ترامب يحذر إيران: أي رد انتقامي سيقابل بقوة أكبر بكثير مما شهدناه    انطلاق مسيرة حاشدة في الرباط نصرة لفلسطين وتنديدا بالتطبيع    موجة حر تمتد إلى الأربعاء القادم بعدد من مناطق المملكة    الجامعة الإسبانية تكرم وليد الركراكي في مؤتمر تدريبي عالمي    مطالب برلمانية لوزير الفلاحة بتوضيحات حول تهديد سكن طلبة معهد الزراعة والبيطرة بالهدم دون إشعار أو بدائل    أزمة انقطاع الماء الصالح للشرب بمدينة سطات تثير استنكار الساكنة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    إيران تبدأ الرد .. صواريخ باتجاه إسرائيل والمنطقة على شفا الانفجار!    باحثون يوصون بمناقشة "الحق في الموت" والمساعدة الطبية على الإنجاب    أشنكلي: سوس ماسة "قلعة تجمّعية" .. والحزب يواجه "الأعداء" بالعمل    الرجاء يواجه ناديين أوروبيين بالصيف    الوداد يختتم الاستعدادات ليوفنتوس    تكريم الركراكي في مؤتمر بمدريد    عمور تستعرض "إنجازات وزارة السياحة".. برادة ينتشي بنتائج مدارس "الريادة"    بلمعطي: أستمر في إدارة "أنابيك"    سعيد حجي .. اهتمامٌ متزايد يبعث فكر "رائد الصحافة الوطنية المغربية"    وحدة لتحلية مياه البحر في اشتوكة    الفوتوغرافيا المغربية تقتحم ملتقيات آرل    "ها وليدي" تقود جايلان إلى الصدارة    حملة دولية تعارض قتل الكلاب الضالة بالمغرب.. و"محتج فيلادلفيا" في سراح    الإنسان قبل الحيوان .. بين ظاهرة الكلاب الضالة وحق المواطن في الأمان    تل أبيب تبارك القصف الأمريكي لإيران وتؤكد ان التنسيق كان على أعلى مستوى    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية بعدد من المناطق حتى الأربعاء المقبل    نتنياهو بعد ضرب إيران: ترامب غيّر مجرى التاريخ    توتر عالمي بعد قصف أميركي .. كيف سترد إيران؟    الولايات الأمركية تدخل الحرب.. ترمب يعلن ضرب مواقع نووية في إيران ويصف الهجوم ب"الناجح جدا"    عاجل: ترامب يعلن عن ضربات جوية أمريكية "ناجحة جداً" ضد منشآت نووية إيرانية    لحسن السعدي: الشباب يحتلون مكانة مهمة في حزب "التجمع" وأخنوش نموذج ملهم    نشرة خاصة: زخات رعدية وطقس حار من السبت إلى الأربعاء بعدد من مناطق المغرب    تأمين إمدادات مياه الشرب لتطوان وساحلها من سد الشريف الإدريسي    الحكم على الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي !!    أولمبيك آسفي يبلغ نهائي كأس العرش بعد فوزه على اتحاد تواركة    انطلاق تشغيل مشروع مهم لنقل الماء الصالح للشرب بين مدينة تطوان ومنطقتها الساحلية    عضة كلب شرس ترسل فتاة في مقتبل العمر إلى قسم المستعجلات بالعرائش وسط غياب مقلق لمصل السعار        عرض أوبرا صينية يُبهر جمهور مكناس في أمسية ثقافية مميزة    المدير العام لنادي مالقة الإسباني لكرة القدم: أكاديمية محمد السادس حاضنة للتميز في خدمة الكرة المغربية    مهرجان كناوة .. منصة مولاي الحسن على إيقاع حوار الكمبري والعود والأفروبيتس    من العيون.. ولد الرشيد: الأقاليم الجنوبية، منذ المسيرة الخضراء، عرفت تحولات كبرى على كافة المستويات    روبي تشعل منصة موازين بالرباط بأغانيها الشبابية    اتصالات المغرب تستثمر 370 مليار لتطوير الأنترنت في مالي وتشاد    إعلامي مكسيكي بارز : الأقاليم الجنوبية تتعرض لحملات تضليل ممنهجة.. والواقع بالداخلة يكشف زيفها    حفل "روبي" بموازين يثير الانتقادات        اعتقال 10 متورطين في شبكة مخدرات بالناظور    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    الترجي يسجل أول فوز عربي وتشيلسي ينحني أمام فلامينغو وبايرن يعبر بشق الأنفس    الوداد يعلن تعاقده رسميا مع السوري عمر السومة    البنك الأوروبي يقرض 25 مليون دولار لتطوير منجم بومدين جنوب المغرب    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    تراجع أسعار الفائدة قصيرة المدى في سوق السندات الأولية وفق مركز أبحاث    حرب الماء آتية    توظيف مالي لمبلغ 1,72 مليار درهم من فائض الخزينة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من فصل في الجحيم إلى أتون الصحافة!
