الوداد يشد الرحال إلى أمريكا لخوض مونديال الأندية    الوكيل العام للملك يأمر بفتح تحقيق بشأن مزاعم اختراق موقع المجلس الأعلى للسلطة القضائية    الوزير بنسعيد يلتقي ممثلي جمعيات مهرجان وادي زم وجمعية المعرض الوطني للسلالات الاصيلة بإقليم خريبكة وسطات    فتح بحث قضائي بشأن مزاعم اختراق موقع المجلس الأعلى للسلطة القضائية    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    تقرير مركز أمريكي مرموق بواشنطن: كيف تحولت بوليساريو من حركة انفصالية إلى أداة إرهابية تدعمها الجزائر وإيران لزعزعة الاستقرار الإقليمي    عمدة لوس أنجلوس تتهم إدارة ترامب باستخدام المدينة "كحقل تجارب"    10 قتلى في إطلاق نار بإحدى المدارس بالنمسا    فتح تحقيق قضائي بشأن تسريب وثيقتين تتضمنان أسماء قضاة    وزيرة كونغولية تشيد ب"الدور الموحد" للمغرب من أجل إفريقيا موحدة في مواجهة التحديات المحيطية    اعتقال عنصرين من "البوليساريو" في إسبانيا بتهم التعاون مع منظمات جهادية وتمجيد الإرهاب    نشرة إنذارية : زخات رعدية محليا قوية ومصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الثلاثاء على وقع الارتفاع    بعد نجاح حفله في موازين.. النجم التونسي بلطي يعود إلى المغرب    حصري من قلب إيطاليا.. صناديق مقفلة على الفراغ: استفتاء الجنسية الأصوات الغائبة عن إنقاذ وطنٍ يحتضر ببطء    تنظيم الدورة 101 لمهرجان حب الملوك بصفرو من 11 إلى 14 يونيو الجاري    البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو العالمي في 2025    المغرب يحقق أعلى تصنيف نووي دولي    بتعليمات ملكية.. مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق عملية "مرحبا 2025"    هشام بلاوي رئيس النيابة العامة يُحيل تقارير "الحسابات" على الشرطة القضائية    سمو الأميرة للا حسناء تمثل الملك في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات    انعقاد مجلس الحكومة بعد غد الخميس    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو للمشاركة في احتجاج "حماة المال العام" ضد "الفساد"    البوجدايني يقود وفدا سينمائيا رفيعا بمهرجان آنسي لتعزيز إشعاع سينما التحريك المغربية    عملية أمنية مشتركة تسقط شبكة لترويج الكوكايين والأقراص المهلوسة بين تيفلت والخميسات    زخات رعدية مصحوبة ببرد متوقعة اليوم الثلاثاء بالمنطقة الشرقية والريف    "لاراثون": ضبط أموال وسجائر مهربة على متن حافلة انطلقت من الناظور        لانقبل هذا داخل المنتخب الوطني المغربي … !    مسرح رياض السلطان يستقبل الصيف بعروض فنية تجمع بين الإبداع والموسيقى والتأمل    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية البرتغال بمناسبة العيد الوطني لبلاده    حادث سير مروع بين سيارة أجرة وسيارة خفيفة بإقليم شفشاون.    بطولة إيطاليا.. الكرواتي تودور سيبقى في منصبه مدربا ليوفنتوس    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    المغرب يتصدر إفريقيا في مراكز البيانات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    مسلم يعتلي صدارة "الطوندونس" المغربي ب"خمري"    ليلى الحديوي تثير الجدل بتصريحات جريئة    الركراكي: التغييرات كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين    المنتخب المغربي لكرة القدم يرتقي إلى المركز 11 عالميا        إسرائيل تعلن ترحيل الناشطة غريتا تونبرغ بعد توقيفها على متن سفينة مساعدات لغزة    دروس مستخلصة من عيد الأضحى "الغائب الحاضر"    ريال مدريد يقرر تمديد عقد نجمه البرازيلي فينيسيوس حتى 2030    انتعاشة غير مسبوقة للسياحة العالمية في 2024: الشرق الأوسط يحقق قفزة نوعية والمغرب الأبرز إفريقياً    مجلة إسبانية: المغرب قطب تكنولوجي حقيقي    من روان الفرنسية إلى طنجة.. رحّالة فرنسي يقطع نحو 2200 كلم على دراجته لنشر التسامح    هجوم "ضخم" بمسيرات روسية يستهدف كييف وأوديسا    حاكم كاليفورنيا: ترامب رئيس ديكتاتوي    المنتخب الوطني يفوز على نظيره البنيني بمقصية جميلة من الكعبي    منظمة الصحة تحذر من متحور جديد لكورونا والمغرب مطالب باتخاذ تدابير استباقية    ساعة ذكية تنقذ حاجة مغربية من موت محقق أثناء أداء مناسك الحج    خبراء مغاربة: متحور كورونا لا يثير القلق لكن الحذر واجب للفئات الهشة        كأنك تراه    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات "كوفيد-19" بسبب متحور جديد وتدعو لتشديد الإجراءات الوقائية    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    









