مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين تدين إعدام طاقم قناة الجزيرة في غزة    معتقلو حراك الريف يضربون عن الطعام والماء لمدة 48 ساعة تضامناً مع غزة والسودان    سطات.. توقيف عنصر حامل للفكر المتشدد الذي يتبناه تنظيم "داعش" الإرهابي    مقتل أربعة صحافيين من قناة الجزيرة بينهم أنس الشريف بقصف إسرائيلي قرب مستشفى الشفاء في غزة    وسط تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل… أستراليا تعلن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين    أشرف حكيمي: "إنه حلم أن ألعب مع المغرب خلال كأس إفريقيا للأمم"    صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية: المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس نموذج إفريقي رائد في التنمية والابتكار    الأرصاد تتوقع موجة حر شديدة في جنوب غرب فرنسا    تفكيك مخطط إرهابي لشاب متشدد بسطات على صلة بقيادي في "داعش"    حُقوقيو تيزنيت يدقّون ناقوس الخطر بشأن تعثر مشروع طريق حيويّة لسنوات بتافراوت    الإدارة الأمريكية "تحضر" لقمة ثلاثية بين ترامب وبوتين وزيلينسكي (نائب الرئيس الأمريكي)    من أجل استقبال أكثر من 25 مليون طن سنويًا.. توسعة جديدة لميناء الجرف الأصفر    كأس درع المجتمع: كريستال بالاس يحرز اللقب على حساب ليفربول        السفير المغربي بالصين: البعثات الطبية الصينية... رمز نصف قرن من الصداقة والتضامن بين المغرب والصين    عامل الجديدة يترأس لقاء تواصليا بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمهاجر        توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين        دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    عامل إقليم الحسيمة يخلد اليوم الوطني للمهاجر.. والرقمنة في صلب خدمات القرب لمغاربة العالم    استشهاد 4 صحفيين بقصف إسرائيلي استهدف خيمتهم في غزة من بينهم مراسل "الجزيرة" أنس الشريف    "سان جيرمان" ينزعج من حكيمي    زلزال مدمر يضرب تركيا    توقيف الناشطة لشكر بعد ارتدائها قميصاً مسيئاً للذات الإلهية    النيابة العامة المختصة تأمر بوضع ابتسام لشكر رهن تدابير الحراسة النظرية        الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطلق الدورة الرابعة من الأبواب المفتوحة لفائدة مغاربة العالم    بلال مرابط يكتب..فن التعليق على كل شيء: بين سقراط وجيل لا يهدأ    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني بمدينة الدار البيضاء    محكمة ألمانية تلغي غرامة رادار من نوعية اقتناها المغرب.. وجدل محلي حول نجاعته    رسمياً وابتداء من نونبر.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعطي الضوء الأخضر لقطرة VIZZ لعلاج ضعف النظر    بعد مشاركتها في مهرجان المضيف .. دعاء يحياوي تحيي حفلها الأول بمهرجان صيف العرائش    صرخة العرائش:قراءة في بلاغ الجسد المديني ومقاومة المعنى !    مسؤول أممي يحذر من الخطة الإسرائيلية بشأن غزة    تشكيلة المنتخب المحلي أمام كينيا    التقلبات ترفع الذهب في المغرب ب"زيادة طفيفة".. وضُعف الطلب مستمر    مغاربة يحتجون على رسو سفينة بطنجة        بعثة تجارية بلغارية تستعد لزيارة المغرب    أشرف حكيمي: اتهامي بالاغتصاب ظالم        يوليوز 2025 هو الأقل حرارة في 6 سنوات في المغرب.. لكنه "مخادع" مناخيا    خط بحري جديد لنقل الفواكه والخضروات المغربية نحو أوروبا    مداخل المرجعية الأمازيغية لبناء مغرب جديد    ميسي يواصل الغياب عن إنتر ميامي بسبب إصابة عضلية طفيفة    بعد انهيار قاتل.. منجم نحاس في تشيلي يستأنف العمل    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    ارتفاع ودائع الجالية في البنوك المغربية إلى 213,2 مليار درهم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    ماذا نعرف عن فيروس "شيكونغونيا" الذي أعاد شبح "كورونا" إلى العالم؟    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التربية على حقوق الإنسان كآلية للتصدي للعنف المدرسي .
نشر في العمق المغربي يوم 21 - 10 - 2019

تشهد السنوات الأخيرة تنامي حالات العنف داخل المدارس، وأكدت وزارة التربية الوطنية في مذكرة عممتها، أن العنف من جميع الجهات بالمؤسسات التعليمية، يعد سلوكا منبوذا بكل المقاييس التربوية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية، ويتعين التصدي الحازم له بمختلف التدابير المتاحة، وشددت في ذات المذكرة، على أن "الاعتداء على نساء ورجال التعليم والمس بكرامتهم، يعتبر بشكل لا تهاون ولا تسامح فيه، فعلا مرفوض قطعيا يمس المؤسسة التعليمية ككل والمنظومة التربوية برمتها”. بالمقابل تؤكد جمعيات ونقابات، أن المدرسة اليوم، فشلت فشلا في نشر وتنمية قيم المواطنة والسلوك المدني والتسامح وثقافة حقوق الإنسان في الوسط المدرسي.
