الغابون تجدد بنيويورك تأكيد دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    شراكة مغربية سعودية لحماية الغابات ومكافحة التصحر بأكادير    نادية فتاح: إجراء أزيد من 182 ألف عملية مراقبة وتحرير 12 ألف مخالفة    المدير العام لفرع بنك أفريقيا بمدينة شنغهاي: المغرب بات وجهة مفضلة بشكل متزايد لمصنعي السيارات الصينيين    المغرب.. ثالث أكثر الدول استهدافاً بالهجمات السيبرانية في العالم خلال أسبوع واحد    نادي برشلونة يقرر إلغاء المباراة الودية بالدار البيضاء قبل انطلاق الموسم    وهبي: مصادرة الأصول الإجرامية أولوية    إسرائيل تستهدف مبنى تلفزيون إيران    نتنياهو: قتل خامنئي "سيضع حدا للنزاع"    وزيرة المالية: لا غلاء في المغرب.. وملف التقاعد لا يحتمل المزايدة السياسية    توقيف مغني معروف للاشتباه في تورطه في قضية عنف تحت السكر    "الجغرافيا الجديدة" بأكاديمية المملكة    "لارام" تطلق برنامج رحلات صيفي غير مسبوق    إضراب جديد في قطاع التعليم العالي    غزة تنعى قتلى قرب مركز مساعدات    رويترز.. طهران تطلب من قطر والسعودية وسلطنة عُمان التدخل لدى ترامب للضغط على إسرائيل للموافقة على وقف فوري لإطلاق النار    3 مشاريع مراسيم على طاولة مجلس الحكومة    فريق الرجاء يؤجل انطلاق التداريب    قصة نجاح لمفخرة مغربية    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية ورياح بأقاليم الجهة الشرقية    435 سجينا يحصلون على شهادة البكالوريا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    إسبانيا تفشل عملية تهريب 13 سيارة مسروقة نحو المغرب    التامني: البرلمان أصبح مجرد غرفة تسجيل والتصويت يكون جاهزا مسبقا    جراحات جبل "طوبقال" القديمة    فرجة "دراغون" تلقى الإقبال في أمريكا الشمالية    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    حزب الكتاب يعبر عن إدانته القوية ورفضه القاطع لما يتعرض له الشعب الإيراني من عدوان صهيوني غاشم    العصبة الاحترافية تعلن عن مواعيد مباريات نصف نهائي كأس العرش    أسبوع الفرس .. تنظيم الدورة الأربعين من 5 إلى 13 يوليوز المقبل بالرباط    بنما: مبادرة الحكم الذاتي تمثل الحل الواقعي الوحيد لقضية الصحراء    سبتة المحتلة تسجّل دخول 87 مهاجرا سريّا في غضون 15 يوما    وفاة طفلة مغربية إثر صعقة كهربائية داخل لعبة هوائية بمهرجان في إسبانيا (فيديو)    في أول لقاء مع جمهوره المغربي.. ديستانكت يكشف ألبومه العالمي وسط تفاعل صاخب        تير شتيغن يتخذ أولى خطوات رحيله عن برشلونة    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    الذهب يقترب من أعلى مستوياته في شهرين    الهند تعلن العثور على الصندوق الأسود الثاني للطائرة المنكوبة    رسميا.. لا مباراة لبرشلونة في المغرب هذا الصيف لهذا السبب    بناصر رفيق: المرأة التجمعية شريك أساسي في بناء مغرب الديمقراطية والتنمية    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد    الاتحاد الدولي لكرة القدم يرد على المشككين في "الموندياليتو"        النفط يرتفع في ظل تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    24 قتيلا في إسرائيل جراء الضربات الصاروخية الإيرانية منذ الجمعة    توتنهام الإنجليزي يضم المهاجم الفرنسي ماتيس تيل بشكل نهائي    المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع    فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    فرينش مونتانا يشعل حفل افتتاح مونديال الأندية بأمريكا بإطلالة بقميص المنتخب المغربي بخريطة المغرب كاملة    إيران تقصف معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة كاراباخ.. بين العوامل التاريخية والمصالح الجيوسياسية!
