"الخدمة العسكرية"..الإحصاء يشارف على الانتهاء وآفاق "واعدة" تنتظر المرشحين    تفاقم "جحيم" المرور في شوارع طنجة يدفع السلطات للتخطيط لفتح مسالك طرقية جديدة    جماهري يكتب.. 7 مخاوف أمنية تقرب فرنسا من المغرب    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و262    مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    أحزاب الأغلبية تحسم الانتخابات الجزئية بفاس وبنسليمان لصالحها و"البيجيدي" يشكو تدخل المال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    طنجة.. توقيف متهم بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية بحوزته 2077 شريحة هاتفية    حيوان غريب يتجول في مدينة مغربية يثير الجدل    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    المغرب وإسبانيا .. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مفوض حقوق الإنسان يشعر "بالذعر" من تقارير المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    اتجاه إلى تأجيل كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025 إلى غاية يناير 2026    انتقادات تلاحق المدرب تين هاغ بسبب أمرابط    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    بنسعيد يبحث حماية التراث الثقافي وفن العيش المغربي بجنيف    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    المنتخب الوطني الأولمبي يخوض تجمعا إعداديا مغلقا استعدادا لأولمبياد باريس 2024    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    إساءات عنصرية ضد نجم المنتخب المغربي    وزير إسباني : المغرب-إسبانيا.. استجابات مشتركة لتحديات التغير المناخي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    أساتذة جامعة ابن زهر يرفضون إجراءات وزارة التعليم العالي في حق طلبة الطب    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    هل تحول الاتحاد المغاربي إلى اتحاد جزائري؟    "إل إسبانيول": أجهزة الأمن البلجيكية غادي تعين ضابط اتصال استخباراتي ف المغرب وها علاش    شركة Foundever تفتتح منشأة جديدة في الرباط    نوفلار تطلق رسميا خطها الجديد الدار البيضاء – تونس    للمرة الثانية فيومين.. الخارجية الروسية استقبلات سفير الدزاير وهدرو على نزاع الصحرا    إقليم فجيج/تنمية بشرية.. برمجة 49 مشروعا بأزيد من 32 مليون درهم برسم 2024    تفكيك عصابة فمراكش متخصصة فكريساج الموطورات    بنموسى…جميع الأقسام الدراسية سيتم تجهيزها مستقبلا بركن للمطالعة    الكونغرس يقر مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    تخفيضات استثنائية.. العربية للطيران تعلن عن تذاكر تبدأ من 259 درهما على 150 ألف مقعد    رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك ب "الملياردير المتغطرس"    نانسي بيلوسي وصفات نتنياهو بالعقبة للي واقفة قدام السلام.. وطلبات منو الاستقالة    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    الصين تدرس مراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال    الولايات المتحدة.. مصرع شخصين إثر تحطم طائرة شحن في ألاسكا    الصين: أكثر من 1,12 مليار شخص يتوفرون على شهادات إلكترونية للتأمين الصحي    إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستشار الرئيس الموريتاني الأسبق ل "الأيام": الجزائر تستحق أن يقول لها الناس الحقيقة والمغرب ليس هو الجار الوحيد الذي بلغه الأذى منهم
نشر في الأيام 24 يوم 29 - 11 - 2021


