يأتي «كتاب المحو» للشاعر المغربي محمد بنيس مثل كائنٍ خرج من شقٍّ في الذاكرة، لا يحمل اسماً بقدر ما يحمل أثره. إنه كتاب لا يعود إلى الرفّ بعد قراءته، يظلّ معلّقاً في هواء الروح، كأنه خُلق ليبقى، وليختبر قدرة اللغة على تجاوز حدودها، والذهاب إلى منطقة يتساوى فيها الحضور بالغياب. منذ أن أهدانيه الصديق الشاعر المتوغل في أرواح المعاني، أحمد بلحاج آية وراهام، سنة 1994، شعرت أنّ الكتاب لا يدخل القارئ عبر العين، بل عبر ارتجافة داخلية لا اسم لها. كانت القراءة أشبه بعبور ممرّ ضيّق نحو مساحة شفافة، تتجلى فيها القصيدة ككائن يتطهّر من ذاته عبر النار، يكتب ليحترق، ويحترق ليولد من جديد. فهذا العمل لا يمثل فقط انعطافة في الشعر المغربي، إنه طقسٌ للكتابة، وإعلان غير مكتوب عن أن الشعر ليس حكاية تُروى، بل محنةٌ وجودية تتورّط فيها الكلمات كي تستعيد حقيقتها. في «كتاب المحو»، ينقلب الشعر على عادته، يتخفف من زخارفه، يخلع جلده، ويقف عارياً أمام أسئلة لا ترحم: من نكون حين تُمحى نصوصنا؟ ما الذي يبقى منا حين تسقط اللغة منّا؟ وهل الكتابة خلاصٌ أم عودةٌ إلى جرحٍ لم يلتئم بعد؟ إن النصوص هنا ليست مغامرة في الأسلوب بقدر ما هي مغامرة في الوجود. إنها تمشي على خيط رفيع يمتد بين صمت كثيف وضوء يجرّحه السؤال. كل عبارة تبدو كأنها مكتوبة على حافة الانطفاء، وكل معنى يتحرّك تحت جلد اللغة مثل نبض خافت، لا يريد أن يُسمع، بل يريد أن يُحَسّ. في هذا الفضاء بلا جدران، تتواجه القصيدة مع زمن يتشظّى، وتُحاصرها تقليدية متيبسة تُعلن انتصارها على العالم العربي، فيما يتربص خطاب «النهايات» بكل أشكال الإبداع. ومع ذلك، تُصرّ نصوص بنيس على الوقوف. لا بوصفها بديلاً أو احتجاجاً، بل كأنها تقول: اللغة وحدها تعرف كيف تنجو. هنا يصبح «المحو» فعلاً معرفياً، إزاحة للسطح كي يظهر العمق، وكشفاً للجرح كي يتكلّم، وتحطيمًا للصورة كي تتحرر الرؤيا. بنيس لا يكتب نصوصاً مغامرة فحسب، إنه يكتب الكتابة وهي تتعلم موتها وحياتها معاً. يكتب القصيدة وهي تخرج من ظلمةٍ كثيفة لترى نفسها، ولو للحظة، في مرآة لا تتكرّر. إن «كتاب المحو» ليس شهادة على حداثة شعرية وحسب، إنه وصيّةُ لغةٍ تريد أن تحيا خارج حدودها، وأن تُدرك بأن الكلمات لا تتوقف عند المعنى، بل عند المسافة التي تفصل بين الذات وظلّها، وبين ما كُتب وما كان ينبغي أن يُكتب. ولأن الكتب التي تولد من العتمة لا تُنسى، يبقى هذا العمل شاهداً على أن الشعر حين يبلغ قمته، يصبح هو نفسه فعل محو: محو لما يُثقل اللغة، ومحو لما يعرقل الرؤيا، ومحو لحدودٍ معتادة كي تنفتح القصيدة على احتمالاتها الأكثر صدقاً وجرأة. المحو كحداثة: إعادة تسمية العالم في «سفر الكتابة» يفتح محمد بنيس الأفق على حداثات لا حداثة واحدة؛ تسميات جديدة لا تشبه ما سبقها، ومسارات باردة أو مرتجّة تمتدّ مثل سراديب خفيّة عبر جغرافيا المنفى المعلّب، المنفى الذي يتحوّل، في زمن الترحال الوجداني، إلى سيادة معمّمة لا مكان لها ولا نهاية. في هذا الفضاء الرمزي، يشهد القارئ لحظة شعرية يتقدّم فيها شعراء عرب نحو إعادة تسمية العالم، قصد بناء «مسكن حر» لا يخضع لأي مركز، يعلو فيه الاختلاف قبل الانغلاق، والانفصال قبل وسم الذات بامتيازات مصطنعة أُطلقت عليها تسميات نقدية من باب المجاز لا الحقيقة. يقول بنيس إنه عاجز عن اختزال نصوصه تحت سلطة سيادة جمالية أو تيار بعينه؛ فالتجربة التي عبرت جسده هشّمت أي