المغرب يدين اقتحام مسؤولين إسرائيلين للمسجد الأقصى ويرفض استفزاز مشاعر المسلمين    مدرب زامبيا: المغرب منتخب عالمي وعلينا بذل أقصى ما نستطيع من أجل الفوز    افتتاح فعاليات الدورة المائوية لمهرجان حب الملوك    إحداث 24.896 مقاولة بالمغرب عند متم مارس 2024    جلسة عمومية بمجلس النواب الاثنين    "انهيار إسرائيل قادم إذا لم تُوقَف الوحشية" – هآرتس    ترامب يتعهد إلغاء قيود بايدن لضبط الهجرة عبر الحدود مع المكسيك    البرازيل تشيد بجهود المغرب بملف الصحراء    أخبار الساحة    الإشاعة تخرج المنتج التطواني "ريدوان" عن صمته    تصفيات مونديال 6202 : خسارة الجزائر بميدانه و فوز مصر والسودان    مندوبية السجون تسمح ب"قفة المؤونة" خلال عيد الأضحى    بنموسى يتفقد دورة تكوينية حول مقاربة التدريس وفق المستوى المناسب    المغرب والبرازيل يعلنان إعادة الخط الجوي المباشر وتعزيز التعاون العسكري    أفلام مغربية داخل وخارج المسابقة بمهرجان «فيدادوك» بأكادير    «بقوة الفرشاة».. معرض تشكيلي بالرباط يحتفي بثلاثة عوالم فنية نسائية مختلفة    نتانياهو يلقي خطاباً بالكونغرس الأميركي    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    بداية تداولات بورصة البيضاء بارتفاع    بحضور نجوم عالمية الناظور تستعد لاحتضان تظاهرة دولية في رياضة الملاكمة    40 قتيلاً في قصف عنيف قرب الخرطوم    تكريم مستحق لأحمد سيجلماسي في مهرجان الرشيدية السينمائي    الدورة الثالثة من تظاهرة "نتلاقاو في وزان" للتعريف بالتراث الأصيل للمدينة    فيتامين لا    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    الدكتورة العباسي حنان اخصائية المعدة والجهاز الهضمي تفتتح بالجديدة عيادة قرب مدارة طريق مراكش    5 زلازل تضرب دولة عربية في أقل من 24 ساعة    مُذكِّرات    المغرب يُشغل مصنعاً ضخماً لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في 2026    المغرب يدعو لدعم الاقتصاد الفلسطيني حتى يتجاوز تداعيات الحرب    الكونغو برازافيل تستقبل المغرب في أكادير في تصفيات المونديال    وزير الحج يعلن وصول 1.2 مليون حاج    الغلوسي: المراكز المستفيدة من زواج السلطة بالمال تعرقل سن قانون الإثراء غير المشروع    تنسيق أمني بين المغرب وإسبانيا يطيح بموال ل"داعش"        الحكومة تنفي إبعاد الداخلية عن الاستثمار والجازولي: لا يمكن الاستغناء عن الولاة    بعد تهديدات بايدن للمحكمة الجنائية.. كلوني يتصل بالبيت الأبيض خوفا على زوجته    الكوسموبوليتانية وقابلية الثقافة العالمية    الفرقة الوطنية تحقق مع موثقين بطنجة بشبهة تبييض الأموال    السنتيسي يقاضي مجموعة من المنابر الإعلامية    كيوسك الجمعة | المغاربة يرمون 4 ملايين طن من الطعام في المزبلة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    عطلة عيد الأضحى.. هل تمدد إلى 3 أيام؟    الحرب في غزة تكمل شهرها الثامن وغوتيريس يحذر من اتساع رقعة النزاع    مصر.. هل يهتم الشارع بتغيير الحكومة؟    عبر انجاز 45 كلم من القنوات .. مشروع هيكلي ضخم بإقليم سيدي بنور للحد من أزمة الماء الشروب    نادي الفنانين يكرم مبدعين في الرباط    توزيع الشهادات على خريجي '' تكوين المعلّم '' لمهنيي الميكانيك من مركز التكوين التأهيلي بالجديدة    المغرب يكمل الجاهزية لمباراة زامبيا    المهرجان الرباط-كوميدية بنسخته الخامسة    اختتام معرض "حلي القصر" بدولة قطر    السعودية تعلن الجمعة غرة شهر دي الحجة والأحد أول أيام عيد الأضحى    الأمثال العامية بتطوان... (618)    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    إصدار جديد بعنوان: "أبحاث ودراسات في الرسم والتجويد والقراءات"    الإجهاد الفسيولوجي يضعف قدرة الدماغ على أداء الوظائف الطبيعية    أونسا يكشف أسباب نفوق أغنام نواحي برشيد    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركات الإسلامية في منظور الخطاب العلماني المعاصر
نشر في أخبارنا يوم 21 - 10 - 2013

بعد وفود المرجعية الغربية ذات الطابع المادي والوضعي العلماني إلى بلادنا، تخلق في واقعنا الفكري تيار ثقافي مؤثر يذهب في التقدم النهضوي مذاهب الغربيين، وذلك عندما يدعو إلى استلهام النموذج الغربي مرجعية ينطلق منها فيما يدعو إليه من نهوض..
وأخص خصائص هذا التيار أنه أقام قطيعة مع الموروث الديني، باستبداله المرجعية الإسلامية بفلسفة وضعية تجعل من العقل السلطان الأوحد، واعتباره الدين صفحة من صفحات طفولة العقل البشري التي طوتها الفلسفة الوضعية، والتي لا تعترف بغير معارف وحقائق الكون المادي والعالم المشهود، ولا تستعين بغير العقل والتجربة.
