رئيس كوب-28 ينفي تقرير صفقات النفط الذي نشرته بي بي سي    أحزاب اليسار تعترض على التعصيب وتدعو لتجريم التعدد وزواج القاصرات (فيديو)    مصدر مسؤول بوزارة بنموسى يوضح بخصوص "التجميد" والزيادة في أجور الأساتذة    العلامة المغربي مصطفى بنحمزة.. عندما يتحدث الكل يجيد الإنصات    وزير الخارجية الصيني يدعو ل"وقف نار شامل ودائم" بغزة    النصيري يغادر دوري أبطال أوروبا رفقة اشبيلية    غضب في صفوف السائقين بعد إغلاق الشوارع الكبرى في الدار البيضاء    مدتها 8 أيام .. تفاصيل عطلة مدرسية جديدة بالمغرب    المحروقات.. تقرير مجلس المنافسة يغضب نقابتي النقل الطرقي والبترول    "السلطة المينائية طنجة المتوسط" تحسن رقم معاملاتها ب 15 في المائة متم شتنبر    الناظور: الدرك الملكي يعتقل ثلاثة أشخاص تورطوا في إحداث فوضى بعرس    المغرب يستهدف تصدير 360 مليار درهم من السيارات الكهربائية بحلول 2029    العثور على جثث مهاجرين مغاربة قبالة السواحل الإسبانية    فيلم "عصابات"..كمال لزرق يتنافس في مهرجان مراكش بممثلين غير محترفين    بوريطة يتباحث مع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام    المصنفات السبتية في السيرة النبوية (5)    إيلون ماسك يمتنع عن زيارة غزة لهذا السبب    تسبب مشاكل خطيرة في الدماغ والقلب.. تحذيرات من عاصفة شمسية يوم غد الخميس    أمطار الخير في طريقها للمملكة    تعامل حماس مع الأسرى.. دعاية إعلامية أم سلوك نابع من الواجب الديني؟!    إلى السائرين في الطريق عامة وإلى الراغبين في الوصول خاصة    الحسيمة .. افتتاح فعاليات الملتقى الجهوي الثاني للهيموفيليا (الفيديو)    "العطش" يخرج ساكنة قرية الداليا بطنجة للإحتجاج    شفشاون.. حملة تحسيسية إقليمية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات    الجيش يقسو على الوداد بثلاثية ويعود للصدارة    عائدات الرياضة النسوية ستتجاوز حاجز المليار دولار العام المقبل    ملتمس جديد لمجلس الشيوخ الكولومبي يحمل دعما لا لبس فيه للوحدة الترابية و لسيادة المغرب    الحسيمة .. وقفة احتجاجية للتضامن مع الشعب الفلسطيني    برنامج "فرصة": اختتام الدورة الثانية بتمويل 11 ألفا و200 حامل مشروع    آيت طالب يستعرض الاستراتيجية الوطنية لتحقيق السيادة الصحية    المقاومة الفلسطينية تعلن مقتل 3 أسرى إسرائيليين بقصف سابق على غزة    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصبة الوطنية الاحترافية تدينان التصريحات "اللا مسؤولة" لمحلل إذاعي حول اختيارات الناخب الوطني وليد الركراكي    روسيا تفرض إلزام الأجانب للدخول إلى أراضيها توقيع "اتفاق ولاء"    تقرير إحباري l مشروع قانون مالية 2024.. بين تأكيد حكومي على دعم القدرة الشرائية وتخوفات من استنزاف جيب المستهلك    حموشي يعقد لقاءات ثنائية مع رؤساء الأجهزة الأمنية للدول المشاركة في الدورة 91 لأشغال منظمة الأنتربول    الملك محمد السادس يدين سياسة العقاب الجماعي والتهجير القسري في غزة    هبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم جهة الشمال    الملك محمد السادس يدعو للوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار في غزة    الشروع في صرف