ما أثاره زي فلاديمير بوتين العسكري أكثر مما أثارته قنابله وتهديداته وخطاباته القوية... فقد رأى أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن الزي العسكري الذي ارتداه مؤخرا، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يحمل أكثر من رسالة خفية وعلانية للغرب ويثير مخاوف المنظمة الدولية... ففي آخر ظهور علني له، ارتدى فلاديمير بوتين الزي العسكري أثناء مشاركته في التمرين العسكري "زاباد (الغرب)–2025" (Zapad-2025) برفقة وزير الدفاع الروسي. وكانت آخر مرة يرتدي فيها حاكم الكرملين الزي العسكري في مارس الماضي، في مدينة كورسك، القريبة من الحدود الغربية مع أوكرانيا. الأسبوع الماضي عاد بوتين ليرتدي الزي العسكري مجدداً في نيجني نوفغورود، لمتابعة المناورات العسكرية المشتركة مع بيلاروسيا، الحليف الاستراتيجي العسكري والسياسي لموسكو. ووفقًا لمعهد دراسات الحرب (ISW)، ارتداء بوتين للزي العسكري في هذا التوقيت بالذات هو محاولة لبث انطباع بأنه "قائد حرب عملي وفعال"،على حد تقييم المعهد. الهدف الظاهر من ذلك هو إبراز القوة العسكرية الروسية والبيلاروسية في لحظة تشهد تصعيدا خطابيّا تجاه دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خاصة الدول المجاورة لروسيا، مثل بولندا والنرويج والى حد ما دول البلطيق ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا. هذا الظهور جاء قبل أن تدخل روسيا المجال الجوي لإستونيا، ما دفع الحكومة الإستونية إلى تفعيل المادة الرابعة من ميثاق الناتو، التي تنص على ضمان أمن الحلفاء وتوفير آلية التشاور السريع والتنسيق المشترك عند مواجهة أي تهديد على أمنها الإقليمي او استقلالها السياسي. روسيا نفت أي اختراق للمجال الجوي، وقالت إن ما حصل كان "طبقًا للقوانين الدولية". وفي هذا السياق، اعتبرت روسيا أن ما أعلنت عنه الدولة البلطيقية المجاورة "افتراء" ومحاولة جر روسيا إلى خلافات هامشية هي في غنى عنها... هذا الخلاف العابر والتقييم النظري للغرب قد يخيف الدول المخالفة لروسيا، لكنه في الوقت ذاته يثير لديها "الفخر" ويزيدها تشبثا بموقفها العسكرية والحربية.. في الوقت الذي يبدو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تفضل الصمت ومراقبة الأمور عن بعد، رغم أنها تعد محور الناتو، ولا تتوقف عن مطالبة دول أوروبا برفع مساهماتها في ميزانية الناتو وإلا تخلت عن دعمها..