الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    دروس مستخلصة من عيد الأضحى "الغائب الحاضر"    أعمال الشغب في لوس أنجليس.. ترامب يأمر بنشر ألفي جندي إضافي من الحرس الوطني    إسرائيل تعلن ترحيل الناشطة غريتا تونبرغ بعد توقيفها على متن سفينة مساعدات لغزة    وفد رجال الأعمال الموريتانيين يتجه إلى الصين لتعزيز الشراكة الاقتصادية الإفريقية الصينية    الركراكي: التغييرات في مباراة البنين كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين    ريال مدريد يقرر تمديد عقد نجمه البرازيلي فينيسيوس حتى 2030    إنطلاق عملية "مرحبا 2025″    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    2050.. الصين تُلهم العالم بنموذجها الاقتصادي وإفريقيا أمام فرصة للتحول    الجزائر وتواطؤها الخطير: كيف تحوّلت مخيمات تندوف إلى مصانع لتفريخ الإرهاب وتهديد أوروبا    انتعاشة غير مسبوقة للسياحة العالمية في 2024: الشرق الأوسط يحقق قفزة نوعية والمغرب الأبرز إفريقياً    مجلة إسبانية: المغرب قطب تكنولوجي حقيقي    جلالة الملك: ميناء الناظور سيتوفر على منظومة لوجستية وصناعية ضخمة    من روان الفرنسية إلى طنجة.. رحّالة فرنسي يقطع نحو 2200 كلم على دراجته لنشر التسامح    الكعبي يقود الأسود للفوز على البنين في ودية فاس    حادثة سير خطيرة بالعرائش تُسفر عن نقل شاب في حالة حرجة إلى مستشفى طنجة    هجوم "ضخم" بمسيرات روسية يستهدف كييف وأوديسا    حاكم كاليفورنيا: ترامب رئيس ديكتاتوي    من يوقف هذا العبث؟ حركات بهلوانية مميتة بشوارع العرائش… والخطر يهدد الأرواح    انطلاق عملية مرحبا 2025 بتعليمات سامية من جلالة الملك    المنتخب الوطني يفوز على نظيره البنيني بمقصية جميلة من الكعبي    تشكيلة المنتخب المغربي أمام بنين    السفينة "مادلين" تصل ميناء أشدود    انتخابات جزئية مرتقبة بالناظور والدريوش لملء مقاعد شاغرة بمجالس جماعية    تقرير البنك الدولي يعزز مكانة ميناء طنجة المتوسط    رئيس مليلية المحتلة يتهم المغرب ب"معاقبة" اقتصاد المدينة ويحذر من تداعيات خطيرة    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحية المصنفة ب9 في المائة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء        منظمة الصحة تحذر من متحور جديد لكورونا والمغرب مطالب باتخاذ تدابير استباقية    ساعة ذكية تنقذ حاجة مغربية من موت محقق أثناء أداء مناسك الحج    خبراء مغاربة: متحور كورونا لا يثير القلق لكن الحذر واجب للفئات الهشة    استقرار أسعار الذهب مع تزايد التفاؤل قبيل محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين    الشغب الرياضي يقود ثلاثة شبان للاعتقال بالدار البيضاء    الملك محمد السادس يوجه رسالة إلى المشاركين في قمة "إفريقيا من أجل المحيط"    ديستانكت وJul يطلقان أغنية "Princessa"        مفتش شرطة يطلق النار بمدينة فاس    رغم غياب الأضاحي.. كرنفال بوجلود الدولي يعود في دورته الثامنة بنفس متجدد وإشعاع عالمي    إلغاء لقاء منتخب تونس بالدار البيضاء    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى عاهلي المملكة الأردنية الهاشمية بمناسبة عيد الجلوس الملكي    مهرجان الدارالبيضاء للفيلم العربي يستقطب نجوم الصف الأول للتحكيم    "هولوغرام موازين" يشعل الخلاف بين عائلة عبد الحليم حافظ والمنظمين    تقرير.. قادة من الوليساريو يتسللون إلى صفوف "داعش" ويهددون أوروبا من داخل الساحل    مشجع يفارق الحياة في نهائي دوري الأمم الأوروبية    المغرب يضاعف رهانه على صناعة السيارات الكهربائية: لتصل إلى 60% من إجمالي الإنتاج في أفق 2030    كأنك تراه    المغرب يحتفي بثقافته في قلب الصين عبر ألحان التراث وإيقاعات الفلكلور    طفولة مخيمات تندوف بين فكي الدعاية السياسية والإستغلال الإيديولوجي تحت غطاء "عطل في سلام"    تعزية إلى الكولونيل رضوان أحصاد في وفاة شقيقته    عيد لصاحبة القبر    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات "كوفيد-19" بسبب متحور جديد وتدعو لتشديد الإجراءات الوقائية    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "الربحة"    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    









من أين يبدأ رهان التغيير السياسي؟

حين نتحدث عن المشاريع النهضوية ونبحث عن الأطروحات التي ساهمت في معالجة اشكاليات سؤال النهضة من حيث معيقاتها ورهاناتها وأنماطها وأسسها الإبستمولوجية فلن نجد للأحزاب السياسية أي أطروحة تسلط الضوء على هذا الموضوع أو أي إسهامات معرفية تعالج هذه الإشكاليات، ذلك لأن الأحزاب السياسية ماهي إلا إحدى وسائل المعالجة، أي أنها بمثابة زيت للمحرك فقط لا مهندس أو مبتكر المحرك، ولا تمتلك القدرة على تحديثه وتطويره لأنه ليس من مهامها أصلا؟
الأمر مرتبط أساسا بوجود الفيلسوف والمفكر والأديب والمثقف الحر، الذي يمتلك خاصية التنظير والتقعيد الفكري والمعرفي.. أي هندسة محرك الوعي السياسي وابتكار ادوات تصنيعه..
