لوديي يستقبل وزيرة الدفاع الليبيرية    بعد تسجيل مستويات قياسية.. الذهب يشهد أسرع تراجع منذ سنوات    الأخضر يغلق تداولات بورصة البيضاء    الموت يغيب الفنان عبد القادر مطاع    كمبوديا تشيد بريادة جلالة الملك محمد السادس وتدعم المبادرات الملكية الأطلسية    هذا المساء فى برنامج "مدارات" لمحات من سيرة الأمير الشاعر أبي الربيع سليمان الموحدي    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    نيكولا ساركوزي يدخل سجن لاسانتيه في سابقة لرئيس فرنسي    رئيس المخابرات المصرية يلتقي نتانياهو في القدس وبرنامج الأغذية العالمي يدعو إلى فتح كل المعابر ل"إنقاذ أرواح"    دوري أبطال أوروبا في جولة جديدة    ترويج الكوكايين يطيح بشخصين في تطوان    رسالة ‬شكر ‬وامتنان ‬‮..‬ ‬إلى ‬كل ‬من ‬شاركنا ‬فرحتنا ‬الوطنية ‬الكبرى ‬في ‬المؤتمر ‬12    هيئات: مصادقة الحكومة على مشروع إعادة تنظيم "مجلس الصحافة" خطأ سياسي ودستوري    بين الأعلام والمطالب.. الجيل الذي انتصر في الملعب واتُّهم في الشارع    رابطة ترفض "إقصاء الفيلم الأمازيغي"    بين "أوتيستو" و"طريق السلامة" .. المهرجان الوطني للفيلم يستقبل الهامش    "مالية 2026″… عجز متوقع ب48.7 مليار درهم    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    الحكومة تمدد إعفاءات استيراد الأبقار وتضاعف الحصة إلى 300 ألف رأس    حزب التقدم والاشتراكية يدعو الحكومة إلى تحويل مشروع قانون المالية 2026 إلى سياسات ملموسة    مشروع قانون المالية ل2026 ينص على إحداث 36 ألفا و895 منصبا ماليا جديدا    إصلاح المستشفيات بدون منافسة.. التامني تتهم الحكومة بتجاوز مرسوم الصفقات العمومية    البنك الدولي يقدّر كلفة إعادة الإعمار في سوريا ب 216 مليار دولار    المغرب يرفع "ميزانية الدفاع" إلى 157 مليار درهم    شباب المحمدية يستغل سقوط م. وجدة أمام "الماط" وينفرد بالصدارة    لقجع لمنتخب الناشئين: "انتزعوا الكأس... واستمتعوا بالمجد"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    "أونسا": الجبن المخصص للدهن يخضع لمراقبة صارمة ولا يشكل خطرا على المستهلك    "لارام" تدشن خطا مباشرا بين الدار البيضاء وميونيخ    الأمين العام لجامعة الدول العربية: فوز المغرب بكأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة إنجاز يستحق الإشادة والتقدير    كنزة الغالي.. سفيرة بروح وطنية عالية تجسد الوجه المشرق للمغرب في الشيلي    من ينقذ موسم سيدي بوعبد اللي..؟    بعد التتويج بكأس العالم.. هل خسر المغرب موهبة القرن أم ربح مشروعاً يصنع الأبطال؟    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    السكوري: نظام التكوين بالتدرج المهني مكن من توفير 39 ألف منصب شغل خلال شهري غشت وشتنبر    عاجل.. استقبال شعبي وملكي اليوم للمنتخب المغربي بعد إنجازه التاريخي في الشيلي    رياضي سابق يفارق الحياة في مقر أمني بأمريكا    إسرائيل تؤكد تسلم جثة ضابط صف    تعيين مسؤولين ترابيين جدد في دكالة والشرق    تاكايشي أول رئيسة للوزراء باليابان    المغاربة يترقبون ممراً شرفياً لكأس العالم للشباب في الرباط...    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    القصر الكبير : حجز أزيد من 30 كيلوغراما من مادة محظورة داخل مرايا معدة للتصدير    كيوسك الثلاثاء | مشروع قانون المالية لسنة 2026 يكشف عن خطة الحكومة للتشغيل    عن أي سلام يتحدثون؟    الصين تدعو الولايات المتحدة لحل الخلافات التجارية عبر الحوار    المعادن النادرة ورقة ضغط بخصائص صينية ...    عمور: المغرب يستقبل 15 مليون سائح ويسجل رقما قياسيا ب87.6 مليار درهم    إلى ذلك الزعيم    توقيع مؤلفات جديدة في فعاليات ملتقى سينما المجتمع التاسع ببئر مزوي    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من حروب الجماعة إلى حروب المناعة
نشر في أخبارنا يوم 18 - 03 - 2020

