الدرك يحتفل بذكرى تأسيس القوات المسلحة    بعد استئنافه الحكم.. حامي الدين يمثل أمام محكمة فاس في هذا التاريخ    وزير التجهيز: 3000 كلم طرق سيّارة ستواكب تنظيم المغرب لكأس العالم    رئيس رابطة "لاليغا": كيليان مبابي سينضم إلى ريال مدريد لخمسة مواسم    كيف يمكن الاستعداد لامتحانات البكالوريا بهدوء وفعالية؟    تاريخها يعود ل400 مليون سنة.. الشيلي تعيد للمغرب 117 قطعة أحفورية مهربة    قيمة منتجات الصيد الساحلي والتقليدي المسوقة ارتفعت لأزيد من 3,5 مليار درهم    المغرب يجدد رفضه وإدانته للعدوان الإسرائيلي على غزة    الاتحاد الأوروبي يمنح الضوء الأخضر النهائي لميثاق الهجرة واللجوء الجديد    شبيبة "البيجيدي": تصريحات ميراوي غير مسؤولة وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها في أزمة طلبة الطب    القضاء يتابع مُقتحم مباراة نهضة بركان والزمالك    الجامعة تعين مساعدا جديدا لطارق السكتيوي    التوقيع على مذكرة إنشاء المركز الدولي للبحث والتكوين في الذكاء الاقتصادي بالداخلة    340 نقطة سوداء على مستوى الطرق الوطنية تتسبب في حوادث السير    "أمنستي المغرب" تدعو إلى إلغاء تجريم الإجهاض والعلاقات الجنسية خارج الزواج    تنسيقيات التعليم تؤكد رفضها القاطع ل"عقوبات" الأساتذة وتحذر من شبح احتقان جديد    "الطابع" لرشيد الوالي يكشف عن مأساة مهاجر مغربي في رحلة بحث عن الهوية    حيتان "الأوركا" تحطم قاربا شراعيا بسواحل طنجة.. وتنسيق مغربي إسباني ينقذ طاقمه    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    جماعة طنجة ترصد نصف مليار لتثبيت مئات الكاميرات لمراقبة شوارع المدينة    دار الشعر بمراكش تواصل الانفتاح على التعدد اللساني والتنوع الثقافي المغربي    "أكديطال" تفتتح مستشفى ابن النفيس    إدارة السجن المحلي بتطوان تنفي تعرض سجين لأي اعتداء من طرف الموظفين أو السجناء    ارتفاع حصيلة قتلى العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 35173 منذ بدء الحرب    بسبب إياب نهائي الكونفدرالية.. تأجيل مواجهة نهضة بركان والرجاء إلى يوم 23 ماي القادم    الخط الأخضر للتبليغ عن الفساد يسقط 299 شخصا        طبعة ثانية من « أوراق من دفاتر حقوقي «مهنة الحرية « للنقيب محمد الصديقي    "أطلنطا سند" تطلق التأمين المتعدد المخاطر منتوج "برو + المكتب"    الباحث البحريني نوح خليفة: جهود المغرب تأتي موازية لتطلعات العالم الإنساني وعالم الطبيعة    قُصاصة حول إصدار    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    هاشم تقدم مؤلف "مدن وقرى المغرب"    بيع لوحة رسمها الفنان فرنسيس بايكن مقابل 27.7 مليون دولار    دعوات متزايدة عبر الإنترنت لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال الحرب على غزة    الصين تدعو لعلاقات سليمة ومستقرة مع كوريا    أسعار النفط تواصل الارتفاع وسط توقعات شح الإمدادات    هل تكون إسبانيا القاطرة الجديدة للاقتصاد الأوروبي ؟    توظيف مالي لمبلغ 3,8 مليار درهم من فائض الخزينة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    10 لاعبين يحرجون ريال مدريد قبل انطلاق الميركاتو    الجمعية الرياضية السلاوية للدراجات تتوج بسباقي القصر الكبير وأصيلا    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    المغرب يفكك خلية إرهابية موالية ل"داعش" ينشط أعضاؤها بتزنيت وسيدي سليمان    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    جامعة شعيب الدكالي تنظم الدورة 13 للقاءات المغربية حول كيمياء الحالة الصلبة    بطولة فرنسا: مبابي يتوج بجائزة أفضل لاعب للمرة الخامسة على التوالي    تبون يلتقي قادة الأحزاب السياسية.. هل هي خطوة لضمان دعمها في الاستحقاقات الرئاسية؟    اعتقالات و"اقتحام" وإضراب عام تعيشه تونس قبيل الاستحقاق الانتخابي    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    الأمثال العامية بتطوان... (597)    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للجنين نفس لها حرمتها وقتله او المساهمة في ذلك جرم عظيم
