الطالبي يترأس الوفد البرلماني في أشغال المؤتمر 47 والدورة 84 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي بكينشاسا    عمر هلال يستعرض ركائز السياسة الخارجية للمملكة    تصفيات مونديال 2026.. الكونغو الديموقراطية تعبر إلى الملحق العالمي بعد التفوق على نيجيريا بركلات الترجيح (4-3)    إرسموكن : "بصحة جيدة وقميص جديد"… أملال إرسموكن لكرة القدم يُطلق موسمه ببادرة مزدوجة    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    أحكام ثقيلة في الحسيمة ضد متهمين بالاتجار في المخدرات القوية والاعتداء على موظفين عموميين    "جمهورية نفيديا".. سباق التسلّح التكنولوجي يبدّد وهم السيادة الرقمية    تفاصيل جديدة في قضية سرقة "مجوهرات التاج" من متحف "اللوفر"    لقد ونمَ الذبابُ عليه..    التدريس الصريح    تشكيلنا المغربي..    التواصل في الفضاء العمومي    العرب في معرض فرانكفورت    منظمة حقوقية تنبه إلى جريمة جنسية    الرياض تستضيف الدورة ال21 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية    حقيقة الديمقراطية الإسرائيلية    الكونغو الديمقراطية في ملحق المونديال    وزير الخارجية الفرنسي يرجح عودة بوعلام صنصال إلى فرنسا "في الأيام المقبلة"    أزيد من 3 مليار دولار حجم الإنفاق على أمن المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    ألعاب التضامن الإسلامي.. المغرب يحصد ذهبية وبرونزية في منافسات التايكواندو    حكيمي وصلاح وأوسيمين يتنافسون على لقب أفضل لاعب إفريقي 2025    ارتفاع الفائض التجاري لمنطقة اليورو بدعم من الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة    ارتفاع جديد في أسعار المحروقات بالمغرب    تقرير إخباري: كلميم على حافة التهميش والاحتقان الاجتماعي.. ودور السلطة الترابية في تعثر التنمية المجالية    نقاش ساعات العمل بالتعليم الابتدائي يتجدد على إثر فهم الوزير لدراسة "طاليس".    أربعاء أيت أحمد : حملة طبية بتينكطوف تعيد الدفء الصحي إلى منطقة جبلية وتخفف عبء التنقل عن الساكنة.    بنكيران: المغاربة يلتقون بي و يخاطبونني "أيامك كانت زينة آسي بنكيران"    سفيرة الصين بالرباط تلتقي محمد أوجار وأعضاء بارزين في حزب الأحرار    عكاشة: "الأحرار" يستعد لانتخابات 2026 بطموح المحافظة على الصدارة    الوزير مزور يترأس بتطوان أشغال المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال ويشرف على تنصيب مفتش جديد للحزب بعمالة المضيق    3.3 مليار دولار حجم الإنفاق على أمن المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    التمويلات المبتكرة: خدمة جيدة أم ديون مقنعة؟ نقاش هادئ مع لقجع    "الحرارة وشح المياه وارتفاع منسوب البحر".. مخاطر المناخ في المغرب تفوق ما تسمح به قدرات التكيف الحالية    جمعية بتيفلت تستنكر طمس جدارية فنية وتطالب بتوضيح رسمي ومحاسبة المسؤولين    يشارك في هذه الدورة 410 فنانا وفنانة من 72 دولة .. أكادير تحتضن الدورة الثامنة للمهرجان الدولي للكاريكاتير بإفريقيا    صالون "الشاي يوحّد العالم" يجمع المغرب والصين في لقاء ثقافي بالبيضاء    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    هلال يخرج عن صمته بشأن حجب العلم الجزائري ويؤكد احترامه لرمزيته    أشرف حكيمي يطمئن جماهيره بصور جديدة خلال مرحلة التعافي    أكرد يغادر معسكر المنتخب المغربي    "إعادة" النهائي الإفريقي.. المغرب في مواجهة مصيرية مع مالي بدور ال16 لكأس العالم    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    النسخة الثانية من الندوة الدولية المنعقدة بوجدة تصدر اعلانها حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض 20 فيلماً قصيراً في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    طقس الأحد.. أجواء غائمة مع نزول أمطار بعدد من مناطق المملكة    لبنان سيقدم شكوى ضد إسرائيل لبنائها جدارا على حدوده الجنوبية تجاوز "الخط الأزرق"    هل تمت تصفية قائد الدعم السريع في السودان فعلا؟    بلباو تُهدي فلسطين أمسية تاريخية.. مدرجات تهتف والقلب ينبض    أكنول: افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان اللوز    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أثر العربية في اللغات الأخرى بقلم // أ. جهاد فاضل
نشر في العلم يوم 25 - 07 - 2015

جاء وقت، وهو يمتد قروناً، كانت خلاله اللغة العربية هي لغة العالم المتحضر، تماماً كاللغة الانكليزية في العالم المعاصر. وقد دعمت إجادة اللغة العربية عند أحد الكرادلة الكاثوليك وضعه كمرشح للرتبة البابوية، وهي أعلى سلطة في الكنيسة الكاثوليكية. وعندما اختير هذا الكردينال على رأس هذه الكنيسة، قال المراقبون في روما إن اجادته للغة العربية كانت سبباً في اختيار الكرادلة الآخرين له. فاللغة العربية يومها كانت لغة عالمية، كما كانت معروفة لدى نُخب أوروبية ولاتينية على الخصوص كانت تقصد سرقسطة وطليطلة وقرطبة واشبيليا للدراسة ولاقتباس العلوم والفلسفة عن العرب. والمعروف أن الأوروبيين لم يعرفوا أرسطو ورفاقه الفلاسفة اليونانيين إلا عبر فلاسفة المسلمين ومترجميهم.