طفت على سطح المشهد العالمي في الآونة لأخيرة قضية فايروس كورونا، الذي أدخل العالم في نوبة من الهلع والخوف والتوجس حتى من الأمور التي كانت بالأمس القريب من الأمور المعتادة، تغيرت العادات والبروتوكولات.. إلى درجة وُصف معها الفايروس مجازا بالفيروس الديموقراطي، لأن ذلك اللامرئي يحارب متخفيا لا يضع معايرا نمطية لضحاياه، عموما إنه يخبط خبط عشواء.

تم التطرق للموضوع من زوايا متعددة، إذ يحار المرء عند محاولته الإلمام بتفاصيله، أو فهم حقيقته، أو حتى على الأقل تفسير بعض السلوكات التي ارتبطت به، خاصة أن كل من أدلى بدلوه في هذا الباب يركز في تحليله على جانب معين من ذلك ما هو اقتصادي/ اجتماعي/ سياسي/إعلامي..إلخ لذا فقد كثر الحديث عنه على مستويات عدة أكاديميا وإعلاميا وكذلك على المستويين الفكري والسياسي بتياراته المختلفة دون أن ننسى مستوى الرأي العام، [على اعتبار أن هذه الفضاءات المفتوحة أو منصات التواصل الاجتماعي صارت مجالات خصبة لتجسيد الديموقراطية بعيد عن الأنظمة على اختلاف تلوينها وسياساتها] لكن ما هو ثابت هو أن القناع الذي كنا نتخفى خلفه قد سقط وهوى كاشفا إنسانيتنا الزائفة المتضخمة الطافحة، لتتكشف كوة الأنانية المفرطة الكامنة فينا؟

أمام هذا الوضع القائم، نقول ما قالته عالمو الفيزياء البولندية: لا شيء في الحياة ينبغي أن نخاف من بل ينبغي فقط أن نفهمه.. لقد حان الوقت ليزداد فهمنا، لكي يقل خوفنا. من ثم فالقضية وأمام قتامة الأفق، سيكون من البلاهة أن ندعها تمر دونما تسجيل ملاحظات عليها، واستخلاص ما يمكن استخلاصه من عبر ودروس.

لمحة تاريخية

يعود تاريخ الميكروبات على كوكب الأرض إلى ما يقارب ثلاثة مليارات سنة، غير أن الإنسان لم يتمكن من عزلها إلا في أواخر القرن التاسع عشر، فقد كان الأمر يحتاج لوثبة إيمانية هائلة من الناس حتى يتقبلوا فكرة وجود كائنات حية دقيقة الحجم كونها هي المسئولة على الأمراض التي كانت حتى ذلك الحين تعزى إلى أسباب مثل: إرادة الآلهة، أو اصطفاف الكواكب على خط واحد.. ومع بدايات القرن العشرين صار مقبولا على نطاق واسع حتى في الدوائر غير العلمية أن الميكروبات بإمكانها أن تتسبب الأمراض. (الفيروسات)

هذا الاكتشاف المهم أدخل الإنسانية تاريخا جديدا لمعنى الحياة، وعمق من غربة الإنسان بدواخله ومحيطه، وتم بموجب ذلك الانتقال من التفكير القروسطي عزو المرض إلى غيبيات، إلى العمل المختبري خلال القرن التاسع عشر تحديدا إذ بدأت لأول مرة دراسة الخلية والفيروس والبكتيريا والميكروبات... على خلفية ما حل بالإنسان خلال القرنين السابع والثامن عشر (الطاعون والحمى الصفراء والكوليرا).

العالم قرية كونية صغيرة

تتناسل مفاهيم عديدة مثل الهيمنة الفضاء المعولم وغيرها من المفاهيم المرتبطة أساسا بالعولمة، ما حقيقة هذا المفهوم الزئبقي المحير؟

فإذا أردنا ضرب مثال نمطي، يتحدث عن العولمة على اعتبار أنها وببساطة تعني تقوية أواصر الترابط العالمي، والروابط هنا ليست بمعناها الإسلامي بل الرابط المقصود في الوقت الحاضر هو أننا نجد السلع، ورأس المال، والأوبئة، والبشر، والمعرفة، والخمور، والجريمة، والملوثات، والمخدرات، والأزياء، والمعتقدات. تتدفق بكل سهولة ويسر عبر الحدود الإقليمية، وهذا بالذات معنى أن يصير العالم قرية كونية صغيرة.

