أصدر معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان تقريره السنوي حول وضعية حرية الصحافة والتعبير بالمغرب لسنة 2024، مسلطًا الضوء على استمرار عدد من الإشكالات البنيوية التي تواجه القطاع، رغم بعض الخطوات الإيجابية المسجلة خلال العام الماضي. ويعد التقرير محطة جديدة في مسار رصد الحريات الأساسية اعتمادًا على مقاربة علمية وتشاركية تشمل تحليل الإطار القانوني والسياسي والمهني. وكشف التقرير عن سياق عام يتسم بتزايد التحديات، أبرزها تراجع الثقة بين المؤسسات والصحافيين، واستمرار فجوة بين الضمانات الدستورية لحرية التعبير والتشريعات والسياسات العمومية التي لم تُلائم بعد مقتضيات دستور 2011. كما رصد استمرار متابعات مرتبطة بالتعبير السلمي، وضغوطًا اقتصادية وهيكلية تؤثر على استقلالية المؤسسات الإعلامية، خصوصًا ما يتعلق بسوق الإشهار والدعم العمومي. وسجل التقرير بروز إشكالات مهنية وتنظيمية، من بينها غموض بعض النصوص القانونية، وصعوبات الولوج إلى المهنة والحصول على بطاقة الصحافة، إلى جانب هشاشة المقاولات الإعلامية وتأخر تجديد المجلس الوطني للصحافة وما يرافقه من ارتباك في التنظيم الذاتي للمهنة. واعتمد المعهد في إنجاز التقرير على منهجية تجمع بين الأدوات الكمية والكيفية، عبر مجموعات بؤرية ضمت خبراء قانونيين وممثلين عن المجتمع المدني ومسؤولين بقطاع الصحافة والنشر، إضافة إلى استبيان موجّه للمهنيين، ما أتاح بناء مؤشّر شامل يعكس واقع حرية الصحافة والبيئة العامة التي تشتغل داخلها. وأبرزت خلاصات التقرير استمرار تحديات تتعلق بالرقابة المباشرة وغير المباشرة، وضعف التعددية الإعلامية، وتعقيدات البيئة الاقتصادية والتنظيمية. كما أشار إلى أن انتقادات منظمات وطنية ودولية بخصوص متابعة صحافيين بسبب التعبير لا تزال قائمة، رغم تسجيل بعض التحسينات خلال السنة المنصرمة. ودعا المعهد إلى إطلاق مسار إصلاحي شامل يتوخّى ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحرية التعبير، وتعزيز استقلالية المؤسسات الإعلامية، وضمان شفافية الدعم العمومي والإشهار، وحماية الصحافيين من المتابعات غير المتناسبة مع طبيعة عملهم، وتقوية الإطار المؤسساتي والتنظيم الذاتي، ودعم الصحافة الجهوية وتحسين شروط الممارسة المهنية. وأكد معهد بروميثيوس أن هذا التقرير يأتي ضمن التزامه السنوي بتعزيز التقييم العلمي للحريات الأساسية، والمساهمة في إغناء النقاش العمومي حول الإصلاح الديمقراطي، مشددًا على أن حماية حرية الصحافة مسؤولية جماعية لضمان إعلام حر وتعددي يعكس تطلعات المجتمع المغربي.