وفي مقابل هذه الاتجاهات والتيارات العلمانية تبلور في واقعنا الفكري تيار التجديد والإحياء والنهضة بالإسلام، والذي عرف بدوره تمايز الفصائل والحركات لكن في إطار الإسلام، بعد أن تفاوتت مواقع هذه الفصائل والحركات ومدى تعلقها بالتقليد أو التجديد إزاء الموروث الإسلامي.
وهذه الأخيرة أي حركات التجديد الإسلامي استطاعت بشكل أو بآخر أن تصنع تيارا اجتماعيا مثقفا ومتدينا استطاع أن يسهم في تلوين الخريطة الاجتماعية للعالم الإسلامي، ما جعلها موضع القذف والشجب والنقض من قبل التيارات العلمانية المتطرفة.
وفي ظل هذا السياق وهذه الأوضاع يلحظ المتتبع لخطابات العلمانيين المعاصرين تناميا في زيادة الاتهام بل وقذفا بالآخر الإسلامي إلى خارج عالم العقل، واتهاما له بالتخلف والرجعية والجمود، نجد ذلك على سبيل المثال في معظم كتابات الدكتور "فؤاد زكريا" الذي يقيم تضادا مطلقا بين الصحوة الإسلامية وبين العقل، بين الحركات الإسلامية وبين العلمانية، بين الحركات الإسلامية وبين التعددية السياسية، تضادا يمهد إلى نسف هذه الحركات وشطبها لأنها كما يقول زكريا خارج العقل والتاريخ والحضارة. أنظر على سبيل المثال كتابه الموسوم ب "الصحوة الإسلامية في ميزان العقل".
المنظور والخطاب المؤدلج نفسه نجده عند الأستاذ "أحمد عصيد" الذي لا يكل ولا يمل في العديد من خرجاته أن يرمي الدين الإسلامي والعقل الإسلامي والتيارات المؤثرة في البلدان الإسلامية بوابل من القذائف الجاهزة، في محاولة منه لتبخيس وتنقيص طبيعة فكر النخب وقيادات حركات التجديد الإسلامي المعاصرة المؤثرة في المنعطف الجديد لحركة التاريخ، كتب مرة يقول: "في قرارة العقل العربي الإسلامي ثمة قناعة راسخة أن أخطاء المسلمين إنما هي أخطاء في التطبيق لا في الفكرة ذاتها، وأن ما يرسخ الخطأ وجود مؤامرة تحاك دائما من الخارج، أي من قوى الشر الأجنبية، وهو ما يضفي طهرية على الذات، تجعلها آخر من يعلم بنقائصها التي تصبح في بعضها فضائح مدوية...". أنظر مقاله الموسوم ب: "لماذا لا يستفيد المسلمون من أخطائهم".
فبتعميق النظر يمكن الوقوف على حقيقة مفادها أن الأستاذ "أحمد عصيد" يرى من وجهة نظره أن الطريق الصحيح الذي يمكن من خلاله أن تنهض الأمة الإسلامية لتلحق بمصاف الحضارة الحقيقية والمتقدمة هو القطيعة الجذرية مع الماضي أو الموروث الإسلامي بصفة نهائية، بمعنى أن تصبح الأمة أمة علمانية لا دينية عوض إسلامية ربانية وإلا فإنها حسب عصيد معرضة لصدمة قوية تاريخية إن لم تصحو من لا معقوليتها ، يفهم من ذلك أيضا أن الإسلام أو "الفكرة" كما عبر عصيد في مقالته هو أساس الأخطاء المدوية وجوهر تخلف المجتمعات الإسلامية وسبب انحطاطها وتدهورها.
هذا الخطاب المؤدلج أقل ما يقال عنه في نظري أنه محاولة جادة للتصدي لحركات التجديد الإسلامي في محاولة لترجيح كفة العلمانيين.
ومما يستنتج أيضا أن هذا الخطاب المتماهي مع الغرب هو أولا مجموعة انطباعات لا شأن لها بإنتاج الحقيقة، وثانيها أن عقلانية كل من الدكتور "زكريا" والأستاذ "عصيد" ومن سار على دربهم تؤله العقل وتجعل منه صنما ووثنا، وبذلك يخون هذا الخطاب أواليات إنتاج الخطاب الفلسفي الحديث الذي يرى أن العقل صيرورة وأداة تحتاج أن تشحذ باستمرار وليس جوهرا يسبق تحققه وحقيقة تتعالى على شروط إنتاجها.
وهنا يمكن أن نتساءل: علام يدل كل هذا وإلى ما يشير؟، في رأيي أن هذا يشير إلى الأزمة المتحكمة في رقاب الخطاب العلماني المعاصر والتي تجعل منه خطاب قناعة واعتقاد لا خطاب نقد ومنهج، وهذه سمات تطبع خطاب كل من الدكتور "فؤاد زكريا" والأستاذ "أحمد عصيد" وتختمه بخاتم الأصولية العلمانية لتجعل منه خطابا تغذيه الأحكام المبسترة والجاهزة، خطاب تحكمه الوصاية وغياب الحوار، وهذا يعني أننا أمام خطاب مأزوم وغير عقلاني ولا ديمقراطي، خطاب ليس من شيمته البحث عن الحقيقة بل البحث عن دور جديد، دور شرطي الأفكار في عالم إسلامي ثقافة وحضارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.