إن التنامي المقلق لحالات العنف داخل المدارس، من خلال اعتداء تلاميذ على أساتذة داخل عدة مؤسسات تعليمية، أو في ما بينهم أكدت الوزارة الوصية أن العنف المدرسي ينقسم إلى عنف مادي كالضرب والمشاجرة والسطو على ممتلكات المدرسة أو الغير، والتخريب داخل المدارس والكتابة على الجدران، والاعتداء الجنسي والقتل والانتحار وحمل السلاح؛ وعنف معنوي، كالسب والشتم والسخرية والاستهزاء والعصيان وإثارة الفوضى بأقسام الدراسة، فمكافحة العنف في المدارس مثلا تشكل تحديا كبيرا لاحترام حقوق كل فرد ولضرورة العيش المشترك، فعادة ما تتم تسوية النزاعات بين الفاعلين التربويين عن طريق العنف، ويشهد على ذلك مع الأسف ظهور أسلحة بيضاء وأسلحة نارية في بعض المدارس، وممارسة التحرش والابتزاز وتنتهى بعضها باعتقال هؤلاء التلاميذ والتحقيق معهم، فيما يخوض الأساتذة مجموعة من الاحتجاجات يطالبون فيها بإقرار قوانين وإجراءات تحاصر هذه الظاهرة .
كانت قد أعلنت وزارة التربية الوطنية عن الانطلاقة الرسمية لبرنامج "سنة دراسية بدون عنف"، مؤكدة أنها تتطلع بدعم من شركائها إلى "بلورة خطة وطنية للتحسيس حول ظاهرة العنف بالوسط المدرسي"، داعية إلى "مزيد من الالتفاف حول المدرسة المغربية من أجل المساهمة في كسب رهانات التربية".
ويشكل التثقيف في مجال حقوق الإنسان إسهاماً أساسياً في منع انتهاكات حقوق الإنسان في الأجل الطويل والحد من العنف المدرسي، ويمثل استثماراً هاماً في السعي إلى تحقيق وجود مجتمع عادل تحظى فيه جميع حقوق الإنسان لجميع الأشخاص بالتقدير والاحترام. إضافة إلى توفير المشورة القانونية في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان بهدف إدماجها في السياسات والممارسات؛ وتسهيل تعلم الخبرات وفهمها ونقلها ومشاركتها في سبيل تحقيق وتشجيع حقوق الإنسان ودعم المؤسسات الوطنية؛ وتقديم برامج تعليم في مجال حقوق الإنسان من أجل تشجيع الثقافة في مجال حقوق الإنسان؛ وزيادة التوعية بحقوق الإنسان؛ والتواصل بشأن البرامج والشراكات الناجحة؛ وتسهيل الحوار بين مختلف أصحاب المصلحة في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان ودعم إشراك الآليات الدولية لحقوق الإنسان وحسن سير عملها. وفي 10 ديسمبر2004، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة البرنامج العالمي للتثقيف في مجال حقوق الإنسان للمضي قدماً في تنفيذ برامج التثقيف في مجال حقوق الإنسان في جميع القطاعات، وقد أُنشئ البرنامج العالمي بموجب قرار الجمعية العامة 59/113. وتوفر المفوضية السامية لحقوق الإنسان التنسيق العالمي للبرنامج العالمي، هذا الأخير يتألف من مراحل متعاقبة بغية زيادة تركيز الجهود الوطنية للتثقيف في مجال حقوق الإنسان على قطاعات محددة، وقد ركزت المرحلة الأولى (2005 – 2009) على التثقيف في مجال حقوق الإنسان في النظامين التعليميين الابتدائي والثانوي، أما المرحلة الثانية (2010 – 2014) ترتكز على التثقيف في مجال حقوق الإنسان في التعليم العالي وعلى البرامج التدريبية في مجال حقوق الإنسان للمعلمين والمربين والموظفين المدنيين والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والعسكريين.
وقد أكدت دراسة صدرت عن مكتب اليونيسكو في الرباط، سنة 2017، على أن إدراج دروس في التربية على القيم، وكذا الارتقاء بوضعية الأساتذة، من شأنهما الحد من العنف في الوسط التعليمي، وشددت على أن تحسين أجرة ومستوى عيش الأستاذ من شأنه مساعدته على إيلاء اهتمام أكبر للتلاميذ.
