الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية: الشروع في تفعيل نظام رصد المخالفات في اتجاهي السير معا بواسطة الرادارات الآلية    مؤسسة أميركية تحذّر من تنامي العلاقات بين "بوليساريو" والجماعات الجهادية الدولية    الجيش ونهضة بركان في صدام ناري ضمن ربع نهائي كأس العرش    وداد فاس يبلغ ربع نهائي التميز    المحكمة ترفض السراح المؤقت للبرلماني التجمعي محمد بودريقة رغم تنازل مشتكين    الفنان نوردو يشارك لأول مرة في موازين ويعد جمهوره بعرض استثنائي    البنك الدولي يتوقع نموا بالمغرب ب3.6%    ارتفاع تكلفة كراء قاعات قصر الفنون والثقافات بطنجة والجمعيات أبرز المتضررين    وزير الفلاحة: سيتم تقديم دعم مباشر لمربي الماشية بقيمة 400 درهم لكل رأس من الإناث    حقينة السدود الموجهة لأغراض فلاحية بلغت 5.2 مليار متر مكعب بنسبة ملء تناهز 37%    أمطار رعدية قوية تتسبب في سيول وفيضانات بعدد من مناطق إقليم الحسيمة    طنجة المتوسط .. انطلاق عملية "مرحبا 2025" لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج    31 قتيلا و2853 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    حادثة سير مروعة بتطوان تودي بحياة سائق دراجة نارية    النيابة العامة تفتح تحقيقا في تسريب بيانات يعتقد أنها لقضاة    خبير فرنسي: تحت قيادة الملك محمد السادس.. إفريقيا تمسك بزمام مصيرها البحري    محمود عباس يؤيد نزع سلاح "حماس"    خفض توقعات النمو العالمي إلى 2,3 %    الملك يبارك العيد الوطني في البرتغال    يوعابد: أجواء غير مستقرة وحرارة مفرطة في مجموعة من مناطق المملكة    الأمن يفكك عصابة للاتجار بالمخدرات    التحقيق في مزاعم اختراق موقع قضائي    تلميذ مسلح يقتل 10 أشخاص بالنمسا    تونبرغ: إسرائيل خطفتنا بالمياه الدولية    نصائح صيفية مفيدة في تفادي لدغات الحشرات    أمريكا تقيل أعضاء لجنة استشارية معنية باللقاحات    دراسة: الكافيين يحفظ الجسم والعقل مع تقدم السن    إحالة تقارير مجلس الحسابات على الشرطة القضائية ترعب رؤساء جماعات    المغرب يحقق اختراقا غير مسبوق في الضمانات النووية الدولية    مغني الراب مسلم يثير غضب المغاربة بعد غنائه عن الخمر    الوداد يشد الرحال إلى أمريكا لخوض مونديال الأندية    فتح بحث قضائي بشأن مزاعم اختراق موقع المجلس الأعلى للسلطة القضائية    الصين تتحدى الأزمات الخارجية وتثبت صلابة اقتصادها    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    عمدة لوس أنجلوس تتهم إدارة ترامب باستخدام المدينة "كحقل تجارب"    تقرير مركز أمريكي مرموق بواشنطن: كيف تحولت بوليساريو من حركة انفصالية إلى أداة إرهابية تدعمها الجزائر وإيران لزعزعة الاستقرار الإقليمي    حصري من قلب إيطاليا.. صناديق مقفلة على الفراغ: استفتاء الجنسية الأصوات الغائبة عن إنقاذ وطنٍ يحتضر ببطء    تنظيم الدورة 101 لمهرجان حب الملوك بصفرو من 11 إلى 14 يونيو الجاري    سمو الأميرة للا حسناء تمثل الملك في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات    البوجدايني يقود وفدا سينمائيا رفيعا بمهرجان آنسي لتعزيز إشعاع سينما التحريك المغربية    انعقاد مجلس الحكومة بعد غد الخميس    مسرح رياض السلطان يستقبل الصيف بعروض فنية