رصاص الأمن يوقف مروج مخدرات هاجم شرطيًا بسلاح أبيض    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    القرار ‬2797 ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬يعلو ‬فوق ‬كل ‬تفسير ‬ولا ‬يعلى ‬عليه    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي يربط بين الدار البيضاء والسمارة    احجيرة: نتائج برنامج التجارة الخارجية لا تُعجب.. 40% من طلبات الدعم من الدار البيضاء.. أين المجتهدون؟    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    تحيين الحكم الذاتي إنتقال من التفاوض إلى مشروع سيادي مغربي نمودجي مكتمل الأركان    تارودانت.. إصابة 17 عاملاً زراعياً في انقلاب سيارة "بيكوب" بأولوز    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    حموشي يتباحث مع سفيرة الصين بالمغرب سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    أجواء غائمة مع ارتفاع طفيف لدرجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    الدبلوماسي الأمريكي السابق كريستوفر روس: قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء "تراجع إلى الوراء"    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    الفاعل المدني خالد مصلوحي ينال شهادة الدكتوراه في موضوع "السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة في ضوء دستور 2011"    فضيحة في وزارة الصحة: تراخيص لمراكز الأشعة تُمنح في ظل شكاوى نصب واحتيال    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    "الكاف" يكشف عن الكرة الرسمية لبطولة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ينطلق ميترو غزة من فلسطين إلى الشارقة إلى بغداد إلينا جميعا واليوم والغذ محطته لاهاي بهولندا
نشر في طنجة الأدبية يوم 12 - 01 - 2024

هي قراءة ومقارنة ترابطية بين حدثين عالميين نضاليين ملحميين يقامان الآن في زمان واحد وأمكنة متعددة، وصفتهما المشتركة أو ما يجمعهما، الحضور والمكانة الفلسطينية.
* الحدث الأول: فعاليات مهرجان المسرح العربي بمناسبة دورته 14 والتي تقام ببغداد، جمهورية العراق، من 10 إلى 18 يناير 2024، هو حدث عربي بامتياز، وعالميته أن رسالته المهرجانية وكلمة اليوم العربي هي لكل العالم.
* الحدث الثاني: انعقاد اليوم الخميس 11 يناير 2024، الجلسة الأولى، بمحكمة لاهاي بهولندا، والقضية دعوة رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل عن جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة، متبوعة بلقاء ثان ليوم الغد 12 يناير 2024، وهو الحث الذي ينتظر محاكمة نتمناها ألا تطول أطوارها وهي في جميع الحالات ستكون محاكمة العصر بكل تجلياتها، إما لصالح القضية وهذا هو المنتظر لنمر إلى المحكمة الدولية عن الجرائم أو إعلان نتيجة أخرى ستكون لها حتما المكانة وما بعدها.
ما يجمع بين الحدثين:
تقع فلسطين والعراق ضمن منطقة تاريخية واحدة، أطلق عليها الباحثون والمؤرخون اسم الهلال الخصيب، والتي بقت منطقة متحدة الحكم معظم الفترة القديمة بعد هجرة القبائل من الجزيرة العربية إلى هاتين المنطقتين وتأسيسها لحضارات كبيرة، وعند اتساع الإمبراطورية الآشورية ومن بعدها البابلية غربا، كانت فلسطين والقدس أحد مناطق تلك الإمبراطوريات القديمة ونعتت بالسامية لكونها منطقة غنية بالمياه وتمتاز تربتها بالخصوبة.
من جانب التراث الأسطوري الديني للمنطقة يقال أيضا أن النبي نوح كان لديه ثلاثة أبناء:سام، حام ويافث، أعطى نوح هذه المنطقة لابنه سام فلذلك سميّت «سامية». كما حصلت فيها أحداث بشرية هامة كتطوّر فكرة الآلهة السماوية، بدلاً من عبادة مظاهر الطبيعة، وقد استخدم هذا المصطلح أيضًا للتعبير عن مناطق بداية الحضارات البشرية. كما تشهد قصة هجرة النبي إبراهيم من أور جنوب العراق إلى الخليل في فلسطين مرورا بتركيا.
