من منكم يتذكر صيف العام 2014، عندما تسربت أخبار تتحدث عن إقدام عناصر الحرس المدني الإسباني بمدينة سبتة المغربية المحتلة على اعتراض الملك محمد السادس، الذي كان يمارس رياضة ركوب الماء على متن دراجته المائية بين سواحل الفنيدقوسبتة، حينها نشرت الكثير من التقارير الصحفية خاصة في الجارة الشمالية للمغرب، غير أن لا أحد من المسؤولين الإسبان خرج ليروي تفاصيل ما جرى. ذلك اليوم كان الأسوأ في حياة وزير الداخلية الإسباني الأسبق خورخي فيرنانديز دياز، الذي اعترف أن لحظة علمه بالخبر شكل له اللحظة المرعبة في مسيرته كوزير للداخلية، خاصة وأن هذا الاعتراض كان له ما بعده، وكادت أن تحدث أزمة دبلوماسية بين الرباط ومدريد، لولا مكالمة أجراها محمد السادس مع العاهل الإسباني فيليبي السادس، الحديث العهد بكرسي العرش، خلفا لوالده خوان كارلوس الثاني.
وزير الداخلية الإسباني الأسبق كشف في مذكراته، التي أصدرها مؤخرا، أن عناصر الحرس المدني رصدت تحرك الدراجة المائية فاعتقدت أن الأمر يتعلق بمهربين للمخدرات، فقامت باعتراضها، لكن سرعان ما اكتشف عناصر الحرس المدني أن الشخص الذي أوقفوه على متنها هو ملك المغرب محمد السادس، فحدث ارتباك شديد لهم.
وتابع دياز في مذكراته: "… الملك محمد السادس لم يتقبل اعتراضه من طرف الحرس المدني، فاتصل بشكل مباشر بالملك الإسباني فيليبي الثاني، الذي بدوره ربط اتصالا مباشرا بي، حيث كنت أقضي العطلة الصيفية بمدينة سوريا الإسبانية … لم يخطر ببالي أن أتلقى اتصالا مماثلا من الملك فيليبي السادس يخبرني بقيام عناصر الحرس المدني باعتراض الملك المغربي وتوقيفه، إذ لم أكن أعلم شيئا عن الأمر، ولخطورة الوضع قمت بربط الاتصال بجميع المسؤولين في الحكومة ووزير الخارجية من أجل احتواء الوضع".
وبعد هذا الحادث حدثت مجموعة من التفاصيل الأخرى، فقد أمر وزير الداخلية الإسباني الأسبق رئيس الحرس المدني بسبتة بالتوجه بشكل مباشر إلى الملك محمد السادس وتقديم اعتذار له. أكثر من ذلك فقد قام خورخي فيرنانديز دياز نفسه بزيارة الرباط وطلب لقاء العاهل المغربي، حيث قدم له اعتذارا رسميا. وهكذا طوي "سوء الفهم" هذا بشكل نهائي وبشكل سريع، وظل الملك محمد السادس من الأصدقاء المقربين جدا للملك فيليبي السادس، الذي قام بعد ذلك بزيارتين رسميتين للرباط، وتم استقباله في كل مرة استقبال الضيوف الكبار.