نشر في العمق المغربي يوم 10 - 11 - 2019

بين يدي البرلمان المغربي مشروع تعديلات تهم القانون الجنائي وضمنه ما يتعلق بالاجهاض، ومن الواجب ان يعرف النواب المحترمون خطورة ما هم مقدمون عليه على اخرتهم قبل دنياهم، وما سيكون بين يدي ربهم قبل حساب الامة المغربية المسلمة التي اختارتهم، وبان كل جنين حرم من حقه في الحياة بغير حق بسبب ما شرعوه او شرع لهم وصادقوا عليه لهم كفل من ذنب قتله واسقاطه، وليستحضروا انهم شركاء في الجريمة مع المراة التي اسقطته والطبيب الذي اجهض وكل من ساهم من قريب او بعيد، وقوله عمر رضي الله عنه مشهورة معلومة في تحميله مسؤولية جريمة القتل لكل من ساهم فيها كما جاء في موطا مالك ” عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر قتل خمسة أو ستة برجل قتلوه غيلة وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا ” ويستحضرون قبل ذلك قول ربنا “:” مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”
الاجهاض قتل نفس في طور النمو والاكتمال
فالإجهاض كما هو معروف، إسقاط الجنين قبل تمامه وكمال مدة ولادته، وهو العمل المقصود لإيقاف الحمل سواء من الحامل أو غيرها، وعرف بأنه: “إخراج الجنين عمداً من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته أو قتله عمداً في الرحم” فهناك فرق واضح بين الإجهاض والحيلولة دون وقوع الحمل باستخدام الوسائل المختلفة، فهذه الأخيرة اجتهاد لمنع حدوث الحمل أصلا، ولو شاء الله لكان، والإجهاض تدخل بعد تكون الجنين ولو في مراحله الأولى، والعلماء يتحدثون عن بداية حياة معتبرة من نهاية الأسبوع الثاني من الحمل ويستدلون بحالة انفصال التوأمين وتكون عادة في حدود اليوم 14 من تلقيح البويضة.وهناك من يؤكد أن الدراسات الحديثة دلت على أن الجنين يأخذ جميع المواصفات الخلقية للإنسان فى غضون الأسابيع الثمانية الأولى.
وفي الحديث النبوي الشريف يأخذ الجنين صورته الآدمية البشرية السوية، بعد أربعين يوما من جمع خلقه في بطن أمه. وهو بالتعبير القرآني عندما يصير “خلقا آخر” فلا تسمى النطفة نفسا ولا العلقة ولا المضغة كذلك ، قال تعالى:”(ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين).
وقد روى مسلم عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني أنه سمع عبدالله بن مسعود يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة ، بعث الله إليها ملكا . فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها . ثم قال : يا رب ! أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء . ويكتب الملك . ثم يقول : يا رب ! أجله . فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك . ثم يقول : يا رب ! رزقه . فيقضي ربك ما شاء . ويكتب الملك . ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده . فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص ” .ولا يتوسع في الامر باستحضار الحديث الذي يتحدث عن نفخ الروح عند مرور مائة وعشرين يوما، فاولا هذه النصوص في البخاري او مسلم ليست في موضوع الاجهاض وقتل الاجنة ولا تفهم منها البتة، وعلى فرض وجود التعارض بين ما يمكن ان يفهم ويستنبط يكون الترجيح بضابط المصلحة التي تنص على حرمة النفوس فيعتمد النص الاحوط وهو الذي يتحدث عن نفخ الروح في اثنين واربعين يوما عوض مائة وعشرين، او يعمل بدلهما في بداية حياة الجنين بقول الطب الحديث في معرفة بداية تخلق الجنين في بطن امه وتطوره، ويعتمد لفظ النفس التي تطلق على مجرد وجود حياة معتبرة ويترك امر الروح لله تعالى، ونحن نهينا عن قتل النفس بغض النظر عن الروح.