فعلا هناك تقارب تاريخي بين فلسطين وبغداد والعراق أساسا، تعود جذور العلاقات الثنائية بين العراق وفلسطين إلى التاريخ القديم تم التاريخ الإسلامي حيث حرر فلسطين صلاح الدين الأيوبي المنتمي إلى تكريت سنة 1187، ومازال التقارب التاريخي متواصلا عبر التاريخ المعاصر والمستمر إلى الآن، وصولا إلى محطة الدورة 14 لمهرجان المسرح العربي، الذي تجتمع فيه الجغرافية العربية ببغداد وهي معلنة سلفا بمواقفها وإبداعها وتواصلها ومؤتمراتها وعروضها المسرحية أنها مع القضية الفلسطينية روحا وفكرا وذاتا وموضوعا.
ترافع المسرح منذ أن كان:
يسجل بفخر أنه منذ أن كان المسرح وهو مرتبط بقضايا المجتمع بل هو المجتمع في جميع تجلياته، وذلك لأن للمسرح صفه القرب والتقريب، يخاطب الجوانيات والروحانيات ويخاطب التاريخ والأحداث بل هو مؤرخ وذاكرة التاريخ بإرثه بنصوصه بحفرياته بما خلد ويخلد وبما وثق ويوثق، لذا تعد نصوصه المؤسسة وملحماته التاريخية زمن تدويني آخر من مدخل الفعل المسرحي حيث دونت نصوص العروض المسرحية وليس نصوص المؤلف، من تم كان كتاب البويتيكا أو فن الشعر لأرسطو هذا الكتاب الذي يعد من الآثار المنسوبة إلى أرسطوطاليس، وقد ترجم إلى العربية ضمن حركة الترجمة في العصر العباسي الأول، ونقلها أبو بشر متى من اللغة السريانية إلى اللغة العربية، كما وضع الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد ملخصات لكتاب "فن الشعر" لأرسطو وهناك ترجمات أخرى منها ترجمة إحسان عباس وترجمة عبد الرحمن بدوي، ولمرجعية هذا الإرث لم ولن يتخلى المسرح عن الشاعرية التي تسكنه في نصوصه الشفاهية الحرفية ووالتي انتقل إلى باقي المجالات البصرية والإحالية والإيحائية والإنزياحية والسيميائية وغيرها المترجمة للمعنى..
المسرح والخاصية الديمقراطية:
سأقف هنا عن محطة تاريخية للمسرح لها علاقة بحرية الشعوب وميل المسرح إلى الديمقراطية وإلى مفهوم المدينة والتعايش ونبد العنف؛ إذ يتميز المسرح عن باقي الفنون الأدائية بآلية وميزة التعددية في المهام والأدوار وخاصية الحوار بين الشخصيات وبناء الفعل الدرامي التي جعلت من المسرح والدراما عموما فناً ديمقراطياً بامتياز، خلاف ما ذهب إليه "ميخائيل باختين" كون أن ظاهرة "التعدد الصوتي" تقتصر على الرواية، غير أن هذه الخاصية تكاد يستوحد عليها المسرح، بدء من النص المسرحي الذي يتطلع لحياة العرض، وصولا إلى زمن العرض بحيوية الخشبة وقاعة المسرح مع المتلقي وحياة المسرح التي تمر روحها عبر هذه الكيميائية، من هذا المنطلق يتحول المسرح إلى برلمان، بل إلى ساحة وفضاء الحوار وأغورا ويتم الترافع وبهذا فديمقراطية المسرح لا تكمن في تركيبه وأسلوبه فقط، بل في توجهه وأنماط تعالقاته ونزوعه الفكري الذي يقوم على الاختلاف والشك والرفض والمقاومة والتحدي، وتعرية الاستبداد والطغيان، والدفاع عن الحرية والتعددية، وليس على التسليم والإذعان، لذا فالمسرح يزدهر في المجتمع الديمقراطي وحتى في المجتمع غير ديمقراطي لأن البحث يكون متمركزا حول البحث عن الديمقراطية. يكشف تاريخ المسرح في اليونان القديمة أن المسرح ازدهر مع ظهور الديمقراطية، وازدهار الفلسفة، ويسجل التاريخ أن المسرح تراجع في العصور الوسطى حينما ساد الحكم الثيوقراطي واستعبد الناس وحوصر الإبداع وتمت مصادرة الرأي، ثم عاد للازدهار في العصور الحديثة التي استعاد فيها العقل مكانته وانتصرت الديمقراطية.
