صاروخ يقتل أطفالا يجلبون الماء في غزة وإسرائيل تعزو السبب لعطل    طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا    "السيبة" في أصيلة.. فوضى في الشوارع وغياب للسلطات    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    الفنانة الهولندية من أصول ناظورية "نوميديا" تتوَّج بلقب Stars on Stage    كرة القدم.. "فيفا" يكشف عن قرارات جديدة بخصوص صحة وفترات راحة اللاعبين واللاعبات    من عاصمة سوس.. حزب "الحمامة" يطلق دينامية شبابية جديدة للتواصل مع الشباب وتقريبهم من العمل السياسي    "كان" السيدات .. تأهل نيجيريا والجزائر    رفاق حكيمي يسقطون بثلاثية أمام تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    اليمين المتطرف في بلدة إسبانية يستغل حادثة للعنف لربط الهجرة بالجريمة    وفاة رئيس نيجيريا السابق محمد بخاري    بناني والحاجي والمرنيسي يحسمون لقب "بطل المغرب" في الفروسية    أطروحة دكتوراه تكشف محدودية تفاعل المواطنين مع الخدمات الرقمية بالمغرب: فقط 40% راضون    الوزيرة بنعلي تعلن الشروع رسميا في إنجاز مشروع أنبوب الغاز المغرب- نيجيريا        دونالد ترامب يحضر مباراة نهائي كأس العالم للأندية لكرة القدم    منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    نشرة إنذارية: موجة حر من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    عودة العيطة إلى مسرح محمد الخامس.. حجيب نجم النسخة الثالثة    لطيفة تطرح الدفعة الأولى من ألبوم "قلبي ارتاح".. أول ألبوم عربي بتقنية "Dolby Atmos"    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتفاعل مع فاجعة 'خزان أولاد يوسف'    الكوكب يراهن على خبرة الطاوسي في رحلة التحدي الكبير    تيزنيت: للسنة الثانية على التوالي..نسبة النجاح بالبكالوريا تُلامس 80%    إصابة أربعة أشخاص في سقوط أرجوحة بمرتيل    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مونتينيغرو بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    متحدية الحصار الإسرائيلي.. سفينة "حنظلة" تنطلق من إيطاليا باتجاه غزة    "فيفا" يُنصف حكيمي: أفضل مدافع في مونديال الأندية بأرقام دفاعية وهجومية مذهلة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يأسف لتطورات اعتصام قصبة تادلة ويحذر من نشر مشاهد صادمة دون ضوابط    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    بملتقى فكري مفتوح حول «السؤال الثقافي: التحديات والرهانات»، بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. الاتحاد الاشتراكي يفتح نقاشاً ثقافياً استعداداً لمؤتمره الثاني عشر    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة        "عدالة" تنبه إلى التدهور المقلق للوضع الحقوقي بالمغرب وتدعو لإصلاح يضمن الحقوق والحريات    الاتحاد الأوروبي يؤجل "رسوم أمريكا"    انتهاك صارخ لقدسية الأقصى.. مستوطنون يقتحمون قبة الصخرة ويؤدون طقوسًا تلمودية في ذكرى خراب الهيكل    مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة    سبعيني ينهي حياته شنقًا بجماعة بني بوشيبت    الرابطة المغربية للشباب والطلبة تختتم مخيم "الحق في الماء" بمركب ليكسوس بالعرائش    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    يديعوت أحرونوت: موجة هجرة إسرائيلية غير رسمية نحو المغرب في خضم الحرب    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    صحافي أمريكي: الملياردير جيفري إبستين صاحب فضيحة شبكة الدعارة بالقاصرات كان يعمل لصالح إسرائيل    صدور كتاب عن قبيلة "إبقوين" الريفية يفكك الأساطير المؤسسة لقضية "القرصنة" عند الريفيين    تقرير: المغرب ضمن 3 دول أطلقت سياسات جديدة لدعم الزراعة الشمسية خلال 2024    أسعار الذهب تتجاوز 3350 دولارا للأوقية في ظل التوترات التجارية العالمية    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة        بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    علماء ينجحون في تطوير دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لعدة سنوات    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



'كتامة' ذراع التشييع الإيراني في المغرب العربي
نشر في أخبارنا يوم 08 - 09 - 2011

في شمال مدينة طهران وفي شارع ميرداماد (وهو فيلسوف إيراني برز في بداية عهد الصفويين)، يثير مبنى صغير اهتمام سكان الحي حيث لا تعلوه لافتة تفصح عن هويته رغم أن طبيعته توحي بأنه مبنى إداري حكومي.
