مجلس الحكومة يستعد الخميس المقبل لمنح ثلاث شركات للاتصالات تراخيص الجيل الخامس    محمد البارودي يقود الديربي بين الوداد والرجاء    الكاتب المغربي سعيد بوكرامي مرشحا لنيل جائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة 2025    بركة: سنطلق في غضون أسابيع الربط المائي بين أبي رقراق وأم الربيع لنقل 800 مليون متر مكعب من الماء    ما سر استقرار أسعار العقار بالمغرب رغم تراجع المعاملات؟    البلاوي: "حماية المال العام تعد من المهام الجسيمة التي تستلزم تعبئة تشريعية وقضائية ومؤسساتية متكاملة"    المانوزي: التمديد للشكر تم في منتصف الليل بشكل غير ديمقراطي وقد ألجأ للطعن إنقاذا للحزب    تحرّك قانوني مغربي ضد توكل كرمان بعد إساءتها للمغرب    أهداف حاسمة ومساهمات قوية ل "أسود الأطلس" في صدارة المشهد الأوروبي    المدافع باعوف ضمن اللائحة الأولية لأسود الأطلس    باعوف ضمن الأسماء المدعوة في التشكيل الأولي لوليد الركراكي    اقتراب منخفض جوي يحمل أمطاراً ورياحاً قوية نحو الريف والواجهة المتوسطية    Trevo تفتح باب التسجيل للمضيفين المغاربة‬    تيزنيت: بتنسيق مع "الديستي"… عناصر الشرطة القضائية توقع بشخصين متهمين باضرام النيران بسيارتين بالشارع العام    جماعة اثنين شتوكة ترفض تنظيم مهرجان فوق ترابها دون سلك المساطر القانونية وتطلب تدخل عامل الإقليم    مؤسسة "جدارة" تحتفي بجيل جديد من الشباب الطموح في يوم الاندماج والامتنان 2025    شبكة لغسل أموال المخدرات عبر "منتجعات صحية" تُطيح بمسؤولين بنكيين    الدرك يحقق في حادثة سير أودت بحياة سيدة وطفلة قرب ابن أحمد    شاطئ مدينة مرتيل يشهد اختتام البطولة الوطنية للصيد الرياضي الشاطئي    في قلب بنسليمان..مهرجان عيطة الشاوية يرى النور في مدينة المونديال    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    فينيسيوس بعد استبداله في"الكلاسيكو": "سأغادر الفريق.. من الأفضل أن أرحل"    تعديلات جديدة تحصر القيد في اللوائح الانتخابية وتضبط استطلاعات الرأي    يضم نقوشا صخرية وقبورا جنائزية.. مطالب بحماية موقع أثري بكلميم من التخريب    تصريحات لامين جمال تُشعل الكلاسيكو    عودة الاحتجاج على تعطيل التكرير في مصفاة "سامير" وضياع حقوق الأجراء والمتقاعدين    أزيد ‬من ‬178 ‬ألف ‬قضية ‬طلاق ‬وتطليق ‬سنويا ‬بمعدل ‬488 ‬حالة ‬يوميا    تتويج المغرب في جائزة اللغة العربية    إقبال كبير من المهنيين وعشاق السينما على مهرجان الفيلم بطنجة    فاطمة عاطف.. تكريم بطعم المواويل    مونديال اليافعات (ثمن النهائي).. المنتخب المغربي يواجه كوريا الشمالية بطموح بلوغ ربع النهائي    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    ارتفاع أسعار النفط بعد التوصل إلى إطار عمل لاتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين    دراسة حديثة: الاحتباس الحراري يؤثر في توزيع الأمطار والثلوج    "خاوة خاوة.. بلا عداوة" أغنية تجسد نداء الأخوة المغربية الجزائرية في ذكرى المسيرة الخضراء أعلنت شركة موغادور ميوزيك ديجيتال المغربية عن قرب إصدار الأغنية الجديدة "خاوة خاوة.. بلا عداوة"، بمشاركة نخبة من الفنانين المغاربة والجزائريين، في عمل فني مشتر    إعطاء انطلاقة 49 مركزا صحيا جديدا على مستوى 9 جهات    روسيا تعلن