كأس العالم للأندية.. مبابي يستأنف تدريباته الجماعية مع ريال مدريد    مونديال الأندية.. دورتموند يقهر أولسان وفلومينينسي يفلت من كمين صنداونز    كرة القدم/مباراة ودية.. المنتخب الوطني النسوي لأقل من 17 سنة يفوز على النرويج (3-2)    إعلام فرنسي: أشرف حكيمي قدم موسما استثنائيا ويستحق الكرة الذهبية    عكس باقي مدن الشمال .. حملات محتشمة بإقليم الحسيمة لتحرير الشواطئ    نزاع حول حقوق هولوغرام عبد الحليم حافظ يشعل مواجهة قانونية بين XtendVision ومهرجان موازين    ولد الرشيد يجري مباحثات مع نائب رئيس جمهورية السلفادور حول سبل تعزيز التعاون الثنائي    توقعات طقس الأربعاء في المغرب    رئيس الحكومة يترأس اجتماع مجلس الرقابة للقرض الفلاحي للمغرب    لجنة مركزية من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحل بشفشاون لمواكبة التلقيح ضد الحصبة    "الفناير".. الفن الجاد والتطور المتواصل أساس الاستمرارية في زمن التحديات الرقمية    أول مصنع من نوعه خارج القارة الآسيوية .. المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم        انقلاب شاحنة على الطريق الوطنية رقم 2 باقليم الحسيمة يخلف اصابات    أسبوع دامٍ في المدن المغربية.. مصرع 23 شخصًا وإصابة أزيد من 2800 في حوادث سير    تطورات مأساة طنجة.. وفاة الشخص الذي أضرم النار في جسده بعد خلاف تجاري    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    ابتلاع كيس يحتوي على مخدرات يودي بحياة موقوف بطنجة خلال تدخل أمني    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56 ألفا و156 منذ بدء الحرب    إيران تؤكد أن منشآتها النووية "تضررت بشدة" جراء الهجمات الأميركية    الملك محمد السادس يهنئ أمير قطر بذكرى توليه الحكم    نشرة إنذارية: موجة حر مع الشركي من الأربعاء إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة    اجتماع بوزارة الداخلية لتحديد معايير استخراج أسماء المدعوين لأداء الخدمة العسكرية برسم الفوج المقبل للمجندين    مبادرة مدنية ترفض حرمان الجمعيات من التبليغ عن الفساد وتعتبره دوسا على الدستور والالتزامات الدولية للمغرب    السياحة المغربية تحقق أداء قويا في 2025 بارتفاع العائدات وعدد السياح    انطلاق أول عملية توريق للديون المتعثرة وأخرى قيد الإعداد    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة        طنجة.. كلب يهاجم فتاة وسائق يدهس شابا ويلوذ بالفرار            الرباط.. انعقاد الاجتماع ال74 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    بكين.. مؤتمر يستكشف أوجه التعاون الصيني – المغربي في قطاع السياحة    مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب    كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    إيران تنظم السبت جنازة قادة وعلماء    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    الجواهري: الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بسبب تصاعد حالة اللايقين العالمية    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    الرجاء ينال المركز الثالث بكأس التميز    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    "ملعب عشوائي" يثير الجدل بالدروة    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلاصة فقه الدّعاء
نشر في العلم يوم 14 - 05 - 2010

قال الله عز وجل: «وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا. وإنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا. قال إنما أدعوا ربي ولا أشرك به أحدا. قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا. قل إنّي لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه مُلتحدا. إلا بلاغا من الله روسالاته. ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً. حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصراً وأقلّ عددا} (سورة الجن: 24-18)
اشتملت هذه الآيات على خاتمة أحاديث القرآن الكريم عن الدعاء - حسب ترتيب المصحف . فهي بمثابة المغزى العام، والدرس الكلّي، والخلاصة الشاملة لهذه الأحاديث القرآنية.
ممما يستوجب وقفةً تستخلص جوهر التوجيه القرآني في هذا الموضوع، ولبّ الفقه الفرقاني حول أساسه ومقاصده الكلية ومنهجه الصحيح.
ففي بداية الآيات تخصيص المساجد لله وحده، فلا أحد له فيها شيء من حقوق العبادة، وواجبات الطاعة، ولا شيء لأحد فيها من مظاهر العبودية والخضوع والتألّه والتعبّد.
