يتضمن "تنازلات".. تفاصيل المقترح الإسرائيلي لوقف الحرب    البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال27).. اتحاد تواركة يفوز على مضيفه شباب المحمدية (2-0)    قرصنة المكالمات الهاتفية توقع عصابة صينية في قبضة أمن البيضاء    بعد تلويحه بالاستقالة.. مظاهرات حاشدة بإسبانيا دعما لرئيس الوزراء    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    قيوح: المؤتمر 18 لحزب الاستقلال انتهى.. وأعضاء المجلس الوطني مطالبين بالتصويت على الأمين العام المقبل    إندونيسيا.. زلزال بقوة 5ر6 درجات قبالة جزيرة جاوا    تعزية في وفاة خال الدكتورة إسلام أخياظ    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    أيت الطالب وأمزازي يعطيان انطلاقة خدمات 34 مؤسسة صحية بجهة سوس    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    اتحاد العاصمة يواصل تداريبه رغم تهديده بالانسحاب.. ومراقب المباراة يرفض تسجيل اعتراضهم    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    الملك: علاقات المغرب والطوغو متميزة    وزير الصحة يدشن مستوصفات جديدة    إسبانيا تعترض 25 طنا من المخدرات    إسدال الستار على فعاليات "ليالي الفيلم السعودي" في الرباط    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    بدء أشغال المؤتمر السادس للبرلمان العربي بالقاهرة بمشاركة المغرب    التلميذة فاطمة الزهراء ضحية مدير ثانوية "التقدم" فمولاي يعقوب فتصريح ل"كود": هادي 3 سنين والمدير كيتحرش بيا وكيدير هادشي مع بزاف دالبنات    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    تتويج شعري في ملتقى الشعر والفلسفة    منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    وفد ألماني يطلع بتطوان على العرض البيداغوجي للمعهد المتوسطي للتدبير    مظاهرة حاشدة في مدريد لدعم رئيس الوزراء وحثه على البقاء    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح وآثم من فعل ذلك    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    الخارجية البريطانية: ملتازمين بتعزيز وحماية حقوق الإنسان فالصحرا وكنشجعو الأطراف باش يواصلوا جهودهم فهاد الصدد    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    المغرب يواجه واحدا من أكثر المواسم الفلاحية كارثية في تاريخه    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    تواصل حراك التضامن مع الشعب الفلسطيني في المغرب.. مظاهرات في 56 مدينة دعما لغزة    خمسة فرق تشعل الصراع على بطاقة الصعود الثانية وأولمبيك خريبكة يهدد حلم "الكوديم"    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    سيناريوهات الكاف الثلاث لتنظيم كأس إفريقيا 2025 بالمغرب!    مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    هجوم روسي استهدف السكك بأوكرانيا لتعطيل الإمدادات د مريكان    سامسونغ تزيح آبل عن عرش صناعة الهواتف و شاومي تتقدم إلى المركز الثالث    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    الأمثال العامية بتطوان... (582)    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقبات أمام تقويم تشخيصي ناجح وفعال
نشر في العمق المغربي يوم 23 - 10 - 2019

تولي وزارة التربية الوطنية أهمية بالغة مع كل دخول مدرسي لعدد من المساطير والإجراءات المدرسية، وفي طليعة ما باتت تحرص على أن يتم إنجازه منذ المخطط الاستعجالي عملية تمرير الروائز التشخيصية لتقويم المستلزمات الدراسية التي تحولت إلى مرحلة إلزامية تسعى لتنظيمها قبل الشروع في تدريس منهاج السنة الدراسية، حيث يجتاز المتعلمون عددا من الاختبارات، فور التحاقهم بمدارسهم، التي أصبح يطالب المدرسون بتوثيقها بتقارير تفصيلية توضح مجريات العملية بدقة.
ماهية التقويم التشخيصي وأهميته
التقويم التشخيصي أو التقويم البدئي، كما هو معروف، هو شكل من أشكال التقويم الذي يباشره الأساتذة مع تلامذتهم بداية كل سنة دراسية والذي يهدف إلى تشخيص مستوى تعلماتهم في مجال محدد بغرض تهيئتهم لتعلمات جديدة.
التقويم التشخيصي هو انعكاس لنظريات التعلم الحديثة ومواكبة لها، ففي ظل الفروق النفسية والاجتماعية والمعرفية المتعددة لم يعد ممكنا التعامل مع التلاميذ من نقطة الصفر، كما لا يمكن تنميط المتعلمين مثلما كان يحدث سابقا، باعتبار أن كل متعلم يملك تجربته التعلمية الخاصة، لذلك يتعذر التعاطي معهم ككتلة متجانسة الشيء الذي يستدعي تفييئهم وفقا لاستعداداتهم المتنوعة.