إن سعي العولمة وهدفها العام هو تنميط الحضارة، ليصير العالم صورة واحدة، بحيث يسود التدهور الاقتصادي والتدمير البيئي والانحطاط الثقافي.

فالموجه الذي يقود سفينة العالم لم يعد هو الفكر ولا حتى السياسة لأن هذا هو المفروض، لقد صار الاقتصاد هو الغاية الهدف، [حقيقة مرة] فحينما يصير الاقتصاد هو الغاية يصير كل ما هو اجتماعي، إنساني مجرد سلعة [هناك مقولة تتردد على السميولوجين هو أنك إن دخلت إلى فضاء ولم تجد السلعة معروضة، فاعلم أنك أن السلعة] فزمن الحروب إذن قد ولى، ليحل محله زمن الصورة والمناعة...

الوضع القائم

القاتل(الفايروس) اللامرئي المتخفي يجتاح الحدود الإقليمية دون استئذان، رقعة انتشاره تزداد يوما بعد يوم، ظهر أول ما ظهر في الصين، هذه الأخيرة تمكنت من التخفيف من وطأته عبر التلاحم القوي بين الحكومة والشعب، عبر سن إجراءات وقائية صارمة موازاة مع عمل مخبري مكثف، مقدمة للعالم أجمع نموذجا لقيم الإنسانية والمواطنة الحقة، فمباشرة بعد التغلب على القاتل

المتربص وضعت أطقمها أما استشارة الدول المتضررة التي تسلل إليها، ناهيك عن الالتزام بالإجراءات والتدابير المتخذة.

فتركيبة الفيروس الذي وصف بالعادل والديموقراطي، أشرنا أنه لا يميز بين دولة متقدة ولا أخرى من العالم النامي، ولا بين غني أو فقير ولا بين مسؤول ومدني.. رافقت انتشار الفايروس سلسلة من التصرفات المشينة عبر التشفي والاستهزاء والسخرية [خصوصا من لدن دول العالم الثالث] غير عابئين أحيانا بصلابته الفتاكة التي قد تفقد لأي منا أعز ما يملكه؟

وعل المستوى المحلي أثيرت نقاشات عديدة، أهمها مسألة التطوع، إن الأقنعة لا تسقط في فترات الرخاء بقدر ما تسقط في أوقات الشدة والمحن، لقد صار اليوم أكثر من أي وقت مضى من واجب كل فرد منا أن يكون مسؤولا عن نفسه خصوصا في ظل واحدة من أسوأ المراحل التي يمكن أن تمر منها دولة من الدول.

فأولى الأمور الممكن العمل بها في هذه المرحلة، نذكر على سبيل المثال لا الحصر.

1- العمل التطوعي كيفما كان نوعه، ولمن تحفظ ويتحفظ منه، يجب عليه أن يفصل بين ما هو سياسي وما هو إنساني، قد لا نتفق مع السياسات المعمول بها، لكن هذا لا يعني أني أتخلى عن الأم التي تجمعنا في أحلك أوقاتها.

2- العالم بالشيء ليس كالجاهل به، بمعنى إغناء الرصيد بمعلومات خاصة بالفايروس حتى نتعرف على الطريقة العلمية والصحيحة التي بها قد نحمي أنفسنا ومن نحب.

3- الالتزام بالتدابير والإجراءات المتخذة وطنيا.

4- أخذ الأمور على محمل الجد بعيدا عن السخرية والهزليات المقيتة/

5- الابتعاد عن التهافت على المواد عبر التخزين، الذي يكشف عن أنانية مقيتة.

6- الابتعاد عن الأماكن المكتظة، ملازمة البيت والخروج عند الضرورة فقط.

هذه التدابير وغيرها من شأنها التخفيف من هول اللحظة، للنعم ومن نحب بالسلامة والهناء، بعيدا عن النزعة الأنانية التي تفقدنا إنسانيتنا، فلنا في الدول التي بلغ فيها الفايروس مبلغا عبرة.


التطوع وإنسانيتنا سلاحنا للنجاة، لنرمم ما كشفه سقوط الأقنعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.