كشف استطلاع أنجزه المركز المغربي للمواطنة، عن أزمة ثقة عميقة يعيشها المشهد السياسي بالمغرب، حيث أكد 94,8% من المشاركين أنهم لا يثقون في الأحزاب السياسية، مقابل 5,2% فقط عبروا عن ثقتهم بها. وأوضح الاستطلاع، الذي أجري بين 31 يوليوز و31 غشت 2025 بمشاركة 1197 شخصا من مختلف جهات المملكة عبر استبيان إلكتروني، أن 96,7% من المستجوبين يعتبرون أن هذه الثقة تراجعت مقارنة بالماضي، فيما رأى 2,6% أنها بقيت مستقرة، و0,7% فقط تحدثوا عن تحسنها.
وجاءت الأحزاب السياسية في صدارة الهيئات التي تعاني أزمة ثقة بنسبة 91,5%، تلاها البرلمان ب89,5%، ثم الحكومة بنسبة 87,3%.
وتعود أسباب فقدان الثقة حسب 83,3% من المستجوبين، إلى تضارب المصالح واستغلال النفوذ المسؤولية الكبرى عن انهيار الثقة، يليه الفساد المالي أو الإداري بنسبة 64,7%، واستغلال المال العام للمصالح الخاصة بنسبة 60,7%.
كما أشار 59,6% إلى أن الوعود الكاذبة والتسويق الإعلامي المخادع يقوضان مصداقية الأحزاب، بينما ذكر 43% أن تغيير الخطاب بعد الوصول إلى السلطة سبب إضافي، مقابل 37,3% أرجعوا الأمر إلى التهرب من المساءلة وعدم تحمل المسؤولية.
كما أظهر الاستطلاع أن 91,2% من المشاركين غير منخرطين في أي حزب سياسي، مقابل 8,8% فقط أعضاء حاليون، وعند سؤال غير المنخرطين عن نيتهم في الانضمام مستقبلا، أجاب 76,2% بالنفي، مقابل 23,8% فقط عبروا عن رغبتهم المحتملة في الانخراط.
ورأى 89,7% من المستجوبين أن المدخل الأساسي لاسترجاع ثقة المواطنين هو تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تليه محاربة شراء الأصوات واستعمال المال في الانتخابات، ثم تشديد شروط الترشح. كما شدد 48,1% على الوفاء بالبرامج والوعود الانتخابية، في حين دعا 39,5% إلى تحديد عدد ولايات القيادات الحزبية.
أما العوامل المؤثرة في اختيار المرشحين، فقد تصدرها المقابل المالي بنسبة 77,7%، ثم الانتماء القبلي أو الجهوي بنسبة 55,4%، وتوجيهات الأسرة والمحيط بنسبة 37,8%. بينما اعتبر 22,1% فقط أن السمعة والنزاهة معيار مؤثر، و8,6% أعطوا أهمية للبرنامج الانتخابي، و6,2% للمرجعية الأيديولوجية.
وأوصى المركز المغربي للمواطنة بإصلاح الإطار القانوني والتنظيمي للانتخابات وتعزيز النزاهة عبر مراقبة صارمة لتمويل الحملات، واعتماد أنماط انتخابية قائمة على الاختيار الفردي المباشر، بما يتيح محاسبة واضحة للمنتخبين.
كما شدد على أهمية تجديد النخب، وتعزيز وعي المواطنين بأهمية المشاركة السياسية من خلال التربية المدنية وحملات التثقيف، معتبرا أن هذه الإصلاحات تمثل شرطا أساسيا لتحويل أزمة الأحزاب من عائق إلى فرصة لترسيخ ديمقراطية أكثر مصداقية وفعالية.