فرقت الشرطة التونسية، أمس السبت، محتجين في مدينة قابس بجنوب البلاد عبر إطلاق قنابل الغاز، حسبما ذكر شهود عيان. يأتي ذلك إثر اقتحام سكان لمقر المجمع الكيميائي التونسي المملوك للدولة مطالبين بتفكيكه، وذلك بسبب التلوث البيئي الشديد وتزايد الأمراض التنفسية وحالات الاختناق. وتسلط الاحتجاجات المتصاعدة في المدينة الضوء على الضغوط المتنامية على حكومة الرئيس قيس سعيد، المُثقلة في الأصل بأزمة اقتصادية ومالية خانقة، ويضعها في وضع صعب للموازنة بين مطالب الصحة العامة، وحماية الفوسفات، أحد أهم صادرات تونس والمصدر الحيوي للعملة الأجنبية. وفود حكومية لإجراء إصلاحات في المجمع وفي وقت سابق اقتحم متظاهرون دخلوا مقر المجمع الكيميائي وهم يرددون شعارات تُطالب بإغلاقه وتفكيكه. وبعد ذلك منعت الشرطة بقية المحتجين من الدخول. وبعد أن كانت الاحتجاجات أمام مقر المجمع الكيميائي، تحولت إلى أعمال عنف بعد أن أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وأجبرت المحتجين على الابتعاد عن الموقع ولاحقتهم في شوارع المدينة. وقال شهود إن محتجين أضرموا النار في مقر فرعي لإدارة المجمع في المدينة، وإن فرق الحماية المدنية تحاول إخماد الحريق. كما أغلق المحتجون بعض طرق المدينة. وفي مسعى لتهدئة الغضب المتزايد وإخماد الاحتجاجات، اجتمع سعيد في وقت متأخر السبت مع وزيري البيئة والطاقة، ودعاهما إلى إرسال وفود إلى قابس لإجراء الإصلاحات اللازمة في وحدة الحامض الفسفوري بالمجمع. وقال أحد المحتجين، خير الدين دبية: "تحولت قابس إلى مدينة موت..الناس يعانون باستمرار من صعوبة التنفس، ومن السرطان أو هشاشة العظام بسبب التلوث الشديد". وأضاف دبية وهو عضو في حملة أوقفوا التلوث "نطالب بإغلاق هذه الوحدة التي تقتلنا يوميا". ويعمل المجمع الكيمائي الواقع قرب شاطئ شط السلام في قابس، على معالجة الفوسفات، أثمن موارد تونس الطبيعية. وتهدف الحكومة إلى إحياء صناعة الفوسفات من خلال زيادة إنتاجها خمسة أضعاف ليصل إلى 14 مليون طن بحلول عام 2030 للاستفادة من الطلب العالمي المتزايد. وفيما تُصرف أطنان من النفايات الصناعية في بحر شط السلام يوميا، تُحذر جماعات حماية البيئة من تضرر الحياة البحرية بشدة. وشهدت قابس، التي كانت تُعرف سابقا بنظامها البيئي الساحلي الغني، انهيارًا مستمرًا في صيد الأسماك بعدما كانت مصدر دخل حيويًا لكثيرين في المنطقة. ولم يتسن الحصول على تعليق من المجمع الكيمائي. وقال الرئيس قبل أسبوع إن قابس تعرضت منذ سنوات طويلة "لاغتيال للبيئة والقضاء عليها" بسبب اختيارات قديمة وصفها بأنها "جريمة". واندلعت أحدث موجة من الاحتجاجات هذا الأسبوع، بعد أن عانى عشرات من تلاميذ المدارس من صعوبات في التنفس وحالات اختناق مؤخرا، بفعل الأبخرة السامة المنبعثة من المصنع القريب. وأظهرت مقاطع مصورة آباء مذعورين وفرق طوارئ يساعدون الطلاب الذين يعانون من الاختناق، وهي حالات أججت الغضب ومطالبات بإغلاق المصنع. رويترز