في ذلك المبنى تعمل وحدة تابعة لمكتب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي. تحمل هذه الوحدة اسم "كتامة".
الباحث عبدالعزيز الخميس يسلط الضوء على تلك الوحدة ودورها كذراع إيرانية خفية تعبث في المشهد المغاربي.
***
"كتامة" اسم ليس غريباً على الإيرانيين؛ فهي مفردة مشتقة من فعل "كتم" في اللغة العربية ولعلها تنطبق على طبيعة عمل موظفي وحدة "كتامة" من حيث الكتمان، لكنهم في هذا المبنى يعنون اسم منطقة في المغرب يعدها مؤرخو الشيعة أقدم قاعدة لنشر التشيع في شمال افريقيا تاريخياً، حيث سكن فيها ابو عبدالله الشيعي أحد دعاة الاسماعيلية، وعمل منها على نشر المذهب الاسماعيلي الشيعي.
يعمل موظفو وحدة "كتامة" على الرغم من أنهم ليسوا اسماعيليين، بدأب على إعداد خطط تحت إشراف مكتب المرشد العام لنشر التشيع الاثني عشري الجعفري في المغرب العربي.
وتتضمن هذه الخطط الدعم المعنوي والمادي لشبكات تشييع منتشرة في المغرب العربي وتكثيف النشاط التبشيري عبر أوروبا حيث تستهدف الجاليات المغاربية في فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
في داخل مكتب مدير الوحدة والذي يتناول قهوته صباحاً في مقهى "يين" أسفل المبنى، خارطة كبيرة لشمال افريقيا، حيث غرس المدير الذي يرتدي عمامة سوداء عدة دبابيس على مواقع مدن في تونس والجزائر والمغرب.
كانت الدبابيس على منطقة كتامة في شمال المغرب واضحة لإحدى زائرات المكتب وهي تونسية تعيش في بريطانيا اقترنت بإيراني يعمل في فرع "كتامة" في أوروبا. وكانت قد رافقته الى طهران حيث زارت الوحدة والتقت ببعض موظفيها بعد ان عملت مع الوحدة في اوروبا لفترة طويلة وفارقتها مؤخراً غير نادمة، بالطبع بعد ان فارقت زوجها.
***
لا تعد "كتامة" مهوى أفئدة موظفي الوحدة ورؤسائهم بل ان الدبوس الأحمر الكبير على الخريطة كان مغروساً على موقع مدينة القاهرة حيث يوجد الأزهر الشريف والذي يعده الإيرانيون قدسهم في شمال افريقيا.
يحدد باحث عراقي متشدد اسمه حسين كاظم أسباب اعتبار الأزهر قدس الشيعة المسلوب في شمال افريقيا بالتالي:
- اصبح الأزهر بيد السنة مركز استقطاب للعناصر الطائفية المعادية للشيعة ومركز الشرعية الطائفية للسنة، وهو يحتضن حارث الضاري ومثنى ابنه وزعامات سنية أخرى بالعالم، ويصفه الباحث العراقي بأنه "مؤسسة شيعية مغتصبة من قبل السنة".
- الأزهر أصبح مركز استقطاب للتعليم بالمذهب السني اساسا، في العالم، وبالتالي اصبح مركز لمواجهة التشيع والشيعة في شمال افريقيا.
- خريجو الأزهر من السنة أصبحوا نماذج للمقاومة ضد الشيعة، كالقرضاوي، واصبح الأزهر حلقة وسطية للانتقال الى الجماعات المسلحة، ومعظم الزعامات المسلحة تثقفت من الأزهر.
- الأزهر كمؤسسة اصبح غطاء للتدخل بالشأن الداخلي بالعالم الاسلامي لتمرير (ما يراه حسين كاظم) “الاطماع المصرية والعداء ضد الشيعة”.
