أخنوش يجري مباحثات مع رئيس الوزراء الأردني    الحكومة تكشف خطتها لتسريع الإقلاع الاقتصادي وخلق فرص شغل قارة للمغاربة    وهبي يقترح "وساطة مستقلة" لإبعاد نزاعات الزواج والشغل عن القضاء    "شغيلة التلفزة" تنادي بزيادة في الأجور    عيد الأضحى.. مكتب السكك الحديدية يبرمج حوالي 240 قطارا يوميا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    سوق الأغنام بالرباط.. المعادلة المتداخلة لاختيار أضحية العيد    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    أخنوش يمثل جلالة الملك في المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة بعمان    حماس تعلن قبولها قرار مجلس الأمن لوقف الحرب في غزة    مالاوي.. مصرع نائب الرئيس وتسعة آخرين في حادث تحطم طائرة    المغرب يلتزم بإدماج التقنيات النووية السليمة في مختلف القطاعات    ماسك يهدد بحظر أجهزة "آبل" لتفادي عمليات التجسس    المغرب ضيفا على الكونغو برازافيل في أكادير..    تصفيات المونديال.. المغرب يواجه الكونغو اليوم الثلاثاء وعينه على تعزيز صدارة المجموعة الخامسة    جثة هامدة تستنفر أمن طنجة    انتحار فتاة بسبب "الباك" يسائل دور المدرسة والأسرة في المواكبة النفسية للتلاميذ    " فخورون، معلقون وعنيدون بعض الشيء"، عن منطقة كتامة والحشيش وأشياء أخرى..فيلم بالمسابقة الرسمية لفيدادوك    مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش تنظم ورشة لتلقين مبادئ النقد السينمائي وتجويده، لفائدة الصحفيين    أطباء: مليون ونصف مصاب بالسكري لا تصلهم علاجات وزارة الصحة والتغطية الصحية لا تزال ضعيفة    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    ميناء طنجة المتوسط يترقب رقما قياسيا جديدا بمعالجة 9 ملايين حاوية في 2024    غرفة التجارة بجهة طنجة تبحث عن تعزيز الشراكة مع نظيرتها الإيطالية    "نقاش نووي" يجمع المغرب وأمريكا    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    اجتماع يُنهي أزمة فريق المغرب التطواني    أمطار رعدية بالريف والجهة الشرقية اليوم الثلاثاء    الداكي: النيابات العامة استقبلت خلال سنة 2023 ما مجموعه 35 ألف و355 طفلا    العصبة تعلن عن برنامج الجولة الأخيرة من بطولة القسم الثاني    إقصائيات كأس العالم.. عموتة يتطلع للانتصار على السعودية والانقضاض على صدارة المجموعة    نصف نهائي كأس العرش.. تغيير موعد مباراة الرجاء ووجدة    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب والكونغو    كيوسك الثلاثاء | ثلث الشباب المغاربة يفكرون في الهجرة    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    اسعار الاضاحي تفسد فرحة العيد وأسر تفكر في الاستغناء عن شعيرة الاضحية    مهارة الاستماع للآخر    الحكومة التركية تدرس ضريبة جديدة    أسعار النفط ترتفع بدعم من آمال زيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    مديرية الحموشي توضح بشأن فيديو "ابتزاز شرطي لمبحوث عنه"    الركراكي يتقدم بطلب خاص للصحافة قبل مواجهة الكونغو    الحج ب "التهريب": "اضطررنا إلى التحايل لأداء الفريضة"    اليمين المتطرف يحقق مكاسب "غير متوقعة" في انتخابات البرلمان الأوروبي    ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي للأحداث    سيدة أعمال تعلن ترشحها لانتخابات الرئاسة الجزائرية    مواصلة تعميق الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الوطني عبر تعبئة منظومة الاستثمار وتحفيز مناخ الأعمال، رهان موجه لعمل الحكومة    الأمثال العامية بتطوان... (621)    أطباء يستعرضون معطيات مقلقة حول مرضى السكري بطنجة    انعقاد مجلس للحكومة بعد غد الأربعاء    «شهادة أداء مناسك الحج» ثانية للحجاج المغاربة، وحواجز ومداهمات وعقوبات على المخالفين    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    يوسف القيدي مبادرة فردية شديدة التميز في مجال الفن التشكيلي    "الحياة حلوة" عن معاناة فلسطيني من غزة في الغربة…فيلم مشاركة في مهرجان "فيدادوك"    استعمالات فلسفية معاصرة بين الهواية والاحتراف    «نقدية» الخطاب النقدي الأدبي    رابع أجزاء "باد بويز" يتصدر الإيرادات السينمائية الأميركية    جسور التدين في المهجر.. لقاء مع الدكتور عبد النبي صبري أستاذ جامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية    أزيد من 300 حاج مغربي استفادوا من مبادرة "طريق مكة" إلى غاية 9 يونيو الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا أهل موازين ما أنتم قائلون يوم توضع الموازين
نشر في العمق المغربي يوم 20 - 05 - 2016

في كل سنة اعتدنا أن يطل علينا مهرجان البؤس مهرجان موازين، كما اعتدنا كذلك على اللغط والجدل والنقاش الحاد الذي يثار حوله، بداية من مصدر تمويله ودعمه ورعايته وتوقيته والكثير من الأسئلة الشائكة حوله.
