الرباط تستضيف جلسة رفيعة المستوى لرسم مستقبل العلاقات الأورومتوسطية    الخدمات التجارية غير المالية.. 41% من أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاعا في النشاط            محكمة فرنسية تفرج عن مهاجرة مغربية رفضت الترحيل رغم وضعها غير القانوني    منسقة أممية تتفقد المينورسو بتندوف    أخنوش: تكليف الداخلية بالمشاورات الانتخابية يضمن الحياد والتعددية    الحكومة حققت حصيلة إيجابية في سياق دولي مضطرب وفي ظل ظروف مناخية صعبة (أخنوش)    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    900 مليون يورو من الفواكه والخضر المغربية تصدر نحو أسواق إسبانيا    تقرير: وضع الديمقراطية في العالم مقلق وحرية الصحافة في أدنى مستوى لها منذ 50 عاما    لماذا يتفادى الركراكي مواجهة المنتخبات القوية..؟    افتتاح مرحلة ما قبل البيع لتذاكر مونديال 2026 (فيفا)    أخنوش: الحكومة ستواصل خلال السنة الأخيرة من ولايتها تنزيل الأوراش الاجتماعية كما يريدها جلالة الملك    الكتب المدرسية المستعملة .. ملاذ الأسر لتخفيف عبء الدخول المدرسي    تحذير لقضاة الأسرة من شبكة إجرامية تزور وثائق خاصة بتعدد الزوجات    سلا: مصرع جانح بالرصاص بعد اعتدائه على شرطي    استغلال سيارات أجرة بطنجة لوثيقة تسعيرة مزورة تجرهم للمساءلة القانونية    لامين يامال: "أحلم بالفوز بعدة كرات ذهبية"    رونالدو يثير الجدل بمتابعته مؤثر مسلم يقدم محتوى تعريفي عن الإسلام    لقجع يصدم خصوم الحاج أبرون ويحفظ مصداقيته أمام حملة تشكيك في طريق عودته لرئاسة المغرب التطواني    تفاصيل اغتيال كيرك المؤيد لترامب ونتنياهو بالرصاص    مهرجان بلجيكي يلغي عرضا لأوركسترا ألمانية بسبب قائدها الإسرائيلي    دي ميستورا يعري عورة الجزائر و ينسف مزاعم الحياد التي يجترها وزير خارجيتها عطاف    وزراء يؤكدون أن مشروع "AYA" خطوة للمغرب نحو تفعيل استراتيجيته الصناعية وتعزيز سيادته الغذائية        أخنوش: حسابات سياسية عطلت تحلية المياه لعشر سنوات        الصين تفرض عقوبات على "ريد نوت" بسبب محتويات "تافهة" و"سلبية"    مقتل طفل وإصابة آخرين جراء اقتحام سيارة حضانة قرب تورونتو بكندا        ارتفاع طفيف للذهب وسط توقعات بخفض الفائدة الأمريكية        مليلية .. اعتقال بارون مخدرات مطلوب من المغرب باربع مذكرات بحث دولية    طيارون يقرون بميلهم المتزايد إلى أخذ قيلولة أثناء الرحلات الجوية    الصين تكشف عن مخطط لتسريع تكامل الذكاء الاصطناعي مع قطاع الطاقة    معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات (CIFTIS) هذا العام.. القطاع السياحي والثقافي في قلب اهتماماته    بطولة انجلترا: الاصابة تبعد الدولي المصري مرموش عن ديربي مانشستر    هشام العلوي: الأجهزة الأمنية في المغرب تجاوزت صلاحياتها.. ودور الملكية في أي انتقال ديمقراطي يجب أن يكون أخلاقيا    أخنوش: حصيلة إعادة الإعمار بعد الزلزال مشرفة... ولم يعد إلا عدد قليل في الخيام    نحن جيل الذاكرة الحية    الفيلم المغربي "وشم الريح" يتوج بجائزة في مهرجان قازان الدولي    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    حسام أمير يعيد إحياء "حكّام الرجال" بأسلوب معاصر            بعد جدل طلاقها .. سكينة بنجلون تطلق نداء عاجلا لحسن الفذ    188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوانين الطوارئ في زمن كورونا: بين المشروعية وضرورة حفظ الأمن الصحي
نشر في أخبارنا يوم 24 - 04 - 2020