* حاوره: رضوان مبشور
محمد ولد أمّيْن سياسي موريتاني وازن، اشتغل في السلك الدبلوماسي لبلاده لسنوات في العاصمة البلجيكية بروكسيل ثم في كندا وجنوب إفريقيا، كما شغل عدة حقائب وزارية على فترات مختلفة في حكومات نواكشوط، منها حقيبة وزير الإعلام، وشغل كذلك منصب وزير مستشار في رئاسة الدولة.
يعتبر محمد ولد أمّيْن كذلك واحدا من الكتاب الموريتانيين النشيطين المعروفين بمواقفهم القوية في عدد من المواضيع التي يخوض فيها، ومن بينها مواقفه مما يجري في المنطقة المغاربية، وبالأخص قضية الصحراء المغربية، التي يعرفها حق المعرفة، وهو الدبلوماسي والوزير ومستشار الرئيس.
في هذا الحوار يكلمنا ضيفنا بالكثير من الصراحة المطلوبة، متحدثا عن التطورات الأخيرة التي تعرفها العلاقات بين الرباط والجزائر، التي وصل صداها إلى نواكشوط، التي اكتوت بدورها منذ عقود من الزمن بنار خصام الأشقاء، ليحمل الجزائر مسؤولية التصعيد غير المسبوق الذي تعرفه المنطقة، ويقول في حواره ل "الأيام" بعض الكلام الجريء على غرار أن: "الجزائر تستحق أن يقول لها الناس الحقيقة" و"يجب أن نذكر الإخوة في الجزائر بمسؤوليتهم في تدهور الأوضاع إلى هذا الحد المؤسف والمشين"، ثم يعود بنا إلى التاريخ ليؤكد أن "المغرب ليس هو الجار الوحيد الذي بلغه الأذى من الإخوة في الجزائر، لقد سبق للجزائر أن أسقطت نظام المختار ولد دادة، وحين رفض الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة التنديد بلجوء موريتانيا لفرنسا سعت الجزائر لضربه في أحداث قفصة المشهورة".
ويصل ضيفنا في معرض الحوار إلى حد أن يلعن الحدود ودول "الكرتون"، ويقول: "… عالم اليوم عالم الفضاءات الكبرى، وليس عالم دول الطوائف التي يحاكي الهر فيها صولة الأسد".

كيف ترى اليوم هذا التوتر بين الجزائر والمغرب، يبدو أن المنطقة لم تصل إلى هذه الدرجة من التوتر منذ عقود من الزمن؟
التوتر الحالي أمر غير طبيعي، وردود الأفعال الجزائرية لا تتناسب مع الأفعال ذاتها، وذلك مؤشر يكشف أننا أمام حالة معيبة أو زائفة. لقد لاحظت أنه كلما سعى المغاربة لإرساء جو إيجابي كان رد الفعل الجزائري مزيدا من التعكير ومزيدا من السلبية، وهذا دليل قوى على حالة الحرج التي تخلقها المبادرات الودية المغربية.
فمثلا، طلب الملك فتح الحدود بين البلدين، فجاء الرد تصعيدا في الكركرات. طلب المغرب تذويب الإشكالات العالقة في شراكة مستديمة فجاء قطع العلاقات. تحمل المغاربة الهجوم من البوليساريو ولم يتعقبوهم فجاء الرد بالحشد لمزيد من التوتر.
الإخوة في الجزائر يريدون حماية الوضع القائم في العلاقات وإبقاء الحال على حاله، لكن المساعي المغربية ستنتهي بإقناع الرأي العام الجزائري بعبثية هذا الخصام.
لقد صار من الواضح أن الطبقة السياسية والثقافية في الجزائر لا توافق على المواقف الجزائرية، ومن هنا يأتي التصعيد. بعبارة أخرى التصعيد تجاه المغرب في جزء كبير منه يقصد به الرأي العام الجزائري المتململ من عدمية السلبية الجزائرية التي صار واضحا أنها العائق الأكبر أمام تحقيق ما يمكن تحقيقه من الوحدة المغاربية.
الملاحظ هذه المرة أن التصعيد الجزائري يواكبه ضبط نفس مغربي. بعض الإخوة الجزائريين يفسرونه خوفا مغربيا والبعض يراه حكمة وتبصرا. ما تعليقك؟
لا أرى الأمر بنفس الطريقة، التصعيد العسكري بدأ بإغلاق معبر الكركرات وأظن أن الجزائر كانت تراهن على نجاح هذه العملية ميدانيا، وهي عملية فاشلة كشفت مراهنة جيش الدفاع الشعبي في شقه الصحراوي على مخططات متجاوزة لا تتماشى مع الوضع التكنولوجي في العالم.
حرب العصابات لا تعطى نتائج كبيرة في البراري المكشوفة التي تقع تحت باصرة الأقمار الصناعية ونيران الطائرات المسيرة. أمام فشل هذا المخطط الذي كان يتقصد تسخين الجو، انتقلت المعركة من مفازات الصحراء إلى شاشات التلفاز ومواقع الإنترنت، ثم أخذت القيادة الجزائرية منحى التصعيد حيث إنها تبدو غير مستعدة لتفهم الخسارة الفادحة للبوليساريو على الميدان.
لقد أحسن المغاربة صنعا بعدم الانجرار في الحرب الكلامية لأن الانجرار إلى الحرب الكلامية يوحد الجبهة الجزائرية ضدهم كما سبق وأسلفت، ويعقد الوضعية، وقد يفرض، لا قدر الله، المواجهة المباشرة التي إن وقعت فقد تكون حربا ضروسا لا تبقى ولا تذر.
الخوف من الحرب ليس عيبا، ومن يتعطش للحروب إنسان مريض، وهنا لا بد من تذكير قيادات المنطقة أن القوى الغربية سترحب بالحرب وستسعى لإطالة أمدها تماما كما فعلت في حرب العراق وإيران.
موقف المغرب إذن هو عين الحكمة، فالحرب لا تخدم أحدا.