انسجام خارجي، وجعلت «انعدام الخيال» كما وصفه نقداً لذاته حالة كتابية تُهدّد تماسكه الظاهر. لقد نزع عن كتابته وهم الاستمرارية، وجرّدها، في الآن نفسه، من حجة القطيعة؛ إذ لكل ممارسة تاريخها الداخلي، ولكل تجربة زمنها الذي يؤرّخ للذات الكاتبة لا للعصور الأدبية فحسب. يعترف بنيس أن بداياته كانت حفلة من «الحماقات والذهول»، وأن صمته واختياراته اللاحقة لم تكن هروباً، بل عزلة من لا يريد الانتماء إلى سلطة أو تيار. فالكتابة عنده صراع، لأنها بحث دائم عن «مسكن حر»، إقامة على تخوم الخطر: في الصرخة كما في الصمت، في العنف كما في الأنين، في التشظّي كما في المؤالفة. لقد كان الجسد، كما يقول، هو رفيق هذا المسار، يتحمّل اندفاع الإيقاعات كما لو أنها قدره. ولأن لكل بداية سفراً يحدّد ملامح النهاية، فإن الكتابة متى تورّطت فيها الخطوات، واستبدّت الإيقاعات بالجسد تفقد نهايتها، يمّحي خطّها المستقيم، وتدخل في حركة لا تنتهي: تبدأ لتتلاشى، وتختفي لتبدأ. فالكتابة، كما يراها بنيس، لا تُكتب عن شيء، بل تُنكتب مع شيء؛ ليست صورته بل أثره، تترسّخ في انفلات الحدود بين الداخل والخارج، بين الفكر والأدب، بين الشعر والنثر، بين سواد الصفحة وبياضها. وهكذا، تستمرّ الكتابة في البحث عن مقامها، شفيعةَ تجربةٍ لا تدّعي نبوءة ولا غنائية. ويمضي بنيس أبعد من ذلك ليؤكد أن هذه الممارسة النصية، خاصة في مرحلتها الأخيرة، لا تستقرّ داخل حداثة معروفة، وربما تُنسب إلى حداثة مختلفة: حداثة لا تدّعي التعالي ولا تلوّح بالتجاوز، بل تنزاح نحو كتابة يسميها هو ب»المحو»، محو كل نهاية جاهزة، وكل مسار يتوقعه القارئ أو يمليه النقد. كتابة تنصت للغياب وهو يجتاح الجسد، فلا يترك وراءه سوى دمٍ يتيم، يفتقد أصله، ويهتدي بانشقاقه. مغامرة النص: المحو والفوضى المبدعة يرتقي مجاز الكتابة عند محمد بنيس إلى ما يشبه حالة من الشطح الشعري، لكنه في الوقت نفسه يرتوي من تجربة المحو، تلك القوة التي تنزع من النص كل تسميات مسبقة وتجعل من الكتابة تمريناً على انكسار الذات وتجربة الوعي في أقصى مداه. فالكتابة، كما يراها بنيس، ليست مجرد فعل إنتاجي بل هي مرور عبر سراديب هاربة، حيث تتداخل «الوشوشات والذبذبات والمعابر التي لا مخرج لها» مع الانعطافات المهددة باستمرار المفاجأة، لتصبح كل قراءة للحظة الكتابة مغامرة وجودية في حد ذاتها. الكتاب، لدى بنيس، يأخذه إلى ما يعجز العقل عن تسميته، حيث تتشابك بقايا أصوات وأجساد وعطور، لتصبح الكتابة نسكاً لانهائياً، تجربة تتجاوز الشكل إلى الروح، حيث يكتب النص تجربته من خلل نفسه، ومن ما هو عصيّ على القول. هناك، في انشقاقات اللغة والفراغات بين الكلمات، يكمن السر، ويستقر أثر اليد الكاتبة التي تتذكر، كما لو أن الكتابة نفسها تمنح التذكر لطفولته، لدراسته، لتجربته الأولى مع الشعر، ولخياراته التي استبقت حياته، فتحوّلت الكتابة إلى عشق الحياة ذاته، وإلى تجربة مغامرة. يؤكد بنيس أن الشعر، في هذه الرحلة، ليس أداة للتسلية أو مجرد ممارسة فنية، بل هو مسار متاهة، حيث يواجه الشاعر سؤال الحرية في وضعية منافية لكل شروط الشعر المألوف. فلا يسار ولا يمين، لا مغرب ولا مشرق، فالكتابة عنده تتجاوز الانتماءات الجغرافية أو التاريخية، لتصير بحثاً عن ذات حرّة في اللغة، عن شعور مستعصٍ على الاختزال، وعن قدرة النص على أن يكتب نفسه وهو يرفض أي تسليم بالنهايات الجاهزة. في هذه التجربة، يصبح العنوان «صحراء