تجمع بين الإبداع والموسيقى والتأمل    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    بطولة إيطاليا.. الكرواتي تودور سيبقى في منصبه مدربا ليوفنتوس    ليلى الحديوي تثير الجدل بتصريحات جريئة    المنتخب المغربي لكرة القدم يرتقي إلى المركز 11 عالميا    الركراكي: التغييرات كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين        ريال مدريد يقرر تمديد عقد نجمه البرازيلي فينيسيوس حتى 2030    دروس مستخلصة من عيد الأضحى "الغائب الحاضر"    انتعاشة غير مسبوقة للسياحة العالمية في 2024: الشرق الأوسط يحقق قفزة نوعية والمغرب الأبرز إفريقياً    مجلة إسبانية: المغرب قطب تكنولوجي حقيقي    من روان الفرنسية إلى طنجة.. رحّالة فرنسي يقطع نحو 2200 كلم على دراجته لنشر التسامح    منظمة الصحة تحذر من متحور جديد لكورونا والمغرب مطالب باتخاذ تدابير استباقية        كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    









يايموت يكتب.. الخَّماسُ السياسي المتحزب بدرعة تفيلالت
نشر في العمق المغربي يوم 17 - 09 - 2016


أفكار أولية في التفسير السوسيوسياسي
ظاهرة الخَّماسٌ السياسي المتحزب بمنطقة درعة تافيلالت تحتاج لدراسات من المتخصصين في علم الاجتماع السياسي وعلم النفس الاجتماعي؛ ذلك أن تطور الظاهرة ارتقى بها لدرجة يمكن اعتبار الخَّماس السياسي وحدة للتحليل السياسي.
كان الخَّماس تاريخيا، ظاهرة سوسيواقتصادية تهدف لتحقيق التنمية المحلية، مع ترسيخ طبقية مجتمعية طويلة الأمد، تقوم على إعارة مؤقتة من طرف عائلة غنية لأرضها لفلاح (خَّماس) مقابل الخٌمٌس من إنتاجها. غير أن المستخدم في هذه الحالة، لا يتمتع بأية حماية قانونية أو مؤسساتية، فهو مجرد أداة استعمالية، متروكة لمواجهة الظروف المناخية القاسية، مقابل واحد على خمسة من الإنتاج باعتباره أجرا مقابل الخدمة في أرض الغني.
ومع التطور السوسيولوجي بدرعة تافيلالت، طورت النخب السياسية المحلية ظاهرة الخَّماس السياسي، فأخذت تستقطب بشكل مؤقت فردا أو أفرادا قلائل يلعبون دور واجهة العمل السياسي الارتزاقي خارج قانون ومؤسسات العمل الحزبي المنظم؛ وينتعشون مؤقتا في مناخ انتخابي موسمي، ويكلفون بقيادة النزاعات العائلية والقبلية والعرقية، بدرعة تافيلالت.
حتى الأحزاب التي تزعم أنها "ديمقراطية" ومنظمة تلجأ ومازالت بطرق حديثة ومستحدثة، لخدمات الخّماس لاستعماله بمقابل مالي أو نفسي اجتماعي؛ حتى ولو كان ذلك على حساب تهميش للقانون والقواعد التنظيمية المنظمة لهذه الأحزاب التي تزعم أنها ديمقراطية.
من الناحية التاريخية تسجل بعض الكتابات التأريخية الدور الهام للدولة المرابطية في تكريس هذا النوع من تقسيم العمل الطبقي في منطقة التوات، ودرعة تافيلالت. أما من الناحية النفسية الاجتماعية، في الزمن الراهن، فهناك مؤشرات عدة تؤكد وجود قابلية عند بعض المتحزبين للعب دور الخّماس، لجلب الأصوات الانتخابية، مقابل منفعة لحظية مادية أو معنوية.
ولهذا لم تعد كل الأحزاب السياسية بالرشيدية تجد صعوبة في إدماج هذا المسلك الاستغلالي البراغماتي في سلوكها الانتخابي. ومما يسهل ذلك وضعية التنظيمات السياسية الهشة، والتي تحولت لمجرد أصل تجاري لصاحب المال، أو الجاه –الأعيان- أو صاحب سيطرة تنظيمية على حزب معين.
