يبدو أن الخطابات الملكية الأخيرة التي ألقاها الملك محمد السادس من داخل قبة البرلمان في محطات مختلفة، تذهب نحو تشكيل وصناعة جيل جديد من الأحزاب السياسية، من أجل أداء الأدوار المنوطة بها قانونيا ودستوريا، وتجويد العمل البرلماني والحزبي للدفاع عن القضايا التي تهم الوطن والمواطن على مستوى الداخلي والخارجي.
وبعدما حث العاهل المغربي في مناسبات عدة على التزام الأحزاب ب"الجدية" لتخليق الحياة السياسية والبرلمانية، وضع الملك محمد السادس فوق طاولة هذه المنظمات تحديا جديدا يهم تطوير "الدبلوماسية الموازية" والنهوض بها للدفاع عن قضية الصحراء المغربية في المحافل الدولية، وهو ما يتطلب وفق مراقبين، "تنزيلا واقعيا للخطابات الملكية السابقة لبسط خارطة طريق سياسة ودبلوماسية ناجحة".
وربط أكاديميون في صلب هذا الموضوع تفوق الدبلوماسية الموازية للأحزاب السياسية بالكفاءة الأكاديمية، حيث اعتبر أغلبهم أن "البنية الفكرية للأحزاب السياسية لا ترقى إلى مستوى التطلعات"، في ظل سيطرة أصحاب المال والسلطة على المشهد السياسي، وتراجع النخب المثقفة والأكاديمية داخل هذه الكيانات الحزبية.
وقال خالد الصمدي، وزير التعليم العالي السابق، إن "الدولة المغربية أصبحت تبحث عن أحزاب تتوفر على مقومات سياسية كما تنص عليها الوثيقة الدستورية، من بينها الترافع عن القضايا المتعلقة بالمجتمع المغربي، وأيضا تفعيل الدبلوماسية الموازية للدفاع عن المواضيع الوطنية في المحافل الخارجية كقضية الصحراء المغربية".
وأكد الصمدي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "التفوق والنجاح في الدبلوماسية الموازية للأحزاب السياسية يتطلب كفاءات أكاديمية ومعارف كثيرة للإلمام بهذه القضية الوطنية، وبالتالي فإن الأحزاب التي تحترم نفسها، تتوفر على لجان متخصصة لمناقشة القضايا الكبرى الداخلية والخارجية للوطن".
وتابع المتحدث عينه أنه "على الأحزاب تكوين النخب السياسية عن طريق تشكيل لجان يتوفرون على خبراء، من أجل عقد ندوات ومحاضرات وتوقيع شراكات مع معاهد للدراسات والبحوث العلمية والاستراتيجية".
وأشار المسؤول الحكومي السابق إلى أنه "مع كامل الأسف الأحزاب السياسية لم تتوفر على هذه المعايير من أجل الترافع عن القضايا الوطنية، والربط الأكاديمي أصبح ضرورة ملحة في الوقت الحالي من أجل صناعة الكفاءات والتعريف بالقضايا التي تستأثر بنقاش مستفيض بين جميع المؤسسات والمتداخلين".
وأضاف أيضا أن "الملك محمد السادس تحدث في خطابات سابقة عن الجدية وميثاق الأخلاقيات واليوم يتكلم عن الدبلوماسية الموازية، وهذه كلها إشارات تدل على ضرورة توفر جيل جديد من الأحزاب السياسية لمواجهة التحديات المستقبلية".
وخلص الصمدي حديثه قائلا: "من جهة أخرى يجب على الجامعات أن تنفتح على جميع الفاعلين سواء كانوا سياسيين أو اقتصاديين أو مدنيين"، مشددا على أن "الجامعة يجب تخدم المصالح العليا للوطن، وأن تحقيق هذه الغاية التي جاء بها الملك محمد السادس تتطلب تكوينا قانونيا عميقا للترافع على الوطن والمواطن".