بوريطة يستقبل وزير الشؤون الخارجية القمري حاملا رسالة من الرئيس أزالي أسوماني إلى الملك محمد السادس    دعاية هزيلة.. بعد انكشاف مقتل ضباط جزائريين في طهران.. نظام العسكر يُروج وثيقة مزورة تزعم مقتل مغاربة في إسرائيل    الملك محمد السادس يهنئ دوقي لوكسمبورغ الكبرى بمناسبة العيد الوطني لبلادهما    توقيع اتفاقية شراكة إطار بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لتعزيز الإدماج السوسيو اقتصادي للشباب    إيران تطلق صواريخ باتجاه قواعد أمريكية في قطر والعراق    قطر تعلن عن إيقاف حركة الملاحة الجوية مؤقتا بسبب تطورات الأوضاع بالمنطقة    الرئيس السوري: لن يفلت مرتكبو تفجير كنيسة مار إلياس من العقاب    حموشي: المديرية العامة للأمن الوطني تولي أهمية خاصة لدعم مساعي مجابهة الجرائم الماسة بالثروة الغابوية    شرطي يستعمل سلاحه الوظيفي بالقنيطرة لتوقيف شقيقين عرضا سلامة عناصر الشرطة والمواطنين لتهديد جدي    ياسين بونو يتوج بجائزة رجل المباراة أمام سالزبورج    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    بوتين: لا مبررات قانونية أو أعذار للعدوان ضد إيران    عبد النباوي: قيادة القاضيات أولوية    "منتدى الجامعات الإسلامية" يدعو إلى ريادة التكنولوجيا وتطوير الشراكات        سقوط سيارة في منحدر جبلي على الطريق الوطنية بين الحسيمة وتطوان    بنعلي: لن نتوفر على دينامية في البحث العلمي في الطاقات المتجددة بدون تمويل مستدام    كأس العالم للأندية.. "الفيفا" يحتفل بمشجعة مغربية باعتبارها المتفرج رقم مليون    إشكالية التراث عند محمد عابد الجابري بين الثقافي والابستيمي    بسمة بوسيل تُطلق ألبوم "الحلم": بداية جديدة بعد 12 سنة من الغياب    صديق المغرب رئيس سيراليون على رأس المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ( CEDEAO)    خيي كاتبا جهويا ل "مصباح الشمال" ومريمة وبلقات يحجزان معقدا عن تطوان    الشعباني: "نهائي كأس العرش ضد أولمبيك آسفي سيكون ممتعا.. وهدفنا التتويج باللقب"    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    نقابيو "سامير" يعودون للاحتجاج على الموقف السلبي للحكومة وضياع الحقوق    ترقب إغلاق مضيق هرمز يثير مخاوف ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب    وسط ارتباك تنظيمي.. نانسي عجرم تتجاهل العلم الوطني في سهرة موازين    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    إسبانيا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالشجاعة" لمعاقبة إسرائيل    "العدالة والتنمية" يدين العدوان الأمريكي على إيران ويدعو لإيقاف حصار غزة    المغرب ‬يعيد ‬رسم ‬خريطة ‬الأمن ‬الغذائي ‬في ‬أوروبا ‬بمنتجاته ‬الفلاحية ‬    أمطار رعدية مرتقبة بالريف وحرارة قد تصل إلى 38 درجة        الناخب الوطني النسوي يعقد ندوة صحفية بعد غد الثلاثاء بسلا        الكركرات.. توقيف شاحنة محملة بالكوكايين القادم من الجنوب    كيوسك الإثنين | تسجيل 111 حريقا غابويا أتى على 130 هكتارا من يناير إلى يونيو    ألونسو: من الأفضل أن تستقبل هدفًا على أن تخوض المباراة بلاعب أقل    ارتفاع أسعار النفط بعد الهجوم الأميركي على منشآت إيران النووية    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    معنى ‬أن ‬تصبح ‬العيون ‬نقطة ‬وصل ‬بين ‬شمال ‬أفريقيا ‬وعمقها ‬الجنوبي    كأس العالم للأندية 2025.. ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي (3-1)    طنجة.. تتويج فريق District Terrien B بلقب الدوري الدولي "طنجة الكبرى للميني باسكيط"    منحرفون يفرضون إتاوات على بائعي السمك برحبة الجديدة وسط استياء المهنيين    الأستاذ عبد الرحيم الساوي يغادر المسؤولية من الباب الكبير.. نموذج في الاستقامة والانتصار لروح القانون    إيران تبدأ هجوماً صاروخياً جديداً على إسرائيل    إيران تتحدى الضربات الأمريكية: مخزون اليورانيوم والإرادة السياسية ما زالا في مأمن    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور الدين مفتاح يكتب: عجائب لجنة النموذج التنموي
نشر في الأيام 24 يوم 20 - 01 - 2020

معذرة إذا كنت سأبدأ هذا العام الجديد بنوع من الامتعاض المشروع من جو عام مشحون في البلاد، في الوقت الذي تبدو الأجوبة التي يعقد العزم على اقتراحها غريبة وربما مترنحة.
