في مقابلة أجراها موقع "ميديا بارت" مع الدبلوماسي المغربي السابق في الأممالمتحدة جمال بن عمر، شدد هذا الأخير على أن وقف التصعيد اللفظي والسباق نحو التسلح بين المغرب والجزائر أصبح ضرورة ملحة للحفاظ على استقرار المنطقة المغاربية، وذلك في سياق تدهور العلاقات بين البلدين، على خلفية النزاع حول الصحراء. ورغم إشارات الانفتاح المتكررة التي يبعثها الملك محمد السادس، لا تزال العلاقات الدبلوماسية مجمدة منذ قطع الجزائر لها عام 2021، واستمرار التراشق الإعلامي وشراء الأسلحة المتطورة من الجانبين، ما يعكس مناخا إقليميا متوترا، يهدد بتحول النزاع السياسي إلى مواجهة عسكرية غير محسوبة، كما نقل الموقع الفرنسي عن بن عمر.
جمال بن عمر، الذي شغل سابقا مناصب رفيعة في الأممالمتحدة، من بينها نائب الأمين العام ومستشار في ملف الصحراء، يرى أن تسوية هذا النزاع لا يمكن أن تأتي من تدخل خارجي أو من حسابات الدول الكبرى، بل من حوار مباشر بين المغرب والبوليساريو، والمغرب والجزائر، في إطار مغاربي صرف، لا تملي مساراته القوى الدولية. ويؤكد أن تجربة الأممالمتحدة طيلة العقود الماضية أثبتت فشلها في تقديم حل حقيقي، رغم المبادرات السابقة مثل خطة جيمس بيكر عام 2003، والتي رفضها المغرب، رغم أنها حظيت بدعم مجلس الأمن، والبوليساريو لاحقا. وفي تحليله للمكاسب الدبلوماسية التي راكمها المغرب منذ اعتراف الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب بسيادته على الصحراء، أوضح بن عمر أن الأهم ليس عدد الدول التي تدعم مقترح الحكم الذاتي، بل مدى استعداد الصحراويين أنفسهم لقبول العيش ضمن سيادة المملكة. واستدل على ذلك بحظر استطلاعات الرأي في المنطقة، معتبرا أن غيابها يعكس خشية السلطات من نتيجة قد لا تصب في مصلحتها. وأضاف أن الإصرار على تجاهل موقف السكان المحليين يضعف فرص إيجاد تسوية عادلة ودائمة. وحذر الدبلوماسي السابق من نهج المغرب الأخير، القائم على شيطنة البوليساريو عبر ربطه بإيران وحزب الله، معتبرا أن هذا الخطاب يُقوض كل إمكانية لفتح مفاوضات جدية. وتساءل كيف يمكن للمغرب أن يطلب من الطرف الآخر الدخول في تسوية سياسية، في حين أنه يعاقب معارضيه في الداخل، كما حدث مع معتقلي حراك الريف، الذين أدين بعضهم بعقوبات تصل إلى عشرين سنة سجنا، مشيرا إلى أن هذا التناقض يُضعف مصداقية الطرح المغربي. وفيما يتعلق بإمكانية حدوث تصعيد عسكري، أكد بن عمر أن الخطر واقعي وليس افتراضيا، مشيرا إلى أن البلدين شهدا سابقا مواجهات مباشرة، وأن السباق الحالي نحو التسلح يؤشر إلى تصعيد مستتر. وشبه العلاقات المغربية الجزائرية بالعلاقة بين الكوريتين، قائلا إنها علاقة عبثية من منظور التاريخ، ومؤلمة من زاوية أخلاقية، بالنظر إلى وحدة الشعبين وتشابه ثقافاتهما ومصيرهما. وعن مبادرته الجديدة ضمن "المركز الدولي لمبادرات الحوار"، قال بن عمر إن الهدف منها هو تعبئة المجتمع المدني في الدول المغاربية الخمس من أجل بناء رأي عام يدفع نحو المصالحة. وأكد أن الشعوب في غالبيتها ترفض منطق الصدام، رغم حملات التضليل الإعلامي المنتشرة، وعبر عن أمله في أن ينبثق من هذه التعبئة حراك قادر على الضغط على الأنظمة الحاكمة لاستئناف الحوار بعيدا عن إملاءات الخارج. وختم بن عمر حديثه بالتشديد على أن بداية التهدئة قد تكون في لفتة بسيطة ولكن شجاعة، مثل أن يتصل رئيس دولة بنظيره ويقترح عليه لقاء وديا. فالمصالحة لا تحتاج في بدايتها سوى إلى جرأة اتخاذ خطوة إنسانية، من دون وسطاء ولا شروط مسبقة، كما جاء في نص المقابلة التي حررتها الصحفية كاميليا الشهاب ونشرتها ميديا بارت بتاريخ 31 يوليوز 2025.