فهل اضحت الاجنة عند البعض اقل شانا من الحيوان؟
فبظهور ملامح البشرية على الجنين يصبح نفسا بشرية يحرم الاعتداء عليها وحرمانها من حق الحياة، وكل اعتداء عليها قتل وجريمة، وفعل شنيع لا يقل في عمقه عن بشاعة ما نستنكره من أفعال من يتساهل في أمر الدماء، فإذا كان الشرع قد نبه إلى أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها حتى ماتت، بحيث لم تطعمها ولم تتركها ولم تفتح لها الباب لتأكل من خشاش الأرض والحشرات والهوام ونحو ذلك، وفي مشروع التعديلات بين ايديكم تجريم لقتل الحيوان فكيف بجنين الانسان، جاء في «المخالفات المتعلقة بالحيوانات:1. «الفصل 613.- دون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد، يعاقب «بالغرامة من 500 إلى1.200 درهم :«1 – من تسبب في موت أو جرح حيوان أو دابة مملوكة للغير ؛ «2 – من ارتكب علانية قسوة على حيوان مستأنس مملوك له«أو معهود إليه برعايته، وكذلك من أساء معاملته بالزيادة في «حمولته.»
فهذا في الحيوان كيف بالنفس البشرية في أي مرحلة من مراحل تكونها قبل نفخ الروح وبعدها، ولاشك أن شناعة الجريمة تعظم بحسب مرحلة التدخل بالإجهاض، فمتى تكونت النفس فقد أصبحت لها حرمة النفوس، والتي لم يجزئها الشرع إلى كبيرة أو صغيرة، جنين في بدايته أو كهل وشيخ كبير في أواخر عمره، وإنما قال:” مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا” والجنين لم يقتل أحدا ولم يحدث فسادا في الأرض، فبأي حق يقتل ويجهض ويحرم من الحياة.
حرمة الاجنة في السنة:
فحين يشاء الله خلق جنين، يحرم ان يعمد احد الى اسقاطه امه او غيره، وفعل ذلك رد لقدر الله واعتراض عليه واهدار لحق نفس في الحياة بغير وجه حق،وفي الحديث المتفق عليه ما يؤكد جرم قتل الاجنة حيث جعل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قيمة ما كان يشترى به عبد يومئذ وهو مال معتبر لا يكون الا في جريمة معتبرة وهو ما يقابل اطعام ستين مسكينا او صيام شهرين باعتبار هذا كان يقابل عتق رقبة لمن عجز عنها، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في امرأتين من هذيل اقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى بحجر فأصاب بطنها وهي حامل فقتلت ولدها الذي في بطنها فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية ما في بطنها غرة عبد أو أمة فقال ولي المرأة التي غرمت كيف أغرم يا رسول الله من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما هذا من إخوان الكهان » فانكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم معارضته لحكم الشرع وذم سجعه وتكلفه في الكلام والخطاب لابطال الحق، وبين له ان حرمة النفس قبل ولادتها كحرمتها بعد ولادتها وان اختلف الحكم الواجب والجامع حرمة الاعتداء على نفس ادمية من غير ان يدخل النبي صلى الله عليه وسلم في تفاصيل مائة وعشرين يوما او ثلاثة اشهر او تسعين يوما او اثنين واربعين ونحو ذلك. وفي الحديث الذي رواه الترمذي وصححه الالباني « والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة » وكل ذلك يدل على الحرمة وعظم القدر وما حل من مصيبة بالام وذويه، وفي حديث ابن ماجة وصححه الالباني عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: »والذي نفسي بيده، ان السقط ليجر امه بسرره الى الجنة اذا احتسبته » فاذا كانت هذه قيمة الجنين الذي لم يكتمل فكيف بمن اكتمل، ويدل الحديث ان الجنين كائن بشري كامل له ذمته ومكانته ويدخل الجنة ويدخل امه بل ويشفع في ابويه يوم القيامة، وهذا يؤكد خطورة وجسامة الجناية عليه بالقتل والاجهاض وحرمة الاعتداء على حقه في الحياة (انظر:دليل المقاصد التربوية للمرحلة الجنينية د.عبد الرحمان العمراني)
من عظم الجرم ان تزيد الزانية قتل النفس على جريمة الزنا
فهل من المعقول بعد كل هذا أن نأخذ الجنين بجريرة وذنب غيره؟ فهذه زنت بإرادتها وارتكبت إثما ومعصية، أيليق أن نزين لها قتل جنينها، أو نسهل لها فعلتها الشنيعة بالتقنين وغيره، لتزيد على إثم عظيم إثما أعظم منه، إذ معلوم تقديم النفوس على الأعراض في ترتيب المقاصد، وكذلك قتل النفس عند الله أعظم من الزنا.