فالمساجد لله وحده، ومن ثم فما يكون فيها من ذكر وعبادة، ودعاء وتقرّب، يجب أن يكون لله وحده كذلك. وإلا وقع الإنسان في مظاهر الشرك المتعددة، وانزلق إلى مزالق الكفر المتنوعة، سواء بقصد مخلوق من المخلوقات بطاعته وتقربه، أو بتخصيص الدعاء لأحد من عالم الإنس أو عالم الجن أو عالم الملائكة، أو بجعله نصيبا له في ذلك الدعاء مع الله سبحانه. وكلها مظاهر منافية للتوحيد الخالص، مقوضة لأساس العقيدة الصحيحة. وإذا انعدم شرط صحة الدعاء الذي هو التوحيد والإخلاص، لم يكن مقبولا، بل رد على صاحبه، وقيل له: إذهب الى من دعوت من معبوداتك الباطلة، واسألها أن تعطيك ما طلبت!
وهذا من أنواع العقاب التي يعاقب بها من أشرك مع الله في الدعاء، جزاءً وفاقا. لأنه ترك الحق وهو توحيد الله تعالى بالدعاء، واتبع الباطل الذي زيَّنه له وهمه وشيطانه وهواه. فإن الدعاء لا يكون إلا لله، ولا يجيب الداعي إلا الله، وماسوى ذلك سراب خادع، لايحصل الداعي من ورائه إلا على العذاب والشقاء.
هذه هي القاعدة الكلية لفقه الدعاء في القرآن الكريم لخصتها آخر آية ورد فيها حديث عن الدعاء حسب ترتيب المصحف الشريف.
ولهذه القاعدةالكلية والوصية القرآنية الغالية، تجسد أسمى، وتطبيق أعلى في حياة خاتم الأنبياء والمرسلين، إذ كما ختم الحديث عن الدعاء في القرآن الكريم بهذه الآية من سورة الجن، كان خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم المظهر الأسمى لتطبيق هذا التوجيه القرآني، حيث كان خلقه القرآن، وكان في سيرته التجسيد الأعظم لعقيدة التوحيد في تاريخ الرسالات السماوية كله.
وفي هذا السياق الذي نقف عنده الآن يذكر الله سبحانه نبيه بوصف هو المظهر الأكمل لتحققه صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة الناصعة السمحة، وبهذا الإخلاص الأكمل، حيث ذكره عز وجل في مقام العبودية، ومقام الدعاء: (وإنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا. قال إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا).
ولازم كمال العبودية لله سبحانه، وهو الكمال الذي ما تحقق على الوجه الأتم الأبهى إلا لرسول الله صلى الله عيه وسلم إفراد الحق سبحانه بالدعاء، وإخلاصه له: (قال إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا).
وفي مجتمع يسود فيه الشرك ويهيمن عليه بظلماته، وتتعلق فيه القلوب بأصنام لاتضر ولاتنفع، من الطبيعي أن يلقى كل من رفع صوته بالتوحيد، وأعلن إخلاص العبادة والدعاء لله الواحد الأحد، ألوانا من التعنيف والاضطهاد. وذلك ما قابل به المشركون دعوة سيد الرسل الكرام ودعوة صحبه رضي الله عنهم. وذلك ما أشار إليه قول الله تعالى:
(وإنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا).
يرد خاتم المرسلين على موقف المشركين من دعوته بأنه عبد لله وحده، ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا. إذ ذلك بيد الله الذي يملك وحده النفع والضر، الهداية والضلال، الخير والشر. ولهذا فالرسول صلى الله عليه وسلم يستند الى سند ربه، ويحتمي بحمى خالقه، ويركن إلى جناب سيده الأقدس: (قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا).
وهو إذ يتوكل على ربّه، ويعتمد عليه وحده في حياته كلها، يرجو منه العون الكامل والتأييد التام لدعوته {إلا بلاغا من الله ورسالاته}. إذ الله وحده قادر على تيسير أمر دعوته، وتمهيد طريق تبليغ رسالته، وحينئذ يؤدّي الرّسول هذه الرّسالة بأمانة ورعاية وعناية من خالقه. والله نعم المولى ونعم النصير.
عندما ينتقل الكافرون إلى دار الجزاء، حيث يعاينون نيران الدّركات، سيوقنون بعد فوات الأوان بأنّ الدّعاء لا يكون إلا لله، وبأن التوكل لا يكون إلاّ عليه وحده. كما سيوقنون بأنّ النّصر والتأييد منه سبحانه، وأنّهم مهما بلغت قوّتهم ونصرتهم في الدنيا فهما كلا شيء أمام نصرة الله، وتأييد الله.
وذلك قوله عز وجل: «ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا. حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصراً وأقل عددا» هذه هي الرسالة الكلية التي يحملها إلى الإنسان فقه الدعاء في القرآن الكريم، وهي الخلاصة العامة للآيات المتكاملة المتعاضدة حول الدّعاء في القرآن والتي قدّمنا في ما سبق من حلقات رؤية شاملة عنها، ركزنا فيها على الدلالات والإيحاءات، وتوقفنا فيها عند بعض مظاهر جمالية النظم القرآني، بما يخدم موضوع فقه الدّعاء. والله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.