- يمثل الأزهر الآن رمزاً للانكسار الشيعي والتشيع في شمال افريقيا والعالم، واستمرار ذلك يعني تشجيع الجماعات السنية على الزحف على مراكز الاستقطاب الشيعية والاستيلاء عليها.
بعيدا عن أحلام حسين كاظم ومن لف لفه، تعيش خطط وحدة "كتامة" الإيرانية الجديدة مرحلة تشاور وإعادة ترتيب للأولويات بين العاملين، وتشير الزائرة التونسية وزوجة أحدهم السابقة الى ان وحدة "كتامة" غيرت من خططها والتي كانت تركز على نشر التشيع في شمال افريقيا عبر اوروبا او الخليج العربي. وأن الخطة الجديدة ستبدأ من مصر وبعد استكشاف إمكانية العمل من القاهرة، في ظل التغيرات الجديدة في مصر.
"العميل" قطيط
تعد البحرين مركز نشاط تبشيري للتشيع؛ إذ يتم منها ارسال مواد كثيرة عبر البريد لدول المغرب العربي، ويتم الطبع والتصميم وانشاء المواقع الالكترونية الموجهة للمغرب العربي بتمويل يأتي عبر احد آيات المجلس العلمائي في المنامة وهو عيسى قاسم، والذي تشير التحقيقات الجزائرية إلى أنه يتسلم الأموال المخصصة لنشاط "كتامة" في البحرين من طهران.
من جانب آخر يتهم كثير من البحرينيين رجلاً غريب الأطوار قبض عليه في مطار البحرين وهو يحمل دولارات مزورة بأنه "عميل" وموفد وحدة "كتامة" الى شمال افريقيا ومنسق نشاطاتها عبر البحرين.
في عام 2005 بعد ان شعر هذا "العميل" انه مراقب في البحرين غادرها الى قطر التي اعادته الى المنامة حيث أودع السجن لمدة سبعة أشهر.
قال هشام آل قطيط ويلقب نفسه بالمستبصر، وهو لقب يخلعه الشيعة على اي شخص من مذهب او دين آخر ويتشيع للسلطات البحرينية، انه استلم الدولارات المزورة من معممين بحرينيين على شكل تبرعات لصالح بناء مساجد وحسينيات في شمال أفريقيا.
وحينما قامت السلطات البحرينية بالتحقق لم تجد دليلاً واحداً على ذلك، لكن الخيوط دلت على لقاءات بين قطيط ومسؤولين إيرانيين في السفارة الإيرانية في المنامة، قد يكونون هم من موله بهذه الدولارات التي ظهر انها مزورة.
تحيط الشكوك بهذا الرجل المعمم الذي خدم كجندي سوري في لبنان حيث قادته قدميه للضاحية الجنوبية ثم لمواقع اخرى قد تكون قريبة من شارع ميرداماد.
يبتعد الكثير من الناشطين الشيعة في البحرين عن قطيط وتدور حوله اشاعات كثيرة حيث يراه الكثير منهم مجرد تاجر يتربح من التشيع والنشاط الشيعي. ويتهم هذا المواطن السوري في البحرين بأنه حالياً في شمال افريقيا حيث يعمل لصالح وحدة "كتامة" بعد ان كشف أمره في الخليج لكن معلومات حديثة من بغداد تشير الى ان قطيط يعيش الآن في الكويت التي يتنقل بينها وبين المغرب العربي والبوسنة حيث يمارس الدور التبشيري نفسه.
وتشير مصادر عراقية الى ان قطيط يتلقى حالياً تمويلاً من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، إلا أن منبع التمويل يأتي من وحدة "كتامة".
لكن قطيط لم يغادر البحرين دون ان يفعل حسناً حين ساعد في تقديم جردة كاملة لمن يعتبرون اقطاب التشيع في شمال افريقيا وهم:
- الدكتور محمد التيجاني السماوي من تونس والذي ألف ستة كتب في التشيع هي "ثم اهتديت"، "لأكون مع الصادقين"، "فاسألوا أهل الذكر"، "الشيعة هم أهل السنة"، "أعرف الحق"، "كل الحلول عند آل الرسول".