اكتشاف ارتجَّ بالعنفوان في مسقط رأس الشاعر العالمي «آرثر رامبو»
نشر في العلم يوم 01 - 01 - 2010

قدْ يسَّاءلُ أحد الذين يسعفهم بروز الجبين في نطْح حتى أصْلد الجدران: وماذا بعد أن اكتشفت أصابع النبش أن الشاعر الفرنسي الشهير بديوانه السديمي «فصل في الجحيم»، كان ينشدُ أن يغدو صحافيا؟ ؛ ثمة في حاضرنا الذي يعيشنا أو نعيشه قسرا، الكثير من الشعراء هم إذا صح التعبير «نُثراءٌ» وصحافيون أيضا، ولا كتكوت شق قشرة بيضة أو ارتفع حاجب قيد رمش عن العين عجباً؛ لكن في فرنسا، لاتزال للكلمة الخلاَّقة، قيمتها الرمزية التي تضفي على الحياة معنى حضاريا، ولو كانت مكتوبة بجَرَّة حافر؛ لذلك دبَّت في السنة المنصرمة، ضجَّة عارمة في الكيان الثقافي لبلد موليير، حين انبثقت من المجهول مقالة لشاعر المستقبل «آرثر رامبو»، بعد مائة وثمانية وثلاثين عاما على نشرها؛ فهل كان هذا الشاعر الجحيمي صحافيا؟؛ هكذا تشظى الكاتب الفرنسي «فرانسواز دارغون» في صحيفة «لوفيغارو الثقافية» (عدد 2008 / 5 / 22)، موقناً أن هذه الفرضية لم تستنكف طويلا عن تأجيج فضول أدق عارفي الشاعر؛ وكان الجواب أن رامبو، حاول حقاًٍ الاشتغال بالصحافة وهو لايزال في عمر السادسة عشرة، في محاولة منه لهجران الشعر لأجل النثر؛ فقد لملم نصاً من خمسين سطراً، ووسمه ب « حلم بيسمراك» ومهره باسم مستعار هو: «جان بودري»، ورأت هذه المقالة نور النشر في يوم 25 نوفمبر 1870، في صحيفة يومية محلية مدموغة باسم «Le progrés des Ardennes» التي انتفض الغبار عن نسخة منها عند كُتبي من مدينة شارلوفيل؛ إن هذا النص الذي انبعث من مسافة زمنية تجاوزت الستين عاما، قد أسال غزيرا من الحبر في البلد الرامبوي الذي أفقده هذا الاكتشاف الصواب، لنشاهده فيما بعد لدى مخرج للأفلام الوثائقية هو «باتريك تالبيرسيو» الذي صوَّر شريطاً وثائقيا طويلا اقتفى في كيميائه الضوئي آثار رامبو؛ ونذكر هنا أن هذا المخرج الشاب، كان قد شرع في إقامته الثانية بمسقط رأس الشاعر في أبريل 2008؛ مصمما العزم على الاندلاق بفيلم حول الوجه الآخر لآرثر رامبو في فترة 1870 بين مدينتي «شارلوفيل» و «شارلوروا»؛ وقد تمكن هذا الرجل فعلا من تجميع كل شيء وثيق الأوردة بحياة بطله؛ هكذا سيشن حربه الوثائقية على كُتُبيي (Les Ardennes)، لينبري أحد الكتبيين من سراديب عام 1870، بثلاث نسخ من صحيفة «لوبروغري دي أردين» الذي احتفظ بأوراقها البالية منذ سنتين في كشكه؛ وقد استرعى انتباه المخرج إحدى هذه النسخ الثلاث، التي رغم تمزقها لاتزال تفي بالغرض، ليفوز بالغنيمة بثمن لايتجاوز ثلاثين (30) أورو؛ ولم ينس الكُتبي أن يخز أذني المخرج بمهماز القول: (لا أحد اهتم أبداً بهذه