الأمريكان واسترجاع وادي الذهب
نشر في الأيام 24 يوم 07 - 09 - 2023


يوم بيوم
الأمريكان واسترجاع وادي الذهب
نور الدين مفتاح نشر في 7 سبتمبر 2023 الساعة 13 و 56 دقيقة
سنقرأ في محاضر الولايات المتحدة نوعا من الانبهار بتدبير المملكة لقضية وحدتها الترابية، رغم أن الإمكانيات التي كانت متاحة للحسن الثاني كانت محدودة، وكبار أصدقائنا ومنهم واشنطن كانوا يتحركون بحذر، ويفرضون شروطا تكاد تكون تعجيزية لتزويدنا بالسلاح، وظلوا حتى وهم يعتبرون المغرب حليفا لا يجب فقدانه يفكرون في توازن علاقاتهم مع الجزائر. وكانت الخلاصة من محاضرهم السرية أنه إذا لم يقم المغرب بنفسه بما يتعين عليه، فلن يقوم بذلك أحد محله. وأن الأمريكان سيظلون مع نتائج التطورات كما هي على الأرض. لهذا، ورغم الدروس التي يمكن أن نستنتجها من سياسة إدارة الرئيس جيمي كارتر آنذاك، ومنها أن الجزائر طرف رئيسي في نزاع الصحراء، فإن مصدر الفخر في القصة أننا حررنا ترابنا بمجهوداتنا وبأقل الإمكانيات، ولكن بأكبر استفادة من الفرص وبقوات مسلحة ملكية متفانية تحت قيادة ثاقبة الذكاء.
نور الدين مفتاح [email protected]



نعود مرة أخرى في هذا الشهر الاستثنائي إلى قضيّة بصمت تاريخ المغرب الحديث، وهي استرجاع إقليم وادي الذهب وعاصمته الداخلة. هي ذكرى احتفلنا بها بداية هذا الأسبوع ضمن ذكريات وطنية أخرى متقاربة، وهي عيد الشباب وثورة الملك والشعب. ولكن الذي يميز ذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب أنها كانت واحدة من أعقد حلقات استكمال الوحدة الترابية للمملكة. وبالطبع، نحن لن نحيي هذه الملحمة بالكلام المكرور، بل بملف غير مسبوق أرّخت له وثائق للولايات المتحدة الأمريكية رفعت عنها السرية مؤخرا، وهي موضوع غلافنا لهذا العدد الاستثنائي.

لابد أن نشير إلى أن المملكة المغربية عندما حصلت على استقلالها، كان استقلالا منقوصا، واستكمل بعودة طرفاية سنة 1957 ثم سيدي إيفني في 1969 قبل أن يكون هناك الاتفاق الثلاثي المغربي الموريتاني الإسباني، والمسيرة الخضراء، ويكون المغرب ابتداء من 1975 وخلال أربع سنوات قد استعاد إقليم الساقية الحمراء وعاصمته العيون، دون وادي الذهب الذي أصبح تحت السيادة الموريتانية.

وقد حدث في هذا الخضم تحول دراماتيكي سيرهن المنطقة إلى يومنا هذا، عندما آوت الجزائر انفصاليي البوليساريو فشنوا حربا بلا هوادة على المغرب ونواكشوط في معارك شرسة صمد فيها المغرب ولم تصمد موريتانيا. وهنا سيكون للرباط موعد مع التاريخ لاستكمال طريق وحدة التراب الوطني حين ستقرر نواكشوط الانسحاب من وادي الذهب وسيدخله المغرب أمام ذهول الخصوم.

هنا، يطرح السؤال الذي لم يرد المغرب نفسه أن يفصل فيه، لأن التفاصيل لا تعني شيئا أمام وزن المنجز. ولكن من وجهة نظر القوة العالمية الأولى، سنرى أن ما يبدو استرجاعا طبيعيا كان في الحقيقة ملحمة بحدس سياسي نادر للملك الراحل الحسن الثاني الذي تقول وثائق البيت الأبيض التي ننشرها ضمن هذا العدد، أنه كان على علم بنية موريتانيا التخلي عن وادي الذهب قبل سنة من حدوث ذلك. وبالتالي، نفهم أنه لولا هذه المعرفة المسبقة والاستعداد، لما استطاعت المملكة أن تُفشل مناورات صعبة في مواجهة ثلاثة أطراف هي موريتانيا التي انقلب فيها المصطفى ولد محمد السالك على صديق المغرب ولد داداه، والبوليساريو التي وصلت ميليشياتها إلى قلب نواكشوط، والجزائر وهي عراب الحرب والانفصال.