ويعمل التيجاني، الذي كان صوفيا قبل تشيعه، حالياً في وظيفة وكيل آية الله السيستاني في تونس.
ويعد التيجاني القطب المهم ومحور النشاط الشيعي العلني في شمال افريقيا.
- محمد الكثيري، من المغرب وقد ألف كتابا في مقارنة المذاهب "السلفية بين أهل السنة والإمامية".
- إدريس هاني (الحسيني)، مغربي. يقول عنه قطيط أنه كان على مذهب أهل السنة فتشيع، له عدة مؤلفات مطبوعة منها "لقد شيعني الحسين" أو "الانتقال الصعب في المذهب والمعتقد" و"الخلافة المغتصبة" وبتمويل من الجناح اللبناني لوحدة "كتامة".
وينشط إدريس هاني حالياً في نشر التشيع بين الشرائح الفقيرة في المغرب.
- عبدالمجيد تراب زمزمي. وهو أستاذ رياضيات في سويسرا ومتخصص في علوم التنمية (جامعة جنيف). وأصله من تونس ومقيم حاليا في سويسرا وله كتاب مطبوع وهو "الحرب العراقية الإيرانية" دافع فيه عن موقف الخميني وإيران وكتاب آخر هو "الإسلام والقوميات"، قدم له المفكر الفرنسي المسلم روجيه غارودي.
- الدكتور محمد المغلي وهو ابن عم المفكر الجزائري المعروف مالك بن نبي صاحب كتاب "الظاهرة القرآنية" وغيره. وهو أستاذ علم الاجتماع في جامعة بروكسل في بلجيكا وقد التقاه قطيط في أحد المؤتمرات الإسلامية وحل ضيفاً عنده في داره بدمشق ثلاثة أيام وذلك عام 1982 وقد أخبر قطيط أنه تشيع وأنه على مذهب الشيعة الإمامية. ويقول قطيط أنه سأله عن الأسباب التي دعته لذلك ذكر له سببين هما: تأثره بالخميني وبأفكاره الثورية.
- عصام أحميدان. من المغرب. بعد ان انهى شهادته التعليمية كمحامي، ينتقل عصام فجأة الى دمشق حيث درس لمدة طويلة في حوزة المرتضى بمنطقة السيدة زينب ويعتبر قطب مهم للشيعة في المغرب. يتضح من قراءة تاريخه العلمي والشخصي ارتباطه بشخصيات شيعية كويتية هي التي كانت وراء تشيعه ووراء دعم جمعية "أنوار المودة" في تطوان والتي يديرها على الرغم من عدم حصولها على ترخيص.
- محمد الحموشي الريفي باحث مغربي ذو خلفية في مجال الحقوق يقوم بالإشراف على منتدى "العترة الطاهرة" وله من المقالات "الشيعة في المغرب:أرضية للنقاش؟" و"العترة الطاهرة: الدعوة إلى الاستمساك بها".
على الرغم من ان نشاطات قطيط في المغرب العربي لم تكن واضحة للإعلام المغربي إلا انه ولغرابة المعلومات التي ترشح عنه يتم استخدامه في الوقت الراهن من قبل وحدة "كتامة" لنشر التشيع وتأسيس شبكاته تنشر في الكويت والبحرين بين الناشطين الشيعة هناك.
لكن وحدة "كتامة" لم تعتمد فقط على قطيط فهناك أطراف أخرى وأساليب كثيرة يبرزها معارضو التشيع في المغرب العربي.
تونس
تنشط وحدة "كتامة" في ترويج التشيع في تونس عبر عدة طرق بعضها على الأرض التونسية وعبر شخصيات وجمعيات معروفة، واخرى عبر افتتاح مواقع على الانترنت وهي منتديات شيعية "تصطاد" من يعشق الحسين وسيرته ولديه رغبة في معرفة مظالم آل البيت، او ممن أثرت عليه نجاحات حزب الله وإيران.
لم يفت الشخصيات الاسلامية الكبيرة في تونس ما يحدث من نشاط شيعي. ففي الوقت الذي يبدو الشيخ راشد الغنوشي للكثيرين على انه ضمن تيار الاخوان المسلمين وبالتالي فهو مقرب بل ضمن العاملين لصالح إيران، (وهو المقيم لسنوات على شاشات الفضائيات الممولة من طهران)، إلا أن الحقيقة ان الشيخ الغنوشي هو من أشرس أعداء مخطط "كتامة" الإيراني في شمال افريقيا.
