ندوة دولية حول العدالة الانتقالية ضمن فعاليات مهرجان السينما والذاكرة المشتركة بالناظور    رئيس دولة الإمارات يهنئ الملك    عمور: المغرب يستقبل 15 مليون سائح ويسجل رقما قياسيا ب87.6 مليار درهم    خط مباشر يربط بين البيضاء وميونخ    لقجع: تتويج "الأشبال" ليس الأخير.. ونحتاج شبابا متشبعاً بثقافة الانتصار    لقجع يستقبل أعضاء بعثة منتخب "U17"    لتسريع تأهيل العرض الصحي.. افتتاح المستشفى الجامعي بكل من أكادير والعيون سنة 2025 وابن سينا بالرباط في بداية 2026    زواج صناعة الألعاب الإلكترونية بالسينما    مغاربة في "تحدي القراءة": "اقرأ" نافذة التفكير.. والحرف يشفي الإعاقة    المغرب يعزز استقلاله الدفاعي: قانون المالية 2026 يرفع ميزانية القوات المسلحة نحو صناعة عسكرية وطنية متطورة    زلزال دبلوماسي يهز الجزائر والبوليساريو: واشنطن تمهل النظام الجزائري 60 يوماً بين القبول بالحكم الذاتي أو مواجهة العقوبات    مؤسسة الدوحة للأفلام تعلن عن مجلس الأمناء الجديد    "ماركا" الإسبانية: عثمان معما يجسد الروح القتالية ل"أشبال الأطلس"    بضغط أمريكي.. الجزائر تتهيأ للتخلي عن "البوليساريو" والبدء في مسار سلام مع المغرب    الخطوط الملكية المغربية و"تشاينا ايسترن" يوقعان شراكة استراتيجية لتعزيز الربط بين الصين وافريقيا    الملك محمد السادس يفتح مرحلة جديدة من التحول: استثمار تاريخي في الإنسان والطاقة والدفاع    ميزانية القصر الملكي ترتفع بنسبة 2.5% في مشروع مالية 2026    إلى ذلك الزعيم    تشديد أمني في مطار بفلوريدا بعد رصد برج مشبوه قرب طائرة ترامب    من وحي المؤتمر الوطني الثاني عشر .. رسالة التجديد والثقة والإصلاح من أجل مغرب العدالة الاجتماعية    مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون مالية 2026 والنصوص المرتبطة به    لمن تذهب مليارات الإعفاءات الضريبية في مشروع مالية 2026؟    في إنجاز غير مسبوق .. أشبال الأطلس يكتبون التاريخ بالشيلي ويصعدون إلى قمة العالم    الملك محمد السادس يهنئ منتخب المغرب للشباب بعد تتويجه التاريخي بكأس العالم    أخبار نهائيات كأس العالم لكرة القدم (الشيلي 2025)    ليلة لا تُنسى في مدن المغرب .. الجماهير تخرج إلى الشوارع والساحات احتفالا بإنجاز أشبال الأطلس    الذهب يرتفع قليلا بعد تراجعه من أعلى مستوياته القياسية    الخطوط الملكية المغربية وChina Eastern Airlines توقعان على اتفاق شراكة إستراتيجية لربط الصين بالقارة الإفريقية    جلسة عمومية لمجلسي البرلمان اليوم الاثنين لتقديم مشروع قانون المالية    خيارات اتحادية وفقط    توقيع مؤلفات جديدة في فعاليات ملتقى سينما المجتمع التاسع ببئر مزوي    هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي    التشكيلي المنصوري الإدريسي يمسك ب «الزمن المنفلت»    علاج رقمي أم عزلة جديدة؟    بورصة البيضاء تغلق بحصيلة إيجابية    في موسم التحالفات الكبرى    اليوم الثالث من فعاليات المهرجان الوطني للفيلم يتميز بالمرأة والحرية والخيال    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    من سانتياغو إلى الرباط... المغرب يغني للنصر ويرقص على إيقاع المجد    وفاة أم وابنها وإصابة آخرين في حادثة سير خطيرة ضواحي الجديدة    مرتيل.. مصرع طالبة واختناق أخرى بسبب تسرب غاز البوتان    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية لتشجيع الرضاعة الطبيعية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    فرنسا..استمرار إغلاق متحف اللوفر عقب عملية سطو    لقاء حصري مع عبد الرحمان الصروخ يكشف تفاصيل صادمة حول نزاع عائلي دموي بدوار الرملة ببني جرفط    خامنئي: اعتقاد ترامب أنه دمّر المنشآت النووية الإيرانية "وهم"    الكاف يشيد بالتتويج المستحق للمغرب بكأس العالم تحت 20 سنة    سرقة في اللوفر.. نحو 60 محققا يلاحقون اللصوص والمتحف يمدد إغلاق أبوابه    وزارة الانتقال الطاقي تكشف عن مشاريع لتأهيل وتدبير النفايات المنزلية بإقليم الجديدة    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الريسوني يكتب: الاعتقال الاحتياطي.. أو ضحايا النيابة العامة
نشر في العمق المغربي يوم 02 - 04 - 2018

تذكرت هذا اليوم واقعةً وقعت لي قبل أربعين عاما أو تزيد.
كنت يومها موظفا أعمل بالنيابة العامة لدى الحكمة الابتدائية بمدينة القصر الكبير، بصفة محرر قضائي. وكان رجال الشرطة أو الدرك إذا أتوا بأحد الأظناء يتم إدخاله أولاً إلى نائب وكيل الملك في مكتبه، فيستنطقه ببضع جمل عما هو منسوب إليه، ثم يكتب التهمة على وجه الملف، ورقم الفصل المتضمن لها في القانون الجنائي، ثم يكتب تصريح المتهم بالاعتراف أو بالإنكار، ثم يرسل إلي الشخص المعني وملفه لكي أكمل الباقي وأوقع محضر الاستنطاق، ثم أعيده إلى نائب وكيل الملك ليوقعه، ثم يؤخذ المعني بالأمر إلى السجن. وفي بعض الحالات يفرج عنه.