* ليس المغاربة الجار الوحيد الذي بلغه الأذى من الإخوة في الجزائر

الكثيرون يعيبون على موريتانيا أن حيادها سلبي، وربما هناك نوع من العتاب من المغاربة على نواكشوط، دون أن ننسى أن موريتانيا البلد المغاربي الوحيد الذي يعترف بالبوليساريو؟
هامش المناورة عند موريتانيا محدود جدا لأسباب عديدة، منها درجة التشابك القبلي مع البوليساريو، والرغبة في تجنب الخلاف مع الجزائر. لقد أسقطت الحرب حكم الرئيس مختار ولد داده الذي لم يرضخ لابتزاز هواري بومدين، ولولا التواجد العسكري الفرنسي لاجتاحت الجزائر موريتانيا سنة 1975. وبالمناسبة، حين رفض بورقيبة التنديد بلجوء موريتانيا لفرنسا سعت الجزائر لضربه في أحداث قفصة المشهورة. بعبارة أخرى، ليس المغرب الجار الوحيد الذي بلغه الأذى من الإخوة الأعزاء في الجزائر. في تاريخ العلاقات الموريتانية المغربية كثير من الأمور، لكن كما سبق وأسلفت يجب ترك التاريخ للمؤرخين، فالمهم هو الحاضر. وموريتانيا اليوم ترفض أن يورطها أحد في القضية الصحراوية لذلك لم تقبل تلفيق قضية الشاحنات التي زعم البوليساريو أنها ضربت في موريتانيا، ولم تقبل أن تكون أراضيها منطلقا للهجوم على المغرب. في انتظار تسوية نهائية لهذه الفاجعة، لا مجال لنا سوى التواصل مع كل الجيران شرق وغرب الجدار الرملي للمحافظة على أكبر قدر من الهدوء، ولإنقاذ أكبر قدر من أرواح الإخوة في الطرفين.
بالنسبة للاعتراف بالبوليساريو فهو اعتراف معلق ومشروط بنتائج الاستفتاء، وليس هناك أي شخص في العالم يستطيع أن يتحدث عن نتيجة استفتاء لم يقع بعد.

