أعاد استفسار إداري وجهه مدير المدرسة الجماعاتية المرس بإقليم بولمان إلى أحد أساتذة اللغة الأمازيغية حول توقيعه بحروف تيفيناغ داخل وثيقة داخلية، الجدل حول مكانة الأمازيغية في المراسلات الإدارية، ومدى احترام الإدارات العمومية للمقتضيات الدستورية والقانونية المتعلقة بالطابع الرسمي لهذه اللغة. الحادث انطلق حين لاحظ مدير المؤسسة أن الأستاذ وقع اسمه بتيفيناغ على نشرة داخلية خاصة ببرمجة أسبوع التقويم، معتبراً أن هذا الأمر "استهتار بشكلية الوثيقة" ومخالف للدستور ولمقررات رئاسة الحكومة حول شكل الوثائق الرسمية. وطلب المدير من الأستاذ تقديم توضيحات داخل أجل 48 ساعة، مستشهداً بما وصفه بعدم لجوء أستاذ اللغة الفرنسية أو الرياضيات إلى كتابة أسمائهم بلغاتهم أو صيغ تخصصاتهم. وأشار الاستفسار موجة تفاعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً داخل الأوساط التربوية والحقوقية والأمازيغية. لحسن أمقران، المتخصص في اللغة الأمازيغية ورئيس المنتدى الأمازيغي للصحافة والإعلام، وصف الاستفسار ب"الخلل الإداري"، مؤكداً أن منشور رئيس الحكومة رقم 16/2018 واضح في إلزامية استعمال العربية أو الأمازيغية أو كلتيهما في الوثائق والمراسلات الرسمية. أمقران أشار إلى أنه دأب منذ 2011 على توقيع مراسلاته بحروف تيفيناغ داخل عشر مؤسسات تعليمية دون أن يُستفسر، معتبراً أن الواقعة تعكس جهلاً بالقوانين المؤطرة للهوية اللغوية الوطنية، وليست ممارسة إدارية معتادة. من جهته، أعلن الأستاذ المعني، سعيد.م، لجوءه إلى القضاء، معتبراً الاستفسار "تعسفياً" و"خارجاً عن المقتضيات القانونية". وأكد في تدوينة على حسابه ب"فيسبوك" أن ما تعرض له يمثل "ضرباً لمقتضيات الخطب الملكية ودستور المملكة والقانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية"، مضيفاً أن الملف "سيأخذ مجراه القضائي" دفاعاً عن حقه في التعبير عن هويته اللغوية والثقافية داخل المؤسسة التعليمية. كما وجه الأستاذ رسالة شكر للفعاليات السياسية والحقوقية وجمعيات المجتمع المدني التي تضامنت معه، مؤكداً أن "المضايقة التي تعرض لها" تتعارض مع روح الدستور ومنشور رئيس الحكومة والقانون التنظيمي 26.16. واعتبر عدد من الحقوقيين والمحامين أن الاستفسار نفسه يشكل خرقاً قانونياً، وأوضح "س.و" محامي بهيئة المحامين بالرباط، أن المدير "هو من انتهك مقتضيات الدستور" لكون الفصل الخامس ينص صراحة على أن الأمازيغية لغة رسمية للدولة، وأن أي منع غير مبرر لاستعمالها في وثيقة إدارية يعد تقييداً غير مشروع. كما شدد المحامي على أن القانون التنظيمي 26.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يقر باستعمالها داخل الإدارات، ما يجعل توقيع الأستاذ بحروف تيفيناغ ضمن الإطار القانوني السليم، إضافة إلى ارتباط الأمر بمبادئ المساواة وعدم التمييز المنصوص عليها في الفصلين 6 و19 من الدستور. وأعادت الواقعة إلى الواجهة النقاش المتجدد حول تنزيل الأمازيغية داخل المؤسسات العمومية، ومدى استعداد بعض الإدارات لمواكبة القوانين المنشورة منذ سنوات، خاصة في سياق السياسات الوطنية الرامية إلى تعزيز إدماج اللغة الأمازيغية في المرفق العمومي. كما طُرح سؤال حول الحاجة إلى تكوين الأطر الإدارية والتربوية في مجال تدبير التنوع اللغوي للمملكة، تفادياً لتكرار مواقف مماثلة بين ما تنص عليه النصوص القانونية وما يُمارس فعلياً داخل المؤسسات. ومع لجوء الأستاذ إلى القضاء وتوسع دائرة التفاعل، ينتظر أن يحدد الحكم القضائي المنتظر معالم هذا النقاش، وأن يساهم في توضيح الإطار العملي لاستعمال الأمازيغية داخل الوثائق والمراسلات الإدارية بالمغرب.