منذ تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيت 19 بدولة الصين، وانتقاله لدول أخرى بآسيا وأوربا في ظرف زمني قياسي، استشعرت دول أخرى خطورة الأمر، و شرعت في تبني إجراءات احترازيه في محاولة استباقية لوقف زحف هذا الفيروس نحو بلدانها ، ومع اتساع رقعة انتشاره حول العالم ، و تزايد عدد الاصابات المؤكدة والضحايا في الارواح في دول عديدة، اعتبرته منظمة الصحة العالمية جائحة عالمية. فاقتنعت معظم دول العالم بعد ذلك بضرورة تطبيق حالة الطوارئ لأسباب صحية ، رغم أن إجراءاتها تشكل في مجملها تعطيلا لمجموعة من الحقوق والحريات المكفولة دستوريا .
وفي أغلب الأنظمة التي لاتتوفر على مقتضيات قانونية خاصة بحالة الطوارئ، عملت السلطات التشريعية بها على وضع آلتها التشريعية مؤقتا بيد السلطات التنفيذية، قصد وضع إجراءات وتبني تدابير وقرارات صارمة لمواجهة هذا الوباء الذي يهدد أمن وصحة المواطنين .
ولأن المغرب بدوره لم يسلم من قبضة هذا الفيروس المجهري السادي ، فقد اضطر لفرض حالة الطوارئ الصحية بمقتضى مراسيم قوانين .

أولا : مشروعية أحكام وإجراءات حالة الطوارئ .
تجنب معظم فقهاء القانون الدستوري تعريف حالة الطوارئ ، واكتفوا فقط بتبيان الغرض أو الهدف من إعلانها , وهذا الغرض يتمثل في تقوية السلطة التنفيذية بمنحها سلطات تشريعية وحتى قضائية أحيانا، في إطار نظام قانوني استثنائي.
ومن المعلوم، أن حالة الطوارئ لاتعلن إلا لأسباب محددة وواضحة تنطوي على مواجهة خطر محدق ، لكي يكون ذلك مبررا لهجر تلك القواعد العادية واللجوء إلى قواعد استثنائية تخالف المألوف . وإن كانت هذه الظروف تشكل تعطيلا لبعض الحريات كالتنقل والتجوال والتجمع والسفر، إلا أن ذلك ليس خروجا عن المشروعية؛ لأن مبدأ الظروف الإستثنائية هو الذي يعطي لهذا الخروج مشروعيته في إطار ماأسماه الفقه ب "مشروعية الأزمات" .
و بالنسبة للمغرب، فإن السلطلة التنفيذية فرضت حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطني ووضعت أحكامها بمقتضى المرسومين 2.20.293 و 2.20.292 الصادرين بتاريخ 23 مارس 2020، والتي تم تمديد العمل بهما بمقتضى المرسوم رقم 2.20.330، مستمدة شرعيتها في كل ذلك من الفصول 81 و90 و 92 من الدستور . ومبررة الحاجة إليها بضرورات الحق في السلامة الشخصية للأفراد ومسؤولية السلطات العمومية عن سلامة السكان وسلامة الأمن الترابي، المؤكد عليها في الفصلين 21 و 24 من الدستور. وهكذا مأسست السلطة التنفيذية تدخلاتها عن طريق وضع الآليات القانونية لجعل تدخالاتها متسمة هي الأخرى بالشرعية.