للمغتصبة غسل رحمها مباشرة بعد اغتصابها
وتلك امرأة اغتصبت لا ذنب لها فيما وقع، إذا تحركت قبل تكون الجنين وغسلت رحمها من ماء المجرم المغتصب، فلا شيء يعاب عليها، لكن إذا تكون الجنين وأصبحت له نفس حية، فبأي ذنب يسقط ويجهض؟ وما دخله هو في جريمة الاغتصاب وأمر الضغط الاجتماعي والعار ونحو ذلك من آثار تلك المصيبة،
لا يدفع شر زنا المحارم بمصيبة اعظم منه
وكذلك الشأن في “زنى المحارم” نسأل الله العفو والعافية والسلامة من كل بلية، فهل كلما ارتكبت حماقة وجنون وتفلت أخلاقي واجتماعي وخروج عن الشرع والعرف والقانون، هربنا إلى الأمام وتنازلنا عن المبادئ والأصول وقننا المصائب وبحثنا عن الحلول التي نرى أنها سهلة ولو كانت عند الله عظيمة، وركبنا ظهر جرائم أبشع وأشنع كأن نجيز ونسوغ قتل النفوس ولو في حدود كما نتوهم، ويؤدي الأجنة الثمن، نعم، حمل المحارم بعضهم من بعض كارثة أخلاقية عظيمة ينفر منها معظم الآدميين في الأرض، ولكن مهما كان من أمرها، ليست في مستوى قتل النفس، على الأقل في ميزان الشرع، فلا يدفع شر بأقبح منه.
المتساهلون في الاجهاض “دواعش” قتلة
ثم لماذا التفكير في اتجاه قتل الأجنة وإجهاض ما في الأرحام؟ ألأنهم الحلقة الأضعف، فهم لا يدرون ولا يعلمون وهم في أحشاء الأرحام ولا يعرفهم أحد ولم يستأنس بهم أحد ولم يألفهم أحد؟ أليسوا نفوسا، أليسوا خلقا من خلق الله، لهم حق الحياة كما نريد جميعا أن نتمتع بحق الحياة؟ ثم متى كانت الحقوق تمنح فقط للأقوياء، إلا إذا أصبحنا في غابة الوحوش يحكمها قانون الغاب؟ ألا ننزعج ويشتد بنا الألم والحسرة لما آلت إليه أوضاع المسلمين في التساهل الشديد في الدماء؟ ألا نتمنى أن لا يكون لنا أدنى صلة وأدنى علاقة ولو كانت مجرد كلمة الإسلام بيننا وبين هذه المخلوقات التي تقتل بجهل وهوى وبأدنى شبهة؟ أليس دعاة الإجهاض ودعاة تقنينه في اتجاه توسيع باب الإباحة فيه أشد وأسوأ من “الدواعش”، لأن هؤلاء يقتلون على الشبهة، ودعاة الإجهاض يقتلون الأبرياء؟ فكيف يواجهون سؤال: وإذا الأجنة سئلت عند ربها بأي ذنب حرمت من حقها في الحياة، وأي جرم ارتكبت حتى تقطع أوصالها وترمى في مجاري المياه والمزابل؟
لا يجوز تسهيل مهمة “دواعش”الاجنة بالتقنين وتوسيع الاباحة:
و”دواعش”الأجنة، يجب تشديد عقوباتهم وقبل ذلك تعريتهم وكشف أقنعتهم وإزالة الأصباغ التي تغطي أوجههم الكالحة وأنيابهم الحادة البارزة التي بها يفترسون وينهشون الأجسام الغضة الطرية، ومخالبهم التي بها يقتلون ويمزقون، سيظهر بعضهم في صور ذوي البدل البيضاء ممن يحمل أمل الرحمة والشفاء والشفقة على النساء وتفريج الكرب وإزالة الهموم والغموم، وحقيقتهم سباع مفترسة وذئاب جائعة على الدوام مهما كدسوا من أموال وثروات، فقط، هم يتوجسون من العمل السري ويخشون المحاسبة وانكشاف أمرهم، ويسعون بتقنين الإجهاض إلى أكل فرائسهم في هدوء وراحة بال من غير إزعاج.
