أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المملكة المغربية باتت تواجه تحدياً دبلوماسياً واقتصادياً معقداً، يستوجب موازنة دقيقة بين تحالفها الاستراتيجي مع الولاياتالمتحدة وتوسع روابطها الاقتصادية مع الصين، في ظل تصاعد النزاع التجاري العالمي بين القوتين الكبيرتين. وأوضح تقرير حديث للجريدة، أن "الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى مدينة الدارالبيضاء في نهاية العام الماضي، عقب قمة مجموعة العشرين بالبرازيل، تبرز تصاعد مكانة المغرب ضمن الخطة الاقتصادية الصينية، وقد حظي الرئيس الصيني خلال هذه الزيارة باستقبال رسمي من ولي العهد الأمير مولاي الحسن، مما عكس الموقع المحوري للمغرب كمنصة تسعى الشركات الصينية لاستغلالها للالتفاف على الرسوم الجمركية الأوروبية والأمريكية، خاصة في مجالات السيارات الكهربائية والتقنيات المتطورة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستثمارات الصينية في المغرب ارتفعت إلى حوالي 10 مليارات دولار خلال الأعوام الأخيرة، عبر مشاريع ضخمة أعلنت عنها شركات مثل Gotion High-tech وSentury داخل أقطاب صناعية مغربية مثل طنجة والجرف الأصفر، كما أصبح المغرب في سنة 2023 أول بلد مصدر للسيارات نحو الاتحاد الأوروبي، متقدماً على الصين والهند واليابان، مما جعله نقطة جذب استراتيجية للصين بالنظر إلى بنيته التحتية المتقدمة، وموقعه الجغرافي واحتياطاته من الفوسفات الضروري لصناعة البطاريات.
ويضاف إلى ذلك مشاريع عملاقة مرتقبة مع الصين، مثل مصنع بطاريات Gotion الذي قد تصل قيمته إلى 6.5 مليار دولار، ومشاركة شركات صينية في مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، ما قد يعيد المغرب إلى بؤرة الاهتمام الجيوسياسي بين واشنطنوبكين.
لكن هذا التقدم الصناعي، حسب نيويورك تايمز، يضع الرباط أمام معضلة دقيقة، إذ تخشى أن يؤدي توثيق شراكاتها مع بكين إلى رد فعل سلبي من واشنطن، خاصة إذا اتخذت إدارة الرئيس دونالد ترامب قرارات بتوسيع العقوبات التجارية مستقبلاً.
وأكدت الجريدة الأمريكية، أن تواصل الرباط توثيق تعاونها العسكري والأمني مع الولاياتالمتحدة، من خلال المشاركة في مناورات حلف الناتو، التعاون في مكافحة الإرهاب، والسعي لاقتناء مقاتلات الشبح الأمريكية F-35، يعكس استمرار التزامها الاستراتيجي مع الحلفاء الغربيين، كما تبقى قضية الصحراء المغربية عاملاً جوهرياً في مواقف المغرب، إذ ترى الرباط أن اعتراف واشنطن بسيادتها على الإقليم مكسب سياسي لا يمكن المغامرة به لصالح أي شراكة اقتصادية.
وشدد التقرير بالتأكيد على أن المغرب ينتهج منذ سنوات ما وصفه ب"سياسة التريث والحذر" بين الصينوالولاياتالمتحدة، لكن استمرارية هذا النهج ستتوقف على تطورات النزاع التجاري القادم بين العملاقين الدوليين.