التحويل المالي الأخير من برنامج "تيسير" ابتداء من يوم الجمعة المقبل    الغفولي وإمغران يصدران "فالهوا سوا" بإيقاعات أمازيغية    الممثل الأمريكي مات ديلون يتحدث ل"الأيام 24″ عن حبه للمغرب    قدمت حلولا شرعية للتعصيب.. التوحيد والإصلاح تقترح مرور قضاة بتجارب زوجية    على متنها 8 أشخاص.. تحطم طائرة أمريكية قبالة سواحل اليابان    أمير الكويت يدخل المستشفى إثر وعكة صحية طارئة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية    الجامعة تدين تصريحات حمزة بورزوق تجاه الناخب الوطني وليد الركراكي    أسماء المدير تقدم "أم كل الأكاذيب" في مهرجان مراكش السينمائي    قصيدة: عاشقان (ترانيم معتقلة)    تكريم مستحق للمبدع حميد الزوغي بمهرجان سيدي عثمان التاسع للسينما المغربية    استعدادا للمنافسات المقبلة.. الرياضية تعزز تجربة المشاهدة بإطلاق قنوات جديدة    كوبي ماينو يبدد حلم سفيان أمرابط    البطولة.. مريانة يقود تداريب الكوكب المراكشي إلى حين التعاقد مع مدرب جديد    ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من نقص الإمدادات    الرباط.. يوم وطني للتحسيس بمرض "مارفان"        آيت طالب يستعرض الاستراتيجية الوطنية لتحقيق السيادة الصحية في مؤتمر دولي    رصد أول إصابة بشرية بفيروس متحور لإنفلونزا الخنازير    السياسة لا تقبل، في جوهرها، بالجمود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول "المجتمع المدني" وجمعياته
نشر في العمق المغربي يوم 04 - 12 - 2015

تكلف السيد العلام عناء السفر حتى "أربعاء تغدوين" لكي يحاضر في موضوع "أية آفاق للمجتمع المدني في المجال القروي؟" (المساء 29 أكتوبر 2015)، غير أنه أخلف وعده، فهو:
1-يخلط بين أمرين مختلفين "المجتمع المدني" من جهة، والجمعيات المدنية من جهة ثانية، ولا تطابق، بل ارتباط عضوي وتبعية الثانية في الوجودين الموضوعي والتاريخي للأول.
المجتمع المدني ظاهرة موضوعية-تاريخية، ارتبطت وجودا مع ما سمي ب(العصر الحديث) ما يعني خصوصا، ظهور الصناعة وبالتالي تأسيس المدن الحديثة وطبقاتها وفئاتها الاجتماعية (البورجوازية والطبقة العاملة خاصة) الأمر الذي فرض علاقات اجتماعية ومجتمعية جديدة، قائمة على روابط جديدة وغير تقليدية (عائلية – قبلية...) أقصد: الجيرة في السكن والزمالة في العمل والعضوية في النقابة والإيديولوجية في حزب والهوايات في جمعيات رياضية أو ثقافية أو إحسانية...إلخ.
أما الجمعيات المنبثقة منه والمعبرة عنه ولا حصر لأنواعها، فهي تنظيمات إرادية، قانونية، غير إدارية وغير ثابتة في قوانينها وفي هياكلها المسيرة في انشغالاتها وبرامجها...
2-ولأن من قاد تأسيس المجتمع المدني منذ القرن 17 في أوربا هو بورجوازيتها، فلقد رافقها عندما اقتحمت عن طريق الاستعمار، إدارات دولنا ومجتمعاتنا التقليدية في المدن والأرياف جميعا، وأسواقنا التجارية وقيمنا وتقاليدنا المرعية.
غير أنه، وفي الحالتين: الأوربية الأصلية وفروعها في المستعمرات، فإن ذلك لم يعن بحال القضاء النهائي والمطلق على البنيات التقليدية للمجتمع. فهذه ستستمر موجودة، غير أنها مقلصة الدور (من الأسرة إلى العائلة) أو هامشية الوظائف والمواطن (القرى والبوادي وهوامش المدن).