يا صحراء» عنوان ديوانه الخامس، دلالة على السفر المعزول للكتابة، حيث ينصت الشاعر للنخلة التائهة بين الدم والماء، وتتحوّل كل قصيدة إلى فضاء بين المتعة والألم، ألم يُفهم إلا من مرّ بتجربة الكتابة الحرة، ألم أولئك الذين قاوموا قواعد القبلية والتقسيمات الجامدة في النص، وأصرّوا على أن الكتابة حرة قبل كل شيء، وأن الشعر هو الحياة والكتابة معاً. يبرهن بنيس من خلال هذه الرحلة أن الكتابة ليست مجرد إنتاج لغوي أو جماليات صوتية، بل صيرورة وجودية. كتابة تنفتح على الغياب، تستمع للشعراء في كل اللغات، وتخوض معارك الصمت والحدس، لتعيد صياغة السؤال الأبدي عن معنى الكتابة والحرية. ففي المحو، في الصحراء، وفي الانصات العميق، يصبح النص ليس مجرد أثر بل احتفالاً بالغموض، وطقساً للوعي الذي لا يهدأ، يفتح حفرة تنير للعالم وردته الناقصة، وتعيد بناء علاقة القارئ بالكتابة كفعل حي، لا كشيء ميت أو ثابت. هكذا، تتحوّل كتابة محمد بنيس إلى مسار فلسفي/ شعري، ينحاز إلى التجربة الفردية، يكتشف حدود اللغة ويختبر صلابتها، ويؤكد أن كل نص شعري، كل كلمة، هي محاولة لإعادة تعريف الوجود في علاقتها بالكتابة، بالموت، بالحياة، وبالغياب الذي يظلّ الحاكم على كل تجربة إنسانية شعرية. تفكيك المركزية وإعادة تخييل الآخر يقدّم محمد بنيس، في مشروعه الفكري والشعري، نموذجا لقراءة الشعر باعتباره فعلا وجوديا ينهض على مساءلة اللغة من الداخل، وعلى إعادة صياغة العلاقة بين الذات والعالم داخل أفق تتقاطع فيه الأسئلة الفلسفية والجمالية. إذ تُظهر تأملاته حول الشعر واللغة أنه لا يتعامل مع القصيدة بوصفها شكلاً فنيا أو جنسا أدبيا، بل باعتبارها بنية معرفية تتجاوز حدود القول إلى مستوى تأسيس رؤية كونية للإنسان. ويُعيد بنيس طرح سؤال الانتماء إلى اللغة بوصفه سؤالاً وجوديا شبيها بالسؤال الذي بنى عليه هايدغر تصوراته حول اللغة ك»مسكن للوجود»، حيث لا يكون الشاعر صانعا للغة فحسب، بل حارسا لها حين تتصدع. وتنبع أهمية هذا الطرح من أنه يأتي في سياق عربي مأزوم لغويا وثقافيا، بحيث تتجاوز اللغة وظيفتها التواصلية لتتحول إلى مجال صراعي بين الذاكرة والحداثة، وبين الإرث الجمالي والتحولات العالمية. في ضوء هذا المنظور، لا يتعامل بنيس مع الشعر باعتباره شكلا من أشكال الانكفاء أو النفي، بل باعتباره إمكانية لتغيير طبيعة العالم عبر استبدال علاقات القيم والمعنى. وهذه الرؤية تنسجم مع التصورات الظاهراتية عند غاستون باشلار، الذي رأى في الشعر إقامة للذات ضمن صورها الأولى، ومع فهمه للمخيلة باعتبارها منبعاً لتوليد أنماط جديدة من الوجود. لذلك يصبح الشعر لدى بنيس، فضاءً لإنتاج حوار بين الحساسيات الإنسانية، حيث تنفتح اللغة على تداخل أنساق رمزية متعددة تتجاوز الحدود الثقافية والجغرافية، مما يجعل القصيدة أفقاً للعبور أكثر منها حيزاً للانفصال. ومن داخل هذا الأفق يتقدم مفهوم «العتبة» الذي يمنحه بنيس وظيفة معرفية وجمالية تتجاوز مدلوله المعماري أو التداولي. فالعتبة في صيغتها البنيسية، تتقاطع مع استعمالات فلاسفة ومفكري الحداثة مثل دريدا، الذي جعل من العتبة منطقة يتغير فيها معنى النص باستمرار، وريكور الذي اعتبر العتبة فضاءً تتأسس فيه هوية الذات عبر مواجهة الغيرية، والخطيبي الذي رأى فيها مجالا للتعدد الجريح الذي تُصاغ فيه كتابة تتسامح مع الاختلاف. وبهذا المعنى، يطرح بنيس سؤال علاقة الشعر العربي الحديث بالعالم في ضوء