وتعني التربية على حقوق الإنسان خاصة مجموع الأنشطة التربوية المنظمة لفائدة الأطفال والشباب بهدف تطوير مواقف وسلوكيات تحترم القيم الإنسانية تجاه الذات (التقدير الذاتي، الإحساس بالكرامة) تجاه الآخرين. ومن العمليات المقترحة في محور التربية تطوير ملائمة المضامين والمناهج والعلاقات التربوية مع ثقافة حقوق الإنسان وإنتاج دعامات بيداغوجية للتربية على حقوق الإنسان ضمن إطار مرجعي مؤطر للفعل التربوي من منطلق مبادئ وقيم حقوق الإنسان. حيث يتم تعريف تدريس حقوق الإنسان على أنه جميع الأنشطة المنظمة في مجالات التكوين والإعلام والرامية إلى إيجاد ثقافة عالمية لحقوق الإنسان من خلال نقلل المعرفة والمهارات وتشكيل المواقف التي من شأنها : تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، التنمية الكاملة للشخصية الإنسانية وإحساسه بكرامته، النهوض بالتفاهم والتسامح والمساواة بين الجنسين والصداقة بين جميع الأمم والشعوب الأصلية والمجموعات العرقية، القومية، الاثنية، الدينية واللغوية، تمكين جميع الأشخاص من المشاركة بصورة فعالة في مجتمع حر، والعمل على تشجيع أنشطة الأمم المتحدة من اجل صون السلم. ويتمثل الهدف من التربية على حقوق الإنسان في تعريف كل فرد بالحقوق المتأصلة في شخص الإنسان، وبأنه يمكنه الاستفادة منها، واستخدامها، والمطالبة بها، إذ لزم الأمر، والمساهمة في حمايتها واحترامها.
فإذا كانت المدرسة عازمة على تطبيق ديمقراطية تشاركية حقيقية تستجيب لمهمتها المتمثلة في التنشئة الاجتماعية وبالتالي تكوين المواطن، فان عليها التوجه نحو مجتمع الحقوق، وإشراك مختلف الفاعلين، والتواصل بين المدارس ومحيطها الاجتماعي ويستلزم هذا النوع من الشراكات التزام ثلاثة أطراف: أولا السلطة التربوية، التي تسهل ولوج الجمعيات للمؤسسات المدرسية، ثانيا الفاعلون الجمعويون المدعوون لتكييف تدخلهم، وأخيرا المسؤولون المباشرون في المؤسسات، وخاصة المدرس(ة) الذي بفضل انخراطه، تتحقق الطبيعة العرضانية للتربية على حقوق الإنسان، التي من الأجدر أن تتكون أجزاءها من مفاهيم لحقوق الإنسان في بعدها التاريخي والقانوني والأخلاقي كجزء نظري، وأخر يضم أنشطة عملية تعلن عن الأهداف والوسائل التربوية والدعامات، ثم مرفقات تحتوي على نصوص عامة متعلقة بحقوق الإنسان باستعراض لبعض تجارب الدول الناجحة في مجال التربية على حقوق الإنسان، بتحديد المدرسين والمدرسات للصعوبات وتجاوزها بالتفكير وتبادل الأفكار، لكون الديمقراطية في المدارس تقتضي الانفتاح على المدرسة على تعدد الخبرات وتنوع الثقافات كما ينبغي أن تسمح بالتعايش بين أطفال ينحدرون من أوساط أو اثنيات مختلفة.
وأخيرا من اللازم إتباع السلطات المعنية والمؤسسات الوطنية خاصة مجلس حقوق الإنسان واللجان الجهوية التابعة لها نشر وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وتملك المجتمع لثقافة حقوقية تتجلى في مواقف وممارسات تحترم قيم ومعايير حقوق الإنسان وتظهر فالسلوكيات والحياة اليومية للمواطنات والمواطنين، ولاسيما من خلال المؤسسات التعليمية باعتبارها أحد الفاعلين الأساسيين في مجال التربية، بإتباع البنيات والآليات المعتمدة للوقاية ومحاربة العنف المدرسي، عن طريق تنظيم أنشطة لترسيخ قيم المواطنة وحقوق الإنسان، تخليد الأيام والمناسبات الوطنية والدولية حول حقوق الطفل والإنسان، ثم تنظيم مباريات ولقاءات دراسية.
مما ينبغي عدم التسرع في إصدار الأحكام، ويجب إعطاء الأولوية لجبر الضرر من أجل بناء المسؤولية، من أجل إشراك جميع الفاعلين والتزامهم مع شركاء المدرسة أمر ضروري من تلاميذ وآباؤهم، ومنظمات المجتمع المدني من اجل إعداد مشروع المؤسسة ووضع قواعد تراجع بشكل منتظم،حيث يعد هذا التعاون والالتزام ضمانة للنجاح المدرسي والاجتماعي، بنهج مقاربات لتشجيع التعاون والمشاريع، وتكوين المدرسين إذ يكتسي أهمية كبرى من أجل وضع إطار ديمقراطي بالمدرسة. ويجب أن تشكل حقوق الإنسان جزءا لا يتجزأ من هذا التكوين، فعلى سبيل المثال، ينبغي تقديم نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وغيرها من الوثائق الأخرى الإقليمية والدولية، وشرحها للمدرسين المستقبليين، الذين يجب عليهم أيضا الاستئناس بأساليب تدبير النزاعات، والتربية البينثقافية، والتربية على وسائل الإعلام، فضلا عن الاستئناس بالمناهج التربوية المتعلقة بالتعاون والمشاريع.
* باحثة في سلك الدكتوراه القانون العام والعلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.