لا يستطيع الرأي العام أن يفهم المنطق الذي تعتمده الحكومة فيما يتعلق بتخفيض أسعار المحروقات في بلادنا؟ لأنها تستعمل منطقا حسابيا خاصا بها يخدم اعتبارات ضيقة. فمعلوم أن أسعار البنزين و الغازوال كانت قد وصلت إلى 115 دولار في السوق وكان سعر الغازوال يصل في السوق الداخلي إلى حوالي عشرة دراهم، بيد إن سعر البنزين كان يتجاوزه بدرهمين، واستنادا إلى أن الأسعار المعمول بها الآن في السوق الداخلي تستند الى الأسعار التي كانت عليها المحروقات قبل شهرين، فإننا نلاحظ أن الحكومة تمارس الآن تحايلا خطيرا يستنزف جيوب المواطنين، لأن الأسعار قبل شهرين انخفضت بما يقارب الخمسين في المائة عما كانت عليه قبل مدة، إلا أن أسعار الغازوال والبنزين في السوق الداخلي تراجعت فقط بنسبة تقل عن عشرين في المائة، لأن العملية الحسابية البسيطة توضح أن الأسعار الحالية كان من المفروض أن تكون منخفضة بنسبة خمسين في المائة عما كانت عليه قبل مدة، أي أن سعر البنزين كان يجب أن ينخفض إلى ستة دراهم و سعر الغازوال إلى أقل من خمسة دراهم و الحال أن هذه الأسعار ليست على هذا الحال، وبذلك فإن الحكومة تتصرف بصيغة النصب على نسبة تصل إلى حوالي ثلاثين في المائة. طبعا سترد الحكومة بأن الأسعار السابقة كانت مدعمة من صندوق المقاصة وأن الحكومة قررت الإلغاء التدريجي لهذه الأسعار في إتجاه تحريرها بشكل نهائي في المدى المنظور، وهذا معطى يزيد الأمر تعقيدا لأن الحكومة في هذه الحالة تكون قد وفرت قيمة الدعم المالي الذي كان يصرف بواسطة صندوق المقاصة لدعم أسعار المحروقات، كما أنها توفر ما تقتنصه من فارق الأسعار في السوق الدولي و الأسعار في السوق الداخلي. إن الحكومة تمارس النصب بل و السرقة الموصوفة، ومن المؤكد أنها سترد بأن التبرير والتفسير يوجد في تركيبة الأسعار، وسيخرج اللسان الطويل للوزير / رقاص بنكيران من فمه ليصوغ عبارات ركيكة تفتقد للمصداقية، لكن هذا لن يلغي أن الحكومة تمارس فعلا تحايلا في أبشع تجلياته.