خلال أسبوع تعينه الوزارة المعنية من أسابيع أبريل كل سنة يتم تخليد الأسبوع الوطني للصحة المدرسية، أسبوع يتم خلاله تذكر تلاميذ المدارس بمنشورات ووصلات اشهارية في إطار ما يسمى الحملة الوطنية للفحص الطبي بالوسط المدرسي من أجل النهوض بصحة المواطنين بصفة عامة والتلاميذ بصفة خاصة،وذلك تفعيلا لمخطط العمل الحكومي 2014-2016 ولبرنامج العمل المشترك المصاحب لاتفاقية الشراكة بين وزارة الصحة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ووزارة الداخلية في مجال الصحة المدرسية والجامعية وتعزيز صحة الشباب. هذه الحملة تروم بالأساس الفحص الطبي المنتظم للتلاميذ الجدد بالتعليم ما قبل المدرسي وتلامذة السنة الأولى من التعليم الابتدائي وتلامذة السنة الأولى من التعليم الإعدادي وأساتذة هذه المستويات، وتسهيل ولوج الحالات المرضية لمختلف المؤسسات الصحية من أجل التكفل بها، علاوة على توعية التلاميذ وذويهم بالقواعد الأساسية للحفاظ على الصحة، وتحسيس الرأي العام بأهمية خدمات الصحة المدرسية والفحوص الطبية المنتظمة. كلما بدأ التهيؤ لهذه الأنشطة أستحضر كما يستحضر كثيرون من أبناء جيلي صورتين: أولاهما علقت برأسي منذ المرحلة الابتدائية تؤثتها ممرضات وممرضو المستوصف الصحي القريب من المدرسة، وهم يملؤو.ن عيوننا بجرعات كبيرة من " البوماضا" المرهم المضاد للرمد الحبيبي ، أما بالمناطق النائية فكان الأساتذة يتكفلون بهذه المهمة . أتذكر كذلك أن البعض منا كان يتهرب ويخلق أعذارا ليتغيب يوم "البوماضا" كما كنا نسميه، أولا تجنبا لبعض الألم الذي تخلفه العملية بالعين، وثانيا تجنبا للاستهزاء والسخرية من طرف آخرين لان عينينا كانت تظل شبه ملتصقة ومبللة خلال اليوم بأكمله.الثانية هي صورة بعض التلاميذ الذين كانوا يتعرضون لجروح أو رضوض خلال حصص التربية البدنية والأنشطة الرياضية داخل المؤسسة خصوصا بالمرحلة الإعدادية، فكانوا يسرعون إلى المصحة المدرسية بالمؤسسة والتي كان يرابط بها ممرض خاصة مساء كل جمعة وأربعاء الخاصين بأنشطة الجمعية الرياضية. الصورتان معا أصبحتا مجرد ذكرى بعد التراجع الكبير ونقص اهتمام الوزارة الوصية ومؤسساتها التعليمية بالصحة المدرسية، التي أضحت نفسها معطوبة وفي حاجة إلى علاج. غير أنها كلفت نفسها بعض العناء وأعلنت أحد أسابيع أبريل أسبوع الصحة المدرسية لتبرير صرف بعض الإعانات وحتى برمجة أخرى ، ويتم كثير مما يبرمج من خلال أنشطة أكاديمية تحضرها نفس الوجوه تناقش شأنا لا يخصها، في تغييب التلاميذ المعنيين الأوائل، اللهم اجتهادات شخصية داخل بعض المؤسسات التعليمية في ظل شح الموارد على الصعيدين الإقليمي والمحلي. فمن أهداف الصحة المدرسية المحافظة على سلامة التلميذ ، والتوعية والتحسيس، عن طريق برمجة أنشطة تروم التوعية في مجال التربية الصحية ومواضيعها المختلفة كمحاربة التدخين، والتربية الإنجابية ، والأمراض المعدية ، والأمراض المتنقلة جنسيا.... فتلميذ اليوم هو رجل الغد ،كما أنه سينقل إلى المنزل وإلى الشارع ما تلقاه في هذا الجانب من معلومات صحية. والوزارة مشكورة لم يغب هذا عن ذهنها ، وفي تشخيصاتها السابقة أشارت إلى أن " نظام الصحة المدرسية ينطوي على ثغرات كبيرة، لعدم توفر أطر متخصصة تتكفل بالتتبع اليومي للظروف الصحية للتلاميذ وقلة التجهيزات والادوية..." ورغم هذا الاعتراف الصريح لازالت وبعد مرور نصف عقد على هذا التشخيص لم تحرك ساكنا، سوى بعثها مذكرات مناسباتية تحث فيها على ضرورة إحداث لجن على مختلف الأصعدة ،والتحسيس والتوعية ، مع موافاة الأكاديميات الوزارة بتقارير يومية عن الحالات خصوصا مع الطوارئ(المينانجيت ، الاونفلوانزا....). الآن، ومع اقتراب موسم الصيف وبداية نشاط بعض الأمراض المتعلقة بارتفاع حرارة الشمس وتغير المناخ ،لدرجة أن بعضها يصبح قاتلا كالمينانجيت ، فالوزارة لم تتحرك وأناطت الأمر بالمذكرات ومديري الأكاديميات والنواب الذين سلكوا نفس الطريق السهل ونسخوا المذكرات ووجهوها إلى المؤسسات التعليمية ، التي بدورها سيسلك القيمين عليها نفس الطريق وإما ستطمر في أرشيف المؤسسة ، أو إنجاز تقارير ورقية كاذبة وهي معذورة في ذلك فلم يسبق للأطر العاملة بها أن ولجت كليات الطب أومعاهد التمريض. نحن على يقين تام على أن الحكومة الحالية لن تتهور وتسعى إلى توفير التغطية الصحية لجميع المتعلمين، وكل ما تقدر على فعله، وهي غير ملامة في ذلك، إرغام التلاميذ على التوفر على الدفتر الصحي عند أول تسجيل بالمؤسسة التعليمية، ليقبر بعد ذلك مع ملفات أخرى ودون أية معلومات صحية باستثناء علامات هنا وهناك يتطوع بعض الأساتذة بتدوينها عن طريق أسئلة روتينية حول الأمراض المعدية وصحة أفراد الأسرة والأقارب، وكأن الوزارة بهذا ستدعم الصحة المدرسية وسلامة التلاميذ عملا بقاعدة " كم حاجة قضيناها بتركها".