وفي إحدى المرات أحال علي نائب وكيل الملك أحد الأظناء مع ملفه، وقد كتب عليه أنه: اعترف بالمنسوب إليه، وأن التهمة هي الاغتصاب…
سألت المتهم: هل دخلت على هذه المرأة إلى منزلها واغتصبتها؟ فأجابني بلهجته الجبلية بما معناه: نصيبك من البلاء لا بد أن يأتيك أينما كنت. ثم سكتَ. فأعدت عليه السؤال: هل اغتصبت فلانة في بيتها؟ قال لا، وإنما هو بلاء سقط علي بالباطل. فكتبت في المحضر أنه أنكر التهمة الموجهة إليه.
لما أعاد العونُ الملفَّ إلى نائب وكيل الملك نادى علي واحتج علي بغضب، لأني سجلت إنكار المتهم، بينما هو قد اعترف أمامه بالتهمة، وأنه معترف بها كذلك في محضر الدرك الملكي! فقلت له: يا أستاذ لقد سجلت ما سمعته أنا منه. فقال لا، بل سجلْ ما سمعته أنا. فأعدت كتابة المحضر، وسجلت فيه أن المتهم أجاب بالاعتراف، لكني رفضت التوقيع عليه، فوقعه نائب وكيل الملك وحده. وأرسل المتهم إلى السجن. وللعلم فمحاضر الدرك الملكي كانت وقتذاك تكتب باللغة الفرنسية، وأهل البوادي أكثرهم أميون لا يفهمون حتى العربية، فكيف بالفرنسية!
تذكرت هذه الواقعة، بعد ما نشرت وسائل الإعلام أن الرئيس المنتدب لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب، "وجه تعليمات صارمة إلى المفتش العام للسلطة القضائية، تقضي ببحث شروط وملابسات مسطرة الأمر باعتقال المشتبه فيهم من طرف النيابة العامة في أولى مراحل التحقيق معهم، والتي تسببت في اعتقال 1365 مواطنا نالوا أحكاما بالبراءة لاحقا".
والحقيقة أن هذا العدد من الأبرياء الذين يقضون فترات مختلفة من الاعتقال الظالم، يستدعي تحقيقا جنائيا مع الذين قرروا اعتقال الأبرياء، وليس فقط بحثا إداريا سيذهب في النهاية إلى مقبرة التحقيقات…
نحن أمام آلاف من المعتقلين الاحتياطيين الذين يستوطنون السجون لفترات تطول أو تقتصر، ثم يظهر أنهم أبرياء، وأن اعتقالهم كان ظلما.
والاعتقال الاحتياطي المنتهي بالبراءة، هو في أحسن الأحوال خطأ مهني جسيم. أما في أسوئها فهو تحكم وشطط في استعمال السلطة. وقد يكون وراء ذلك ما وراءه…
إن صفة "وكيل الملك"، أو "وكيل الدولة" تستمد مكانتها وهيبتها و"عظمتها" المخيفة عند الناس، من هذه الصلاحية الخطيرة بالذات، أي من سلطته وقدرته على أن يرسل أي مشتكى به أو أي مشتبه به إلى السجن، أو أن يفرج عنه. فكأنّه في نظر الناس يحيي ويميت.
وإذا استحضرنا طبيعة النفوس البشرية وحبَّها للتسلط والتحكم والنفوذ والأمر والنهي، إلا من رحم الله،
وإذا استحضرنا ما يعرفه الجميع من تفشي الرشوة والمحسوبية والتدخلات والوساطات،
إذا استحضرنا هذا وذاك: عرفنا لماذا بعض ممثلي النيابة العامة يكونون متعطشين للأمر بالاعتقال والإيداع في السجن، ولماذا تسجل التقارير زيادة مطردة في أعداد المعتقلين الاحتياطيين، حتى إنهم أصبحوا يشكلون ما بين ثلاثين وأربعين بالمائة من مجمل ساكنة السجون.
والذي يثار الآن هو الظلم المحقق للمعتقلين المحكوم عليهم في النهاية بالبراءة فقط.
ولكن هذا الظلم – المحقق بحكم القضاء- يصيب أيضا حتى المدانين المحكوم عليهم بعقوبة سجنية أقل من التي قضوها ما بين الاعتقال الاحتياطي والحراسة النظرية.
ويصيب كذلك المعتقلين المحكوم عليهم بحبس موقوف التنفيذ.
وكذلك المحكوم عليهم بالغرامة فقط.
فهؤلاء جميعا يكونون قد قضوا فترات من السجن الظالم، باعتراف القضاء نفسه.
وتترتب على جميع هؤلاء المعتقلين، ضحايا النيابة العامة، أضرار جسيمة في سمعتهم وصحتهم ومهنتهم ودراستهم وأُسرهم… فمن يجبر هذه الأضرار؟ وهل هي قابلة للجبر أصلا؟
والعجيب في الأمر هو أن المحرك الأول للمسؤولين القضائيين للنظر في هذه الكارثة ليس هو الظلم الذي يَحيق بآلاف الناس سنويا، بل هو الاكتظاظ الشديد الذي أصبحت تضجُّ به السجون والعاملون فيها، والكلفة الثقيلة التي تتحملها الدولة في ذلك!!
فمن هنا جاء البحث عن السبب وعن الحل، فاكتشفوا أن الاعتقال الاحياطي مرتفع جدا، فوجب تقليصه، تخفيفا على السجون …


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.