الحدث الأول:
مهرجان المسرح العربي مؤتمر فوق العادة في خدمة القضية الفلسطينية
لفلسطين وقضيتها/قضيتنا جميعا، حضور قوي في مهرجان المسرح العربي ببغداد، بدء من إلغاء مظاهر الاحتفاء تضامنا والتزاما بعمق القضية، وبالتالي تخصيص ندوة عن المقاومة الفلسطينية، ثانيا تم إدراج مسرحية فلسطينية ضمن العروض الرسمية داخل المسابقة، وإن قيل في مناقشة العروض يجب أن يحكم على المسرحية من خلال عمق القضية، عن مسرحية آتية من عمق الوطن ومن عمق الفعل الدرامي الإنساني، فكيف كان التمرين على المسرحية؟ والدموع والدماء تسيل والأرواح ترفع شهيدة وشاهدة وفي كل أسرة مكلوم ومجموعة من الشهداء وكيف كان الحضور رغم الحصار؟، وكيف سيكون الحضور والأداء على الخشبة رغم الجانب النفسي؟ وكيف كان وسيكون التشخيص؟ والجانب الأيسر ليس في مكانه، بل هناك، كيف نأتي إلى المسرح ونحن نعيش ملحة إبادة؟ هذه الإبادة التي لن تكون ولن تتحقق ضد شعب الجبارين، لأن الوفاء لحياة الحياة أكثر من الركون لحياة الدل والمهانة.
هي مشاركة وإشراك للقضية العربية في قطر عربي أصيل له التاريخ وله التجربة وله الحلم وله الأمل، ولن تخرج الدورة 14 من مهرجان المسرح العربي من جنس الوشيجة التي تسكن كل العرب، في مهرجان يحمل أحد فنادقه اسم فلسطين والذي يضم وفود مسرحية عربية، فلسطين التي تسكننا جميعا، وكل الدول المشاركة في المهرجان هي في مؤتمر القضية الفلسطينية يترافع بأقدم وسيلة "المسرح" ترافع سمته الانتصار لإنسانية الإنسان ومحاكمة الغطرسة ومن يمارس أفعالا ضد الإنسانية عموما، وضد فرجتها وضد تواصلها.
الحدث الثاني:
محكمة لاهاي، والقضية الفلسطينية، غزة تحديدا
عقدت اليوم الخميس 11 يناير 2024، محكمة العدل الدولية في لاهاي جلستها الأولى للنظر في طلب جنوب أفريقيا المتمثل في محاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، هذه المحاكمة التي أحبرت إسرائيل للمثول أمام المحكمة الدولية من أجل دحض ما وصفته بالاتهامات السخيفة التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو قانوني، وكأنها صماء عمياء عن صورة تلقاها العالم لذا وجدنا وقفات واحتجاجات عنهم وضدهم في العواصم الأوروبية والأمريكية تندد بهم وتعلن تضامنها مع القضية الفلسطينية ومع غزة، في هذا الإطار لدى الصحافة العبرية خوف جدي في المؤسستين الأمنية والنيابة العامة الإسرائيليتين من أن توجه محكمة العدل الدولية اتهامات لإسرائيل بالإبادة الجماعية.