لكن الملاحظ أنه رغم أن الجمعية المنظمة لهذا المهرجان جمعية ثقافات المغرب تعمل بكل جد وتبدع من أجل تغيير وتحديث أساليبها وطرق استقطابها لأكبر عدد من الزوار والمتفرجين. لكن للأسف فقد بقي تفكير الفئة السياسية والمثقفة والمناهضة لهذا المهرجان يسوده الجمود والفتور والبساطة في فهم إشكالية هذا المهرجان. ولكي تتضح الأمور أكثر يجب علينا أن نطرح السؤال التالي.
لماذا لم تستغل الأحزاب الحداثية والتقدمية المعرضة كارثة مهرجان موازين لمهاجمة الحكومة أو رئيس الحكومة وهي من تبحث عن أتفه التفاهات لمهاجمته؟ لماذا لم تستغل هذه الفرصة لمهاجمة العدالة والتنمية الخصم اللدود؟ والجواب بكل بساطة لأن هذا المهرجان يمثل مشروعهم المجتمعي والذي يدعو إلى الحرية الفردية والحداثة والمناصفة ولا يمكنهم بأي حال من الأحوال انتقاد مشروعهم المجتمعي.
مما يعني أن مهرجان موازين ليس كما كنا نعتقد مهرجانا موسيقيا فقط بل هو صراع سياسي وإيديولوجي ومجتمعي بامتياز بين أحزاب وجمعيات محافظة، وبين أحزاب وجمعيات حداثية وتقدمية، لذلك فالتصدي لمثل هذا المهرجان لن يكون بالأمر السهل بل يجب أن يكون مبنيا على أسس قوية جدا خصوصا على المستوى القانوني والدستوري.
مما قد يعاب على حزب العدالة والتنمية الحاكم والذي يعتبر من أكبر المعارضين لهذا المهرجان خفوت حدة انتقاده له، وقد يرجع السبب إلى تشكيلة الائتلاف الحكومي الذي يتواجد به حزبين توجههما حداثي وتقدمي، لكنه بالمقابل استطاع إلى حد ما من خلال استغلاله للسلطة التنفيذية أن يوقف الدعم المادي عن هذا المهرجان كما يدعي بطبيعة الحال، لكنه بلا شك لم يستطع إيقافه قانونيا بل ويصعب عليه ذلك بسبب عدم وجود سند قانوني واضح يمكن الحكومة أو الدولة من منع جمعية ما من تنظيم مهرجان موسيقي خصوصا وأنه تقام عشرات المهرجانات الموسيقية على طول السنة. وغالبا فحسم هذا النقاش يجب أن يكون مجتمعيا عبر الجواب على السؤال العريض أي مجتمع نريد كمغاربة؟ وأي مجتمع ننشد لأبنائنا في المستقبل؟
فالجمهور العريض لهذا المهرجان والذي وصل حسب المنظمين له في 2015 إلى 2.65 مليون زائر له دلالاته وهو بطبيعة الحال أداة ووسيلة تستخدمها هذه التيارات المنظمة له كسلاح للدفاع عن مشروعها المجتمعي ضد خصومهم السياسيين.
إن أول خطوة للتصدي لمثل هذه المهرجانات هو الفهم الصحيح لإشكالياته ووضعيته القانونية والسياسية والمجتمعية وووو، إذ إن القراءة البسيطة للمشكل المطروح لن يساعد في إيجاد الحلول الكفيلة لمواجهته.
فالترويج مثلا لكون سبب نجاح هذا المهرجان هو الدعم المادي من طرف الدولة والذي تفنده الحكومة، لن يوقفه فمداخيله من الإشهار ومداخيله من التذاكر كافية لتمويله وأكثر والراجع بالأساس للعدد الكبير لمرتاديه وإلى قيمة التذاكر التي تصل أو تزيد على 1200 درهم للفرد في كثير من الأحيان وهي كافية لتنظيم العشرات منه.
كما أن الترويج كذلك لكون سبب نجاح هذا المهرجان راجع لكونه تحت الرعاية السامية، غير مقنع بتاتا كذلك فيكفي البحث على شبكة الانترنيت لتجد أن مئات المهرجانات هي تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة وهي مهرجانات من جميع التلاوين ثقافية، فنية، رياضية، محتضنة من طرف تيارات إسلامية ومن طرف تيارات حداثية وعلمانية ووووو. وذلك لسبب بسيط أن الملك يقول إنه ملك لجميع المسلمين والعلمانيين والحداثيين وغيرهم ولن يكون طرفا في أي صراع مجتمعي. وهو تبرير قد نقبله أو لا نقبله لكن ذلك لن يغير من الأمر شيئا.
