النصيري يسكت صافرات استهجان    ارتفاع حركة المسافرين بمطار الحسيمة بنسبة 19% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    وزيرة ثقافة فرنسا تزور جناح المغرب في مهرجان "كان" السينمائي    توقيف شخصين بفاس والبيضاء بشبهة حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    "حماة الوطن عيون لا تنام".. شريط فيديو يستعرض دور الأمن الوطني في حماية الوطن والمواطنين (فيديو)    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    نهائي "كان" أقل من 20 سنة.. المغرب يخسر أمام جنوب إفريقيا بهدف دون رد    جنوب إفريقيا تحرم "أشبال الأطلس" من التتويج وتخطف لقب كأس إفريقيا للشباب    إسبانيا تدين تصاعد العدوان الإسرائيلي بغزة    إسرائيل تدعي جلب "الأرشيف السوري" لأشهر جواسيسها بدمشق    اتحاد يعقوب المنصور يحقق إنجازا تاريخيا بالصعود للقسم الأول لأول مرة    ملتقى طنجة يدعو إلى فلاحة ذكية وترشيد مياه السقي بجهة الشمال    جنوب إفريقيا تنجح في هزم المغرب والفوز بكأس إفريقيا لأقل من 20 سنة    الجواز المغربي في المرتبة 67 عالميا.. وهذه قائمة الدول التي يمكن دخولها    انقلاب حافلة محملة بكمية كبيرة من مخدر الشيرا (صور)    ابتداء من 25 مليون.. فرصة ذهبية لامتلاك سكن بمواصفات عالية في الناظور    أسعار الفواكه الموسمية تلتهب في الأسواق الوطنية والناظور تسجل أرقاما قياسية    إحباط محاولات اقتحام جماعية لمدينة سبتة    الجيش يبصم على إنجاز في كرة اليد    عروض تفضيلية لموظفي الأمن الوطني لشراء السيارات بموجب اتفاقية جديدة مع رونو المغرب    أنظمة مراقبة تتعطل بمطار "أورلي"    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    أخنوش يمثل أمير المؤمنين جلالة الملك في حفل التنصيب الرسمي للبابا ليو الرابع عشر    المغرب يعيد فتح سفارته في سوريا.. نظام أحمد الشرع يستعد للاعتراف بمغربية الصحراء    الوداد يرفض التعاقد مع ميندي وبيدرو في "الميركاتو" الصيفي    مع انطلاق مهامه رسميا ...بابا الفاتيكان الجديد يبدأ بانتقاد تجاوزات النظام الرأسمالي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    حموشي يوقع اتفاقية مع "رونو المغرب" لتوفير عروض تفضيلية لموظفي الأمن    في عرض افتتاحي حالم إحياء جمال الروح في لحظة واحدة    الحسيمة تحتضن مؤتمرًا دوليًا حول الذكاء الاصطناعي والرياضيات التطبيقية    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تنتخب مكتبها التنفيذي    بركة: الحكومة لم تحقق وعد "مليون منصب شغل" في الآجال المحددة    كلمة عبد الجبار الرشيدي رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال خلال انعقاد دورته العادية الثانية    انتخاب المغرب على رأس شبكة هيئات الوقاية من الفساد    معين الشعباني:نهضة بركان قادر على خلط أوراق "سيمبا" في مباراة الإياب    مسؤول أمني: المديرية العامة للأمن الوطني تشجع على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة    "الزنزانة 10" تحذر من تجاهل المطالب    في سابقة خطيرة..مطالب بطرد المهاجرين القانونيين من أوروبا    الجديدة : انطلاق تصوير الفيلم الجديد ''ياقوت بين الحياة والموت'' للمخرج المصطفى بنوقاص    الهابيتوس عند بيار بورديو بين اعادة انتاج الاجتماعي ورأس المال الثقافي    رقمنة القوة: دور الشركات الكبرى في السياسة الدولية    القنصلية المغربية تقرّب خدماتها من الجالية في وسط إسبانيا    سوريا.. تشكيل هيئتين للعدالة الانتقالية والمفقودين ل"جبر الضرر الواقع على الضحايا    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    متحف أمريكي يُعيد إلى الصين كنوزاً تاريخية نادرة من عصر الممالك المتحاربة    مأساة في نيويورك بعد اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين تُسفر عن قتلى وجرحى    زيارة إلى تمصلوحت: حيث تتجاور الأرواح الطيبة ويعانق التاريخ التسامح    من الريف إلى الصحراء .. بوصوف يواكب "تمغربيت" بالثقافة والتاريخ    تنظيم الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 23 إلى 25 ماي الجاري    ندوة ترسي جسور الإعلام والتراث    بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    في طنجة حلول ذكية للكلاب الضالة.. وفي الناظور الفوضى تنبح في كل مكان    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رهان التغيير بين ثنائية الألم والأمل
نشر في العمق المغربي يوم 06 - 01 - 2020

في أحايين كثيرة، قد تبدو لنا الحياة غير محفزة على العطاء، وقد يصل بنا الأمر إلى الشعور بالإحباط واليأس من كل شيء، فالعلاقات الإنسانية -مثلا- قد تبدو “روتينية”، ولا شيء جديد فيها أو مثير لكي نستمر في نسجها، وغالبا ما تدخل هذه العلاقات في نوع من الفتور، لنختار بعدها العزلة والتقوقع على الذات، والابتعاد عن كل شيء.