يعي الذي يسيطر على الحزب أن ظاهرة الخَّماس المتحزب، تجلب منافع شخصية في ساحة المعركة الانتخابية السياسية بدرعة تافيلالت، وأن استعمال الخّماس، يجلب لهذا الأخير ارتياحا نفسيا يتباهى به في وسطه الاجتماعي العائلي، الذي يجعل من "تخْمَّاسْت" نوعا من العائد اللحظي يحقق انتقاءا اجتماعيا في زمن الانتخابات، في جغرافية سياسية يقودها السيد صاحب المال والجاه، والسلطة ولو كانت تنظيمية محدودة.
ولهذا فإن هذا العائد الاجتماعي، هو بمثابة رأسمال نوعي يحقق الاصطفاء الذي تنشد إليه ذهنية الخّماس السياسي، ويشرك معه محيطه المجتمعي القريب، في مزايا العائد المؤقت؛ وهذا بدوره يفسر حدة الصراع الشخصي والعائلي في الزمن الانتخابي بدرعة تفيلالت، بشكل ينتج تراجعا شبه دائم لما هو حزبي وإيديولوجي سياسي. فالعائلات الكبيرة مازالت تستحضر بقوة تاريخها في نهج "السخرة" الاقتصادية، كما تستحضر عائلات الخَّماسة تاريخها الممتد والطوعي في الاستجابة "للعبودية" الاقتصادية والسياسية للسيد والعائلة الشريفة صاحبة المال والسلطة عامة والحزبية حاليا.
غير أن هذا لا يعني أن المجتمع، التواتي، الدرعي والفيلالي لم يشهد تطورا كبيرا؛ بل على العكس من ذلك، فتطوره السريع، يمكن ملامسته بشكل مدهش في التفكيك الطوعي والإرادي الذي تعرضت له القبيلة، وتعويضها بالجمعيات والعلاقات التنظيمية الموازية رغم هشاشتها. وهذا التطور الذي تقوده الدولة في مجتمع قروي غير مديني بالمعنى الحديث للكلمة، تواجهه وتخترقه الممارسات القديمة، المرتبطة بالاقتصاد السياسي؛ وتصل حيوية الاختراق إلى نواة ومركز التنظيمات الحديثة، ومنها الأحزاب السياسية، خاصة مع شخصنة التنظيمات وتغييب قواعد القانون والعمل السياسي الممأسس.
وفي هذا السياق يمكن فهم لماذا تبحث كل الأحزاب الموجودة في الساحة بالرشيدية عن خّماس سياسي في منطقة معينة تربطه بالشخص المركزي المتحكم في التنظيم؛ و تدفع بالخّماس ليلعب دور منعش اللائحة الحزبية، دون أن يتمتع بأية حقوق، غير الحقوق اللحظية لزمن الانتخابات. وهذا ما يفسر كذلك لماذا بقيت كل الأحزاب بالمنطقة مجرد أصل تجاري(مثلها مثل الأراضي الفلاحية) يمتلكه أشخاص معدودون على أصابع اليد الواحدة، يتصرفون وفق ذلك المنهج القديم، الذي رسخته العائلات الغنية بمجتمع درعة تفيلالت، والذي كان يعتمد على الخَّماس لتحقيق التنمية الاقتصادية.
مع تطور بنية الدولة الحديثة وتسارع التفاعلات السوسيوسياسية داخلها، لجأ "الحقل السياسي المحلي" بالرشيدية لاستعمال آلية الخّماس الحزبي لتحقيق الانتصار الانتخابي على الخصوم والدخول للبرلمان، مقابل عودة الآلة الاستعمالية لمكانها الطبيعي في انتظار الزمن السياسي التنافسي المقبل. الشيء الذي يحد من قدرة الأحزاب في التحول لتنظيمات مجتمعية قادرة على قيادة الدور التحديثي، وتأطير السكان وتكوينهم سياسيا وأخلاقيا؛ كما يحد من دور الاحزاب في دمقرطة الحياة السياسية المحلية، والقضاء على بقايا النعرة العنصرية القبلية، التي تستقوي بالخّماس لإفساد دور بعض النخب المتعلمة، الطامحة لتحسين الممارسة السياسية المحلية بالرشدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.