اختلالات معرفية وتاريخية لا تزال تربط بين المركزية الأوروبية وتمثلاتها للآخر. فالنموذج الأوروبي، باعتباره مرجعية فلسفية وجمالية، لم يتوقف عن ممارسة سلطته التمثيلية على الشعر العربي، مما يجعل عبور القصيدة العربية نحو العالمية محكوماً دائماً بصراع المعنى بين ما تريد قوله وما يُقال عنها خارجاً. ويتجلى ذلك بشكل أوضح في إشكالية الترجمة، حيث يضع بنيس الترجمة الشعرية ضمن سياق نظري يتجاوز القول باستحالتها إلى مساءلة شروطها العميقة. فالترجمة، التي نفى الجاحظ إمكانيتها بسبب ارتباط الشعر بالصوت والإيقاع، تحولت في الفكر الحديث إلى «خيانة» لا يمكن تجاوزها، كما رأى ستاينر، لأن الشحنة الإيقاعية والثقافية لا تنتقل بين اللغات دون خسارة. غير أن بنيس يتجاوز هذه الثنائية، ليؤكد أن ما ينتقل في الترجمة هو «ظل الشعر» فقط، بينما يبقى جوهر القصيدة مرتبطاً بلغة نشأتها. لكنه، رغم ذلك، لا ينفي حاجة الشعر إلى الترجمة، لأنها وحدها تتيح للحوار الإنساني أن يتحقق، منسجماً بذلك مع رؤية غادامر التي ترى أن كل فهم هو أساساً فعل ترجماني. وتتعمق هذه الإشكالات حين يتناول بنيس صورة «البربرية العربية» في المتخيل الأوروبي، تلك الصورة التي بلورتها القراءات الاستشراقية منذ القرن التاسع عشر والتي أعاد إدوارد سعيد تفكيكها، باعتبارها نسقاً سلطوياً يصوغ تمثلات الغرب للشرق. وتؤثر هذه الصورة في استقبال الشعر العربي داخل الفضاء الأوروبي، حيث تُقرأ القصيدة غالباً من خلال شبكة من الأحكام المسبقة التي تختزلها في بقايا «ثقافة غريبة» لا كخطاب جمالي قائم بذاته. ويطرح هذا الوضع سؤالاً نقدياً مركزياً: كيف يمكن للشعر العربي أن يعبّر عن ذاته في عالم ينظر إليه من خلال تراكم سرديات لا علاقة لها بجوهر التجربة الشعرية؟ وتمتد الإشكالية إلى مفهوم «الهجرة الشعرية» التي يناقشها بنيس باعتبارها امتحاناً لحدود اللغة لا مجرد انتقال جغرافي. فالشعر حين يهاجر، يعبر إلى لغات أخرى، لكنه يظل محكوماً بتوتر بين الجذور والأجنحة، بين ما يحتفظ به من ذاكرته الأولى وما يتخلى عنه تحت ضغط النماذج الجمالية المهيمنة، وهو ما يلتقي فيه بنيس مع هواجس محمود درويش حول الكتابة بلغتين، ومع قراءة أدونيس لعلاقة الشعر العربي بالتحولات. ويضع بنيس كل ذلك ضمن سياق أدبي عالمي يشهد تراجعاً للشعر لصالح الرواية، استنادا إلى قراءات مثل أطروحة ميلان كونديرا حول «عصر الرواية»، وتحليلات بورديو لطبيعة السوق الأدبي التي تهمّش الأنواع غير الربحية. ورغم هذا التراجع، يرى بنيس أن الشعر لا يزال قادراً على فرض حضوره بصفته خطاباً يشتغل على العمق لا على السطح، وأن ترجمته إلى اللغات الأوروبية تظل دليلاً على استمراره كقيمة معرفية وجمالية. وفي نهاية المطاف، يضع بنيس الشعر داخل أفق إنساني يقوم على التداخل الثقافي والاختلاف الخلاق، منسجما مع تصورات تايلور وغارودي وموران حول ضرورة بناء ثقافة كونية قادرة على إعادة ربط الإنسان بالعالم عبر الحوار لا عبر الهيمنة. فالشعر في هذا التصور، ليس خطاباً جماليا فقط، بل أخلاقا وجودية تُعيد ترتيب العلاقة بين البشر من خلال تعرية الجرح الإنساني المشترك، وتأكيد أن التجربة الشعرية هي في جوهرها محاولة لإعادة النظر في إمكانية الكينونة داخل عالم مضطرب. وعندما تُترجَم القصيدة، فإنها لا تنقل معناها فحسب، بل تتيح للعالم أن يرى ذاته تحت ضوء مختلف، ضوء تلك الجمرة الأولى التي تشتعل في اللغة ولا تنطفئ.