قال سعيد الصروخ رئيس لجنة العلاقات الخارجية والإعلام والتواصل بالمكتب التنفيذي للهيئة الوطنية لعدول المغرب، إن حالة من الغضب والخوف من قبل عدول المملكة على مصير المهنة هي التي دفعتهم لتصعيد احتجاجاتهم.
وأضاف الصروخ، في حوار مع صحيفة "الأيام 24″، أنه أمام عدم التزام وزارة العدل بتعهداتها وتجاهلها لمطالب العدول، أعلنت الهيئة الوطنية لعدول المغرب تصعيد احتجاجاتها، معتبرا أنه أمام محاولات "تحجيم وتجميد وفرملة مهنة التوثيق العدلي، فإن معركتنا هي معركة وجود أن نكون أو لا نكون".
وأوضح المتحدث أن "الهيئة الوطنية للعدول اعتبرت أنه لابد من الاعتماد على أشكال نضالية لأن الحوار أثبت غياب جدية وزارة العدل وأن المقاربة التشاركية مجرد شعار"، مسجلا وجود "مخطط يستهدف عرقلة المهنة وفرملتها وحرمانها من القانون لتطويرها وتأهيلها والارتقاء بها إلى مستوى الاستجابة لمتطلبات الخدمات التوثيقية في ظل التحولات الكبرى التي عرفها المجتمع المغربي".
وفي ما يلي نص الحوار كاملا:
أعلنتم مؤخرا عن برنامج نضالي، يضم عدة إضرابات وطنية إضافة إلى وقفات أمام وزارة العدل. ما هي أسباب تصعيد احتجاجاتكم؟
كانت هناك تراكمات، لكن كان هناك سبب مباشر، هذه التراكمات تمثلت في طول السنين التي تطلبها الحوار مع وزارة العدل دون خروج قانون التوثيق العدلي رغم مقتضيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة ورغم المسلسل الماراطوني في الحوار مع وزارة العدل، لكن في سنة 2023 كان هناك نوع من التفاؤل وقدمت الهيئة الوطنية للعدول مجموعة تنازلات عن مجموعة مطالب رغبة منها في إظهار حسن النية، وعملا على تسريع خروج القانون المنظم للمهنة، وفق مجموعة من النقط التي تم الاتفاق عليها في ظل الحوار مع وزارة العدل، وهذه التفاهمات تضمنتها محاضر موقعة من طرف وزارة العدل والهيئة الوطنية.
لكن خروج مشروع القانون من الأمانة العامة للحكومة إلى القطاعات الحكومية لإبداء الرأي فجر هذا الغضب لأنه كانت هناك صدمة للهيئة الوطنية للعدول، لكون وزارة العدل من خلال هذا المشروع ضربت في العمق المقاربة التشاركية، وأظهرت عدم الالتزام بالتوافقات التي حصلت بينها وبين الهيئة الوطنية، حينما انقلب مشروع القانون المنظم للمهنة على هذه المحاضر عبر إسقاط مجموعة من المواد وإقحام مجموعة من المواد التي لم يتم الاتفاق عليها.
ثم جاء بعدها، تصريح وزير العدل بخصوص صندوق الإيداع الذي فهم منه السادة العدول أن هناك جهات ضاغطة لا تريد تنزيل مقتضيات منظومة إصلاح العدالة المتعلقة بضرورة تمتيع المهنيين العاملين في قطاع المهن القضائية المساعدة، من ألية الإيداع، حفظا للحقوق ومصالح وأموال المرتفقين المغاربة.
من هنا، اعتبرت الهيئة الوطنية للعدول أنه لابد من الاعتماد على أشكال نضالية، لأن الحوار أثبت غياب جدية وزارة العدل، وأن المقاربة التشاركية مجرد شعار، مما جعل الهيئة الوطنية تشعر بأن هناك مخطط يستهدف عرقلة المهنة وفرملتها وحرمانها من القانون لتطويرها وتأهيلها والارتقاء بها إلى مستوى الاستجابة لمتطلبات الخدمات التوثيقية في ظل التحولات الكبرى التي عرفها المجتمع المغربي.
الإضراب الأولي الذي كان لمدة 8 أيام في نهاية شهر يناير وبداية شهر فبراير الجاري كان إضرابا إنذاريا من خلاله حاولت الهيئة الوطنية وضع وزارة العدل أمام مسؤوليتها وإثبات أنها وزارة مسؤولة عن قطاعات أساسا تقتضي المصلحة الوطنية ومبادئ الدستور والحكامة الجيدة الجودة التشريعية، التجاوب السريع مع مطالبها.
كما أن هناك محاضر وتفاهمات بين الوزارة والهيئة الوطنية للعدول، ولذا فالمقاربة التشاركية الحقيقية تقتضي احترام هذه المقتضيات وتمكين السادة العدول من قانون في أقرب الآجال يتضمن كل أليات الاشتغال ويحقق العدالة التشريعية، أولا بين المواطنين المستفيدين من هذه الخدمات، وثانيا بين بين المهنيين الممارسين لمرفق التوثيق الذي يعتبر التوثيق العدلي الأصل فيه وحجر الزاوية فيه بالإضافة إلى جهة توثيقية أخرى تمارس اختصاص التوثيق.
لكن ما زاد من غضب السيدات والسادة العدول هو أن الوزارة لم تعر أدنى اهتمام ولم تتجاوب حتى بالحد الأدنى المطلوب مع مطالب الهيئة الوطنية للعدول، لذا نطالب الوزارة باحترام التزاماتها لأن الشراكة الحقيقية تقتضي احترام كل شريك لالتزاماته تجاه الشريك الأخر، مادام أن الوزارة اعتبرت الهيئة الوطنية شريكا في أدبياتها ومراسلاتها للهيئة.