الحذر ممن ينفخ في كير قتل الاجنة باسم حقوق المراة وهو يسعى في قتل جنين الانسان
و”دواعش” آخرون قطعوا صلتهم بدينهم وبأصول أمتهم، وأعطوا كل ولائهم لهيئات يسمونها أممية ودولية وحقوقية، يرجون تصريف قناعاتهم بعدم صلاحية شريعة الإسلام للاستمرار، وإحلال الفكر المعادي لها في مختلف مجالات الحياة التي يستطيعون الوصول إلى القرار فيها، وليت شعري عن أي حقوق للإنسان نتحدث عندما نتساهل في قتل الإنسان كبيرا أو صغيرا أو جنينا؟ وقد تجد من هؤلاء من لا يقيم للمبادئ وزنا، وإنما همه إعطاء بعض ما تيسر من حساب عند وصول موسم حصاد القرارات والتوصيات الأممية والجهات المانحة و”المتبرعة” بالتعويضات السخية وتذاكر الطائرات وليالي الفنادق والموائد المستديرة والمستطيلة، فلا بد أن يفعل شيئا بخصوص الإعدام والإجهاض والتعدد والزواج المبكر والمساواة ونحو ذلك.
الحذر من اهل التسويغ والتبرير ممن رق دينهم وخفت التزامهم
و”دواعش” آخرون لغفلتهم وسذاجتهم، أو لما يرونه من ذكائهم المفرط وألمعيتهم، ييسرون عمل السابقين ويبحثون لهم عن الرخص، لأن الاجتهاد هو”الرخصة عن الفقيه، وأما التشدد فكل الناس يحسنه” ونسي هؤلاء أن في مثل هذه المواطن شديدة الحساسية يمتحن الإيمان بالمقاصد والكليات، وما أدري فيما يفيدنا تحديد الضروريات في حفظ خمسة أصول كبرى على ترتيبها المعتبر:الدين ثم النفس ثم العقل ثم العرض ثم المال، أليس الاجهاض وتقنينه وتوسيع أبواب إباحته ضرب مباشر لحفظ النفوس التي تأتي بعدها باقي الحقوق وليس قبلها؟ وهذه تجارب الأمم أمامنا، هل زاد الإجهاض بعد تقنينه أم نقص؟ فالإحصاءات تقول هو في ازدياد مستمر، فما الفائدة إذن؟ أليس حريا بنا أن نغير وجهة التفكير والاجتهاد للبحث عن حلول أخرى بما لا يزلزل الأركان ويهز الأصول ويهدد النفوس والأرواح؟
التفكير المبدع في الحلول الممكنة
كان لأسلافنا تفنن في استثمار الأوقاف حتى وضعوا وقفا خاصا بالغاضبات من بيت الزوجية حتى يصلح الله الأحوال أو يجعل الله لهن سبيلا، ألا يمكن وضع مؤسسات خاصة بالرعاية المناسبة تفر إليها المخطئة والمكرهة وتستوعب من وقعت في الحمل غير الشرعي حتى تضع حملها بالشروط الصحية اللازمة، سواء كانت عادية أو من ذوي المحارم أو المختلة عقليا ونفسيا ثم ينظر في أحوالهن وأوضاعهن بما يناسب من إدماج أو محاكمة أو نحو ذلك، المهم إنقاذ المرأة من دواعي الانتقام وإنقاذ الجنين من الموت والإهمال، ثم يشجع الناس على كفالة الأولاد أو توضع مؤسسات لرعايتهم، وبموازاة ذلك ينظر في الحلول الشاملة المندمجة التي تنخرط فيها مختلف المؤسسات العلمية والتربوية والثقافية والاجتماعية وغيرها لترسيخ حب الله وحب طاعته وهداه وجنته ورضوانه، والخوف من غضبه وناره وعقابه، ومساهمة الجميع في إقامة دينه ورعاية حدوده والعناية بالصلاح والإصلاح، والرفع من قيمة العفة والستر والتقليل من الإغراء والإغواء، والاجتهاد في تطبيق شريعته، فلو كان الزاني والزانية والمغتصب ينالون حق الله فيهم، لساهم ذلك في تقليل الظاهرة، ولو شاع أكثر التكافل والتراحم واستيعاب ذوي الزلات والأبرياء لإنقاذ النفوس لساهم أيضا بنصيبه المعتبر،