نشر في العمق المغربي يوم 20 - 06 - 2020

بعد الهجوم الذي شنته القوات الأرمينية على مواقع أذربيجانية في يوليوز 2020، عادت أزمة كاراباخ إلى واجهة الأحداث الدولية من جديد بعد هدوء حَذِر دام قرابة أربعة أعوام عقب حرب الأربعة أيام التي دارت رحاها في أبريل 2016. وكان الصراع قد تفجر في هذه المنطقة من القوقاز الجنوبي في ديسمبر/كانون الأول عام 1991 عندما أعلن إقليم كاراباخ، انفصاله عن جمهورية أذربيجان بدعم من أرمينيا، وأدت المواجهات في ماي 1992 إلى احتلال أجزاء أخرى من أذربيجان منها ممرّ لاتشين الذي يُعتبر صلة الوصل الوحيدة بين كارباخ وأرمينيا. وفي أكتوبر 1993 توسعت رقعة الأراضي التي احتلتها أرمينيا بعد تدخل جيشها بشكل مباشر لتصل إلى حوالي 20% من مساحة أذربيجان، وهو الوضع الذي مازال قائما إلى اليوم بعد التوقيع على اتفاق هشّ لوقف إطلاق النار في مايو 1994.
وقد خلفت تلك الحرب أزيد من 30 ألف قتيل وتهجير ما يفوق 1.5 مليون مواطن، أغلبهم أذربيجانيون فرّوا من التطهير العرقي الذي مارسته القوات الأرمينية في المناطق التي احتلتها. ورغم أن منظمة التعاون والأمن الأوربي (OCSE) أَنشأت ما سُمّي بمجموعة "مينسك" للإشراف على المفاوضات بين أرمينيا وأذربيجان، إلاّ أنّها لم تتمكّن من تحقيق أي تقدم في المسار الدّبلوماسي، وذلك لأسباب تتداخل فيها عوامل الهوية والدين والتاريخ بحسابات جيوسياسية وأخرى اقتصادية تهم القوى الإقليمية والدولية، مما يبقي الصراع مفتوحاً على كل السيناريوهات.
فروسيا تعتبر أرمينيا ورقة مهمة في الصراع الدائر بين موسكو من جهة وبين الدول الأوربية وتركيا من جهة ثانية للتحكم في أنابيب النفط والغاز القادمة من بحر قزوين، والتي تتقاطع خطوطها في هذه المنطقة الحساسة. وتزايدت أهمية أرمينيا بالنسبة لموسكو بعد الحرب الخاطفة لهذه الأخيرة ضدّ جورجيا سنة 2008 دعما للانفصاليين في إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللّذيْن أصبحا بعد ذلك جمهوريتين تعترف بهما روسيا.
ويكفي أن نشير في هذا الصدد إلى أنّ أرمينيا جددت سنة 2010 اتفاقية أمنية وعسكرية مع روسيا تسمح لهذه الأخيرة بالحفاظ على قاعدة "گومري" العسكرية على الحدود التركية إلى غاية العام 2044، وفي المقابل وقعت أذربيجان في نفس السنة شراكة استراتيجية مع تركيا، علماً أنّ هذه الأخيرة مازالت تعتبر ضامنا لسيادة أذربيجان على منطقة "ناخيتشفان"، ذات الحكم الذاتي والمجاورة لإقليم كارباخ، وذلك بموجب اتفاق "كارس" الموقع عام 1921 بين تركيا والاتحاد السوفييتي آنذاك. ناهيك عن الحرب بالوكالة الجارية حاليا بين موسكو وأنقرة في سورية وليبيا.