لكن ما لا يجب أن نسكت عنه كمواطنين وفي إطار الحرية والحداثة التي يتشدقون بها، هو أن يتم نقل هذه الفضيحة والمهزلة على قنواتنا الوطنية وإدخالها عنوة لنا إلى بيوتنا دون أن نغفل أنه وللأسف فقانونيا الرقابة المباشرة على الإعلام والقنوات المغربية تابع للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) وليس لوزير الاتصال أو الحكومة. وحتى لو قبلنا على مضض فلسفة قانونية منع تحكم السلطة التنفيذية في الإعلام بصفة عامة، لكن يجب علينا الاعتراف أن هناك خلل وثغرة ما! فمن سنحاسب إذا أذيعت فضيحة أخرى ما على قنواتنا المغربية؟.
وكيف يمكن للمواطنين أن يراقبوا ما يقدم من برامج في قنواتهم المغربية؟. وهذا الإشكال بالضبط ما حدى بحكومة عبد الإله بن كيران إلى المسارعة بإخراج مشروع قانون جديد رقم 11.15 يعدل التنظيم القديم للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري يسمح من خلاله للمواطنين بتقديم الشكايات بعدما كان تلقيها، حسب المادة الرابعة من مقتضيات ظهير 2005، يقتصر على المنظمات السياسية والنقابية والجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة فقط. لكن السؤال الذي يبقى عالقا هل سيفي هذا التعديل بالغرض المطلوب وهل سيتمكن المواطنون من متابعة ومحاسبة أي جهة أخلت بالتزاماتها إذا ما أعيدت كارثة موازين 2015؟ وهذا ما ستجيب عليه الأيام بطبيعة الحال.
من المتناقضات العجيبة المرافقة لهذا النقاش أن تجد فاعلين سياسيين أو حتى مستشارين جماعيين ناجحين بتزكية من أحد هذه الأحزاب الحداثية أو التقدمية، مثل التجمع الوطني للأحرار أو الاتحاد الاشتراكي أو التقدم والاشتراكية أو البام ..... ، يستنكرون و يتهمون الدولة أو الحكومة بالوقوف وراء تنظيم هذا المهرجان البئيس، فإن كانوا لا يعلمون حقا أن أحزابهم هي من تدعم مثل هذه المهرجانات وتدافع عنها فهي مصيبة وإن كانوا ممن يقولون إن ترشحهم باسم هذه الأحزاب ما هو إلا وسيلة للترشح فقط فهي مصيبة أكبر وأعظم، وعليهم أن يعلموا أنهم يستعملون كأعداد وأرقام وحطب في هذا الصراع من حيث لا يدرون.
التغيير ممكن والتصدي للرداءة والبؤس ممكن كذلك. لكن شريطة تغيير طريقة تفكيرنا وفهمنا للإشكاليات في إطارها القانوني والمنطقي والبعيد عن العاطفة والسذاجة والوهم، ولن يكون ذلك إلا عن طريق توعية هذا الشعب وإقناعه وخلق مهرجانات مضادة ذات قيمة تستقطب الشباب التائه. ولن يكون كذلك ممكنا إلا عن طريق فتح نقاشات مع فقهاء القانون حول الموضوع، حول كيفية التصدي له قانونيا، ولن يكون كذلك ممكنا إلا عن طريق المحاصرة المجتمعية لكل الجهات التي تدعم هذه الثقافة من مرجعيات وجمعيات وأحزاب وووووو.
لقد أبانت التجربة أن وقف الدعم المادي عن مثل هذه المهرجانات غير كافي لمواجهته، وكذلك فالاستمرار في الترويج لأطروحات واهية وغير دقيقة حوله لن يساعد على مواجهته ومحاصرته. بل بالعكس قد يساعد هذا الترويج هذا الورم بطريقة غير مباشرة على توسعه واستمراره.
وأخيرا نقول نحن لسنا ضد المهرجانات الهادفة والتي ستفيد في تنمية هذا البلد في جميع المجالات. لكن سنبقى دائما ضد مهرجانات البؤس والعري التي لن تنفع لا البلد ولا التيار العلماني ولا التيار التقدمي ولا التيار الاشتراكي ولا التيار اللبيرالي ولا التيار الإسلامي، بل ستفيد تيار البؤس والفساد فقط. وكما علمنا أساتذتنا الفضلاء ونصحونا تبقى نقطة فهم الإشكالية والسؤال المطروح نصف الجواب حول كيفية مواجهة هذا المهرجان. فالكل له نصيب في استمرار هذا المهرجان البئيس لكن مع اختلاف نصيب كل واحد بطبيعة الحال. ولن يكفينا الاستنكار وغرس رؤوسنا في التراب كالنعام عبر تحميل المسؤولية للآخرين فقط في كما يحصل ونخرج أنفسنا منها سالمين كالعادة فالتغيير مسؤولية الجميع وليست حكرا على أحد.
أ.جمال هبوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.