جاهدين إلى صندقة الأمازيغ في صندوق العروبة وصندوق الإسلام لكي يبقى الأمازيغ تابعين للعروبة والإسلام إلى الأبد.

فالتعريبيون يريدون صندقة الأمازيغ في صندوق العروبة لكي يبقى الأمازيغ خداما أوفياء لقضايا العرب في آسيا ولكي يكون الأمازيغ وقودا لحروب ونزاعات العرب مع الفرس واليهود والأمريكان والروس ولكي يكون الأمازيغ بيادق وظيفتها تحسين الموقع التفاوضي للعرب مع خصومهم وأعدائهم كإسرائيل وإيران، ولكي يكون الأمازيغ خزانا تظاهريا في مدن أوروبا لصالح قضايا العرب.

أما الإسلاميون فيريدون أن يبقى الأمازيغ تابعين للإسلام ولرجال الدين الإسلامي الذين يمتهنون مهنة الإمامة ويريدون الركوب عليها لبلوغ السياسة والحكم وإقامة الدولة الإسلامية.

وضمن استراتيجية الصندقة تلك يأتي موضوع حرف كتابة الأمازيغية. فالتعريبيون والإسلاميون يشعرون بأن الأمازيغية ستفلت من سيطرتهم إذا كتبت بالحرف اللاتيني العالمي الذي سيضمن لها الانتشار الواسع والتطور العظيم بشكل مستقل عن العربية والعروبة والإسلام. وينظرون برعب إلى النموذج التركي الناجح في كتابة اللغة التركية بالحرف اللاتيني ويخافون أن يتكرر بالمغرب والعالم الأمازيغي. وهناك عدة نماذج أخرى ناجحة للغات مكتوبة بالحرف اللاتيني مثل الإندونيسية والماليزية والأزربيجانية والفيتنامية والتركمانية والسواحيلية (لغة كينيا وتانزانيا) والرواندية. وقد قررت حكومة

كازاخستان في عام 2017 الانتقال رسميا إلى كتابة اللغة الكازاخية بالحرف اللاتيني وتطبيق ذلك تدريجيا.

التاريخ لا يتوقف ولا يتكرر. فالأمازيغ كانوا مسيحيين يوما وكانوا برغواطيي الديانة يوما وكانوا شيعيين يوما وكانوا خوارج يوما ولا يوجد مبرر للاعتقاد بأن الأمازيغ سيتوقفون عن تغيير وتعديل أديانهم وعقائدهم وثقافاتهم. فكل شعوب العالم تغير أديانها وعقائدها وثقافاتها قليلا أو كثيرا والأمازيغ ليسوا استثناء. بل إن الشعوب الأمازيغية اليوم متعددة الأديان والمذاهب والعقائد في هذه اللحظة بالذات ولا يستطيع أحد إنكار ذلك.

الذي يجب عليك أن تفهمه يا أستاذ إسماعيل علالي هو أن الإسلام ليس هوية بل هو مجرد ثقافة (عقائد وعبادات وعادات) ويمكن للإنسان أن يعتنقه أو يرفضه أو يستبدله بغيره متى شاء.

وكل دين من الأديان هو مجرد ثقافة، ويمكن لأي شخص أن يختاره أو يغيره ويرتد عنه ويعتنق غيره.

من المهم جدا أن نميز بين الثقافة والهوية.

فالثقافة هي مجرد أفكار وسلوكات قابلة للتعديل والتغيير وللاختيار والإعراض والاعتناق والنبذ والقبول والرفض والاستيراد والتصدير من طرف الإنسان في أي وقت وبسهولة. وتحت خانة الثقافة نجد: العادات، التقاليد، العقائد، الأديان، المذاهب، الأيديولوجيات، الفلسفات، طريقة الطبخ، اللباس، نمط العيش، المعمار، حروف اللغة، الفنون كالرسم والسينما والموسيقى، المهنة، الهواية، الدراسة...إلخ.

أما الهوية فهي صفات وخصائص لا يختارها الإنسان وإنما هي كينونته الثابتة التي لا يستطيع تغييرها ولا إزالتها ولو حاول. ولا يستطيع الإنسان الهرب من هويته إلا بتدمير نفسه بالانتحار أو التشويه أو البتر أو المحو وبقية أشكال التخريب المتعمد (والتعريب شكل من أشكال التخريب) الذي ينتج كائنا ميتا أو مشوها أو ينتج مجتمعا ميتا أو مشوها. وتحت خانة الهوية نجد: جسم الإنسان، جيناته، نسبه العائلي، قبيلته، شعبه، قوميته، مدينته الأصلية، وطنه الأصلي، تاريخه الشخصي، تاريخ شعبه، مكان ولادته، ذاكرته الشخصية، ذاكرة شعبه الجماعية...إلخ.

