دفعت معاملات عقارية مشبوهة بمدينة طنجة السلطات المختصة الى فتح تحقيقات موسعة حول احتمال استخدام هذه العمليات كواجهة لغسل أموال، وسط متابعة دقيقة لتداعياتها على استقرار السوق العقارية بالمدينة. وبحسب معطيات اولية، فقد رصدت مصالح المراقبة المالية خلال الأشهر الماضية ارتفاعا لافتا في وتيرة اقتناء عقارات سكنية وتجارية فاخرة، بما فيها مشاريع متعثرة وأصول في مواقع استراتيجية، من طرف فاعلين جدد غير معروفين في السوق المحلي. - إعلان - وتشير مصادر قريبة من الملف، إلى ان بعض هذه المعاملات تمت بمبالغ مالية ضخمة وعبر طرق تحويل معقدة، ما اثار الانتباه ادى الى رفع مستوى المراقبة. وفي مرحلة لاحقة، باشرت الهيئة الوطنية لمعالجة المعلومات المالية التنسيق مع المديرية العامة للضرائب والفرقة الوطنية للشرطة القضائية، استنادا الى القانون رقم 43‐05 المتعلق بمكافحة غسل الاموال، المعدل والمتمم بالقانون 12‐18 لسنة 2021. ويلزم هذا القانون جميع المؤسسات المالية والفاعلين في سوق العقار بالابلاغ عن أي عمليات يشتبه في طبيعتها، مع منح السلطات صلاحيات واسعة للتدقيق في مصادر الاموال وتجميد المعاملات عند الضرورة. ووفق المعطيات المتوفرة، تلقت الهيئة الوطنية لمعالجة المعلومات المالية خلال السنة الماضية الاف الاشعارات بعمليات مالية مشبوهة، واحالت عددا منها الى النيابة العامة، التي كلفت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بفتح تحقيقات معمقة تشمل التدقيق في العقود، مسارات التمويل، واسماء المالكين الجدد. ويشير تقرير بنك المغرب حول القطاع العقاري الى ان حجم المعاملات في مدينة طنجة بلغ ما يقارب سبعة مليارات درهم سنة 2023، بينما سجلت اسعار المتر المربع السكني في 2024 ارتفاعا بنسبة 7 في المائة لتصل في المتوسط الى حوالي 12.650 درهما للمتر المربع. ورغم هذا الارتفاع، أظهر المؤشر الوطني للعقار خلال نهاية 2024 وبداية 2025 تراجعا في حجم المعاملات بنسبة تراوحت بين ثلاثة و14 في المائة حسب طبيعة القطاع، مع استقرار نسبي للاسعار على الصعيد الوطني. ويرى خبراء اقتصاديون ان التوسع المتسارع لطنجة كمركز استثماري اقليمي، مدعوما بمشاريع كبرى مثل ميناء طنجة المتوسط والمناطق الحرة الصناعية، زاد من جاذبية سوق العقار، لكنه في المقابل رفع المخاوف من استغلال هذا النمو في عمليات غير مشروعة او غير شفافة. ولا تزال التحقيقات جارية في انتظار صدور تقارير رسمية تحدد طبيعة هذه المعاملات ومآل الملفات المعروضة امام القضاء، فيما تترقب الاوساط الاقتصادية نتائج العملية لما قد تحمله من تأثير مباشر على ثقة المستثمرين واستقرار اسعار العقار وقدرة الفئات المتوسطة على ولوج السكن في مدينة طنجة.