"أكديطال" ‬تستحوذ ‬على ‬مجموعة ‬مستشفيات ‬توفيق ‬التونسية ‬الرائدة ‬وتعزز ‬نموها ‬الدولي    قناة كندية تصنّف المغرب ضمن "سبع وجهات الأحلام" للسياح الكنديين نهاية العام    مدرب زيمبابوي : الخسارة في الدقائق الأخيرة تترك الكثير من الحسرة    محمد صلاح يشيد بالجماهير المغربية: لعبنا وكأننا على أرضنا    مراكش.. توقيف ثلاثة أشخاص وحجز أزيد من ألف قرص مخدر وكمية من الكوكايين    الأمن يفكك شبكة مضاربة في تذاكر كأس إفريقيا    كأس إفريقيا للأمم فرصة ذهبية لتعزيز التنمية المندمجة    "البيجيدي" ينبه إلى الأزمة الأخلاقية والتحكمية في قطاع الصحافة ويحذر من مخاطر الاختراق الصهيوني    كأس إفريقيا .. برنامج مباريات الثلاثاء    اضطراب جوي قوي يهم عدداً من مناطق المغرب والأرصاد تدعو إلى الحذر    اليوم العالميّ للغة الضّاد    بستة أصوات مقابل خمسة.. مجلس المستشارين يمرّر مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة وسط انتقادات لغياب البرلمانيين    لفتيت: المخطط الوطني لمواجهة موجة البرد يستهدف 833 ألف نسمة    بنسبة %52.. نمو قياسي في مرافق شحن السيارات الكهربائية بالصين    محامو الدار البيضاء يرفضون مشروع قانون المهنة    وزارة الصحة تعلن إطلاق ورش وطني لتعميم صيانة التجهيزات الطبية بالمستشفيات العمومية    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض        ارتفاع أسعار الذهب إلى مستوى قياسي    النفط يتراجع مع تقييم الأسواق للمخاطر الجيوسياسية مقابل عوامل سلبية            تراجع مستمر في معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم ببلادنا    قناة كندية تصنف المغرب ضمن "سبع وجهات أحلام" للسياحة    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    ترامب يوجه تحذيرا جديدا إلى مادورو    رياض محرز: استقبلنا المغاربة بشكل جيد وسعداء بتواجدنا هنا.. وسنقاتل من أجل تشريف كرة القدم الجزائرية    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تعالج ملفات الترقي والأقدمية والحراسة بالمستشفيات    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مواصلة التصعيد ويطالب الحكومة بإصدار مراسيم الحركة الانتقالية وباقي نقاط اتفاق يوليوز 2024    غضب دانماركي وأوروبي من تعيين موفد أمريكي في غرينلاند وترامب يعتبر الجزيرة "حاجة أمنية"    إسرائيل تقتل ثلاثة عناصر من حزب الله    لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين تصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    ماذا تريد الدولة من اعتقال الأستاذة نزهة مجدي؟    افتتاح كأس الأمم الإفريقية بالمغرب: حدث قاري يكشف خلفيات العداء السياسي    تراجع عن الاستقالة يُشعل الجدل داخل ليكسوس العرائش لكرة السلة... وضغوط في انتظار خرجة إعلامية حاسمة    ميسور: حملة واسعة لتوزيع المساعدات الإنسانية لفائدة الأسر بالمناطقة الأكثر هشاشة بجماعة سيدي بوطيب    بصعوبة.. مصر تفوز على زيمبابوي 2_1 في أول ظهور بالكان    في ندوة وطنية بأزمور لمختبر السرديات: الخطاب والمرجع في النقد المغربي    «لماذا يخطئ المثقفون» صامويل فيتوسي الانحياز الفكري والأخلاقي أمام امتحان الحقيقة    نشرة انذارية جديدة تحذر من تساقطات ثلجية كثفة وامطار قوية    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    تصنيف فيفا .. المغرب يحافظ على المركز 11 عالميا    ختام السنة برياض السلطان تروبادور غيواني بادخ    ريدوان يطلق أولى أغاني ألبوم كأس أمم إفريقيا "ACHKID"    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    نهائيات كأس إفريقيا للأمم تعيد خلط أوراق العرض السينمائي بالمغرب    تيسة تحتضن إقامة فنية في الكتابة الدرامية والأداء لتعزيز الإبداع المسرحي لدى الشباب    إعلام إسرائيلي أمريكي: نتنياهو يسعى لتفويض من ترامب لمهاجمة إيران    تفاصيل جديدة بشأن "مجزرة بونداي"    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن جميل
نشر في العلم يوم 09 - 04 - 2010

ابتسمت موظفة النقل الآني للسيد أحمد ابتسامة خفيفة سرعان ما اختفت وهو يتجاوزها ليقف تحت جاهز الكشف بالأشعة تحت الحمراء. نظرت إلى الشاشة بقربها ثم رفعت بصرها إليه و أشارت بيدها إليه أن تفضل، ثم واصلت عملها الروتيني مع آخرين. لم يكن يحمل السيد أحمد في يده سوى حقيبة صغيرة بها بضع ملابس شتوية. نظر إلى ساعته مرة ثانية وضغط بضعة أزرار، فتأكد له أن درجة الحرارة في نيويورك لاتتجاوز درجتين مئويتين.