يقول الخبراء في القانون الدولي أن جلسات الاستماع ستتناول مطلب جنوب أفريقيا بفرض إجراءات طارئة، وإلزام إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية في غزة في حين ستنظر المحكمة في حيثيات القضية، والتي نتمنى أن تخرج عن الروتين القانوني والإداري، هذا ونحن نتابع أشغال المحاكمة عبر الإعلام الجزيرة الذي كان محايدا إلى حد ما أو قل محايدا بالفعل ونقل إلينا أشغال الجلسة الأولى التي استمعنا فيها إلى مرافعة رافع الدعوة جنوب إفريقيا، هذه الدعوة التي تضم 84 صفحة، مع العلم أن الأدلة يعرفها العالم ومصورة بوجهات نظر كاميرات العالم لفترة زمنية تفوق 3 أشهر وتؤكد أن تهمة الإبادة الجماعية حقيقة وواقع بقوة الأدلة، وأن القصف المستمر الذي دمر مئات الآلاف من المنازل واضطرت ملايين من فلسطينيين إلى النزوح، وأسفرت عن مقتل ما فوق 20 ألف شخص وفقا لبيانات السلطات الصحية في غزة إن لم نقل أن الأرقام الحقيقية كبيرة وكبيرة جدا.
ستستمع لجنة من 17 قاضيا، منهم قاضيان من إسرائيل وجنوب أفريقيا، إلى مرافعات مدتها 3 ساعات لكل طرف. ومن المتوقع صدور حكم بشأن التدابير المؤقتة في وقت لاحق من هذا الشهر. وأحكام محكمة العدل الدولية مُلزِمة، لكن المحكمة لا تملك تنفيذها.
وفي دلالة على ثقل مصطلح الإبادة، أرسلت إسرائيل قاضيا سابقا بالمحكمة العليا كان قد نجا من المحرقة النازية (الهولوكوست) التي وقعت قبل توقيع اتفاقية الإبادة الجماعية. وستعين جنوب أفريقيا قاضيا أمضى في شبابه 10 أعوام في جزيرة روبن التي التقى فيها الرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا.
وتحقق محكمة أخرى في لاهاي، وهي المحكمة الجنائية الدولية، بشكل منفصل في تهم ارتكاب فظائع في غزة والضفة الغربية وفي هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل، لكنها لم تسم أي مشتبه بهم. وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية وترفض ولايتها القضائية.
من جانبه قال رئيس جنوب أفريقيا "سيريل رامافوزا" أمس الأربعاء "معارضتنا للمذبحة الجارية بحق شعب غزة دفعتنا بصفتنا دولة إلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية".
وأضاف "بصفتنا شعبا تجرع يوما مرارة السلب والتمييز والعنصرية والعنف الذي ترعاه الدولة، نحن واضحون في أننا سنقف في الجانب الصائب من التاريخ".
في المقابل قال "إيلون ليفي" المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أمس الأربعاء "غدا (الخميس)، ستمثل دولة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لدحض فرية (سفك) الدماء العبثية التي أطلقتها جنوب أفريقيا، إذ تمنح بريتوريا غطاء سياسيا وقانونيا لنظام (حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية) حماس المغتصب".
تعالق وترابط بين الحدثين:
لماذا لم ترفع الدعوة القضائية من دولة عربية أو إسلامية؟ هو سؤال مركزي أثير اليوم في الإعلام العربي وغيره بل بالأساس في إعلام الضفة الأخرى، ذاك الإعلام الذي يواكب المحاكمة التي انطلقت اليوم بدعوة قضائية مرفوعة ضد إسرائيل من دولة إفريقية لها الخبرة وليس من دولة عربية أو بالأحرى دولة إسلامية، تقول بعض التحاليل لمختصين، السبب لكي لا يقال أنها قضية إسرائيلية عربية، أو قضية إسلامية يهودية، أو بالأصح صهيونية، وقد قيل من طرف الإعلام العبري ومؤسساته وردي على هذا السؤال من خلال هذه المادة الإعلامية التي تنتمي لصحافة التحقيق، أن هناك قضية كبرى رفعت لصالح القضية بمناسبة الدورة 14 لمهرجان المسرح العربي ببغداد، من خلال البرنامج المهرجاني النوعي في الشكل والمضمون والملخص للواقع العربي ليس على مستوى الإبداع فقط بل حتى على مستوى القضية من خلال إلغاء المراسيم الاحتفائية وإدراج ندوة قطاعية عن المسرح والمقاومة، وإدراج عرض مسرحي فلسطيني دال بالاسم والموضوع.