في مرحلة ما بعد الاستقلال ظهرت أسماء بارزة لعبت دورا كبيرا في التأسيس والتأصيل وبلورة مشاريع وأفكار سياسية واجتماعية كانت بمثابة التقعيد للفكر السياسي المغربي الحديث، أمثال علال الفاسي، ومحمد بلحسن الوزاني وعبد الله ابراهيم، ومحمد عابد الجابري، وعبد السلام ياسين وغيرهم… كانت افكار هؤلاء تتمحور حول إشكاليات الحكم بالمغرب، وآليات تحديثه وتطويره، وتختلف مقاربات هؤلاء لطبيعة النظام السياسي المغربي من اختلاف المرجعيات التي ينطلقون منها، أي أن معالجتهم لهذه الإشكاليات السياسية تنطلق من مرتكزات فكرانية/أيديولوجية تتأسس عليها أطروحاتهم ومشاريعم الفكرية، إما ليبرالية أو ماركسية أو إسلامية …
مثل هذه الأسماء وغيرها هي التي ساهمت في وضع اللبنات الأساسية للفكر السياسي المغربي الحديث، لكن المشكل الذي نعانيه اليوم والذي أشرت إليه من قبل في عدة مقالات وتدوينات وإن كانت ذات صبغة محلية، هو شبه غياب لمنظرين آخرين يعملون على تطوير ونقد وتجديد الأطروحات التي أقامها الأوائل ومن ثم يتابعون هذا المشوار، وهذا الأمر هو ما نفتقده في الساحة السياسية اليوم.
ولأن الراهن السياسي يعاني من هذا الفقد والفراغ، لا عجب أن يتجه اهتمام الناس إلى الأحزاب السياسية عوض الأفكار السياسية، وإلى الانخراط في اللعبة السياسية أو مقاطعتها كما هي عليه راهنا، عوض التفكير في موضوعة السياسة من حيث البنية والأسس، بله وضع مقاربات تعالج أهم إشكالياتها المعاصرة ضمن نسق الحداثة السياسية السائلة المهيمنة والمعولمة..
حتى النقاشات السياسية اليوم التي نجد صداها في مواقع التواصل الاجتماعي والإلكتروني بوصفها فضاءات عمومية، أصبحت تتجه نحو الإدلاء بمواقف لا تفارق طبيعة الأحزاب وما تقدمه من برامج سياسية ووعود انتخابية ومناصب سياسية، إما نقدا أو تأييدا، مع انقطاع تام عن الفكر السياسي الذي يعالج مفهوم الدولة وطبيعة النظام بوصفه، أي الفكر السياسي، مؤشرا أساسيا في تحديد معالم التطور السياسي للبلد، والاكتفاء فقط بالخطاب السياسي الذي تبلوره الأحزاب السياسية وقياداتها، والذي يتغيا استقطاب الجماهير والصعود على جماجمهم لنيل مناصب سياسية ريعية..
من المؤكد أن هذا الوضع الراهن لن يحدث أي تغيير في الواقع السياسي، لأنه يفتقر إلى أقوى شرط من شروط التغيير السياسي والاجتماعي، وأهم شرط من هذه الشروط، وهو وجود شريحة مجتمعية لديها قابلية للتفكير والتنظير، تحمل على عاتقها ابتكار أفكار سياسية وتحديث مشاريع نهضوية برؤية شاملة، ستساهم أساسا في تغيير البنى الفوقية للمجتمع، عبر عملية ديالكتيكية هيجلية أو ماركسية مثالية أو مادية، تعطي للأطروحات الفكرية أولوية في التأثير والتغيير وتهيء المجتمع للانخراط في استخدام العقل العمومي بمحدداته وشروطه، ضمن الأنا الجمعية المفكرة، بعيدا عن التجاذبات الهووية المغلقة، والانحيازات الذاتية المنفرة..أي عبر ثورة فكرية ومعرفية تصبح فيها قوى المجتمع أكثر تأثيرا في القرار السياسي من أجهزة ومؤسسات الدولة ..
غير هذا فلا تحدثني عن التغيير داخل المؤسسات … لأنه سيصبح مفهوما مبتذلا ينتمي فقط إلى دائرة الخطاب السياسي الاستقطابي الريعي، لا إلى التفكير السياسي النهضوي..
عبد الحكيم الصديقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.