ويبدو أن نفوذ اللغة العربية قد تغلغل في نسيج اللغات الأوروبية إلى اليوم دون أن يتمكن أحد من الحد منه أو استئصاله. فقد روت لي المستعربة الاسبانية كارمن دميث برافو ان مجلة اسبانية أجرت قبل فترة استفتاء بين قرائها عن أجمل عشر كلمات باللغة الاسبانية. وعند إعلان النتيجة تبين أن ثماني كلمات من هذه الكلمات العشر الفائزة هي كلمات عربية الأصل وما تزال تحتفظ بملامحها العربية إلى اليوم. أما عدد الكلمات العربية الأخرى التي تشربتها اللغة الاسبانية وباتت جزءاً لا يتجزأ عنها، فتقول كارمن إن من العسير بل من المستحيل عدّها. فالعرب في نظرها مازالوا يبسطون سيطرتهم على اسبانيا إلى اليوم، إن لم يكن بالحكم والسياسة، فبالثقافة والأدب والفكر. وكان من أحدث ظهورات العرب واللغة العربية في اسبانيا، ولادة شاعر عربي كبير باللغة الاسبانية هو فيديركو غارثيا لوركا الذي يشبَّه لمن يلمّ بسيرته وشعره أنه شاعر عربي كأي شاعر عربي آخر نظرا للمؤثرات الأندلسية في أدبه وشعره. ويكفي أن أحد دواوينه الشعرية يحمل اسم «ديوان تماريت».
وقد أثبت الدكتور علي فهمي خشيم، وكان رئيساً لمجمع اللغة العربية في طرابلس بليبيا، أن للغة اللاتينية قرابة قوية مع اللغة العربية، وأنها نهلت منها واستفادت أيما استفادة.
وقد تأثرت بالعربية تأثراً بالغاً الشعوب التي غلبها العرب ومارسوا نفوذهم عليها دهوراً متطاولة. فمن يعرف اللغة التركية يظن لأول وهلة أنها فرع متخلف من العربية أو لهجة بدائية من لهجاتها. ومن أطرف ما سمعته مرة في اسطنبول من بعض الأكاديميين الأتراك أن الغازي مصطفى كمال الذي فرض العلمانية على بلاده في العشرينات من القرن الماضي، رغب في تنقية اللغة التركية من الألفاظ العربية، فكان كمن يحاول أن يأكل ثمرة الصبّير دون بذرها.. ذلك أن العربية هي قوام وجوهر اللغة التركية. ومما فعله مصطفى كمال لهذا الغرض أنه شكل لجنة من العلماء تعمل على «تطهير» التركية من العربية. وقد حملت هذه اللجنة، وبالتركية، اسم «لجنة تخليص اللغة التركية من الكلمات العربية».. أي أن اللجنة نفسها حملت اسماً يدل على تعذر بل على استحالة «التنقية» و«التطهير» و«التخليص»..
ولاشك ان اعتماد الأتراك للحرف اللاتيني للغتهم بدل الحرف العربي الذي أخذوا به عبر التاريخ وحتى عام 1920 هو الذي حجب نوعاً ما عظم نفوذ اللغة العربية في لغتهم. ولولا هذا الحرف اللاتيني لظهرت التركية مجرد فرع من فروع العربية لا أكثر.
أما اللغة الفارسية فلا يبالغ المرء إذا اعتبر أن الكلمات العربية التي دخلتها منذ الفتح العربي إلى اليوم تتجاوز ثلثي كلماتها. ويمكن قول ذلك عن لغات أخرى كثيرة في آسيا الوسطى وفي سواها من القارات مثل إفريقيا. ولكن كل ذلك لا يعني أن اللغة العربية نجت عبر التاريخ من المؤثرات الأجنبية فقد خضعت في الواقع لهذه المؤثرات مثلها مثل أي لغة أخرى، وكأن قانون التأثر والتأثير قانون عام لا يمكن لأية لغة أن تتمرد عليه. وفي هذا القانون مادة تنص على أن اللغة القوية هي التي تؤثر، وأن اللغة الضعيفة هي التي تتأثر. وهذه المادة غير المنظورة تشاهد اليوم بالعين المجردة فيما لا يحصى من الكلمات الأجنبية التي غزت لغتنا، تماماً كما غزت هذه الكلمات لغتنا في بدايات نهضة العرب عند ظهور الإسلام، إذ تغلغل ما لا يحصى من الكلمات الأعجمية في العربية، قبل أن ينطلق العرب انطلاقتهم الكبرى بين الهند وشبه القارة الايبيرية في القرون الوسطى. ومنذ تلك الانطلاقة التاريخية الكبرى كان العالم المتحضر كله عربياً، وكانت اللغة الأولى فيه هي العربية. ثم ران الكرى على تلك الصفحة الغراء، دون أن يحجب أهمية النفوذ الذي كان للغة العرب في لغات الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.