شهدت قاعة محمد الرحموني بدار الشباب حسنونة، مساء السبت 6 دجنبر 2025، احتفالية فنية وثقافية مميزة نظّمتها جمعية مجموعة نوارس للتربية والثقافة والتنمية بطنجة، بشراكة مع المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، تحت شعار: «الفن والإعلام في ترسيخ القيم الوطنية». وقد استقطب الحفل جمهورًا غفيرًا ملأ جنبات القاعة، مستمتعًا بمزيج متقن بين عروض فنية متنوعة وندوة فكرية ناقشت دور الفنون ووسائل الإعلام في تعزيز الانتماء الوطني والقيم المجتمعية. انطلقت الأمسية بعزف النشيد الوطني في لحظة مهيبة عكست رمزية المناسبة وعمق رسائلها، قبل أن يُلقي مسيّر الحفل كلمة ترحيبية بالحضور من فنانين وإعلاميين وباحثين وفاعلين جمعويين. وألقى رئيس الجمعية، عبد الإله الوهّال، كلمة عبّر فيها عن اعتزازه بتنظيم هذا الموعد الثقافي، مؤكداً أن اختيار موضوع الفن والإعلام نابع من إيمان الجمعية بالدور المركزي للإبداع في بناء الوعي الجماعي وصون الذاكرة الثقافية المغربية. الفقرات الفنية استهلتها مجموعة المعلم سعيد لحلاوة بوصلة من الفن الكناوي، خطفت اهتمام الجمهور بإيقاعات الكنبري والطبل والقراقب، واستحضرت بأدائها المتقن روح الطقوس الكناوية وعمقها التراثي. وفي الجانب الفكري، احتضن الحفل ندوة علمية أدارها الدكتور أحمد الزياني بكفاءة وتنظيم محكم، وشارك فيها كلٌّ من: الكاتب والمختص في العلوم السياسية محمد أخريف، الروائي والقاص عبد الواحد استيتو, الأخصائي النفسي الإكلينيكي مهدي بولحية, والفنان الشعبي محمد سيف. وقد تناول المتدخلون موضوع «دور الفن والإعلام في ترسيخ القيم الوطنية» من زوايا متعددة، مبرزين العلاقة بين الإبداع الفني، والرسالة الإعلامية، والبنية النفسية للمجتمع، ودور الثقافة في بناء وعي وطني متماسك. وتفاعل الجمهور مع الندوة بأسئلة ومداخلات أغنت النقاش، ليخرج الحاضرون بعدة توصيات عملية، أبرزها: تعزيز التنسيق بين الفاعلين الثقافيين والإعلاميين، دعم المبادرات الفنية المحلية، تمكين الفنانين من آليات التعبير عن قضايا المجتمع، وإدماج الفنون بشكل أقوى في المناهج التعليمية لغرس قيم المواطنة لدى الأجيال الصاعدة. بعد ذلك، اعتلت مجموعة نوارس الفنية الخشبة وقدّمت باقة من أشهر أغاني ناس الغيوان وجيل جيلالة. وكانت أغنية «لعيون عينيا» لحظة الذروة في الأمسية، حيث تجاوب الجمهور واقفًا مرددًا كلماتها، في مشهد أضفى حرارة وحميمية على الفضاء الفني. وقدّمت المجموعة أداءً يمزج بين الأصالة والتجديد، منح الفقرة روحًا نابضة وحضورًا قويًا. كما أمتعت مجموعة ضيوف الفرح الجمهور بمقاطع مستوحاة من ريبيرتوار لمشاهب ولرصاد، فأعادت إلى الأذهان ذكريات الفن المغربي الملتزم. وفي ختام الأمسية، قامت جمعية نوارس بتكريم الفرق المشاركة والداعمين والمنظمين، وسط أجواء احتفالية جمعت بين الفن والفكر في لوحة واحدة. وعبر الحاضرون عن ارتياحهم الكبير للتوليفة التي جمعت بين الإبداع الموسيقي والنقاش الثقافي المعمق، معتبرين أن هذه المبادرات نموذج فعّال في ربط الثقافة بقضايا المجتمع وترسيخ القيم الوطنية. وأكدت الجمعية في ختام الحفل أن هذه التظاهرة تأتي ضمن برنامج ثقافي مستمر يهدف إلى دعم الإبداع المحلي وربطه بانتظارات المجتمع، مشيرة إلى أن الشراكة مع المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل ستتواصل لإطلاق مبادرات مماثلة تجمع بين الترفيه والتكوين والتحسيس.