كما أن هناك دليل قاطع قبض عليه التحقيق الصحفي وهو يتمحص عبر القراءة المقارنة، أن هذه الدورة مؤتمر عربي فوق العادة للقضية الفلسطينية وغزة تحديدا ولكل القضايا، تعبر عنه كلمة اليوم العربي للمسرح إذ تصرح المبدعة الطلائعية اللبنانية نضال الأشقر، والتي وكلت لها كلمة اليوم العر بي للمسرحي 10 يناير 2024، والتي قرأت في افتتاح الدورة 14 ببغداد، بدء من عنوان الكلمة أن المسرح حياة تسبق الحياة:
كتبت وتقول نضال الأشقر: هذا زمن التحولات والحصارات وحروب التصفية والإلغاء والصعاب، وسط هذه الفوضى العارمة، وهذا الدمار والقتل والفساد، ومع كل ما يجري من حولنا من تدمير متعمد لمدننا التاريخية الرائعة، ولإنساننا، وتدمير أرضنا وبحرنا وساحلنا ومدارسنا وتاريخنا وثقافتنا وذاكرتنا، وسط هذا كله نقاوم ونستمر، وتوصل نضال الأشقر، نضال كلمتها: كيف لنا نحن المبدعين أن نشاهد المجازر والأطفال والقتلى والعائلات المدمرة والبيوت التي سطحت على الأرض في فلسطين والعراق ولبنان وسورية وليبيا والسودان، وألا نعبر بأعمال مسرحية وعلى مدى قرن كامل عما كنا شهوداً عليه، ألسنا نحن مؤرخين من نوع آخر؟ ألسنا نحن مشاهدين ومسجلين للحاضر؟ ألسنا نحن ناقلي التراجيديا الإنسانية على المسرح كي تصل إلى قلوب الناس وعقولهم؟ ألسنا نحن من ينتزع الأقنعة عن كل وجه مزيف وعن كل قضية فاسدة، ولتأكيد هذا المنحى صرحت نضال الأشقر في كلمتها: "هكذا فهمت المسرح منذ بدأت العمل، وهكذا أواصله في مسرح المدينة الذي أسعى بالتعاون مع جميع الخيرين والخلاقين أن يكون نواة جديدة لأحلام ومحاولات جديدة، نسعى في إطارها إلى إيجاد لغة تطلقنا إلى عالم تلك البقعة من الضوء التي يدخل إليها الناس ليفتحوا حلمهم وخيالهم.

المبدعة اللبنانية العربية نضال الأشقر
تكامل ومواكبة:
ما إن خرجت أسئلة الإعلام العربي والأجنبي تحديدا وهم يستفسرون، لماذا لم ترفع الدعوة القضائية ضد إسرائيل من طرف جهة عربية؟ أكدت جامعة الدول العربية دعمها وتأييدها بشكل كامل للدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وخرق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، معربة عن تطلعها إلى حكم عادل يوقف الحرب العدوانية على قطاع غزة ويضع حدا لنزيف الدم الفلسطيني، وفي هذا الشأن صرح الأمين العام للجامعة العربية "أحمد أبو الغيط"، للصحافة العربية والدولية أن الأمانة العامة للجامعة تدعم مسعى جنوب أفريقيا بكل السبل الممكنة من خلال الاستعداد لتقديم ما يخدم القضية ويعزز الموقف الفلسطيني، مضيفا أنها خطوة هامة ليس فقط نحو وقف إطلاق النار ولكن أيضا مساءلة الاحتلال الإسرائيلي.