كان الغنوشي قد أشار إلى أن هناك تقارباً غير طبيعي بين النظامين الإيراني والتونسي السابق ايام بن علي، كما حذر من أن هناك بعض الرموز المحسوبة على التيار الشيعي في تونس تقوم بزيارات منتظمة إلى طهران، إلى جانب ذلك هناك تأكيدات بأن النظام التونسي يسمح بدخول العديد من الكتب الشيعية إلى البلاد، لا سيما في إطار معارض الكتاب، بينما يحظر كل الكتابات التي تحسب على تيار الاعتدال الإسلامي مثل كتب الشيخ يوسف القرضاوي أو محمد الغزالي أو غيرها.
وحذر الغنوشي في حينها من أنه من خلال نشر وتشجيع التشيع مقابل محاصرة التيارات الإسلامية الأخرى، تكون السلطة في تونس تشجع على الفتنة، إذ أن تونس عرفت طيلة تاريخها انسجاماً مذهبياً، من شأن مثل هذه النشاطات أن تمثل خطراً على هذا الانسجام، الذي لا داعي للمس به أو اختراقه.
لم تفعل الحكومة التونسية شيئاً يذكر لمقاومة التشيع لأن هناك نصوصاً قانونية تحفز على حرية المعتقد.
لكن بعض الجمعيات الاسلامية والشخصيات القانونية لديها نشاطات تقف ضد التغلغل الشيعي في شمال افريقيا، حيث دعا محام تونسي سلطات بلاده لرفض طلب تقدم به بعض الأفراد المتشيعين لوزير الداخلية للترخيص لهم في تكوين جمعية اسموها "جمعية المودة الثقافية الشيعية". وعلل المحامي أحمد حسانة رفضه بأن الترخيص لهذه الجمعية سيتسبب في مخاطر على الأمن القومي التونسي.
وأوضح المحامي التونسي في دعواه ان هذه الجمعية تندرج ضمن مخطط إيراني معروف لدى العام والخاص يقوم على نشر التشيع الجعفري في البلدان العربية وتونس إحداها بما في ذلك رصد الأموال وتجنيد الأشخاص لتحقيق هذا الهدف.
وذكر المحامي احمد حسانة انه في العام الماضي تفطنت المملكة المغربية لهذا الأمر وقامت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران لأجل هذا السبب.
ورأى المحامي التونسي ان هذه الجمعية جزء من مخطط يهدف لتكوين خلايا نائمة ذات ولاء لإيران ولمراجع شيعية تشتغل حسب أجندات صفوية (عنصرية) تنشرها في الدول السنية وتعمل فيما بعد على تسليحها بغية تحريكها متى أرادت للضغط على الأنظمة.
واشار المحامي التونسي ان خطورة المذهب الشيعي تتمثل في انه يقوم في معتقده على سب الصحابة وشتم السنه ولعن رموزهم مثل ابي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وباقي العشرة المبشرين بالجنة والسيدتين عائشة وحفصة.
وأكد المحامي حسانة ان هذه الافعال من تكفير للسنة لأنهم لا يقبلون بالإمامة الاثني عشرية وغيرها من افعال، ستحمل التونسيين على ردة فعل ومجابهة لمن يسبهم ويلعنهم وسيؤول الأمر الى عنف حتمي لأن التونسيين لن يقبلوا بأن يسب او يلعن احد الصحابة.
وتساءل المحامي في دعواه، عن ماذا لو قام مؤسسي الجمعية بانشاء حسينية يمارسون فيها لعنهم للصحابة، ثم ينزلون في شوارع تونس يضربون انفسهم بالسيوف والسلاسل مما سينشر فتنة طائفية بين متساكني تونس، ويهدد أمن البلاد واستقرارها وسيغرق البلاد في دوامة عنف واحتقان.