هي أهم مطالب الهيئة الوطنية لعدول المغرب؟
أهم مطلب هو تحقيق العدالة التشريعية بين المهن القضائية في الحقوق والالتزامات وفي آليات الاشتغال ضمانا لتكافؤ الفرص، لأننا نعلم أننا في المغرب ليس لدينا جهة توثيقية واحدة، وإنما عندنا نظام تعددية الجهات التوثيقية، ولذا أمام هذا الواقع كان لابد من المساواة كشعار عريض وغير قابل للمناقشة، لأن هذا حق لكل مهني باعتبار أن هذا المهني يؤدي خدمات توثيقية عامة لفائدة المواطنين المغاربة والمرتفقين.
كما أن من مصلحتنا كمهنيين أن نحقق نجاعة الوثيقة العدلية وحماية المراكز القانونية للمغاربة، وضمان انخراط الوثيقة العدلية في حراك الأمن التعاقدي والحركية والحيوية التنموية في القطاع العقاري والتجاري والمالي وفي حفظ استقرار المجتمع والأسرة المغربية.
المطلب الثاني هو تسريع تنزيل القانون المنظم للمهنة، حيث إنه بعد سنوات طويلة من الانتظارية تحاول وزارة العدل نسبة مسؤولية التأخير للهيئة الوطنية، لكننا أصبحنا أكثر قناعة بأن هناك رغبة من طرف بعض الجهات لتأخير تنزيل القانون من أجل إعطاء فرصة لمهنة أخرى لحصد المكاسب على حساب مهنة التوثيق العدلي وحرمان التوثيق العدلي من اختصاصات تحت مقتضيات مختلفة كما يحصل في قانون المالية، حيث نُفاجأ في كل مرة بتقديم خدمات مشبوهة وغير مبررة لمهنة توثيقية أخرى على حساب مهنة التوثيق العدلي.
إضافة إلى ما سبق فهناك مطالب رفعها السادة العدول، متعلقة أساسا بأليات وأدوات تطوير المهنة والارتقاء بها لضمان النجاعة والحماية المهنية وتوفير ضمانات الأمن التعاقدي، منها تمنيع المهنة حتى لا تبقى مفتوحة أمام الجميع فتتحول المهنة إلى بطالة، وجعل المباراة طريقة الاستحقاق لولوج المهنة، وحصر تخصصاتها في الشريعة والقانون، ناهيك عن فك الارتباط مع خطاب القاضي، وهناك مراجعة اللفيف وعدد الشهود…
وهناك أيضا ألية الإيداع باعتباره مطلبا أساسيا وجوهريا وحاسما ومحوريا لا يمكن للهيئة أن تقبل التنازل عنه، لأن هناك مقتضى واضح في المادة 52 في منظومة إصلاح العدالة ينص على تمتيع المهن القضائية بهذه الألية، تعزيزا للأمن المالي والتعاقدي والحفاظ عل أموال المرتفقين.
ولكن الشعار الأبرز للمطالب هو احترام محاضر الحوار لأن الهيئة الوطنية للعدول اعتبرت نفسها مسؤولة عن هذه المحاضر، وأيضا وزارة العدل مسؤولة بنفس الدرجة أو أكبر على ترجمة تلك المحاضر في مشروع القانون وعدم الانقلاب عليها.
بعد انطلاق احتجاجاتكم، هل لمستم أي تجاوب من قبل وزارة العدل؟
لحد الآن ليس هناك أي تجاوب بأي شكل من الأشكال من قبل وزارة العدل باعتبارها الوزارة الوصية على قطاع التوثيق العدلي والمهن القضائية، وهذا الأمر مستغرب ومستهجن ومرفوض، لأن الحوار هو الذي يؤشر على مسؤولية القطاع الحكومي المكلف بالعدل، وهذا الأمر من صميم مقتضيات الحكامة ودولة الحق والقانون، حيث المقاربة التشاركية هي الأساس الذي يؤطر عمل كل إدارة.
فعلا، الإضراب الأول مر عليه حوالي شهر ومع ذلك لم يفتح باب الحوار ولا التواصل وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول الرسائل المشفرة التي تريد وزارة العدل إرسالها إلى الهيئة الوطنية للعدول، وكأن هذا هذا القطاع ليست له أي أهمية، وكأن المطالب التي ترفعها الهيئة الوطنية لا تستحق من الوزارة أن تتفاعل معها بالشكل المطلوب.
كنا نعتقد أن الوزارة من باب إثبات حسن نيتها، ستبادر إلى التواصل مع الهيئة الوطنية ومطالبتها بالجلوس إلى طاولة الحوار وتصحيح الاختلالات وعودة الوزارة إلى الالتزام بتعهداتها، لكن هذا التجاهل لم يجد أمامه كل عدول المملكة إلا الدفاع عن مهنتهم من باب القناعة أن المهنة مستهدفة، وأن الجهات الوصية على القطاع ليست جادة ولا صادقة في إعطاء هذا الموضوع الأهمية المطلوبة.
وختاما ما أود التأكيد عليه، هو أن حالة الغضب والخوف على مصير المهنة، جعلنا نعلن تصعيد النضال واعتبار ذلك وسيلة الدفاع عن المطالب مع استعداد الهيئة الوطنية للحوار، لكن الحوار لا يعني هدرا زمنيا يعطي لخصوم ومنافسي هذه المهنة حصد المكاسب في ظل تحجيم وتجميد وفرملة مهنة التوثيق العدلي، والآن معركتنا هي معركة وجود أن نكون أو لا نكون.