لنتحدث عن المشروع التنموي الجديد، فقد انطلقت لجنة بنموسى بجلسات استماع للأحزاب السياسية والمنظمات النقابية، وستتلوها مسموعات متنوعة لكل ألوان الطيف المجتمعي. وظاهريا تبدو هذه المنهجيّة صائبة، والأسلوب ديموقراطي، والتمرين سهل على الأقل بالنسبة للأحزاب التي سبق وأن هيأت قبل سنة تقريبا تصوراتها لهذا النموذج، لكنها ظلت في الرفوف إلى أن عين السيد شكيب بنموسى رئيسا للجنة.
ونتذكر أن نفس المنهجية استعملت في اللجنة التي ترأسها السيد عبد اللطيف المنوني لتعديل الدستور عقب حراك 20 فبراير المتزامن مع الربيع العربي في 2011، إلا أن الاختلاف بين عمل اللجنتين واضح، فالمنوني كان بصدد التنسيق لكتابة تعاقد جديد يحدد اختصاصات سلطات الحكم عموما، وكان واضحا أن هناك تنازلات لابد أن تقدم ومؤسسات لابد أن تعيد التموقع، وقانونا أسمى ينظم الحكم في المغرب لابد أن يتطور في الاتجاه الديموقراطي، وأما السيد بنموسى، فمجال اشتغاله شاسع، والمواضيع لا حدود لها، والاختيارات اجتهادات، ولابد أن يبقى بصددها اختلاف يعكس الاختلاف الموجود في المجتمع، ولهذا كانت الأحزاب السياسية، ولهذا تنظم الانتخابات، ولهذا توجد السلط ويوجد الفصل بينها، وهذا نظريٌّ بالطبع، لأنه في المغرب كل هذه البديهيات مازالت مطالب.
الاستماع للأحزاب من طرف التكنوقراط جيد، ولكنه يطرح سؤالا بسيطا ومركبا في آن: عندما سيقوم أعضاء اللجنة ال 35 بالتحكيم بين الأفكار التي قدمت لهم زائد اجتهاداتهم، أي قيمة أو قوة ستكون لتصورهم لهذا النموذج الجديد؟ وماذا إذا كانت أطراف من المكونات التي يتم الاستماع إليها الآن غير متفقة على النتيجة التي ستقدم في يونيو المقبل؟
إن الدستور الذي حرره التكنوقراط وتفاوض عليه القصر مع الأحزاب السياسية حصل على تجاوب واسع، ولكن ظل هناك كثيرون يختلفون معه، غير أنه عند إقراره أصبح الكل ملزما بالخضوع له بعد الاستفتاء عليه. أما لجنة المشروع التنموي الجديد، فلا يمكن أبداً أن يصدر عنها ما يمكن أن نسميه بدستور التنمية المغربية، وليس أي أحد بملزم بهذا النموذج ولا بالخضوع له، وهنا نتواجه مع المشكلة الفعلية ما بين مشروع اجتهاد أدبي للجنة لا شرعية لها إلا شرعية التعيين الملكي، وما بين تقديمه وكأنه إرادة للأمة في تحرير وثيقة استقلال تنموي مجيدة! هنا تكمن بالفعل المشكلة التي ستترتب عنها مشكلات أخرى، فيها ما لا نعرف نحن الجواب عنه لحد الآن، وفيها حسب تقديري ما لا يعرف حتى أعضاء اللجنة أنفسهم الجواب عنه.