تضييق الاستثناء الى حد كبير عوض مسايرة الموسعين
ويستثنى في الاجهاض ما يغلب على ظن الطبيب الثقة أنه سيفضي إلى هلاك المرأة وموتها مثل أن يتخلق الجنين في غير موضعه الطبيعي ثم ينتفخ ويفجر القناة وينفجر في بطن المرأة فيقتلها ويموت الجنين نفسه ، فحينئذ يجوز الإسقاط ويجوز التدخل الجراحي لإخراج هذا الجنين ؛ لأنه لإنقاذ نفس محرمة وليس من باب إسقاط الأجنة ؛ وإنما هو تلافٍ لضرر أكبر فالحياة المتيقنة مقدمة على الحياة المظنونة.
وبخصوص تشوه الجنين: فيباح فقط إجهاضه إذا كان فيه خطر محقق على صحة المرأة، أما إذا اقتصر الأمر عليه فلا يجوز قتله او اسقاطه، كما لا يجوز قتل معوق بعد ولادته.
وأما المتزوجون الذين تدفعهم إلى الإجهاض مفاجأة الحمل في غير الأوان الذي ينتظرون، فتحضرني قصة حكاها لنا الأستاذ عبد الإله بنكيران حفظه الله، من زمان غير يسير، عندما استفتاه إطار كبير في مؤسسة مالية وكان له ولد واحد، ففوجئ هو وزوجته بحمل غير منتظر رغم الاحتياطات، فأجابه الأستاذ ببساطته المعهودة:اترك الحمل يكمل بسلام وعند ولادته مرحبا به لأضمه إلى عشيرتي وأبنائي.
والخلاصة أن من يعين بكلمة أو بشيء لتيسير أمر الإجهاض أوتقنينه فهو”داعشي” ومجرم قتال ومن مصاصي الدماء وعشاق تقطيع أوصال الأبرياء، وإن زعم غير ذلك، ثم إن سعيه في تباب، فلن يحل تقنين الإجهاض الإشكالات التي تطرح ، بل سيزداد أمره ويستفحل، وواقع الدول التي قننته شاهد على هذه الحقيقة، ولأن يبقى في الناس خوف وتردد من الإقدام على هذه الجريمة خير من أن يأتوها وهم مطمئنون من المحاسبة والمتابعة، وأما من يطرح الاستفادة الاقتصادية وزيادة الضرائب بالتقنين فحقه ان يستحيي مما يطرح وبئس من يقدم المال على حفظ الأرواح، والأسوأ منه من يدخل القضية في حرية الجسد والحال أن الانسان في المنظور الشرعي ليس مسموحا له أن يضع حدا لحياته فينتحر وبالأخرى أن يقتل غيره بغير حق، فالجنين وإن تكون من المرأة وفي أحشائها كائن مستقل وضيف كريم، ولعلاج مصيبة الإجهاض يكون بإبقائها بغيضة وكريهة وجريمة قبيحة، تعالج بمزيد من تشديد العقوبة على من اقترفها وساهم فيها من قريب أو بعيد، ثم الاجتهاد في معالجة مسبباتها بالتربية ونشر العفة والتكافل والتراحم وفتح الباب أمام النادمين واستيعاب الخطائين التائبين وتشجيع الزواج وتشديد العقوبة على الزناة والمغتصبين واستيعاب الآثار ورعاية المواليد الذين لا ذنب لهم. وبالله التوفيق والحفظ من الفتن ظاهرها وباطنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.