دخل أشخاص آخرون و اتجه كل منهم إلى مقعده دون أن يكون هناك تبادل لأي حديث أو هز رؤوس من باب التحية. كان أحمد يشعر دائما بألم حقيقي كلما لاحظ أن مشاعر الناس تصبح أكثر جمودا يوما عن يوم. اعتدل في مقعده وهو يسمع الصوت الآلي يطلب من الركاب جميعا إنزال الغطاء الزجاجي فوق أنصاف أجسادهم العلوية. وبعد لحظات دخلت مضيفة آلية و اطمأنت أنهم جميعا قاموا بعملية إنزال الغطاء بطريقة صحيحة. فقط كان هناك راكب تشير إشارته الضوئية أن هناك خطأ ما في جهازه. فتحت جهاز الكمبيوتر الكفي الذي بيدها ووصلته بكرسي الراكب عن طريق سلك رفيع و انتظرت لنصف دقيقة فزالت الإضاءة الحمراء و انطلق الصوت الآلي: كل شيء على مايرام. سننطلق بعد 5 دقائق.
- مرحبا بكم في شركة " سين " للانتقال الآني، بعد دقيقة واحدة سننطلق من طنجة إلى نيويورك. تستمر الرحلة نصف دقيقة. بعدها تجدون أنفسكم في فرع شركتنا بنيويورك حيث يستقبلكم موظفونا بكل ترحاب. بعدها تمرون على جهاز التوازن النفسي، ثم جهاز التوازن البيولوجي. تستمر العمليتان معا دقيقتين لا أكثر. درجة الحرارة بطنجة 15 درجة مئوية، بنيويورك درجتان مئويتان. تجدون بمحلات شركة سين بنيويورك كل ما تريدونه من ألبسة و هدايا. مرحبا بكم مرة أخرى بشركة سين و نتمنى لكم رحلة سعيدة.
يعترف أحمد أنه يكره هذه الرحلات لكن لا حل لديه غيرها إن أراد زيارة والدته المقيمة بطنجة. كان يعاني وسواسا قهريا من هذه الرحلات، رغم أنه خضع أكثر من مرة لجهاز التوازن النفسي الذي يعالج في دقيقة واحدة كل الاختلالات الناتجة عن الرحلة. يمقت تلك اللحظات التي يشعر فيها أن روحه تنتزع منه.. عندما يحس بخلاياه تتناثر فيصبح جسده سديما تذروه الرياح، وفي كل مرة يفكر أن العملية ستفشل و ستلتقي أعضاؤه في نيوروك عشوائيا ليجد رأسه في بطنه و عينيه في قدميه. رغم أن هذه الرحلات هي الأكثر أمانا إلا أنه قلما ينجو من وساوسه القهرية هذه. مضت الرحلة بسلام، وسمع الصوت الآلي من جديد يهنئهم بالوصول سالمين و ينصحهم بالمرور بصالتي التوازن النفسي و البيولوجي. لكن أحمد نزل و تجاوز الجهازين. في الحقيقة، أحمد يقوم بهذه الرحلة مرة في الأسبوع لذا أصبحت طنجة و نيويورك بالنسبة له مدينة واحدة و لا يشعر بأي خلل بيولوجي كلما انتقل من و إلى طنجة ونيويورك. أما بالنسبة للتوازن النفسي، فباستثناء بقايا وسواسه القهري الذي تعود عليه فلا مشاكل لديه. دخل إلى إحدى غرف تغيير الملابس، و ارتدى ملابسه الشتوية، ثم خرج إلى الشارع وتأفف. دائما هذه المشكلة في نيويورك. من رابع المستحيلات أن تجد إحدى سيارات الأجرة الطائرة في ساعة الذروة.
