يُعدّ مرض الزهايمر أحد أبرز التحديات الطبية في القرن الحادي والعشرين، مع إصابة أكثر من 35 مليون شخص حول العالم، وتسجيل نحو 10 ملايين حالة جديدة سنويًا، بحسب مؤسسة أبحاث الزهايمر. ولا يقتصر تأثير المرض على فقدان الذاكرة، بل يشمل اضطرابات في اللغة والتوجيه، إلى جانب خلل واضح في النوم والإيقاعات اليومية. وتشير دراسة حديثة إلى أن تعطّل الساعة البيولوجية الداخلية للدماغ قد يلعب دورًا محوريًا في تسريع تطور المرض. إذ ينظّم الإيقاع اليومي نشاط مئات الجينات المسؤولة، من بين وظائف أخرى، عن التخلص من بروتينات الأميلويد، وهي اللويحات المرتبطة بمرض الزهايمر.
غير أن الباحثين لاحظوا، لدى فئران مصابة بالمرض، فقدانًا حادًا للتزامن الزمني داخل الدماغ. فالجينات التي يُفترض أن تنشط وتتوقف عن العمل في أوقات محددة لم تعد تحترم هذا الإيقاع، ما أدى إلى ما وصفه العلماء ب«فوضى زمنية» تعيق قدرة الدماغ على إزالة الأميلويد بشكل فعّال. وقال الدكتور إريك إس. موسيك، طبيب الأعصاب ومدير مركز COBRAS في جامعة واشنطن، إن الإيقاع اليومي «يتحكم في نشاط نحو نصف الجينات المرتبطة بخطر الإصابة بمرض الزهايمر». وأضاف أن «تعطّل هذه الساعة يؤدي إلى فقدان الخلايا تنسيقها الزمني، فتتوقف عن أداء وظائفها في اللحظة المناسبة». وبحسب الباحثين، فإن هذا الخلل الزمني قد يسبق بسنوات ظهور الأعراض المعرفية المعروفة، ما يعني أن الدماغ يفقد إحساسه بالوقت قبل أن يفقد الذاكرة. وتُغيّر هذه النتائج المقاربة التقليدية للمرض، التي ركزت طويلًا على التأثير المباشر للويحات الأميلويد في الخلايا العصبية. إذ تُظهر الدراسة أن هذه اللويحات تعطل أيضًا الإيقاع الزمني للخلايا المسؤولة عن التخلص منها، ما يعمّق حلقة التدهور العصبي. ويرى فريق البحث أن تثبيت أو استعادة الإيقاعات اليومية للدماغ قد يشكّل مسارًا علاجيًا واعدًا، عبر تحسين وظيفة الخلايا الدبقية الصغيرة وإبطاء تطور المرض. وقال موسيك: «لا يزال أمامنا الكثير لفهمه، لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية تعديل الساعة البيولوجية، سواء بتقويتها أو إضعافها أو تعطيلها بشكل انتقائي داخل أنواع معينة من الخلايا». ورغم أن الدراسة أُجريت على الفئران، فإن نتائجها تسلط الضوء على اضطرابات النوم الشائعة لدى مرضى الزهايمر، مثل الارتباك المسائي أو انقلاب دورة الليل والنهار، والتي قد تعكس خللًا عميقًا في الساعة البيولوجية للدماغ. ويأمل الباحثون أن تفتح هذه النتائج الباب أمام استراتيجيات جديدة تقوم على «إعادة ضبط» إيقاع الدماغ، في محاولة لإبطاء مسار المرض قبل أن يصل إلى مراحل متقدمة من فقدان الذاكرة.