واتهم المحامي احمد حسانة في دعواه الموجهة لوزير الداخلية التونسي مؤسسي الجمعية بأنهم يتسترون وراء مسمى ثقافية بينما هي مؤسسة ممولة من الخارج وتخفي طبيعتها المذهبية والسياسية وتستغل ضعف الدولة النسبي في هذه الفترة الانتقالية للبلاد.
وذكر المحامي التونسي وزير الداخلية بأن الفصل 24 (نقح بالقانون الأساسي عدد 90 لسنة 1988 المؤرخ في 2 أوت 1988) يحجر أن تكون أهداف الجمعية الحقيقيّة ونشاطها وتصرفاتها مخالفة للنظام العام والأخلاق الحميدة أو أن تتعاطى الجمعيّة نشاطاً يكون لموضوعه صبغة سياسيّة.
وطالب حسانة برفض منح الترخيص للجمعية المسماة "جمعية المودة الثقافية الشيعية" لما يراه من مخالفتها قانون الجمعيات ولتهديدها للأمن العام. وطالب المحامي حسانة القيام بكل ما يلزم للتصدي لهذه الظاهرة التي وصفها بالخطيرة ولكل تدخل أجنبي في عقائد شعب تونس والوقوف بحزم أمام هؤلاء الأفراد الذين يعملون على نشر التشيع ببلاده.
لكن مراقبين يتخوفون من قضية دخول الدين إلى الحياة السياسية في تونس لتكون منفذا إيرانيا للتبشير. فموقف قيادات الأخوان المسلمين ليس موحدا من إيران مما يجعل المنتمين للحركة تربة خصبة للتشيع السياسي.
وقال مراقب "لا يمكن أن ننسى أن التشيع الاسماعيلي انطلق قبل ألف عام من المهدية لينتقل إلى مصر. ومدينة المهدية تذكار لما يمكن للتبشير أن يفعله."
من الكويت للجزائر مع الحب
في ابريل/نيسان الماضي اجتمعت مجموعة من رجال الأمن والمخابرات الجزائرية لإعداد تقرير طلبه الرئيس الجزائري بوتفليقة بعد ان توفرت معلومات مهمة عن استخدام إيران لجمعية شيعية كويتية تتستر وراء مكتبة "العرفان" في منطقة شرق، وبالتحديد في شارع مبارك الكبير الذي يثير ميناؤه حالياً الكثير من المشاكل بين العراق والكويت.
تستعمل وحدة "كتامة" هذه المكتبة ودار نشرها لترويج المذهب الشيعي في الجزائر والمغرب.
هذه المعلومات توفرت بعد أن حجزت الشرطة الجزائرية مجموعة من الكتب الآتية من هذه المكتبة في الكويت تحوي على مطبوعات إسلامية مشوهة ومليئة بالشتم والسباب للصحابة رضوان الله عليهم.
وأعلنت السلطات الجزائرية أن الكتب الصادرة عن منشورات مكتبة العرفان بالكويت والتي استهدفت الجزائر تحاول إغراق الشباب الجزائري بكتب شيعية مليئة بالأكاذيب والتحريفات والشتائم الموجهة ضد الصحابة وزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبينت التحقيقات الجزائرية أنه يتم سنوياً صرف مبالغ مالية مهمة لنشر التشيع ومساعدة المتشيعين في تغطية تكاليف سفرهم للحج سنوياً إلى منطقة كربلاء في العراق.
ساهمت جريدة الشروق الجزائرية بفضح هذا المخطط في تحقيق لها، أوضحت فيه أن شاباً من مدينة حاسي الغلة لفت انتباهه موقع الكتروني كويتي على الشبكة العنكبوتية، يستهدف المتدينين في الجزائر ويدعوهم للانضمام إليه، ولو عن طريق التسجيل فقط.
إلا أنه عقب هذا التسجيل الروتيني والعادي فوجئ الشاب بعد أقل من أسبوع بوصول طرود على عنوانه من طرف مكتبة العرفان بالكويت، تحتوي على 40 درساً ومحاضرة في شكل "دي في دي" للداعية الشيعي فاضل المالكي يتحدث فيها هذا الأخير، عن رد الشبهات الموجهة للإمامة في الفكر الشيعي.
وقالت "الشروق" أن مصالح الدرك الوطني بولاية عين تموشنت وضعت 22 شخصاً ممن يعرفون برموز الشيعة بالمنطقة تحت الرقابة.