لنقدم ملاحظة أخرى في هذا المضمار المليء بالحواجز، إننا نضرب في هذه البلاد الرقم القياسي في إصدار التقارير، فخلال شهر واحد أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي برئاسة أحمد رضا الشامي تقريرا حول موضوع النموذج التنموي، تحدث عن ضرورة رفع تسعة تحديات كبرى، منها التعليم والإدارة والريع والعالم القروي والمرأة… كما أصدر المجلس الأعلى للتعليم “مكتبة” تقارير، وهي “الأطلس المجالي الترابي للانقطاع الدراسي”، و”إطار الأداء لتتبع الرؤية الاستراتيجية في أفق 2030″، و”إصلاح التعليم العالي: آفاق استراتيجية”، و”جمعيات أولياء التلاميذ شريك في تحقيق مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء”. كما أصدر المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان تقريرا حول ما تحقق من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وما لم يتحقق، وبالطبع فمن تبقوا من المتتبعين لهذه المواضيع لاشك سيتذكرون مئات التقارير السابقة التي تقوم بنفس التشخيص تقريبا وتقترح نفس الحلول.
ما الذي سيضيفه تقرير لجنة بنموسى؟ وما الذي سيجعل لجنة النموذج التنموي مختلفة عن اللجان التي سبقتها؟ وما هي أهمية نتائجها إذا كان السيد بنموسى في لقائه مع الصحافة قد قال حرفيا: “لا توجد ضمانة لتفعيل النموذج وتحويل خلاصات اللجنة إلى مشاريع ومخططات”؟ ومن سيكون موكولا له التنفيذ؟ وإذا كان منطقيا أن المنفذ هو الجهاز التنفيذي، وهذا الجهاز ينبثق من الإرادة الشعبية عن طريق الانتخابات، فهل سيكون معروضا أمام المواطنين في انتخابات 2021 برنامج واحد هو خلاصات لجنة بنموسى؟
إحساسي متشابك وأنا أتشارك مع القارئ الكريم هذه الهواجس، مع أن الأمنية الدفينة هي نجاح بلدي في تجاوز هذا الإفلاس غير المعلن في الإنسان، ولكن كيف السبيل لذلك؟ من يمنع تحقيق هذه العناوين الواضحة والمكتوبة بالبنط العريض منذ 60 سنة: القطع مع الريع والفصل بين الثروة والسلطة، والقطع النهائي مع القمع المادي والمعنوي، وإقرار الديموقراطية وتنظيف الإدارة، والحسم في النهوض بالتعليم والصحة والتشغيل ومحو الفوارق الصارخة؟
إحساسي غريب وأنا أقرأ -للتمثيل لا الحصر- مذكرة حزب العدالة والتنمية التي حررت في مارس من السنة الفارطة وقدمت للسيد بنموسى الأسبوع الماضي بعنوان: “من أجل نموذج تنموي أصيل ومنصف ومستدام”، حيث تقول بعض عناوينها:
– تفعيل إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي! وفي رأسي يهتف مواطن بسيط: أنتم في رئاسة الحكومة طبقوا هذا الآن!
– تحسين وتعميم الخدمات الصحية! نفس الصوت يقول: طبقها ذ. العثماني الآن.
– تحسين الولوج للثقافة والرياضة! يقول الهاتف: ما الذي يمنعكم الآن!
– الحد من الفوارق الكبيرة في الدخل! الله أكبر. من يمنعكم من؟
وهناك 45 صفحة هكذا لا تبعث في بلاد العجائب إلا على الذهول، وربما كانت ستملك قدرا من المعنى لو قدمت مثلا على شكل: رفع منعنا من “دعم حصول الطبقات الفقيرة والمتوسطة على سكن لائق” أو، وهذه هي عين العقل: اللهم ارحم ضعفنا.
وما يقال عن مقترحات حزب رئيس الحكومة ينطبق على الأحزاب المشاركة في هذه الحكومة إلى درجة أن أول شيء حقيقي مطلوب في مغرب اليوم هو نموذج جديد للنخبة ونموذج جديد للساسة والسياسة، وحتى إذا تم الانكباب عليه الآن، فالأمل في أن يلتفت إليه المغاربة كالأمل في أن أفوز بسباق 100 متر الأولمبي!
لهذا أفهم جيّدا لماذا يتابع الرأي العام سقوط دنيا باطمة وحساب “حمزة مون بي بي” أكثر من اهتمامه باللجان والتقارير والنماذج! والله يرحمنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.