الجزائر تستحق أن يقول لها الناس الحقيقة

المؤكد أن موريتانيا معنية بدورها بهذا التصعيد والتوتر، بسبب حدودها المشتركة مع الدولتين. ألا ترى أن الجغرافيا تفرض أن تعلب موريتانيا دورا كبيرا لحلحلة النزاع أكثر من أي دولة أخرى، خاصة أن أي حرب ستتضرر منها موريتانيا كثيرا؟
موريتانيا في لب المسألة الصحراوية، ولقد دفعت كثيرا من الدم والمال في هذه المسألة لدرجة تتخطى إمكاناتها الضئيلة حيث اكتوت بنار الصحراء منذ ردح طويل من الزمن.
لقد سعت موريتانيا كثيرا لحلحلة أزمة الثقة العصية على الفهم والتفسير بين الجارين، لكن مساعيها لا يمكن أن تكون فعالة بسبب ضعف قدرتها على التأثير، وخشية حكامها من التورط مجددا في هذه المسألة المحزنة.
في منتصف السبعينيات فشلت وساطة موريتانيا في حمل المغرب على المصادقة على اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين وهو الاتفاق الذي أدى التلكؤ على مصادقته إلى تفاقم جو الريبة والشكوك عند الجزائريين حول نية المغرب في ضم ولاية تندوف.
لقد سمعت مؤخرا الرئيس عبد المجيد تبون يثير مجددا نقطة تندوف في معرض حديثه عن حرب الرمال وتوسعية الإخوة المغاربة. إن إثارة هذه النقطة الآن أمر مضحك جدا، ويظهر أن الحال أصبح زاخرا بالافتعال والبهرجة.
تندوف الآن أرض جزائرية، والعالم أجمع يعترف بجزائرية تندوف، والمملكة المغربية تعترف بجزائرية تندوف. هل كانت تندوف مغربية ذات يوم؟ ثم صارت فرنسية؟ هذه نقاشات تخص المؤرخين ولا تأثير لها على العلاقات الدولية. المهم أن تندوف أرض جزائرية شأنها شأن تلمسان وعنابة، ثم لماذا هذه الحساسية المفرطة؟
بعبارة أخرى هل إذا كتب مؤرخ مغربي أن تمبكتو كانت مغربية ذات يوم يعني هذا أن جمهورية مالي يجب أن تشن حربا على المغرب؟
إن من يتفحص الموقف الجزائري جيدا لن يجد فيه حججا مقنعة تبرر هذا الخصام المفتعل الذي أصبح يهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم.
الجزائر تستحق أن يقول لها الناس الحقيقة، وهذا دور الدول الكبرى، والدول التي لا توجد عليها ضغوط جغرافية أو تماس مباشر. مهمة إقناع الجزائر يجب أن تضطلع بها دول عربية بعيدة نسبيا مثل مصر وسورية والسعودية، موريتانيا وتونس لا توجدان في الموقع المناسب لإسداء النصح، وعلى كل حال يجب أن أقف إجلالا للرئيس المجاهد بورقيبة الذي رغم كل الضغوط التي تعرض لها من الجزائر أصر على قول الحقيقة في هذه المسألة.
اشتغلت كثيرا داخل دواليب السلطة في موريتانيا. ما هو رأيك الصريح في التدافع المغربي الجزائري الذي يصل صداه لنواكشوط؟
التدافع والفجور في الخصومة بين الجزائر والمغرب أمر يعرقل التنمية في المنطقة ويهدد السلم. لقد أغلقت الجزائر كل مجالات العمل المشترك ودفعت المغرب للبحث عن بدائل أخرى وشركاء آخرين، ولا أدل على ذلك من حجم الاستثمار المغربي في إفريقيا الغربية.
حين نرى المغرب يعتزم المشاركة في تنمية النيجر أو بوركينافاسو فعلينا أن ننتبه، وحين نرى الجزائر تستثمر مليارات الدولارات في أنغولا أو في بنين فليس ذلك من بواعث الاطمئنان. الأمر بكل بساطة يعبر عن عجز المنظومة العربية عن حل خلافاتها الداخلية. فلو قررت الجزائر مثلا تصفية الإشكال مع المغرب وفتح صفحة جديدة ستتوجه الأموال نحو القطاعات المشتركة والصناعات المشتركة، أي سيؤدي ذلك إلى وصول المغرب الكبير لمستويات من الازدهار تضاهي أوروبا وشمال أميركا. الخصومة الغريبة والعبثية تفيد الأباعد وتضعف المقربين.