3-وكما يقع الخلط بين المجتمع المدني وهيئاته أو جمعياته، فإنه يمتد أبضا ليطول التطابق هذه المرة بين الدولة وإدارتها (إداراتها بالأحرى). والحال أن الدولة شخصية معنوية أكبر كثيرا من شروطها المادية جغرافية كانت أم إدارية... إنها تاريخ وثقافة (عالمة وشعبية) وشعب بمجتمعيه المدني والتقليدي (عائلي – عشائري – قبلي – ديني وطائفي...)
الدولة إذن لا تختصر في إداراتها، بل هي أيضا معادلها الموضوعي: المجتمع المنظم تقليديا أو مدنيا، ولهذا فإنه لا يتصور عقلا ولا واقعا، وضع جمعيات المجتمع المدني في مواجهة الدولة. والحال أنه جزء منها، يوجد في مقابل إداراتها المختلفة بالأحرى: تشريعية – قضائية – عسكرية – ترابية – إعلامية – تربوية...إلخ.
4-لعل أهم مائز بين المجتمعين، التقليدي (قديم ووسيط) والمجتمع المدني الحديث. هو أن التصنيف الاجتماعي الأول يغلب عليه الطابع العمودي بين مجتمعاته (أو تجمعاته) القبلية الفلاحية غالبا. في حين أن التصنيف الاجتماعي الأفقي، بالتالي الوطني بين الطبقات والفئات... هو ما يسود بالنسبة للمجتمعات المدنية الحديثة ودولها الوطنية المركزية أو ما فوق المركزية (=القارية...).
5-لا تتصور هيئات "المجتمع المدني" لذلك، في مواجهة الدولة وإداراتها، بل فقط وأساسا في الموازاة لها، والدعم لمشاريعها، وسد بعض ثغراتها والنيابة عنها في بعض المهام التي تفشل في القيام بها... ولكن أيضا، في انتقادها والمبادرة إلى تقديم الملاحظات والاقتراحات لمختلف مرافقها الاقتصادية والإدارية والسياسية.
ذلك يعني أنها (=الجمعيات) لا تشكل معارضة سياسية بديلة، سواء للحكم وأنظمته أو بالأحرى للأحزاب، وظيفة المعارضة، في البناء الديمقراطي الحديث موكولة فقط وحصرا في الأحزاب السياسية، وفي أدواتها النضالية والإعلامية، سواء من خلال المؤسسات أو في الشارع... غير ذلك يعني المنهجية الفوضوية لا الديمقراطية.
6-يصرح المقال بوجود حالة اختلاف، وحتى تناقض، بين الجمعيات المدنية من جهة، والمجالس الاستشارية المنتخبة (بلدية – قروية – مهنية...) والحال أن هذه الأخيرة تعتبر في منطق الحداثة الديمقراطية في مقدمة هيئات وجمعيات المجتمعات المدنية (؟!)
أما عن الوصاية الإدارية عليها (=المجالس)، خاصة منها جانب المراقبة، فهذا يعم وإن بدرجات مختلفة، جميع الجمعيات المدنية الأخرى، ويميز المجالس عنها، كونها تتصرف في أموال عمومية، وتمارس اختصاصات وسلطات، تتقاطع مع مجالات عمل الإدارات العمومية، بما فيها الأمنية نفسها، وهي بالمناسبة ليست "مسيِّرة" ولا بالأحرى "تمثيلية" بل فقط وأساسا "استشارية" وتدبيرية جزئيا.
أما تلك (=التقريرية) فهي من النمط المطلوب (=الديمقراطية المباشرة) والمحاربة من قبل الديمقراطيات "الليبرالية" كما لاحظنا ذلك في حالة الهجوم الأطلسي على "الجماهيرية" (الحالة السويسرية كذبة فاقعة).