اعتراض 193 مسيرة أوكرانية    شكاية ضد توكل كرمان بتهمة التحريض    النفط يرتفع بعد توصل أمريكا والصين إلى إطار عمل لاتفاق تجاري    بورصة البيضاء تبدأ التداول بأداء إيجابي    الأمين العام للأمم المتحدة يدين انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف    تصاعد الشكاوى من عنصرية المرضى والزملاء ضد الممرضين في بريطانيا    هامبورغ تتصدر مجددا قائمة الولايات الأكثر سعادة في ألمانيا    ترامب يرغب في لقاء كيم جونغ أون    الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار .. تقدم الرئيس المنتهية ولايته الحسن واتارا    دونالد ترامب يبدأ زيارة رسمية لليابان    كيوسك الإثنين | إصلاحات جديدة لتعزيز الشفافية وتحصين العمليات الانتخابية    الصين: ارتفاع أرباح الشركات الصناعية الكبرى بنسبة 3,2 بالمائة عند متم شتنبر    "البحر البعيد" لسعيد حميش يتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    الرقمنة أنشودة المستقبل الذكي    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد منحة التكوين المهني؟
نشر في العمق المغربي يوم 22 - 08 - 2017

قد يحسب لحكومة العثماني سداسية الأركان، انها استطاعت في شهرها الرابع القيام بما لم تفلح فيه سابقتها، إثر مصادقتها يوم 20 يوليوز 2017 على مشروع المرسوم رقم: 2.17.408، المتعلق بصرف منح دراسية لفائدة متدربي مؤسسات التكوين المهني الحاصلين على شهادة البكالوريا، على غرار الطلبة الممنوحين بالجامعات، وهو ما سيجعل آلاف المتدربات والمتدربين المنتمين للفئات الاجتماعية المعنية بالدعم، يستفيدون منها ابتداء من الموسم الدراسي القادم: 2018- 2017.
ومن باب الإنصاف وجب التنويه بهذه الخطوة الجريئة التي طال انتظارها، على أمل أن تتلوها خطوات أخرى في اتجاه إسعاد المواطنين. لكن، هل بالمنحة وحدها يمكن جذب الشباب، دون تجويد مناهج التكوين وفتح آفاق المستقبل أمامهم؟ فالتكوين المهني ذو مستويات أربعة: هناك تخصص لمستوى السادس ابتدائي مدته ستة أشهر، يليه التأهيلي للسنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي يدوم سنة واحدة، فالتقني للسنة الثانية بكالوريا ثم التقني المتخصص للحاصلين على شهادة البكالوريا (مدتهما سنتان)…
ذلك أنه في ظل فشل المنظومة التعليمية في تحقيق الغايات والأهداف المرجوة، التي لم تنفع معها عمليات الإصلاح المتواترة رغم ما استنزفته من ميزانيات ضخمة، وبالنظر إلى عجز التعليم العالي عن تلبية حاجيات سوق الشغل على مستوى النوعية أو الكفاءة المهنية، فإن الدولة ارتأت رفع الضغط الحاصل على الجامعات وما يترتب عنه من اكتظاظ وسلبيات أخرى، بالاتجاه نحو قطاع التكوين المهني لمواجهة المشاكل المطروحة، كالهدر المدرسي وعطالة الشباب… لاسيما أنه أصبح أكثر الملاذات "الآمنة" للتلاميذ المفصولين من الدراسة أو المنقطعين عنها، وخاصة الحاصلين على شهادة البكالوريا ممن لا تسمح لهم معدلاتهم بولوج المدارس العليا والجامعات ذات الاستقطاب المحدود، فضلا عن أن الاقتصاد الوطني عرف خلال السنوت الأخيرة تطورات هامة، دفعت بالدولة إلى اعتماد استراتيجية جديدة تهدف إلى تنويع الموارد، عوض الاستمرار في الارتكاز على القطاع الفلاحي، حيث عمدت إلى جلب شركات عالمية كبرى في مجال السيارات وصناعة الطيران والاستثمار في الطاقات المتجددة.