رواية مقتل 3 مواطنين جزائريين «غير مقنعة»

مؤخرا شككت في الرواية الجزائرية حول مقتل رعايا جزائريين في الصحراء ما الذي يجعلك تقول إن الرواية الجزائرية غير منسجمة؟
هناك أمور عديدة تجعل الرواية الجزائرية غير مقنعة:
البوليساريو تحدثوا عن واقعة على الأرض الموريتانية، والجيش الموريتاني أعلن أن الحوزة الترابية الموريتانية لم يقع عليها أي اعتداء ولا أي هجوم. الجيش الموريتاني حاضر بكثافة في هذه المنطقة وهو خير من يحق له الحديث عن الحوزة الترابية الموريتانية. لقد بدا وكأن الأمر مجرد محاولة لتوريط موريتانيا في قضية لا تعنيها.
من المعروف أيضا أن الشاحنات التي تأتي من الجزائر تتجمع عند نقطة المعبر الحدودي قرب «عين بنتيلي»، ويرافقها الجيش الموريتاني في قافلة حتى بلدة «أم اغرين»، حيث يتم التعامل معها جمركيا ثم تواصل السير إلى الزويرات لتأخذ منه الطريق المعبد، أي أن المرور على الطريق الموريتانية له شروط موضوعية ومعابر تتم مراقبتها، وهي معابر آمنة، والشاحنات الجزائرية المزعومة لم تأخذ الطريق المعهودة وهذا في حد ذاته أمر غريب.
الطريق الموريتاني درب قديم يدعى الطريق الامبريالي رقم 2 وقد بنته فرنسا لربط وهران بداكار ولا يعقل أن يتجنبه شخص ليأخذ طريقا أطول مسافة ويمر بساحة معركة محتدمة بين البوليساريو والجيش الملكي المغربي؟
ثم إننا لم نجد تاجرا موريتانيا أو مقيما بموريتانيا يتحدث عن بضاعة حرقت أو شحنة قتل ركابها. في نهاية المطاف، إن من يمر بساحة ملغمة تتجول فوقها الطائرات بعيد انتهاك الهدنة هو المسؤول عن جريرة أفعاله.
ما أفهم من كلامك أن قضية الشاحنات مجرد حجة جزائرية للتصعيد ضد المغرب؟
بكل صراحة قضية الشاحنات الجزائرية مجرد حجة لتبرير التصعيد في القضية الصحراوية، وربما تكون تمثيلية للرد على التهم المتكررة للجزائر بتنظيم اغتيالات لسائقي الشاحنات المغربية العابرين بمالي.
على كل حال، يجب أن نذكر الإخوة في الجزائر بمسؤوليتهم في تدهور الأوضاع إلى هذا الحد المؤسف والمشين.

لعن الله الحدود ودول الكرتون

قبل أيام نشرت تدوينة بعنوان «لعن الله الحدود ودول الكرتون». هل تعتقد أن سعي الجزائر لفرض دولة سادسة في المغرب العربي خطيئة سياسية؟
طبعا خطيئة سياسية، بل مصيبة قومية، فما الفائدة من دولة عربية جديدة في زمن التكتلات الكبرى؟ ما الفائدة من الفرقة وتعميق الشروخ بين نفس الشعب، ونفس الناس، الذين تجمعهم الجغرافيا ويجمعهم التاريخ؟
أوروبا تتوحد، ونحن نستثمر المال والوقت لتقوية القطرية والتشرذم؟ ما ذنب مغربي توجد نصف عائلته خلف السياج الحدودي، ولماذا يمنع من صلة الرحم؟ هل يعقل أن يكون الحال أحسن بكثير تحت الاستعمار الفرنسي منه تحت دول الاستقلال؟
العرب الذين يدعمون خلق دولة جديدة عليهم أن يتذكروا دعمهم لإريتريا بحجة العروبة والتضامن العربي، وكيف حين حصلت إريتريا على الاستقلال كان أول من باغتته بالعداء العرب السذج الذين دعموها في اليمن والسودان. انظروا كيف أصبحت إريتريا أكبر نقطة توتر في المنطقة، وما آل إليه وضع حقوق الإنسان هناك، في السجن الجهنمي المسمى إريتريا.
مشكلة الدولة القطرية في المنطقة العربية هو إنتاجها للشوفينية في أصغر تفاصيلها وأحقرها، وما تحمل من الشقاق والحقد في وجه أي تفكير منطقي أو إنساني. عالم اليوم هو عالم الفضاءات الكبرى، وليس عالم دول الطوائف التي يحاكي الهر فيها انتفاخا صولة الأسد.