وكشف قائد المجموعة الولائية لدرك الولاية، أن ذات المصالح تقوم بمتابعة مستمرة ومراقبة دورية لحركة ونشاط الشيعة بالولاية، وكذا أماكن تجمعاتهم السرية ببعض المنازل بعدما أخذت شوكة هذه الطائفة الدينية تشتد بالولاية القريبة من الحدود المغربية.
وتتهم فعاليات وطنية جزائرية العديد من المتنفذين في الترويكا الحاكمة في الجزائر بأنهم وراء دعم التشيع في البلاد لإحداث ضعف ووهن وفرقة داخل الجسم الاسلامي الجزائري، مما يضعف قوة الاسلاميين بسبب تناحرهم.
وتشير الفعاليات الى ان دعم التشيع تتم تحت اشراف وموافقة جنرالات في الجيش يعتقدون انه يمكن استعمال ورقة الشيعة في المستقبل لضرب التيارات الاسلامية الاخرى.
المغرب
لعل المغرب كان الحالة الاستثنائية في المواجهة الحكومية الرسمية للتبشير الشيعي في المنطقة المغاربية. فما أن توفرت المعطيات التي تؤكد أن ثمة مسعى إيرانيا لنشر التشيع بين الفقراء في المغرب عن طريق الاسترضاء المالي وبين الطبقات الأخرى عن طريق الزيجات المختلطة من مغربيات ومغاربة، حتى تحركت السلطات المغربية لإغلاق المدرسة الإيرانية وإلى قطع العلاقات مع إيران.
وتنشط وحدة "كتامة" في شمال المغرب حيث تعتمد بعد طرد الايرانيين كالعادة على عملائهم من العراقيين من منسوبين للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية العراقي. وتركز النشاطات على الاستفادة من مصاهرة منسوبين للمجلس بعائلات مغربية في نشر المذهب الشيعي لكن هناك مصاعب كبيرة تعترض هؤلاء لعل أهمها النشاطين الصوفي والسلفي المضاد لهؤلاء.
بعد ان تطور عمل وحدة "كتامة" في شمال المغرب ضج البرلمان المغربي من قيام الوحدة الايرانية بنشر التشيع عبر استدراج الفقراء المغاربة والمغرر بهم من قبل الدعاية السياسية لحزب الله، فطالب البرلمان الحكومة المغربية اتخاذ خطوات جادة لإيقاف عمل الوحدة والتغلغل الايراني حيث اصدرت وزارة الخارجية المغربية قرارا بقطع العلاقات مع إيران في عام 2009.
وقع القرار المغربي على الايرانيين بشكل مفاجئ وكان الرد الايراني مضطربا فقدم المغاربة للوسيط التونسي الذي أوفد من الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي تقريرا متكاملا يبين نشاطات لوحدة "كتامة" في شمال المغرب وفي منطقة كتامة وسوس وطنجة.
الاوساط المغربية تشير الى ان التشيع ينتشر لسببين: اما حاجة للمال وهذا ينتهي يذوب بسرعة؛ او لا يعدو عن كونه موقف سياسي رافض للاوضاع العربية والصمت الذي تقوم به الأنظمة الرسمية ضد ما تقوم به اسرائيل من عربدة.
ويوضحون ان محاولات ايران لنشر التشيع ليست وليدة السنوات الاخيرة بل هي قديمة ومنذ ان حاول الايرانيون التأثير على عبدالسلام ياسين، وربطه بفكرة المرجعية كما عبر عنها في كتبه وأن فكرة ولاية الفقيه التي بشرت بها الثورة الإيرانية هي من أساسيات حركته العدل والإحسان.
الخلاصة
كان لإنجازات حزب الله وإيران في لبنان وقع كبير في المغرب العربي حيث لفتت هذه الأفعال الشباب المغاربي لما يقف وراء هذا التفوق في ظل العجز العربي.
كان التشيع وولاية الفقيه يبدوان واضحين في الرسائل السياسية التي كان يمررها حسن نصر الله فيخطب لاعناً اسرائيل واميركا ووراءه عبارات او صور ذات نمط شيعي.