إن الشعور باليأس والإحباط والهزيمة ليس شعورا يصيب الذات البشرية بسبب عوامل خارجية فقط، بل هي مشاعر تولد نتيجة للاستسلام للواقع.. أيّ واقع يمكن أن يتصف بالصعوبة والتحديات الجمّة.
إن ثقافة الاستسلام والرضوخ لتحديات الواقع، ليست أمرا اعتباطيا، بل هي نِتاج عمل استراتيجي تحكمه خلفيات التنميط والتحكم في مصائر الشعوب واختياراتها، ليصبحوا محض آلات إستهلاكية أو أدوات تتحرك بحسب ما يُخطَط لها، ويصيروا أشبه بسفن وسط المحيط تميل مع كل موج. وهو الأمر الذي يعمل على ترسيخه جانب كبير من الإعلام، الذي يحارب تراثنا وهويتنا، ويعمل على تغييب أمجادنا وذاكرتنا وتاريخنا الغني، مساهِما بالمقابل، في ترسيخ أفكار الإستسلام والتذمر والدونية، وقراءة التاريخ من وجهة نظر الخصم الذي يسوق عنا صورة مشوهة، مِلؤها الهزيمة والتخلف والوحشية. وهو أمر غير صحيح بالمرة.
وإذا ما نظرنا إلى تاريخنا القريب جدا، سنجد أن ما نعيشه اليوم من مشاعر إحباط ويأس وقلة ثقة، هو نتيجة للصدمة التي تلقاها الشباب العربي، بعد موجة “الربيع العربي” التي شهدتها المنطقة العربية، والتي أوهمت الشعوب العربية، بإمكانية تحقيق التغيير المنشود بسهولة، وأن منظومات الفساد والاستبداد التي تم تشييدها على مدى عقود من الزمن، سوف تنتهي بمظاهرة هنا أو اعتصام هناك. حيث أظهرت الأحداث المتعاقبة مدى صعوبة تحقيق التغيير، ومدى استفحال مظاهر الفساد على جميع المستويات؛ بدءا بمؤسسات الدولة مرورا بباقي المؤسسات ووصولا إلى المجتمع ثم إلى منظومة قيم الفرد نفسه.
إن الشباب العربي والمسلم اليوم، باعتباره حامل مشعل المسقبل، أمام خيارين: أولهما، أن يستسلم للأمر الواقع، ويقبل بالهزيمة، تاركا الباب مفتوحا أمام كل من يريد كسح الهوية الوطنية والدينية للشعوب، وأمام كل المسفيدين من عمليات التغطية على الفساد. لنكون حينها مجرد أدوات تستعمل لتنفيذ سياسات وبرامج يتم تدويرها منذ عقود، لم تُفِد في شيء بقدر ما ساهمت في فرملة مسار الإصلاح والتغيير داخل مجتمعاتنا، لنصير في النهاية أمام “جنون” أو “مجون” نتيجة للإستبداد، كما قال المفكر الهندي- الباكستاني “محمد إقبال”.
الخيار الثاني: هو أن نبث الأمل في أنفسنا ونفوس الناس، وأن نرفع الهمم ونواجه التحديات، لكي نجعل لجيلنا أثرا في التاريخ الحضاري للإنسانية. لأنه عندما نطالع التاريخ عن الجهد الذي بذل -مثلا- للوصول إلى معلومة علمية واحدة، نجد بأن هناك عناء وتعبا ومشقة أُنفقت في البحث والتحليل والتجريب، لكي نتمكن نحن في الأخير من تحصيل قاعدة أو معلومة أو تقنية بسهولة بالغة ومن دون عناء.
إن جل من غيروا التاريخ، وتركوا بصماتهم وأثرهم فيه، كانوا في بداياتهم شبابا يحملون في صدورهم أحلاما، حققوها في الأخير من خلال صبرهم على الألم وتسلحهم بالأمل ثم العمل، وبجهود كهذه، وصلت الحضارة الإسلامية لعنان السماء، وسادت العالم بالعلم والحكمة والعطاء، وكان الفرد في حاضِرة كدمشق أو بغداد أو فاس، يُعتبر قدوة لحاضرات ومجتمعات أخرى.
لذلك، فمعركة البناء والحفاظ على الهوية، تستلزم من الشباب أولا المقاومة والوقوف أمام كل حملات التشويه والتزوير لتاريخنا وحضارتنا، مع السعي وراء استلهام قيم البذل والتضحية والفداء من أجل الإصلاح والتغيير الفكري والسياسي والاجتماعي، لأن المسؤولية هنا ليست مسؤولية شيوخ وصلوا إلى ما وصلوا إليه من جمود وتعب وقبول بواقع الحال، بل هي مسؤولية شباب حالم، وقادر على تسخير جهده ووقته للمساهمة في بناء وطنه وخدمة الإنسانية.
باختصار، لا خيار اليوم أمام هذا الجيل من الشباب العربي والمسلم، الذي كُتبت عليه رهانات التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، سوى المقاومة والتشبت بمقومات النهضة الحضارية من أجل إخراج الأمة جمعاء من ظلمات الجهل والتبعية، إلى نور التقدم والرقي وسمو القيم والمبادئ، فإما أن نكون أو نكون رغما عن أنف من لايريدنا أن نكون.
جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.