مفارقة تخوف الجزائر من تطبيع المغرب وليس موريتانيا

تبدو الجزائر منزعجة من تطبيع المغرب مع إسرائيل. والملاحظ أن موريتانيا تشترك الحدود مع المغرب ولا ينتابها الخوف من هذا التطبيع، أم أن هذا الخوف للاستهلاك الداخلي فقط؟ هل ترى حقيقة أن تطبيع المغرب مع إسرائيل يمكن أن يفجر المنطقة أم أن الدول العربية يجب أن تمتلك الجرأة للتطبيع مثل المغرب والإمارات والبحرين وقبلها مصر والأردن، إذ أن إسرائيل صارت أمرا واقعا لا يمكن القفز عليه؟
القضية الفلسطينية منذ البداية هي أم كل أنواع المزايدات والأكاذيب التي راح ضحيتها الشعب الفلسطيني، والحق الفلسطيني. ولا أعرف قضية في تاريخ الإنسانية شحنت عاطفيا وأخرجت من سياقات المنطق والسياسة كالقضية الفلسطينية لدرجة أنها أصبحت المقياس لنجاح أو فشل كل ما هو عربي.
فشل العرب في تحرير فلسطين أصبح يعمي بصائر الناس عن كل النجاحات التي حققها العرب والمسلمون في الستين سنة المنصرمة. هذا التهويل الفولكلوري للقضية الفلسطينية يجب ألا يغفل حقائق الجغرافيا والتاريخ، وأولها أن الأرض الفلسطينية أصغر من أي عمالة مغربية أو ولاية جزائرية، ويجب التعامل مع هذه القضية بحصافة وليس بعاطفية، فقد قادتنا العاطفية للهزائم النكراء.
المغاربة يعتبرون أن سبتة ومليلية مدن مغربية ويطالبون بها في كل المنظمات العالمية، ومع ذلك لديهم علاقات طبيعية مع المملكة الإسبانية، وبالأمس كانوا يطالبون بتحرير الصحراء الغربية، وكانت لديهم علاقات قوية مع إسبانيا.
إذن من الطبيعي في الخط المغربي المألوف تطبيع العلاقات مع كل دول العالم والسعي لإعادة الحقوق لأصحابها بالتفاوض والحسنى، فطريق الحروب مسدود منذ حصول إسرائيل على السلاح الذري ومنذ اعتراف الأمم المتحدة بها، وليس من الإنصاف أن نطالب المغرب بمواقف أكثر تشددا من مواقفه تجاه الدول التي تحتل أراضيه.
لا أعتقد أن الجزائر منزعجة من التطبيع مع إسرائيل، ولا أدل على ذلك من علاقاتها المثالية مع موريتانيا أيام حكم معاوية ولد الطايع حين كانت موريتانيا أول دولة مغاربية تقيم علاقات بمستوى السفراء مع إسرائيل. الكلام في هذا الموضوع البعيد مجرد مفرقعات إعلامية للاستهلاك المحلي.
من جهة أخرى، إسرائيل قليلة السكان وبعيدة نسبيا عن المغرب العربي، ولا تشكل أي تهديد فعلي على دولة كبيرة وقوية كالجزائر، وأعتقد أنه سيأتي يوم وتستخدم الجزائر نفس الورقة لمساعدة العرب واليهود على التصالح وتسوية الخلافات الترابية في فلسطين، إذ إن الجزائر كالمغرب لديها جالية يهودية كبيرة في إسرائيل وبمقدورها، إن هي أرادت، أن تلعب دورا كبيرا في عودة السلام هناك، خصوصا أن الحرب خيار غير وارد لما فيه من عدمية وجنون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.