غالبا ما تكون المناطق الساحلية هي الوجهة المفضلة لأغلب المواطنين المغاربة، في فصل الصيف أو كما يسميه الموظفون فصل العطل بامتياز، ولهذا السبب تجد سواحل منطقة شمال المغرب، خاصة جهة طنجةتطوانالحسيمة، من أكثر الجهات استقطابا للمصطافين في المغرب، بيد أن بعض المناطق الساحلية لا تكتفي بجمالية شواطئها بل تضيف جغرافيتها مزايا طبيعية تعطي للعطلة نكهة أخرى، ويصبح معها الزائر أو السائح ضاربا عدة عصافير ب »عطلة » واحدة، وهذا هو الحال في قرية « أمتار » الساحلية التابعة لإقليم شفشاون. « أمتار » قرية تقع شرق مدينة تطوان وتبعد عنها ب 105 كيلومترات، وهي من المناطق الجميلة التي تتميز بمزايا طبيعية تجعلها من أفضل الوجهات حيث يمكن أن تقضي عطلة واحدة وكأنك قضيت عدة عطل، إذ تمتلك « أمتار » شريطا شاطئيا ممتدا من غربها إلى شرقها، وهو من الشواطئ الجميلة باقليم شفشاون، وله تاريخ طويل من السمعة الحسنة بنظافته ورماله وحجارته وصفاء مياهه، والأدهى من ذلك، يعد من الشواطئ السليمة التي لا تودي بحياة الاشخاص غرقا، كما هو الشأن لأغلب شواطئ المتوسط. وتقع « أمتار » ضمن منظر بانورامي طبيعي يقل نظيره في المناطق الاخرى، فمن الشاطئ يمكن للمصطافين أن يتطلعوا للتضاريس الطبيعية التي تحيط به من جبال وتلال، وحتى الدواوير التي تبدو للعيان بعيدة، وعلى الجهة الشرقية للشاطئ صخور عملاقة جعلتها عوامل التعرية صالحة للاعتماد عليها في السباحة، إذ يجدها عشاق القفز في الماء مكانا مناسبا لممارسة هوايتهم، فيما يعتمد عليها البعض لأخذ صور تبرز مهارة المصطافين في القفز على الماء أو مايسمى باللغة المحلية لأهل المنطقة « سارطو » تمتلك « أمتار » مساحة شاسعة من الغطاء الاخضر، المتمثل في حقول زراعية خضراء في منطقة يطلق عليها أهل القرية ب »اللوطة »، وهي ميزة تجعل السائح أو الزائر لا يكتفي بالاستمتاع بزرقة الشاطئ فقط، بل بخضرة الحقول أيضا، إذ ستحضر المواد الغذائية الطبيعية التي انتجت من سواعد الفلاحين بالمنطقة عند موائد الوجبات الثلاث تؤثثها أحيانا محاصيل يوم من الصيد قد تعطي أطباقا من الأسماك تجعل السائح يعيش على أنغام منتجات الطبيعة طيلة مرحلة اصطيافه. هذه « اللوطة » منطقة خلابة بامتياز، إذ رغم كونها منطقة فلاحية، إلا أنها مفتوحة في وجه الجميع عبر عدة مسارات وطرق تتخلل الحقول الصغيرة، وكأنها حديقة يستمتع زائرها بمناظرها الساحرة التي يغلب عليها اللون الاخضر المريح، كما تعد مكانا مناسبا للزيارة في المساء، حيث يعم الهدوء وتبدأ اللاقالق في التحليق حول الحقول وتبدأ النباتات في نشر روائحها النباتية العطرة، فهي وجهة لا غنى عنها بعد قضاء يوم مشمس أمام شاطئ أمتار. في هذه القرية كل شيء جميل، وبالتالي فإن قضاء العطلة بها يجعلك وكأنك تقضي عدة عطل في مكان واحد، فمن الاستجمام في الشاطئ، والتنزه في « اللوطة »، فإن التلال والجبال التي تحيط بأمتار هي فرصة أخرى لعشاق الأعالي والمناظر البانورامية المدهشة، ففي قرية « أمتار » عدة تلال وجبال قريبة تحيط بها، وهي وجهات مهمة للذين يحبون صعود الجبال والنظر من الأعالي على المناطق المجاورة، ومن بين البقع العالية توجد منطقة « القلعة » ومنطقة أخرى يطلق عليها اسم « الناطور ». ومن « الناطور » على سبيل المثال، يمكن للزائر أن يشاهد أمتار من مختلف الزوايا، ويشاهد شريطها الازرق الساحر، وحقولها الخضراء الغناء، وبناياتها وكل شيء فيها، بالإضافة إلى صخورها الكلسية المحيطة بهذا التل، والتي تتحدث عن وصول مياه البحر إلى حدوده في زمن الازمنة. وعلى العموم فإن قرية « أمتار » هي قرية فريدة ومتميزة عن العديد من القرى الساحلية باقليم شفشاون، فهي القرية التي يمكن للزائر أن يسبح في شاطئها ويتجول بين حقولها ويتسلق جبالها، دون أن يغير الوجهة إلى أي مكان أخر، ففيها تحلو العطلة أكثر من أي مكان أخر.