لقد كانت الخطة هي مفاجأة الرباط باتفاق بين موريتانيا والجزائر، ووضع أسس الدولة السادسة في المغرب العربي بإقليم وادي الذهب، ولو حصل هذا السيناريو سنة 1979، لكانت للتاريخ كلمة أخرى غير هاته التي كتبت بمداد الصمود والوحدة الترابية.

سنقرأ في محاضر الولايات المتحدة نوعا من الانبهار بتدبير المملكة لقضية وحدتها الترابية، رغم أن الإمكانيات التي كانت متاحة للحسن الثاني كانت محدودة، وكبار أصدقائنا ومنهم واشنطن كانوا يتحركون بحذر، ويفرضون شروطا تكاد تكون تعجيزية لتزويدنا بالسلاح، وظلوا حتى وهم يعتبرون المغرب حليفا لا يجب فقدانه يفكرون في توازن علاقاتهم مع الجزائر. وكانت الخلاصة من محاضرهم السرية أنه إذا لم يقم المغرب بنفسه بما يتعين عليه، فلن يقوم بذلك أحد محله. وأن الأمريكان سيظلون مع نتائج التطورات كما هي على الأرض. لهذا، ورغم الدروس التي يمكن أن نستنتجها من سياسة إدارة الرئيس جيمي كارتر آنذاك، ومنها أن الجزائر طرف رئيسي في نزاع الصحراء، فإن مصدر الفخر في القصة أننا حررنا ترابنا بمجهوداتنا وبأقل الإمكانيات، ولكن بأكبر استفادة من الفرص وبقوات مسلحة ملكية متفانية تحت قيادة ثاقبة الذكاء.

مرت اليوم 44 سنة على هذا الحدث الذي ستكشف السنوات القادمة أسرارا أخرى عنه، لن تذهب إلا في نفس اتجاه الفخر والإنصاف. ولكن نتمنى دائما ألا نقف عند هذا الارتياح الذاتي المستحق، وأن نعود إلى العلاقات المغربية الموريتانية، وهي بهذه المناسبة تستحق أن تذكر وتقلّب في أفق تحريرها من أغلال تاريخ صعب.

الموريتانيون يعتبرون المغرب بلدهم الثاني، ولكنهم يشعرون إزاءنا بنوع من الإحساس بأننا متعالين، وهم معاتبون. وربما تعتبر موريتانيا الأقرب إلينا إنسانيا مهما باعدت بيننا السياسة. وإذا كنا اليوم نعيش واحدة من أدفأ الفترات في علاقاتنا مع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، فإننا نعيد التأكيد على بعض القضايا التي يمكن حلها ببساطة، وربما تبدو إجرائية أو تقنية بسيطة ولكنها جوهرية بالنسبة لأشقائنا في موريتانيا.

إن الموريتانيين مازالوا بحاجة إلى تأشيرة للدخول إلى المغرب، وهذا مؤلم بالنسبة لبلد جمعتنا به قرون من التاريخ المشترك. هذا في الوقت الذي لا يحتاج فيه الجزائريون إلى تأشيرة دخول لبلادنا، مع أن العلاقات مع الجزائر مقطوعة، بينما هي موصولة مع نواكشوط. هذه واحدة، وأما الثانية فهي أنه ليست هناك خطوط طيران مباشرة بين الداخلة أو إقليم وادي الذهب ونواكشوط أو نواديبو. بمعنى أن على الموريتاني الذي يريد زيارة أهله في الداخلة على بعد ساعة طيران واحدة، أن يقطع جوا سبع ساعات ما بين نواكشوط والدار البيضاء، ثم من البيضاء إلى الداخلة، وهذا لعمري شيء عجيب.

لقد قلنا هذا الكلام في هذه الزاوية السنة الفارطة، بمناسبة انعقاد ندوة دولية في الإقليم حضرها مسؤولون موريتانيون، من تنظيم الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، وكنا حينها قد طرحنا الأمر مع والي الجهة السيد لمين بنعمر ومع رئيس الجهة السيد الخطاط ينجا، ولكن يبدو أن القرار ليس جهويا. ولما كان الأمر يتعلق بمسائل سيادية، فالمأمول ألا يعتبر هذا الموضوع ثانويا، وألا يُنسى في غمرة الملفات الكبرى. فالاحتفاء بعودة وادي الذهب لابد أن يكون كذلك مناسبة للاحتفاء بالعلاقات المغربية الموريتانية التي تدخرها الأقدار لتكون في أحسن حال. وإذا حضرت الإرادة، فلابد أن يستجيب القدر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.