وينطق ميترو غزة مع تطلعات لتعدد المحطات:
بدأ المترو انطلاقته حينما رشح للمهرجان وجاءت محطة المهرجان وكانت محطة المؤتمر الصحفي المخصص للعرض المسرحي صباح يوم الاربعاء 10 يناير 2024 في مقر مركز المؤتمرات الصحفية بفندق فلسطين ميريديان، والذي أدارهُ د. بشار عليوي مع استضافة لفريق العمل المسرحي "مترو غزة" لفرقة مسرح الحرية بمخيم جنين الفلسطيني بحضور مخرج العرض الفرنسي "هيرفي لويشيمول" والممثل الفلسطيني أحمد الطوباسي وبعض الممثلين من العرض المسرحي، عبر المخرج الفرنسي "لويشيمول" عن سعادته بزيارة بغداد وأهمية تقديم العرض في افتتاح مهرجان المسرح العربي الدورة 14 وصرح: "عملي بدأ من غزة منذ عشر سنوات، عندما رأيتُ صورة مكتوباً عليها "مترو غزة" فاعتقدتُ أنها فكاهة! لكنني بعد أعوام اكتشفتُ أنَّ هذه الصورة من معرض فنان تشكيلي من غزة اسمه "محمد أبو سلّ" تم التقيتُ بالرجل واتفقت معه لتحويل هذه الصورة الى فكرة مسرحية، وعرف إنجاز هذا المشروع بعض الصعوبات في مدينة غزة لذا انتقلنا الى مخيم جنين، والتقينا بالممثلين وانطلقت ورشة الكتابة، وكانت إحدى أكبر الصعوبات التي صادفتنا ان "خوله إبراهيم" مُعدة النص لا تتكلم الفرنسية وباقي الممثلين لا يتكلمون العربية فكيف سيكتبون نصا مسرحياً، بعد تحدي الصعوبات تم الوصول لكتابة النص وانطلق العمل قبل سنتين تقريباً وتوقف بسبب أزمة كورونا، ومؤخرا استطعنا تقديم العمل المسرحي في شهر دجنبر 2023.
صرح الفنان "أحمد الطوباسي" أن التشكيلي "بو سل" منجز الفكرة يعيش حالياً في غزة وقد خسر بيته والاستوديو الخاص به بسبب ما يحصل الآن في غزة ونحن متواصلون معه لإعطائهِ لمحة عن الحياة فهو يعيشُ فينا في ميترو غزة بيته بيتنا جميعا، والناس تستمتع بفنه عبر العرض المسرحي الذي يقدم في كل مكان، وقرب "أحمد الطوباسي" حضور المؤتمر الصحفي كما قربنا جميعا من ظروف إعداد المسرحية والتمرين عليها في وطن يعان وفي بقعة جغرافية تعرف غطرسة المحتل وهمجيته، التمارين على أهبتها والتصاعد الدرامي المسرحي يتنامى وإلى جانبه دارما حقيقية في مسرح الحرية ووسط مخيم جنين جثث الشهداء كانت تمر أمام المسرح والاشتباكات وأصوات القنابل وقت التدريبات وفي كل الأوقات.
كما أشارت الفنانة الفلسطينية "ياسمين جلايدة" احدى ممثلات العرض إلى أن حماس فريق العمل مسرحي كبير وهو يقدم عرض مليء بالمشاعر من الصعب التعبير عنها، وتكاملت معها "شادن سليم" ممثلة أخرى فلسطينية في "ميترو غزة" التي عبرت عن اعتزازها لوجودها ضمن فريق العرض، مصرحة نحن سعداء بالمشاركة بغية إيصال صوتنا وصوت غزة وأهلها وهم تحت الحصار وإيصال صوت الأهل والأصدقاء ومن استشهدوا وأهلي كذلك إذ أن نصف عائلة امي رحلت، ومن الأهم أن أوصل صوتهم وأقول للعالم نحن موجودون وباقون في أرضنا ولا احد يمكنه ان يخرجنا منها.
عبر الحدثين هناك قضية، وللحدثين أفق انتظار، قال في شأنها محمود درويش ذات قصيدة قل وصية، "على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ: على هذه الأرض سيدةُ الأرض، أم البدايات أم النهايات، كانت تسمى فلسطين، صارتْ تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة".
تحقيق صحفي من إعداد: أحمد طنيش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.