الجرائد، وقد استرجعتها بنفسي من زبونة تريد أن تبيع لي كتباً؛ كان لديها الكثير من الأوراق الصفراء في صندوق سيارتها تريد المضي بها إلى آلة التمزيق، لكنني خلصتها منها؛ فقد كنت أعلم أن رامبو كتب ربما في صحيفة «لوبروغري» رغم أني لم أكن لأتذكر أبدا اسمه المستعار «بودري»)؛ لكن المخرج «باتريك تالبيرسيو، يعرف جيدا، هذا الاسم المستعار الذي اقتبسه رامبو من عنوان دراما كتبها «أوغوست فاكوري»؛ هكذا آلت إلى يد المخرج، القطعة المفقودة في لعبة «المُربكة Puzzle» التي لاحت تباشيرها منذ سنوات؛ لنقل إن عديداً من سيمياء الإشارات تلمح إلى أن هذا الفتى لم يفتأ يداعب الفكرة الأولى ليصبح صحافيا؛ حتى صديقه «دولاهاي» أكد أن رامبو بعث نصوصاً إلى مدير صحيفة «لوبروغري دي أردين» موثراً الاسم المستعار «جان بودري»، وثمة رسالة من «جاكوبي» مدير هذه اليومية المعارضة، موجهة إلى «بودري» الغامض، تطلب منه التوقف عن إرسال الشعر الذي لن ينشر، وتحثه على كتابة مقالات تتناول أحداث الساعة؛ ولكن يوم 31 دجنبر، دمَّر القصف الألماني جزءاً كبيراً من مدينة شارلوفيل، ومعها مطبعة الجريدة، ليتكفَّل عامل الزمن منذ مائة وثمانية وثلاثين عاماً بالباقي، ولن ينجو من هذه الجريدة، سوى نسخ معدودات فقط؛ وهنا يجزم «جيرار مارتان» مدير المكتبة البلدية: «إننا لا نملك إلا سلسلة مهترئة جداً لحوالي خمسين عددا»؛ ولم يكن جيرار بهذا الاعتراف إلا يغازل حلم أن يستجيب المخرج الوثائقي «باتريك تالبيرسيو» كي يعرض هذا الاكتشاف (مقالة رامبو الصحفية) في مزاد علني، حتى تنضم الى سلسلات شارلوفيل؛ فالمحتوم أن لا أحد في مدينة رامبو، يستريب في أهمية هذا الاكتشاف؛ خصوصا بعد أن ولج في غيهب الذكرى البعيدة، ذلك الفصل الحزين من المخطوط الأسطوري المفقود والموسوم ب «الصيد الروحي» والذي وجده الناقد الأدبي «باسكال بيا» عام 1949؛ أجل، لقد ابتهج عميقا المتخصصون وتفتقت شهيتهم لهذا الاكتشاف الرامبوي، ليقول «جان جاك لوفرير»: «ثمة ربما نُصوص نثرية أو شعرية أخرى لرامبو تنتظر الابتعاث إلى حاضرنا، ويبقى الأمل في أهراء جريدة «لوبروغري دي أردين»؛ والأكيد أنه مجرد وميض خافت، لكن من يدري؟؛ ربما مازال يحتفظ بعض سكان شارلوفيل، وميزيير، أو فيماي، ببعض النسخ من صحيفة «le Progrés des Ardennes»، يحمل إحداها نصا ممهورا ب «آرثر رامبو» أو حتى «جان بودري»، سوف أسقيه بطيبة خاطر كأسا في صحة باسمارك...
لنقل إنها القيمة الجمالية والانسانية للشاعر ، ما استنفر كل هذه الضجة العارمة في الأوصال الإعلامية، لمجرد أنه زاغ قيد نثر عن الشعر وكتب المقالة الصحافية...!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.