التلاميذ كذلك بحاجة لفترة زمنية يستعيدون فيها إيقاعهم المدرسي بعد انقطاع العطلة الصيفية الطويل، والتقويم التشخيصي تمهيد لهم لاسترجاع ما تم تعلمه بعد تجلية عوائق التعلم التي تعترضهم، وهو مناسبة كذلك للتخلص من ضغوط البدايات والاستئناس بالأجواء الدراسية.
واقع التقويم التشخيصي في المدرسة المغربية
أصبح التقويم التشخيصي عملية تكتسي بعدا رسميا في الممارسة الصفية بالمدارس المغربية منذ المخطط الاستعجالي أي ما يزيد عن العشر سنوات وهي مدة كافية لتتبع أثره عند التلاميذ المغاربة.
حيث أن سؤال نجاعة التقويم التشخيصي يبقى مطروحا في ظل الإكراهات التي تعيشها المنظومة التربوية المغربية التي تضع أي مستجد يطرأ عليها في معضلة البحث عن آليات تنزيله وتكييفه مع الواقع التعليمي المحلي، حيث يصطدم بعدد من المعيقات التي تحد من فعاليته بشكل كبير.
التعثر المزمن في انطلاق الموسم الدراسي
يرتبط التقويم التشخيصي بجدولة زمنية واضحة، حيث تحدد له فترة معينة لإجرائه، لذلك فإن أول ما ينبغي الحرص على مراعاته وتوفيره الحيز الزمني اللازم لإجراء هذه العملية وإلا فإن العملية ستفقد جدواها، لكن واستنادا إلى الواقع المعاش في مؤسساتنا التعليمية فإن السمة الغالبة على الدخول المدرسي في مختلف مواسمه هو التعثر المزمن، حيث تفشل الوزارة في تأمين الزمن المدرسي في بداياته بسبب ما يحدث من ارتباك تدبيري روتيني في مختلف مديرياتها الشيء الذي ينعكس على مؤسساتها التعليمية في عمليات تدبير الخصاص وإعادة جدولة الحصص والذي ينجم عنه تغيير الأساتذة في حالات عديدة كما في سلكي الثانوي التأهيلي والثانوي الإعدادي، وكذا في عمليات توزيع الكتب المدرسية في السلك الابتدائي وباقي الإجراءات التي تحدث تداخلا بين مختلف العمليات والتي تقلص من مدة التقويم التشخيصي وإجراءات الدعم المرتبطة به.
الخلاصة أن هذه المرحلة تحولت في عرف الكثير من الفاعلين التربويين إلى عملية هامشية لتقطيع الوقت ليس إلا ريثما تستقر الأوضاع لانطلاقة فعلية للموسم الدراسي.
مسؤولية الأستاذ الحصرية على العملية
رغم الحديث الرسمي المستمر على تطوير نظام التقويم والإشهاد وإضفاء الطابع المؤسسي عليه بانخراط عدد من مختلف الفاعلين التربويين في تدبيره، ورغم أن الأدوار المحورية في هذه العملية موكلة إلى مؤسسة التفتيش التربوي إلا أن إشراف هذه المؤسسة وتأطيرها للعملية يكاد يكون منعدما في المؤسسات التعليمية العمومية، الأمر مختلف طبعا مع المؤسسات الخاصة. كما أن مجالس المؤسسات (المجلس التربوي ومجالس الأقسام) التي يجب أن تنظم هذه العملية على مستوى المدارس تكتفي بلقاءاتها الدورية الجامدة دون أن تقدم شيئا يذكر لها.
أما بخصوص العدة البيداغوجية التي كانت تبشر بها الوزارة طيلة السنوات الماضية، فقد ظلت حبرا على ورق ولم تتوفر في الفصول الدراسية ولم تصل إليها رسميا إلا مع مشروع peeq الذي سعى لتنظيم العملية في مادتي الرياضيات والنشاط العلمي حصرا.
هذا المشروع المعتمد حديثا ورغم عدد من الملاحظات حوله إلا أنه بدوره لم يجد طريقه نحو التنزيل الحقيقي رغم مضي ست سنوات على اعتماده ورغم الحديث عن تعميمه في المذكرة 18×123 الصادرة بتاريخ 28 غشت 2018، إذ اقتصر على محاولات جزئية لتطبيقه في هذا الموسم الدراسي عبر الاكتفاء بتوصيات فوقية للأساتذة لاعتماده في بعض المناطق دون توفير عدته الورقية، هذا عن العدة الإلكترونية غير المكتملة وبعض الإشكالات الأخرى المرتبطة بالتكوين الذي لم يستفد منه أغلب أساتذة التعليم الابتدائي.