وبالعودة إلى التاريخ، نجد أنّ القبائل التركمانية القادمة من آسيا الوسطى في القرن الحادي عشر للميلاد هي التي أطلقت اسم كاراباخ على المنطقة الواقعة بين نهر كورا ونهر آراكس. ومنذ ذلك التاريخ إلى غاية القرن الثامن عشر ظل إقليم كارابخ خاضعا على التوالي لنفوذ الإمبراطورية السلجوقية (أتراك) والإمبراطورية الصفوية (فارس قديماً أي أذربيجان وإيران حالياً). وهذا ما ينفي أي علاقة لأرمينيا الأرثوذكسية بهذا لإقليم الذي ظل إمارة مسلمة تحت مسمى كارباخ خانة، إلى أن دبّ الضعف في أوصال الإمبراطورية الصفوية، واضطرت تحت ضغط الحملات العسكرية لروسيا القيصرية للتنازل عن الإقليم بموجب اتفاقية "گولستان" سنة 1813؛ ثمّ تبعتها اتفاقية ثانية سنة 1828 أرغمت الصفويين ليس على التنازل للروس عن أقاليم أخرى فحسب، وإنما أجبرتهم على السّماح للأقلية الأرمينية بالهجرة إلى الأراضي التابعة لروسيا ومنها "كاراباخ" و"يِريفان" والقوقاز الجنوبي بصفة عامة.
وقد كانت سياسة تغيير البنية الديمغرافية للأقاليم أحد الأسلحة المستخدمة في تلك الحقبة لإخماد الثورات المطالبة بالاستقلال، وقد لجأت روسيا إلى هذا الإجراء مع سكان شبه جزيرة القِرم التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية، وقامت بترحيل أغلبية سكانها الأصليين إلى مناطق أخرى، وكذلك فعلت القوى الاستعمارية الأوربية ومنها بريطانيا مثلاً التي هجرت الصينيين إلى ماليزيا، والهنود إلى جنوب إفريقيا وغيرهما.
ولعلّ هذا الاستيطان في القرن التاسع عشر بقرار فوقي من القيصر الروسي هو ما يُفسّر التفوّق العددي للأرمَن في كاراباخ العليا على حساب الأذريّين، حيث تُفيد الإحصائيات أن حوالي 50 ألف أرميني غادروا الإمبراطورية الصّفوية نحو الأراضي الخاضعة لروسيا القيصرية، وهو رقم كبير بالنسبة لذلك التاريخ إذا عرفنا أنّ عدد سكان كاراباخ حاليا لايتجاوز 200 ألف نسمة.
وبعد قيام الثورة البلشفية وانهيار روسيا القيصرية، أعلنت أذربيجان استقلالها سنة 1918 على كامل أراضيها بما فيها كاراباخ؛ وبعد انضمامها إلى الاتحاد السوفييتي ظلّ الإقليم خاضعاً لسيادتها رغم تمتعه بالحكم الذاتي. ولم يكن أبداً موضوعُ الهوية العرقية أو الانتماء الديني عائقاً للتعايش السّلمي بين الأرمن والأذريّين داخل أذربيجان، وأكبر شاهد على ذلك هو تواجد حوالي 300 ألف أرميني في باكو عاصمة أذربيجان عند انفجار الصراع في كاراباخ سنة 1991. وهذا ما يؤكد أنّ الدين والقومية بريئان من أغلب الصراعات الدولية، وغالباً ما يتم توظيفهما من القوى الخارجية كأسلحة دمار شامل لتبرير تدخلها وتحقيق مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية.
وبغضّ النظر عمّا ستئول إليه الأوضاع في هذا النزاع بالنظر إلى جذوره التاريخية وتعقيداته الجيوسياسية، فإنّ موقف أذربيجان يبقى الأقوى من وجهة نظر القانون الدولي، وهذا ما تؤيده القرارات الأربعة المتوالية التي أصدرها مجلس الأمن الدولي سنة 1993 والتي تؤكد وحدة أراضي أذربيجان وتطالب أرمينيا بإخلاء الأراضي التي تحتلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.