وبينما كانت الانظمة المغاربية وخاصة في تونس والجزائر تتغاضى عن انتشار التشيع، اصطدم الأمر بمعضلة كبيرة تتمثل في أن ملك المغرب هو نفسه من آل البيت، مما يجعل مطالبة الشيعة بعودة الحكم لآل البيت في المغرب لا معنى لها.
لذا كان واضحاً أن دعوات التشيع لم تكن دعوات تبشيرية تهدف إلى نشر "المذهب الحق" كما يدعي أصحابها، بل هي دعوات تنطوي في حقيقتها على وجه استعماري يتمثل في الظاهرة التي سماها ابن خلدون "تقليد المغلوب للغالب" كمن يتنصر إعجاباً بتفوق الغرب العلمي والعسكري والحضاري.
لكن هل ستستمر موجة التشيع وتنجح وحدة "كتامة" في تحقيق اهدافها؟ الحقيقة انه حتى لو تشيع بضعة مئات فهذا لا يعني ان المخطط الإيراني سينجح بل انه يعاني مثله مثل فكر القاعدة في زمن الثورات العربية.
فتحت الثورات العربية الراهنة المجال للحريات وأولها حرية الفكر الاسلامي في المغرب العربي، ونحن نرى الآن في تونس وليبيا ومصر صعود التيارات الاسلامية التي يغلب على بعضها العداء التام للتشيع.
ومن المهم ايضاً الاشارة الى أن التشيع نكاية بالأنظمة العربية الرسمية لن يصبح مستساغاً فما الفرق بين إيران والأنظمة العربية في الحريات والحقوق؟
ويزيد الطين بلة وصعوبة لموظفي وحدة "كتامة" الإيرانية ان موقف إيران وحزب الله من الثورة السورية وفي العراق يحد من قدرات الوحدة للمزيد من اختراق المغرب العربي.
كما ان لاعبين جدداً ظهروا على ساحة صراع المذاهب الاسلامية في المنطقة أهمه اللاعب التركي والذي دخل ساحة التنافس مع السعودية وايران على قلوب المسلمين، فقدم نموذج اسلامي متحضر غير منغلق كما هو لدى منافسيه وزاد على ذلك انه نموذج سني وليس طارئاً كإيران.
واللاعب الآخر المهم هو دخول قنوات فضائية سنية متشددة لمقارعة نظيراتها الشيعية على كسب عقول وقلوب المشاهدين وان كان لها طابع سلفي قد يبدو متشدداً.
وقد بدا واضحاً ان الصراع بين الشيعة والسنة اعلامياً على أشده خاصة ان القنوات السنية تقوم بتفنيد أصول التشيع وفقهه وتبين ما يقوم به بعض الشيعة من شتم للصحابة بالصوت والصورة بينما لا تستطيع القنوات الشيعية ممارسة معتقداتها بصدق لأن ذلك قد يؤدي إلى صدام بين دول مالكيها، ولأن إيران لا تريد ان تخوض صراع فقهي وتفضل ان تعلق كل مخططاتها واستراتيجياتها على الصراعات السياسية واولها مشجب الصراع مع الولايات المتحدة التي تدعي إيران إعلاميا وعبر شعارات مكررة مقاومتها للنفوذ الاميركي في العراق بينما تتعايش شبكة عملائها بكل هناء ومودة مع الجيش الاميركي ما عدا صرخات في الهواء يطلقها مقتدى الصدر لا تعدون عن ضجيج اعلامي لشخص وصل الى النجف بمباركة اميريكية قادما من ايران مؤخرا، ويتم حاليا أكبر شراكة لنهب خيرات العراق بين ايران والولايات المتحدة وتحت وبرضا ولي الفقيه.
في الختام تجب الإشارة الى ان أنظمة المغرب العربي السياسية تواجه معضلة مع التشيع تشابه معضلة الغرب مع الارهاب؛ فهل باسم الفتنة وتهديد السلم الوطني والمخاطر التي ستصيب المجتمع سيتم القضاء على حق الانسان في اختيار معتقده؟
سؤال جدير بالإجابة، على الرغم من مبررات الحد من الصراعات المؤثرة على السلم الوطني والأهلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.