دخلت قضية "إسكوبار الصحراء" المعروضة أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مرحلة متقدمة من المحاكمة، بعدما بلغت مرحلة المرافعات، حيث خصصت جلسة اليوم الخميس للاستماع إلى مرافعة النيابة العامة التي عرضت معطيات ووقائع جديدة تدعم فرضية تورط المتهمين في شبكة دولية لتهريب المخدرات. وخلال عرضها لمرافعتها، شددت النيابة العامة على أن المحاضر المنجزة في جرائم المخدرات تضمنت اعترافات وإقرارات دقيقة ومتطابقة، مما يجعلها وسائل إثبات قائمة بذاتها، مدعومة بمحاضر تقنية وحجوزات مادية كالمخدرات ووسائل النقل والطائرات المسيرة عن بعد التي كانت تستعمل لمراقبة تحركات الأمن أثناء عمليات التهريب. كما ربط النائب الوكيل العام للملك شبكة "إسكوبار الصحراء" بالشحنة الضخمة من المخدرات التي جرى حجزها بمدينة الجديدة والتي بلغت كميتها نحو 40 طنا، مبرزا أن "الوقائع وإن اختلفت، فلا بد أن نجد روابط بينها". وأوضح الوكيل العام أن نقطة البداية في تفكيك هذه الشبكة "اسكوبار الصحراء" جاءت عقب توقيف أحد الأشخاص المتورطين في قضية 40 طن أحيل فيها عدد من المتهمين على محاكم الجديدة من أجل الأفعال نفسها، المتعلقة بجرائم نقل وتخزين وتصدير المخدرات والمشاركة في ذلك. وأضاف أن التحقيقات التي تلت عملية التوقيف كشفت عن تشعبات للقضية، إذ تفرعت عنها ملفات أخرى متزامنة مع أفعال إجرامية، ما مكن من رسم صورة واضحة لشبكة منظمة عابرة للحدود. وقدمت النيابة العامة خلال الجلسة تفاصيل دقيقة عن اعتقال المتهم عبد القادر علاوي متلبسا بحيازة أكثر من 70 كيلوغراما من مخدر الشيرا، وحجز طائرة بدون طيار تستعمل لتسهيل عمليات التهريب، إضافة إلى تصريحات متهمين آخرين، أبرزهم سليمان حجي الذي أقر بأن قريبه علال حجي كلفه في ثلاث مناسبات بتهريب المخدرات. وأوضحت النيابة العامة أن علال حجي اعترف بعلاقته بكل من عبد النبي بعيوي والقاسم المير، مشيرة إلى أن الأخير هو من عرض عليه فكرة تهريب المخدرات عبر الشريط الحدودي المغربي الجزائري، حيث شرع بعدها في استقطاب مساعدين له لتنفيذ المهام. وأضافت أن علال حجي أكد في تصريحاته أنه التقى بأحمد بنبراهيم "إسكوبار الصحراء" في منزله بالدار البيضاء، رفقة أحمد حجي، حيث دار الحديث حول التعاون في عمليات تهريب المخدرات لفائدة بعيوي والمير، وهو ما يدل حسب النيابة العامة على وجود شبكة منظمة تتقاسم الأدوار بين أعضائها لتسهيل نقل المخدرات إلى الجزائر ووجهات أخرى. وأشارت المرافعة إلى أن بعض المتهمين حاولوا التراجع عن اعترافاتهم أمام المحكمة، غير أن النيابة العامة اعتبرت أن أقوالهم لدى الضابطة القضائية أكثر دقة وتفصيلا، خاصة وأنها تضمنت وصفا دقيقا لعدد الحقائب المهربة ومبالغ الرشاوى المقدمة لبعض عناصر الأمن. كما فندت النيابة العامة دفوع الدفاع المتعلقة بالتقادم، موضحة أن الأفعال موضوع المتابعة لم تسقط قانونيا بالتقادم، لأن التحقيقات والمتابعات استمرت دون انقطاع، مشيرة إلى أن الحكم الصادر في حق "إسكوبار الصحراء" سنة 2020، والطعن فيه أمام محكمة النقض سنة 2021، قطع أي إمكانية لسريان أجل التقادم. وشدد نائب الوكيل العام، أن المحكمة وإن كانت حرة في تكوين قناعتها من الأدلة، فهي ملزمة بتعليل ما تصل إليه من قرارات، سواء بالإدانة أو بالبراءة، مشيرة إلى أن جميع المحاضر والمعاينات المنجزة جاءت منسجمة ومترابطة، ولا يمكن الطعن فيها.