كل هذا يجعل المسؤولية ملقاة على عاتق الأستاذ وحده في عملية إعداد الروائز وكذا تقويمها والدعم المرتبط بها الذي يفترض أن يكون ثمرة جهد جمعي، الشيء الذي ينقص من قيمة هذه العملية المركبة ويعرضها للارتجالية.
عزلة التقويم التشخيصي عن باقي العمليات التعليمية
يعد التقويم التشخيصي لبنة تأسيسية هامة يبنى عليه العام الدراسي، لكن ما موقعه في واقعنا التربوي؟ وما مدى إسهامه في السيرورة التعليمية؟ وكيف يتفاعل مع باقي أشكال التقويم المتعددة (التقويم التكويني – التقويم الإشهادي…)؟
هذه الأسئلة لا تجد لها أجوبة في منظومتها التعليمية، حيث أننا نلحظ غياب الترابط والانسجام بين مختلف أشكال التقويم في علاقتها بالتقويم التشخيصي، ذلك أن المعايير المعتمدة فيه غالبا ما تكون مختلفة عن المعايير في غيره من التقويمات مما يقطع العملية عن العمليات التعليمية الأخرى، فيصعب جمع معطيات هذا التقويم واستثمارها، وهو ما يسائل منظومة التقويم التقليدية التي لم يبذل مجهود حقيقي لتطويرها.
كذلك فإن عدم تناسب المستوى الفعلي للمتعلمين مع المستوى الذي يحسبون عليه رسميا يؤدي إلى تعقد إنجاز العملية، حيث أن الصعوبات العميقة التي تظهر تتجاوز التعثرات التي يفترض أن يكشفها التقويم التشخيصي وتعالجها عمليات الدعم المرتبطة به، فالذي يتبين عند حالات كثيرة من التلاميذ أنهم غير متمكنين من كفايات أساسية مرتبطة بمستويات دنيا الشيء الذي يجعل من مدة تقويم المستلزمات الدراسية الأولية مدة غير كافية لمعالجة هذا التدني المهول في مستوى المتعلمين.
وحتى خطط الدعم المعمق التي تخضع لإكراهات توفر الموارد البشرية واللوجيستيكية (الأساتذة والحجرات الدراسية …) وحسن تدبيرها في سلكي الثانوي التأهيلي والثانوي الإعدادي تتحول إلى مسألة ثانوية بدل أن تكون ثابتة في برامج الوزارة ومخططاتها. أما في سلك الابتدائي فهي تخصم من زمن التعلمات الأساسية الجديدة، وهو ما يشكل إرباكا كبيرا للمدرسين المطالبين بالعمل على تحقيق كفايات السنة الدراسية وكذلك على العودة بسنوات إلى كفايات غير متمكن منها عند كثير من المتعلمين، حيث تبقى البيداغوجيا الفارقية عاجزة عن معالجة هذا الشرخ الواسع الذي تتحمل مسؤوليته الوزارة بعد أن تفاقم لمستويات قياسية بالذات منذ رفعها لشعار “النجاح للجميع” الذي تحول في ظل فشلها في تجويد منتوجها التربوي إلى إجراء كمي يعمم الرداءة التي لم تعد تفيد فيها أية إجراءات ترقيعية كالتي يراد تمريرها تحت عباءة التقويم التشخيصي والعمليات التي تليه.
فالأصل أن تركز الوزارة على تحقيق الكفايات الأساسية في حينها أما أن تتغاضى عن الاختلالات حتى تتعاظم ثم تطلب علاجها بعد ذلك فتلك مسألة غير منطقية. ثم إن دعم المتعثرين لا يشمل إلا الحالات الخاصة في النظم التربوية العصرية أما أن تكون الغالبية من المتعلمين معنية بهذا النوع من الدعم، فهو أمر يتطلب مساءلة النظام التربوي المغربي ومحاسبته محاسبة دقيقة وتحديد المسؤوليات عن هذا الفشل الذريع بدل رمي الكرة بعيدا عن المسؤولين كما يفعلون دائما.
المحصلة أن عملية التقويم التشخيصي قد فقدت نجاعتها والمؤسف ألا إرادة من طرف القائمين على الشأن التعليمي في البلاد لتجاوز المعيقات التي تعترضها ما دام الهاجس الذي يطغى عليهم هو المتعلق بالجانب التوثيقي عبر إنجاز عدد من التقارير والأوراق الخاصة بها حتى تحسب تلك العملية على النظام التربوي المغربي الذي يزعم مواكبة الأنظمة التربوية العالمية لكن في الجوانب الشكلية فحسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.