ثانيا: قوانين وإجراءات الطوارئ حول العالم لمواجهة كورونا.
مع تفشي وباء كورونا بمعظم دول العالم، تجندت السلطات المختلفة بها لسن وفرض إجراءات وقوانين بغية تحصين ترابها وحماية مواطنيها من هذه الجائحة العابرة للحدود .
ففي مصر، لجأت السلطات إلى القانون رقم 137 والذي وضعته السلطة التشريعية سنة 1958 لمواجهة الأمراض الوبائية، والمعدل بموجب القانون رقم 55 لسنة 1979 . ويخول هذا القانون لمأموري التنفيذ العزل، الجبري للمرضى والمخالطين لهم وتفتيش المنازل بالاستعانة برجال الشرطة، كما ينص على عقوبات حبسية وغرامات في حق المخالفين .
وبالأردن، أعلنت الحكومة منذ الأيام الأولى لظهور الفيروس فوق أراضيها، عن تفعيل "قانون الدفاع" الذي يفعّل فقط في حالات الطوارئ، وذلك للحد من انتشار فيروس كورونا . ويمنح هذا القانون رئيس الوزراء سلطات واسعة تفضي لتقييد عدد كبير من الحقوق الأساسية للمواطنين ؛ حيث
تم تعطيل القطاعين العام والخاص باستثناء الخدمات الصحية ، وانتشر الجيش في مداخل ومخارج المدن ، ودعت المواطنين إلى عدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى، ومنعت كل أشكال التجمع، وجعلت التنقل بين المحافظات شبه مستحيل .
وبموجب اللوائح الجديدة التي تم استصدارها في انجلترا طبقا لتشريع الصحة العامة، تم منح سلطات إضافية للإخصائيين الطبيين بما يسمح لهم باحتجاز الأفراد المصابين أو المشتبه بإصابتهم بالفيروس .
وتعتمد ألمانيا على على قانون حماية العدوى لسنة 2001، والذي يفرض قيودا مشددة على حرية الأفراد وحقوقهم. وقانون الطوارئ يتيح للسلطات الألمانية حظر التجوال ونشر الجيش داخليا وحتى سرية المراسلات . وفي ولاية بافاريا الألمانية وبعد إعلانها عن حظر التجوال أعلنت عن تغريم المخالفين بمبالغ قد تصل ل 2500 يورو.
أما الصين، التي ينتقد الكثير سلطوية نظامها وممارساتها غير الديمقراطية، فقد فرضت منذ ظهور هذا الفيروس المزيد من التضييق على الحريات الفردية، وضاعفت سلطاتها من عمليات المراقبة والتجسس الإلكترونيين على السكان، ولجأت إلى استعمال القوة لاحتجاز الأشخاص في المناطق الموبوءة مما جعل مدنا كاملة "مدن أشباح" بعد فرض الحصار التام عليها .

ثالثا : الحاجة لقوانين وإجراءات جديدة لمحاصرة وباء كورونا بالمغرب .
مكنت الإجراءات الاحترازية الاستباقية السيادية التي اتخذتها السلطات المغربية، كإقفال جميع الحدود البرية والجوية البحرية في وجه حركة نقل المسافرين، إضافة إلى مختلف اجراءات وتدابير حالة الطوارئ الصحية المنصوص عليها بمقتضى المادة 2 من المرسوم رقم 2.20.293 من إبطاء تفشي الوباء والتسطيح النسبي لمنحنى تطوره . رغم أنها تبقى غير كافية إن كان الغرض هو القضاء على الفيروس واجتثاته من جميع مستنقعاته .
الان، هناك فرصة ثمينة مرة أخرى أمامنا لتجنيب بلدنا الأسوء، وفرض مزيد من الإجراءات والتدابيروالعقوبات الزجرية الصارمة لمحاربة مااستجد من سلوكات تقوض كل الجهود المبدولة للقضاء على هذا الوباء، والتي تنم بالأساس عن أزمة وعي وأخلاق أبان عنها البعض ؛ كعدم الإلتزام بتدابير الحجر الصحي ، ورمي الكمامات المستعملة بالشارع العام ، و النقل و التنقل السريين للمسافرين بين المدن، ومخالفة أوامر العزل الصحي الموجهة للمصابين ومخالطيهم والمشكوك في إصابتهم...

خلاصة
إن كانت حالة الطوارئ – خاصة في زمن الأوبئة – تشكل ظاهريا تعطيلا لبعض الحقوق الأساسية للأفراد، إلا أن ذلك يعتبر تعطيلا مرغوبا و مشروعا؛ لأن غرضه الأسمى هو حفظ النفس البشرية التي رعتها وحصنتها الشرائع السماوية قبل الوضعية .

والأكيد أن إطلاق يد السلطات لحفظ الأنفس لايمنحها توقيعا على بياض لتبني ممارسات سلطوية غير ديمقراطية . وبالمقابل، فلايمكن لأي مواطن واع إلا أن يزكي تدخلات السلطات لتبني عقوبات زجرية مشددة، والضرب بيد من حديد لردع المخالفين للقانون والمستهترين بحياة الأفراد وأمنهم الصحي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.