أكد الباحث المغربي، عبد المالك علوي، في مقال تحليلي نشره الموقع الالكتروني "أورأكتيف" المتخصص في السياسات الأوروبية، أن المنطقة المتوسطية لا زالت تبحث عن نموذج تنموي جديد كفيل بضمان نمو اقتصادي مضطرد يوفر مناصب الشغل في ضفتي المتوسط. وركز السيد علوي، المدير التنفيذي للجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي، تحليله على أشغال ندوة نظمت مؤخرا بمارسيليا، شارك فيها صناع القرار الاقتصادي والسياسي الأكثر تأثيرا في المنطقة في إطار المنتدى الاقتصادي الثالث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأشار الباحث إلى أن الهدف من هذا اللقاء تمثل في بحث حلول مبتكرة من شأنها ضمان النمو الاقتصادي في المنطقة، فضلا عن كونه شكل فرصة لتقييم الوضع الحالي في الدول التي تعرف أحداثا مرتبطة ب"الربيع العربي". ولاحظ أن جزءا كبيرا من النقاشات دارت حول التوطين المشترك، خاصة من خلال الحوارات بين الساسة ورجال الأعمال الفرنسيين، معربا عن أسفه لعدم قدرة المشاركين في ندوة مارسيليا تفسير كيف يمكن لمسار إعادة التصنيع بفرنسا والقارة الأوروبية أن يدمج تقنيات الإنتاج في إطار التعاون بين ضفتي المتوسط. وقال السيد علوي إن الهدف من نموذج مماثل سيكون، من جهة، إنقاذ مناصب الشغل في الشمال، ومن جهة ثانية، توفير مناصب جديدة في الجنوب، معتبرا أن المسارين يجب ان يتما بالتوازي مع ضمان تشارك منصف للقيمة المضافة. وأشار الباحث إلى أن التوطين المشترك مفهوم جديد لم يتم اختباره بعد، مؤكدا أن الفكرة، تبقى بالرغم من ذلك، واعدة وتستحق مزيدا من البحث. وأضاف أن النموذج القائم على إحداث فروع للشركات بدول أخرى الذي أعطى نتائج إيجابية في الماضي لا يمكن استنساخه في السياق الحالي لأنه غير مقبول سياسيا بالنسبة للرأي العام الغربي الذي يعاني من أزمات متلاحقة طالته منذ 2008. وأوضح، في هذا السياق، أن بعض دول الضفة الجنوبية للمتوسط لم تعد قادرة على أن تكون طرفا في المعادلة بما أنها لم تعد تضمن شرطين مهمين يتمثلان في الأمن والاستقرار. واعتبر الباحث أن المغرب يمثل استثناء في هذا المضمار، لاسيما وأن المملكة برهنت على مناعة عززت جاذبيتها. وقال إنه عكس بلدان أخرى، خاصة الجزائر، التي قامت بإعادة توزيع عائدات البترول على الجماهير لشراء السلم الاجتماعي في سياق الربيع العربي، أطلق المغرب إصلاحات دستورية مهمة. وأشار إلى أن البلدان التي تعاني من عدم الاستقرار منذ أزيد من ثلاث سنوات تواجه ضغوطا مستمرة بسبب المطالب الاجتماعية. وحذر السيد علوي، في هذا الإطار، من ارتفاع حدة التوترات الاجتماعية بسبب عجز هذه الدول عن تفعيل إصلاحات متينة. وتابع بالقول إن وضعا مماثلا يمكن أن يتسبب في أزمات متتالية يمكن أن تمتد آثارها إلى منطقة الساحل. وقال الباحث المغربي إن "مهاجرين اقتصاديين قادمين من هذه المنطقة يمكن أن يروا في شمال إفريقيا مكانا ملائما للإقامة"، مضيفا أن "ازمة اقتصادية تطال كل دول المنطقة يمكن أن تحيي لدى هؤلاء الحلم الأوروبي". واعتبر "أن ظاهرة مماثلة قد تحدث سلسلة من الأحداث ذات آثار سلبية على أوروبا".