أما حديث المقالة عما اعتبره (حصان طروادة) الاستعماري والمسمى زورا بوصف "الديمقراطية التشاركية" فهو موضوع يطول شرحه وتحليله هنا(؟!)
7-إن شرط الاستقلالية بالنسبة لجمعيات المجتمع، لا يجوز أن يقتصر فقط على إدارات الدولة، بل يجب أن يشمل الدول الأجنبية أيضا وبالأحرى، والكثير من الهيئات (غير الحكومة) الخارجية والتي ليست سوى أدوات ضغط وتوجيه واستخبار... تستعملها الدول الاستعمارية لاختراق وإفساد... مجتمعاتنا وخاصة منها نخبها البئيسة ماديا و/أو أخلاقيا.
ليس من قبيل الدفاع عن إدارات دولنا شبه المستعمرة، القول بأنها لم تعمد إلى التدخلات الفجة في المجتمعات المدنية (عدا الأحزاب والنقابات) إلا اضطرارا ودفاعا عن مصالحها وربما وجودها نفسه.. ذلك لأن فرنسا أولا ثم إسبانيا واليوم ألمانيا وأمريكا (والسعودية أيضا رغم كونها "عربية") وزعت في ما بينها الكثير جدا من حوالي مئة ألف جمعية مغربية قائمة محلية ووطنية، ومولت أنشطتها (الحقوقية والتنموية والثقافية...) لأهداف لا علاقة لها بالمصالح والمطامح والأولويات الوطنية والقومية والدينية... المطروحة والملحة... إن النقد إما أن يكون شاملا أو لا يكون... والحال أن الذين ينتقدون تدخل الإدارة في الجمعيات... لا يشملون بنقدهم تدخل الخارج الاستعماري الأوربي والأمريكي لها، وذلك بشتى الطرق والوسائل.
إن الذي لا يقف عند التدخل الاستعماري، ويركز فقط على الفساد وعلى الاستبداد يستبطنه موضوعيا (=الاستعمار)، هذا مع أن الاستبداد هو أساسا وفقط فرع عن الاستعمار.
8-يتحدث المقال عن شيء اسمه "المجتمع الدولي" (؟!) الداعم والممول للعديد من تلك الجمعيات (؟) وللعلم، فإن هذا المفهوم والمؤسسات والممارسات الناجمة عنه، ليس هو هيئة "الأمم المتحدة" وميثاقها وقوانينها الدولية والمنظمات الشرعية المتفرعة عنها. وهي جميعا وعلى علاتها، تعتبر من مكاسب الإنسانية التقدمية، بعد أن انتصرت إثر الحرب العالمية 2 على بروز المظهر الثاني للرأسمالية المتوحشة (النازية والفاشية...) والذي ارتد عليها في عقر دارها (كما يحدث اليوم) وذلك بعد هزيمة المرحلة الأولى لبروزه، متمثلا في ظاهرة الاستعمار القديم (التقليدي
أو المباشر).
مصطلح "المجتمع الدولي" (نظير صنوه "المجتمع السياسي") هو بدعة استعمارية أمريكية جديدة، ارتبطت خاصة بغزوها للعراق (2003) خارج المؤسسات الشرعية الدولية، والتفافا، عليها وخرقا فاضحا لميثاقها ولمؤسساتها (مجلس الأمن الدولي خاصة)، ثم أعادت إنتاجه جزئيا في الغزو الأطلسي لليبيا، ثم في العدوان على سوريا المتعدد الأوجه والمستويات (أصدقاء الشعب السوري أكثر من 120 دولة ودويلة). ثم تحالف (60 دويلة لمحاربة (=دعم) داعش، الاسم الآخر ل"القاعدة"). إن الملاحظات أعلاه، تدخل في باب الحوار والتنبيه، ذلك لأن أكثر مقالات الأخ العلام تعتبر جيدة، مخلصة ومفيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.