فإلى أي حد استطاع مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل تقديم تكوين جيد، يساهم في تغذية المقاولات بالأطر المؤهلة لرفع قدرتها على المنافسة؟ من المؤسف حقا، أنه لم يتمكن من مواءمة التكوين مع سوق الشغل، لتظل كل جهوده غير كافية ولا مجدية في تحقيق متطلبات المقاولات، بسبب ضعف تكوين الخريجين وافتقارهم إلى الخبرة المهنية. لذلك يلاحظ أن أعداد غفيرة من الحاصلين على دبلوم تقني أو تقني متخصص، يجدون أنفسهم سنويا عرضة للضياع أمام انعدام فرص الشغل، بعد أن فقدت المقاولات الثقة في الدبلومات المحصل عليها، جراء غياب الكفاءة والمهارات المهنية اللازمة، التي من شأنها الدفع بهم نحو مسايرة حاجيات العمل وتطوير أدائهم. إذ هناك خريجون فرضت عليهم الظروف تغيير توجهاتهم المهنية كالعمل في مراكز الاستماع أو جهات أخرى، وفي أحسن الحالات القبول برواتب متدنية لا تتجاوز 3 آلاف درهم شهريا، مادامت الجهات المسؤولة عن القطاع منشغلة فقط بالكم دون الكيف. وبذلك عجز مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، باعتباره مؤسسة تابعة لقطاع التشغيل، عن الإسهام الإيجابي في معالجة مشكل البطالة…
نحن لا ننكر ما يبذل من جهود، فإلى جانب المنحة الدراسية هناك فرصة التحاق خريجي التقني المتخصص بمؤسسات التعليم العالي في حدود نسبة المقاعد البيداغوجية المتوفرة، وولوج سلك المهندسين والمدارس الوطنية للتجارة والتدبير، على أساس سلك خاص يعتمد الاستحقاق وتكافؤ الفرص، وكذا فتح باب التسجيل في الإجازة المهنية. بيد أن هذا لا يمنع من ضرورة مضاعفة الجهود أمام المستجدات والتحولات المتسارعة في سوق الشغل، والانكباب بفعالية على تجويد التكوين وتطوير الكفاءات المهنية، عبر التخطيط المعقلن وتوفير البنيات التحتية العلمية لاستقبال وتدريب الخريجين، وتأهيل الأطر والمكونين للارتقاء بمردوديتهم، ومراعاة الالتقائية بين أعداد المتخرجين ومناصب الشغل لكل قطاع، دون إغفال إشراك آليات الإعلام والاتصال…فما جدوى الحصول على دبلوم تقني متخصص لا يجلب عدا التحسر والتذمر، شأنه شأن بطاقة "راميد"؟ وكيف يمكن تجويد التكوين بمكونين دون المستوى المطلوب، وغالبيتهم تعمل بعقود مؤقتة وأجور هزيلة؟ ولماذا لا تمنح للمتدربين فرص التدريب بعديد المقاولات؟
فقطاع التكوين المهني استفاد هو الآخر من عمليات الإصلاح منذ عام 1984 دون أن يتغير شيء، بل يمكن القول بأن الأمور ازدادت سوءا أمام الاكتظاظ الصارخ في مختلف الشعب والمستويات، وترجيح المسؤولين أعداد المتدربين على ملاءمة التكوين مع حاجيات سوق الشغل المتجددة باستمرار، والتي تتطلب قدرا كبيرا من المهنية والمهارة، وتستدعي المزيد من الجهد في مواجهة التحديات المطروحة، التي لا يمكن لأي مخطط استعجالي رفعها، دون التحلي بروح المسؤولية وتوفر الإرادة السياسية القوية.
إن مستقبل المغرب بات مرتبطا بالمقاولة ومدى قدرتها على التنافسية، مما يستلزم الانتقال بالتكوين المهني من التكوين المعرفي إلى التكوين الحرفي، وألا تقف الدولة عند حدود المنحة للحاصلين على البكالوريا، التي يعود جزء منها إلى ما يستخلصه المكتب من رسوم التسجيل التي بلغت 950 درهما، دون تعميمها على كافة المستويات وتنويع التكوينات المهنية والنهوض بأوضاع المؤطرين من أساتذة ومكونين وضمان استقرارهم، وحث المقاولات على مراجعة منظومة الأجور بالنسبة للخريجين. لأن أي اقتصاد كيفما كان شكله، لا يمكنه تحقيق الطفرة النوعية المأمولة إلا بأطر كفأة ويد عاملة مؤهلة، سواء في مستويات ما قبل البكالوريا أو ما بعدها، لتشجيع الاستثمار وجذب المقاولات العالمية…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.