5) لو كان المغرب مسيحيا لكنت يا أستاذ علالي تروج للحرف الإغريقي لكتابة الأمازيغية:

اللغة الإغريقية (اليونانية) هي اللغة الأصلية للإنجيل المسيحي (كتاب "العهد الجديد" المسيحي).

لو تغيرت بعض الأحداث التاريخية وكان المغرب الآن مسيحيا في غالبيته العظمى فمن المحتمل مثلا أنه سيأتي أنصار "المسيحية السياسية" (على وزن "الإسلام السياسي") وأنصار "الأغرقة" (على وزن "التعريب") وسيحاولون فرض الحرف الإغريقي / اليوناني على اللغة الأمازيغية.

وبما أنك يا أستاذ إسماعيل علالي مسيحي مناصر للمسيحية (في تلك الحالة الافتراضية) فأنت ولا شك كنت ستكتب مقالا باللغة الإغريقية بخصوص حرف كتابة وتدريس وترسيم اللغة الأمازيغية بالمغرب (المسيحي) تقول فيه ما يلي:

"الثقافة المازيغية هي بالفعل -المنطقي- ثقافة مسيحية، بدليل أن العقل المازيغي إنما هو عقل مسيحي يستقي مفاهيمه وتصوراته عن الكون والوجود و... و... من منظومة قيم الدين المسيحي. من هنا تكون كتابة المازيغية بالحرف الإغريقي دليلا على انتماء أبناء مازيغ خاصة، والمسيحيين عامة -على اختلاف لغاتهم- إلى المسيحية والإنجيل الكريم أولا وأخيرا، عكس التيفيناغ (الوثني) أو الحرف اللاتيني (الوثني)، الذي من شأنه إضعاف انتماء أبناء مازيغ إلى الأمة المسيحية. إن أمام اللغة المازيغية تراثا مسيحيا ضخما (نحو 20 قرنا) في مختلف الفنون والعلوم لا بد من ترجمته إلى المازيغية حتى يتمكن

المازيغي المسيحي -كمرحلة أولى- من الإحاطة بدور أجداده المازيغيين المسيحيين في خدمة الحضارة، التي ينتمي إليها بقوة المنطق لا الهوى (الحضارة المسيحية) بلسان لغته الأم قبل إتقانه لسان لغة الإنجيل - الذي هو واجب شرعي-، وهذا يتطلب اختيار الحرف الإغريقي سيرا على خطى العلماء المازيغيين الأجلاء -القدماء والمحدثين- الذين كانوا يعتمدون الحرف الإنجيلي."

6) خلاصة:

إذن سواء تعلق الأمر بالإسلام أو بالمسيحية أو بأي دين آخر فإقحامه في شؤون اللغة الأمازيغية من تدريس وترسيم وحرف كتابة هو حجة ضعيفة وفاسدة أولا، وهو دليل على محاولة الركوب على الأمازيغية لخدمة ذلك الدين ثانيا.

اللغة الأمازيغية ليست تابعة للإسلام ولا للمسيحية ولا لأي دين آخر. وهناك أمازيغ مسلمون وأمازيغ مسيحيون وأمازيغ من أديان وعقائد أخرى.

واللغة الأمازيغية تستطيع التعبير عن كل الأديان والعقائد بدليل أنه توجد الآن ترجمة أمازيغية كاملة للإنجيل وترجمة أمازيغية كاملة للتوراة وترجمة أمازيغية كاملة للقرآن. ويمكن الحصول على كل تلك الترجمات الأمازيغية من الإنترنيت بسهولة وبالمجان.

من يريد أن يدافع عن اللغة الأمازيغية فليدافع عنها لذاتها ولمصلحة الأمازيغ ولمصلحة المغرب وثامازغا بعيدا عن حسابات الأديان وتكتيكات المذاهب واستراتيجيات العقائد، وليترك الأديان والمذاهب والعقائد للناس يختارون منها ما يعجبهم ويروجون منها ما يعجبهم بأية لغة تعجبهم، وليس أن يستخدم الأمازيغية مطية لتنفيذ أجندة الإسلام السياسي أو لمحاولة تعريب المغاربة.


أما الحرف الأنفع لتدريس وترسيم الأمازيغية فهو الحرف اللاتيني بالدلائل التقنية المعلومة لكل الأكاديميين والمهتمين بالموضوع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.