سيضطر إلى ركوب سيارة أجرة أرضية وقد يستغرق خمس عشرة دقيقة للوصول إلى بيت والدته. لكنه مضطر على أية حال، لذا لم يجد بدا من ركوب أول سيارة أجرة أرضية وجدها أمامه و على الخريطة الإلكترونية أمامه وضع القلم المغناطيسي على موقع منزله، ثم أدخل رقم حسابه البنكي.
- مرحبا بك، ترحب بك شركة بيتا لسيارات الأجرة. ستستغرق الرحلة تسع دقائق و خمس ثوان. تم اقتطاع خمسة دولارات و ثلاث سنتات من حسابك. يمكنك أن تختار من القائمة أمامك الفيلم أو البرنامج الوثائقي الذي تريده. أيضا لو أردت أن تشعر بالدفء فاضغط على جهاز المشروبات الساخنة على يسارك و اختر ماتريد .
- فقرة إعلانية : ماشو، المشروب الأفضل في الأيام الباردة. اشتر مشروبا واحدا وادخل السحب من أجل الحصول على الجائزة الكبرى: سيارة طائرة فاخرة آخر طراز.
لم يلتفت أحمد إلى هذا الكلام و هو يداعب أزرار جهازه المحمول. كان يريد أن يتم صفقته الأخيرة بأسرع وقت قبل أن يلتقي مع عملائه الجدد ليثبت أن شركته هي الأنسب للقيام بالمهمة التي نافس عليها أكثر من ثلاث وعشرين ساعة.
وضع إبهامه على جهاز كشف البصمات قرب الباب، فانفتح.
- ليلى، ليلى . أين أنت ؟ لقد عدت.
أجابه صوت آلي :
- ليلى غادرت البيت و تركت لك الرسالة المرئية التالية:
- مرحبا أحمد. لم أستطع أن أستمر في الكذب عليك أكثر لذا غادرت البيت. يمكنك أن تكمل إجراءات الطلاق مع صورتي الهولوغرافية. اقترح على محامي الخاص أن أتزوج بأحد الرجال الآليين. قال لي أنهم أفضل بكثير من الآدميين. لا مشاعر مرهقة لديهم : لا غيرة، لا تسلط، لا قوانين. سأعيش كما أحببت مع رجل يصرف علي بنظام دقيق لا يختل. يمكنك أن تبحث على واحدة تناسبك من خلال جهاز الزواج الذي أتركه لك كهدية، حيث يختار لك الزوجة المناسبة فقط من خلال تحليل موجات دماغك الكهرومغناطيسية. كان أحمد ينظر إلى الصورة في جمود. اغرورقت الدموع في عينيه. فكر في صفعها. لكنه تراجع. الفكرة سخيفة و غير مجدية أصلا. سيصفع الهواء كأي أخرق بدائي. جلس فوق أول مقعد هوائي و هو يشعر بإرهاق و ضغط شديدين. فتح حاسوبه المحمول و ضغط أزراره بسرعة ثم انفرجت أساسيره و هو يقرأ :
- ما زال هناك خمسة مقاعد لرحلتنا. جزيرتنا 2007 هي الوحيدة من نوعها. معنا تمضي أفضل شهر في حياتك بعيدا عن الضغوط. ستجد نفسك فعلا في الزمن الجميل، حيث السيارات التي تمشي بالبنزين، و التلفاز الملون ذو الشاشة المسطحة والكتب الإلكترونية اللطيفة و الكمبيوترات الضخمة التي تحتاج مكتبا كاملا للعمل عليها. كل هذا و أكثر في جزيرتنا 2007. تفضل وأدخل بياناتك و لن تشعر بالندم.
ملأ أحمد فعلا بياناته بلهفة، ولم ينس أن يملأ خانة تاريخ ميلاده طبعا:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.